القائمة الرئيسية

الصفحات




قال تعالى:

{زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ} (سورة النور 35)

زَيْتُونَةٍ: مصدر الكلمة زيت، والآية تعطينا كيف نور الله في عالم الخلق وكيف ندركه في أنفسنا وحولنا وفي كامل السماوات والأرض بناتج اندماجه بعالم المادة ليكون الناتج تلك الزيتونة.

والزيتون اسم لنبتة دنيوية تحمل خصائص وصفات مركزية أنطقنا الله باسم يحمل خصائصها، من حيث أن بها أنقى وأكبر طاقة في زيتها الذي نستخرجه من مركزها إذا ما قورنت بباقي الزيوت، إلا أنها إذا جاءت في القرءان الكريم بذات الخصائص المركزية بمعناها المطلق الذي قد لا ندركه عند تنزيل القرءان، ففي القرءان الكريم جاء ذكر الزيتونةٍ التي هي لا شرقية ولا غربية، وبالطبع لا تشير الآية لذات الزيتونة التي بين أيدينا في عالم الخلق، ولكن من حيث خصائص وصفات النقاء وكمية الطاقة ومركزيتها وتركيزها، وبالتالي يسري نفس الأمر على التين والزيتون حين يأتي ذكرهما أيضًا بالقران، وهنا يحملان مركز الصفة والخاصية في الدنيا وكذلك لهما معنى مطلق لشيء ما في سياق الآيات يمكن تدبرها فيها إشارة لعمليات تتم في جسم الإنسان الذي تتكلم عنه الآيات (التمثيل الغذائي والطاقة النقية الناتجة عن هذا التمثيل الغذائي).

لمزيد من التفصيل: ما هذا البلد الأمين والتين والوتين والزيتون وطور سينين؟!

فلكل حرف قرآني مجال حركة وشخوص ودلالات ومعاني وخصائص وصفات، والحرف الأول من مصدر الكلمة يستحوذ على غالبية المعنى والدلالة وباقي الحروف هي بمثابة عمق أكبر لهذا المعنى والدلالة. هذا بالإضافة للحروف التي تضاف إلى مصدر الكلمة وكذا تشكيل تلك الحروف، وهذا كله داخل سياق الآيات.

أما الحروف المقطعة في القرءان فكل حرف يحمل معنى ودلالة وخصائص وصفات داخل السياق إلا أن جميع الحروف يمكن استبيان شخوصها وحركتها وخصائصها وصفاتها من القرآن الكريم ذاته دون اللجوء لما هو دونه.

والكلمة التي يطلقها الله تعالى على الشيء في قرآنه تختصر كل خواص هذا الشيء بداخلها بحيث لا يحيط بمعناها الكامل إلا الله تعالى، فسوف يظل هناك ما هو مجهول عن الإنسان حتى لو كان يعتقد أنه في قمة التقدم العلمي.

ولكل اسم معنى مطلق في عالم الأمر، وفي عالم الخلق له معنى دنيوي محدود نطاقه قدرة استيعابنا لمعانيه، فإذا كنا بصدد أن نتعلم من القرآن الكريم فليس من خلال العلم البشري وعلوم اللغة التي وضعها بشر، فما هي إلا علم ظني فقير، فتعالوا نعي معنى الكلمة من خلال حروفها وتشكيل تلك الحروف القرآنية.

قال تعالى:

{اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ۖ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ ۖ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ۚ نُورٌ عَلَىٰ نُورٍ ۗ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (النور: 35).

وتأتي زيتونة لا شرقية ولا غربية بعد اتصال النور الإلهي مرورًا من جذور تتجمع في مسارها ثم تتشعب فيصل ويندمج في كل السماوات والأرض فيكون دليلها وبرهانها، كشجرة تتفرع في كل ما في السموات والأرض  كتكوين متوافق ومتواصل مع تكوينات تبدو ظاهرة منه وبادية من التكوين الكلي للمخلوقات المضموم والمجموع في تلك السماوات والأرض فيبدو متآلفًا مرتبطًا ببعضه البعض وكأنه كوكب واحد بقوانين تربط فيما بينهم على أعجب وأعقد وأفضل حال، وناتج هذه الشجرة من نور المتشعبة هي ثمرتها المنعكسة في مخلوقاته تعالى زيتونة لا شرقية ولا غربية.

زَيْتُونَةٍ:

