القائمة الرئيسية

الصفحات

لعبة الكراسي الموسومة بالدم: إسرائيل وتغيير وجه العدو في الشرق الأوسط المتقلب

 


لعبة الكراسي الموسومة بالدم: إسرائيل وتغيير وجه العدو في الشرق الأوسط المتقلب

في مسرح الشرق الأوسط، حيث لا شيء ثابت إلا تغيّر التحالفات وتناوب الأعداء، تُعيد إسرائيل تشكيل سردية صراعها مع محيطها، مستفيدةً من الانهيارات الجيوسياسية والتشرذمات الداخلية لخصومها. لكن هذه المرة، اللعبة أكثر تعقيدًا؛ فبينما كان "المحور الشيعي" (إيران، حزب الله، وسوريا) هو العدو التقليدي الذي تشكلت حوله الاستراتيجيات العسكرية والأمنية، يبدو أن مرحلة ما بعد "طوفان الأقصى" تُعلن عن تحول جذري: استبدال الخصوم، لا مواجهتهم فحسب.

أولًا: سقوط المحور الشيعي... عندما تخذل الأدوات سيدها

1. سوريا: خروج من معادلة المقاومة

حافظ بشار الأسد على بقائه عبر صفقة روسية تقضي بإدارة سوريا مقابل تجميد الصراع مع إسرائيل. لكنه وجد نفسه خارج معادلة المقاومة عندما تخلى عن دعم غزة، مما أفقده شرعية "الممانعة". ونتيجة لذلك، تهاوى نظامه كقطع الدومينو، وخرجت سوريا من معادلة الردع بعد أن جُرّدت من أسلحتها الثقيلة.

2. حزب الله: ترسانة صاروخية بلا قرار

رغم امتلاكه ترسانة صاروخية ضخمة، تأخر الحزب في الرد على عملية "طوفان الأقصى"، مما أثار تساؤلات حول مدى استعداده لخوض حرب وجودية قد تكلفه شعبيته اللبنانية وتُعرّضه لاستنزاف عسكري طويل.

3. إيران: الحسابات الباردة تُفقدها الهيبة

تعاملت إيران مع الأزمة بمنطق "الحسابات الباردة"، ما أفقدها جزءًا من صورتها كقائدة للمقاومة. هذا الحذر قد يُعيد رسم تحالفاتها ويُضعف حضورها الإقليمي في لحظات حاسمة.

🔴 الحوثيون يدخلون المشهد بدهاء!

في خضم هذا الجمود، دخل الحوثيون المشهد بذكاء استراتيجي. فبعد سنوات من الحرب الداخلية، أدركوا أن الصراع الداخلي لن يجلب لهم سوى الخسارة. ومع اقتراب فرض تسوية سياسية قد تُجردهم من مكاسبهم، كان لا بد من رفع السقف الاستراتيجي.

رسالتهم كانت واضحة:
🛑 "إما فتح معابر غزة للمساعدات، أو قطع طريق البحر الأحمر أمام السفن الإسرائيلية."

ولم يكن هذا مجرد تهديد إعلامي، بل تحركًا استراتيجيًا أعاد تعريف دورهم من ميليشيا محلية إلى لاعب إقليمي قادر على شلّ الاقتصاد الإسرائيلي عبر مضيق باب المندب.


ثانيًا: الغضب الأمريكي الإسرائيلي... افتراس الحوثيين وإيران أم فخٌّ جديد؟

1. الحوثيون: "مقاومون مستقلون"؟

بخروجهم جزئيًا من العباءة الإيرانية، قد يكتسبون شرعية جديدة كـ"مقاومين مستقلين"، خاصة إذا نجحوا في تحويل البحر الأحمر إلى جبهة ساخنة. وقد تتحول الضربات الأمريكية إلى هدية دعائية لهم، تُعزز مكانتهم الإقليمية وشرعيتهم الداخلية.

