⚖️ المقال التاسع عشر: الكرمة والإرادة الحرة: هل ما نعيشه نتيجة الماضي؟ وهل يمكن تغييره؟
"الكرمة ليست عقوبة… بل صدى فعل لم يُفهم بعد." – رع
"العبد حر ما قنع، والحر عبد ما طمع." – علي بن أبي طالب
"وَكُلَّ إِنسَٰنٍ أَلْزَمْنَٰهُ طَٰٓئِرَهُۥ فِى عُنُقِهِۦۖ" – القرآن الكريم
🔄 أولًا: ما تعريف "الكرمة" في فلسفة رع؟
رع لا يعرّف الكرمة كعقوبة، بل كـ:
-
تفاعل طبيعي بين الفعل والوعي.
-
كل ما تفعله يُحدث "اهتزازًا" في نظامك الطاقي،
فإذا لم يكن منسجمًا مع نيتك العليا، يُعاد إليك كي تفهمه.
رع يقول:
"الكرمة ليست جزاء، بل مرآة.
تعيد لك صورة ما زرعت، حتى ترى نتيجته من زاوية أخرى."
🧭 ثانيًا: ما هي وظيفة الكرمة؟
تخدم الكرمة 3 أهداف أساسية:
-
التوازن
-
كل فعل غير منسجم (كالأذى أو الاستغلال)، يترك "ميلًا" طاقيًا.
-
يجب معادلته بفعل مقابل، أو وعي صادق يُعيد التوازن.
-
-
التعلُّم
-
التجربة تُعاد مرارًا، لا للانتقام، بل لتعلُّم درس ما.
-
مثل أن تجذب نفس العلاقة المؤذية عدة مرات، حتى تدرك ما لم تُشفَ منه بعد.
-
-
التحفيز الروحي
-
عبر المعاناة المؤقتة، تنضج النفس، وتبحث عن المعنى.
-
🔓 ثالثًا: هل الكرمة تُلغِي الإرادة الحرة؟
لا، بل العكس.
الكرمة تعمل بجانب الإرادة الحرة، لا ضدها.
رع يشرح أن:
-
"الكرمة" تُفعّل حين تُنسى النية الحقيقية.
-
أما حين يُواجه الإنسان نفسه بصدق، ويُصلح اختياره،
فإن الكرمة تُلغى أو تُخفف أو تتحول إلى أداة للارتقاء.
فالخروج من الكرمة لا يكون بانتظار العقاب، بل بتعديل الذبذبة الداخلية.
وهذا يوافق المعنى القرآني:
"إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا۟ مَا بِأَنفُسِهِمْ" (الرعد: 11)
🧬 رابعًا: هل الكرمة تمتد بين الحيوات؟
في فلسفة رع:
-
نعم، الكرمة تمتد عبر حيوات متعددة.
-
التجسّد الجسدي لا يُلغي ما لم يُفهم بعد.
-
بعض "الاختبارات" التي نعيشها الآن، هي فرص لفهم أفعال قديمة لم تُحلّ بعد.
لكنها ليست "دينًا" محكومًا بالقسوة، بل:
-
تجربة متفق عليها مسبقًا بين النفس العليا ونفسك الحالية،
لاختبار شيء معين، أو لتسديد خلل طاقي في فهم سابق.
🧘♂️ خامسًا: هل يمكننا التحرر من الكرمة؟
نعم – وهناك 3 طرق جوهرية بحسب رع:
-
الوعي
-
الاعتراف الحقيقي بأنك اخترت – ولو بغير وعي – ما أنت فيه.
-
دون لوم أو إنكار.
-
-
النية للإصلاح
-
ليس فقط الندم، بل الفعل النشط نحو خدمة الآخرين، والتوازن الداخلي.
-
-
طلب المساعدة من النفس العليا
-
بصمت، صدق، وتأمل…
-
وهذا يُفتح به الباب لحلول غير متوقعة، وانفراجات طاقية لا يفسرها العقل.
-
📖 إشارة صوفية وقرآنية:
-
الصوفية يتحدثون عن "الأقدار المختومة" و"الأقدار المعلقة".
أي: بعض الأحداث قد كُتبت بناءً على أفعالك السابقة،
لكن التوبة والإخلاص يبدّلان مجرى القدر. -
القرآن يقول:
"يَمْحُوا۟ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ وَيُثْبِتُ ۖ وَعِندَهُۥٓ أُمُّ ٱلْكِتَٰبِ" (الرعد: 39)
أي أن حتى المكتوب ليس مُطلقًا، إنما يُغيَّر إذا غيّرت داخلك.
🧠 خلاصة المقال:
الكرمة ليست لعنة.
وليست نظامًا للثواب والعقاب.
إنها ببساطة: لغة الوعي مع نفسه.
يرسل إشارات… ثم يعيد إرسالها إن لم تُفهم.
ثم يُوقفها… إذا قلت له: "فهمت".
لا تهرب من الألم… اسأله: من أرسلك؟
فربما كنت أنت من كتبت له العنوان.
🟦 في المقال القادم (العشرون):
نتناول بالتفصيل مفهوم "قطبية الاختيار – خدمة الذات أم خدمة الآخرين"،
ما الذي تعنيه فلسفة رع حين تربط الصعود الروحي باتجاه معين؟
ولماذا لا تُعتبر النية وحدها كافية؟
تعليقات
إرسال تعليق