قال تعالى
{ وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ } (سورة ص 3)
ولات جاءت بالقرآن الكريم على صورتين الأولى ولات والثانية واللات
فوجب علينا لكي نعي ولات حين مناص أولًا الوعي باللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى.
فهناك ثلاث طرق لإظهار مادة الخلق من مواد خلق أخرى أحدهم من خلال اللات أو اللت والانية العزى والثالثة ومناة الثالثة الأخرى.
فظهور المادة الجديدة في الدنيا على ثلاث طرق
ٱللَّـٰتَ
أي تنتقل المادة من حال إلى حال من خلال مشاركة مكونات من مادتين أو عدة مواد معًا فيقال مثلاً لت العجين بمشاركة الدقيق والماء وأي إضافات أخرى.
وكذلك الحيوان المنوي والبويضة ليتكون الجنين فهذه صور من صور اللات
وغيرها من الصور لأشكال اللات، وفيها تتكون مادة واحدة تشترك فيها مجموعة المواد المشتركة في تكوينها كلًا بنسب معينة.
ولفهمها من خلال خواص الحروف:
اللام: انتقال من حال إلى حال من خلال تواصل في نسيج حركة وتفعيل اتلك الحركة، الألف: من خلال مواد مختلفة تصبح في إطار واحد أو مادة واحدة، التاء: وتكامل بين هذه المواد المتعددة في انتاج هذه المادة.
والشدة فوق اللام تعني أن هناك صور من الإنتقال متعددة وتواصل نسيج المواد المشتركة في انتاج المادة أو المخلوق الجديد المتكون من عناصر نشوءه
ثاني أشكال الظهور للمادة
وَٱلۡعُزَّىٰ
وهو (ع) شيء مخفي يتم كشفه في شيء آخر فيخرج ويكشف عنه من باطنه (ز) مقترنًا وكأنهما شيء واحد فالثمرة تخرج من باطن الشجرة وكذلك الثمرة (ى) خروج متآلف مع مصدره رغم اختلافهما، فالثمرة تختلف عن شجرتها، فتلك صور من صور العزى لظهور المخلوقات .
والشدة على الزال تعني أن تلك المادة التي تظهر تكون من خلال إقترانات متعددة وتزاوج متعدد لما ينتج من الداخل للخارج.
ولا يمكن الوصول للعزى قبل اللات فبينهما الواو الواصلة بينهما فأصل ما يأتي بمادة خلق تأتي بالعزى لابد أن تكون جاءت باللات أولاً، فالشجرة جاءت باللات (ماء وأرض بمحتوياتها الغذائية وشمس وهواء... الخ" ثم ينتج عنها الثمرة بالعزى.
مثل خلق آدم فهو أتى باللات ونتاج إنباته للذرية عُزى بعمليات لات داخلية.
والصورة الثالثة لظهور المادة من مواد الخلق هي
مناة الثالثة الأخرى
فهي (م) ناتج جمع مادة بأخرى أو بمواد أخرى وتداخلهما (ن) فتنتج منها شيء جديد مختلف تمامًا عن مواد انتاجه حيث ما ينتج متنافر مع المواد الاصلية ويخرج عنها ومنها بشكل متواصل (أ) طالما تشاركت تلك المواد معاً والتي (ة) تتشارك في إنتاج متقن يكون (الثالثة) أكثر إثراء وثراء عن أصل مواده المشتركة في تكوينه فيتم ضبط نسيج حركة الحياة بهذا الإنتاج وتثريها وتثوبها وتتقنها وتتكامل معها حيث أنها إضافة مادة (أخرى) تختلف تمامًا عن أصل موادها التي تشاركت في انتاجها.
