القائمة الرئيسية

الصفحات

ما الفرق ما بين حضور ومجيء الموت في القرآن الكريم

قال تعالى:

{كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} [البقرة 180]

{حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ} [المؤمنون 99]

جاء، كلمة المصدر (جيء)، وحضر هي ذاتها كلمة المصدر.

ويجب أن نعلم أن الموت هي حالة قبض للنفس وجمعها وتداخلها وتواصلها مع عالم آخر جديد يتمم ويكامل أحوالها، ولنا موتتان، الموتة الأولى بقبض النفس ووضعها في جنين وجسد دنيوي، وموتة ثانية فيها يتم قبض النفس لتتوفى بعد ذلك إلى ربها في عالم الآخرة ليتم إحيائها في جسد أخروي، وأن حالة قبض النفس في كثير من الآحيان لها مظاهرها، ولها أحوال فيها يجيء الموت أو يحضر.

والآن فلنعي ما معنى حضر وجاء:

حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ:

(حَ): إذا أصبح الموت في حيز محدد ومعلوم وأحاط أحدكم، فصار محصورًا أحدكم في حالة الموت فصار في حالة احتضار، (ضَ): حيث يضمر ويَضْعف وأصابه الضرر الشديد فلا يمكن أن يصمد فتضيق عليه الدنيا (رَ) فتتحكم فيه وتسيطر عليه حالة الاحتضار دون انفصال عن الدنيا فتتماهى مؤثرات الموت فيكون بأقل رابطة بينه وبين الدنيا.

جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ:

(جَ): اجتمع فيه حالة الموت في أشد حالات الموت إجمالًا فأصبح جاليًا وظاهرًا عليه (اء): في جلاء مستمر بأحوال من مظاهر الموت في أقصى درجات جلاءها ووضوحها.

إذن حضور الموت ينبني على إدراك أن الموت محيط به وأنه في حيز ميقات للاحتضار التدريجي لوجود مؤثرات تجعل في النهاية قبض الروح حتميًا كون أن هذه المؤثرات سيطرت على جسده، مثل مرض عضال وصل لقمته فبدأت أجهزته تتهالك، أما إذا جاء الموت فهو قمة جلاء حالة الاحتضار حيث تجمعت جميع الأسباب المؤدية للموت في لحظاته الأخيرة.

فحضور الشيء يتخذ وقتًا حتى وصوله لوجهته أما جاء فقد اجتمع عند وجهته.


تعليقات