زَ: ثمرة اقتراب واقتران نور الله في خلقه في كامل السماوات والأرض فيلازمهم هذا النور السماوات والأرض وما بينهما كزينة مقترنة بالجسم، فينعكس ظهور مخلوقاته بهذا النور فيُعرَفون منه وبه ولا تتم أمورهم ووجودهم إلا من خلاله، يـْ: فثمرة اقتراب واقتران فروع شجرة النور بالمخلوقات هي الثمرة الأشد والأكثر تأثيرًا في وضوح المخلوقات فيعطي صفة وجود مميزة وانتساب لكتلة أو مادة وجود مميزة عن نظرائها من المخلوقات، تُ: فيُتَمِمْ نور الله ما تم خلقه بالتفاعل معه  لتكتمل السماوات والأرض وما بينهما نتيجة تتاخم هذا النور بهم إلى طاقة وكتلة يتبع ويتفن وجود كل منهما الآخر، فتسكن الطاقة بالكتلة أو تسكن الكتلة بالطاقة و: فيكون أحدهما في باطن الآخر ويوقي ويخفي أحدهم الآخر فإما تكون الكتلة في باطن الطاقة أو الطاقة في باطن الكتلة فهما موصولان ببعضهما البعض، فتكون الشمس طاقة في باطنها الكتلة وكذا الأرض كتلة في باطنها الطاقة وهكذا في السماوات والأرض وما بينهما بفعل اقتران النور بها، نَ: فيصير النور نسبة موصولة بكل كائن متآلف معه غير مختلط به نازع لنقائه منه متفردًا عنه ونسخة من نور الله، ـةٍ: متمم لبقاء الطاقة والكتلة على حال وضوح أحدهما على الآخر خارجًا ونقيًا عنهما يعكس طيفهما خارج الكتلة أو الطاقة الظاهرة.

لذلك كون النور يتاخم المخلوقات ليترجم نسختهم على هيئة كتلة أو طاقة وكذا بدون اختلاط بهما ويكون في ذات الوقت طيفهما الظاهر فأصبح نُورٌ عَلَىٰ نُورٍ، فالأول نسبة باطنة موصولة ومرتبطة بما علاها من نورٍ ظاهر.

وهكذا يصير النور الإلهي الذي يتخللنا ويطوف حولنا بمثابة سبب انعكاسنا كمخلوقات في هذا العالم بهيئاتنا والتي تنحصر في ظاهرها المعبر عن طاقة ظاهرة أو كتلة في باطنها طاقة.

ومن هذا المنطلق يمكن فهم إزالة الصفة الشرقية والغربية عن ناتج الاقتران للنور الإلهي بمخلوقاته.

لَا شَرْقِيَّةٍ

شَ: هذه الطاقة النقية الناتجة عن شجرة النور بتتاخمها مع مادة الخلق لا أشباه لها ولا تتجزأ ولا تنقسم وليست شبيهة بهذا النور فهي ليست صورة أخرى من النور، رْ: لا ترتبط بهذا النور مقطوعة الصلة به مفصول عنها أي بدون اتصال بأطراف النور الإلهي، قٍ: لا تندمج بصدورها من مصدر الطاقة مع النور الإلهي ولا تتغير حالتها فيه، يـَ: فلا يؤثر في نور الله ولا يحل محله، ـةٍ: ولا تتم وتُكّمِل هذا النور ولا تنتجه ولا يخرج من هذه الطاقة.

إذن رغم أن النور الإلهي هو مصدر الطاقة النقية في السماوات والأرض إلا أن تلك الطاقة غير شبيهة به ولا يوجد به أجزاء منه ولا ترتبط به ولا تتشابك معه ولا تندمج فيه أو به ولا تتغير حالتها فيه ولا تتمه ولا تكّمله أي لا ينتقص النور نتيجة أنه كان نتيجته الطاقة، وهذه الطاقة لا تنتج ولا يخرج منها هذا النور الإلهي، فهو مستقل عما ينتجه من طاقة وكتلة.

 

وذات الطاقة (الزيتونة) تحمل نفس الخصائص بالنسبة للمادة فهي لا شرقيةٍ، فهي ليست شبيهة بالمادة ولا تتشابك معها ولا تندمج فيها أو بها ولا تتغير حالتها فيها ولا تتمه ولا تكّمله أي لا تنتقص الكتلة من الطاقة وليست نتيجة منه، وهذه الطاقة لا تنتج ولا تخرج منها مادة فهي مستقلة عن مادة الخلق.

وَلَا غَرْبِيَّةٍ

غَ: وهذه الطاقة لا تحجب هذا النور ولا تغلبه ولا تجعل هذا النور غريبًا في محيطها، رْ: ولا تتحكم ولا تسيطر في حجبه، بِ: فلا تبدو وتظهر على النور الإلهي، يـَ: ولا تغير في خصائصه ولا يأخذ من هذه الخصائص، ـةٍ: ولا يتفاعل مع هذا النور فلا يخرج منه أو ينتج عنه شيء يحجبه.

إذن النور الإلهي هذا لا يتم حجبه من خلال الطاقة التي تنتج عن وجوده في الخلائق ولا يتفاعل معها ولا يمكن السيطرة على هذا النور.

وذات الطاقة (الزيتونة) تحمل نفس الخصائص بالنسبة للمادة فهي لا غربيةٍ، فهذه الطاقة لا تحجبها المادة ولا تغلبها ولا تجعل هذه الطاقة غريبة في محيط المادة، ولا تتحكم والمادة ولا تسيطر عليها، بِ: فلا تبدو وتظهر على الطاقة، يـَ: ولا تغير المادة في خصائص الطاقة ولا تأخذ المادة من هذه الخصائص، ـةٍ: ولا تتفاعل الطاقة مع المادة فلا يخرج منها مادة ولا يخرج عن المادة طاقة، ففناء المادة ليست معناها فناء طاقتها، فلا شيء يحجبها.

{يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ}

تعليقات