فهي أخرى.. تضبط خروجها من خفاء فهي لم تكن موجودة ولابد لخروجها أن يتم ربط موادها التي تخرج منها والتحكم فيها والسيطرة عليها لكي تتآلف مع بعضها البعض وتخرج منها
فكل مادة تم تصنيعها من مجموعة مواد أخرى هي صورة من صور مَنَوٰةَ ٱلثَّالِثَةَ ٱلۡأُخۡرَىٰۤ
فالتلفزيون والكمبيوتر والطابعة والتليفون بجميع أشكاله والإنترنت والكهرباء وغيرها هي عبارة عن وَمَنَوٰةَ ٱلثَّالِثَةَ ٱلۡأُخۡرَىٰۤ، وأغلب التفاعلات الكيميائية التي تنتج عنصر جديد مخالف لعناصر التفاعل.
حيث أن النتيجة تخالف تماماً المواد المشتركة في انتاجها فالحديد والبلاستيك والرمل وغيرها من المواد الصلبة أنتجت صورة أو صوت يخرج ويتنافر وينتشر من تلك المواد بشكل متواصل.
وهكذا هي القواعد الاساسية الثلاثة لتخليق أي شيء.
فضرب المثل والبرهان يسبق إدعاءهم وقسمتهم الضيزى فهم العباد المخلوقين والذين يعيشون واطوارهم وحياتهم منحسرة في الثلاث أنواع لتخليق المادة قسموا المخلوقات على أساس أهواءهم في قوله تعالى:
﴿ أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى * أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنْثَى * تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى ﴾ [النجم: 19-22].
والآن يمكن فهم قوله تعالى
{ وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ } (سورة ص 3)
(ولات)
هنا في السياق يريدون الوصل والإتصال بمناهجهم المادية وعلومهم الظنية الماضية مع ما وصلوا إليه في علوم المادة فهم ينادون بالوصل والوصول ونقل منهج وعلوم مادية من هؤلاء المهلكين ومشاركتهم فيما إنتهجوه من
(حين)
ويحزوا حزوهم وينشطوا منهجهم وعلومهم وتنافروا مع ما دونه.
(مناص) من نوص
فجمعوه وضموه في قالب حياتهم أو في كتاب يرون في هذا المنهج أنه الأنقى لحياتهم والذي يضبطها ضبطاً تامًا وأنه العلم والمنهج الأصل والأعمق والأصوب.
أي أنهم سوف يخلطون بين علوم الماضي وعلوم الحاضر فتكون هذه العلوم بمثابة آلهتهم، أصحاب العلوم الظنية، في الماضي جعلوا كل علم ومادة خلق له إله وله قرابين، فلكي يتحدوا الإله الواحد يجب أن يحدثوا وصل ونقل وتفعيل لهذه العلوم والآلهة المادية في مواجهة الإله الواحد، واستعجبوا أن يكون هناك إله واحد يسيطر على كل مواد الخلق من بحار وسموات وجبال وأراضين.. الخ، فما أكثر من الآلهة فكان هناك إله البحار وإله الجبال .. الخ.
لذلك جاء بعدها قوله تعالى :
{ وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (4) أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (5) وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ (6) مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ (7) } (سورة ص 4 - 7)
فهم يتمسكون بمناداة بعضهم بولات حين مناص من القرون السابقة التي أهلكها الله بسبب فساد منهجهم فيتعجبون ممن أتى بإله واحد.
وتفصيل مناداتهم ولات حين مناص في قولهم بخلطهم جميع الآلهة في صبرهم عليهم:
وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ (6) مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ (7)
فجاءت في السياق اللات بالشدة على اللام في سياق وصل مواد لتحويلها لآخرى، وجاءت ولات في سياق العلوم والآلهة الدنيوية من وصل الماضي بالحاضر ونقله لهذا الحاضر.
فالسياق في كلتا الحالتين يشيه ما تفعل المرأة بالعجين بشد القاع إلى المقدمة لخلطهما، ففي الأول لخلط المادة، والثانية لخلط الآلهة واسترجاعها بما يتناسب مع مناهجهم الجديدة بصورة جديدة، ففي زماننا الرأسمالية والشيوعية .. الخ، والدارونية وغيرها من نظريات التكوين، الخ.
تعليقات
إرسال تعليق