2. إيران: بين المواجهة وإعادة التمركز

قد تدفع ثمن ترددها عبر مواجهة عسكرية مفتوحة، لكنها قد تستغل التصعيد لإعادة ترتيب أوراقها وتوسيع جبهات الصراع، ودمج الحوثيين وحزب الله في هجمات متزامنة تُشتت تركيز إسرائيل.

❓ السؤال الجوهري:

"هل تدرك الولايات المتحدة أن افتراس الحوثيين قد يفتح بابًا لجحيم جديد في اليمن، حيث ميليشيات لا تُهزم بل تُستنزف؟"


ثالثًا: المرحلة القادمة... مصر وتركيا في مرمى العداء الإسرائيلي

إذا نجحت إسرائيل في تحييد المحور الشيعي، فستحتاج إلى "عدو جديد" يُبرر وجودها كقلعة عسكرية غربية في المنطقة. وهنا تبرز مصر وتركيا كهدفين استراتيجيين:

1. مصر: الصراع كصمام أمان داخلي؟

تمتلك مصر أكبر جيش نظامي عربي، وقادرة على قلب موازين الصراع إذا قررت كسر شرنقة معاهدة السلام. ومع تصاعد الضغط الشعبي لدعم غزة وتفاقم الأزمات الاقتصادية، قد يصبح الصراع مع إسرائيل ورقة تُستخدم لتحقيق تماسك داخلي.

2. تركيا: من حليف إلى خصم؟

تحوّل أردوغان من حليف إلى خصم لإسرائيل، ويملك جيشًا متقدمًا وعلاقات قوية مع فصائل المقاومة. تصريحاته الأخيرة بشأن "تحرير القدس" قد تُستخدم كذريعة لإسرائيل لإدراجه ضمن قائمة الأعداء الذين يجب تطويقهم عسكريًا وسياسيًا.

🎯 الهدف النهائي؟

تمهيد الطريق لـ "العلو الثاني"، وهو مصطلح يُشير إلى الحلم الإسرائيلي بالتوسع والهيمنة الإقليمية الكاملة، عبر تفكيك أي قوة عربية أو إسلامية قادرة على موازنتها عسكريًا.


رابعًا: هل ينتظر الجميع دورهم في طابور الإبادة؟

السيناريو الأكثر إثارة للقلق هو أن تتحول دول المنطقة إلى قطع دومينو تتساقط واحدة تلو الأخرى، بينما تُدير إسرائيل لعبة "فرّق تَسُد" بأدوات أمريكية وغربية.

ومع ذلك، يُعلّمنا تاريخ الشرق الأوسط أن المفاجآت لا تنضب:


الحوثيون قد يخرجون من هذه المعركة أقوى.
إيران قد تعيد اكتشاف دورها كقوة قائدة للمقاومة.
الشعوب قد تعود إلى الساحة بأدوات جديدة وإرادة متجددة، لكتابة سردية مختلفة...

هذه المرة، بدماء أعداء لم تُحسب حساباتهم.


🔻 الخاتمة: هل تتغير قواعد اللعبة، أم أن اللعبة نفسها تتغير؟

تبقى المعادلة الأخطر هي أن يتحول الصراع في المنطقة إلى لعبة مستمرة من تبديل الأعداء وتفكيك التحالفات، حيث تتحكم إسرائيل بالقواعد وتحدد متى ينتهي الدور الأول ليبدأ الدور التالي.

لكن يبقى السؤال الأهم:
"هل ستظل دول المنطقة تلعب هذا الدور المرسوم لها؟
أم ستكسر هذه الحلقة الجهنمية وتعيد صياغة اللعبة من جديد؟

ربما لا نعرف الإجابة اليوم، لكن المؤكد أن الزمن لا ينتظر أحدًا، وأن كل تأخير في فهم المعركة هو خطوة نحو دخول طابور الإبادة دون مقاومة!

تعليقات