✨ النفس بين الفطرة والاختبار
قراءة قرآنية وجودية في قصة آدم وتعليم الأسماء
🪞 مقدمة:
منذ اللحظة الأولى لخلق الإنسان، لم تكن النفس صفحة بيضاء، بل كانت وعاءً مهيّأً بالفطرة، مشحونًا بعلمٍ إلهيٍّ سابق.
في قصة آدم عليه السلام، حين قال الله:
"وعلّم آدم الأسماء كلها"
فالمقصود لم يكن مجرد تعليم لغوي، بل غرس المقاييس والمعاني الكبرى:
الحق، الخير، الجمال، النور، الأمانة، التمييز بين الأصل والظل، وبين البقاء والزوال.
هذا التعليم الإلهي للنفس الأولى كان تأسيسًا لفطرتها؛
فلما اقترنت النفس بالجسد، احتجبت هذه المقاييس تحت ثقل التجربة الأرضية،
فصار على النفس أن تُختبَر بين ما تعلمته نورًا، وما تُعرض له ظلمة.
وهنا تبدأ قصة الإنسان:
رحلة النفس بين الفطرة… والحجاب، بين التذكر… والاختبار.
🧠 أولًا: ما الفرق بين علم النفس وعلم الأسماء؟
-
علم النفس الحديث يفسر السلوك والوظائف النفسية عبر التجربة والبيولوجيا.
-
أما علم الأسماء الذي علّمه الله لآدم، فهو علم المعنى، علم التمييز، علم الأصل.
علم الأسماء هو بوصلة النفس في الظلام،
وحين تحتجب النفس عنه، تبدأ في اختلاق مقاييس أخرى، مزيفة، زائلة.
🕸️ ثانيًا: كيف تحدث الحُجب على النفس؟
-
الجسد: غرائزه تُثقل النفس وتشدّها للأرض.
-
الهوى: يعيد تشكيل المفاهيم بما يوافق اللذة.
-
الشيطان: يلبّس الحق بالباطل ويُغري النفس بالزيف.
-
الدنيا والعادة: تُعطي للنفس معايير زائفة فتنسى الأصل.
النفس لا تموت، لكنها تُغطّى…
وكلما ازداد الحجاب، قلّ التذكّر.
🔥 ثالثًا: ما دور الشهوة في إرباك النفس؟
-
الشهوة ليست شرًا، لكنها أداة اختبار: هل تطيع النفس مقاييسها الأولى؟ أم تنزلق خلف رغبة الجسد؟
-
الشهوة تُربك النفس حين تعيد تعريف الخير بأنه ما يُرضي الحواس، لا ما يوافق الفطرة.
النفس تعرف، لكن الشهوة تُراوغ.
النفس توقن، لكن الهوى يُغري.
🧳 رابعًا: ما علاقة النسيان بطبيعة النفس؟
-
النسيان جزء من خلق النفس لضرورة الابتلاء.
-
النفس لا تفقد علمها، لكنها تُختبر في قدرتها على التذكّر.
التذكّر ليس اكتسابًا جديدًا، بل كشف لما نُسي.
لذلك سمّى الله القرآن "ذِكرًا".
🧬 خامسًا: هل يمكن استرجاع الفطرة الأولى؟ وكيف؟
نعم، ولكن عبر:
-
المجاهدة: دفع النفس نحو الحق رغم مقاومة الشهوة.
-
التزكية: تطهير النفس من الحجب.
-
الذكر: استدعاء الوعي القديم.
-
الصدق: لحظات الصدق تكشف الغطاء.
-
الرجوع: الإنابة المستمرة لله تعيد للنفس صفاءها.
🪞 متى نعرف أننا عدنا إلى الفطرة؟ (مع أمثلة)
العلامة | المثال الواقعي |
---|---|
تمييز الحق من الباطل | رفض المال الحرام رغم الحاجة |
راحة النفس في الذكر | تهدأ حين تسمع آية في زحام الحياة |
ميلك للرحمة | تعفو رغم قدرتك على الانتقام |
النفور من الزيف | تنفر من كلمات مزخرفة بلا معنى |
ذكر الله حبًا لا تكليفًا | تسبّح وحدك في لحظة صفاء |
الطمأنينة مع الحق | تدافع عن حق دون دعم وتشعر باليقين |
🧭 خاتمة:
النفس ليست مجرد وعاء للسلوك، بل هي الكيان الذي شهد الأسماء،
وعرف الله قبل أن يعرف التراب،
ثم نُسي عليها، وأُدخلت في جسد لتُختَبر:
هل تتذكّر؟ أم تغفل؟
هل تتبع نورها الأول؟ أم تذوب في ظلمة المادة؟
تعليقات
إرسال تعليق