هل سَبَإٍ هي ذاتها وَقَوْمُ
تُبَّعٍ، وهل هذا لقب ملوك سَبَإٍ؟!!!
قال تعالى:
(أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ
وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ)
(سورة الدخان 37)
(وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ
تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ) (سورة ق 14)
(فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ
بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ) (سورة النمل 22)
(لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ
آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ
وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ) (سورة سبأ 15)
وبالقراءة للآيات لن نجد رابط بين سَبَإٍ
وتُبَّعٍ، وسوف نعيد قراءة الحروف ل
سَبَإٍ: كلمة المصدر كلمة المصدر سبء
تُبَّعٍ: كلمة المصدر تبع
سبء
أساسيات الحياة تبدو ظاهرة فيتم السيطرة
عليها في تآلف وتوافق وضبط لهذه الأساسيات الحياتية المختلفة والمتفرقة.
سَبَإٍ:
بها أساسيات الحياة تبدو منها وفيها
وعليها ظاهرة مسيطرين عليها يستخرجوها نقية ومتفردة عن غيرها بكل أنواعها المختلفة
والمتفرقة متآلفة ومتوافقة مع أحوالهم ومتطلباتهم الحياتية.
وهذا المعنى للحروف يتوافق مع قوله تعالى:
(لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ
آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ
وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ) (سورة سبأ 15)
واللام المكسورة تعني الاستخراج لتلك
الأساسيات يكون بالتنقل من نطاق جنة إلى جنة عن يمين وشِمال، وهما ليس جهتين،
فالأولى اليمين الاستخراج والجمع بزيادة عن حاجتهم، فيمكنهم التجارة فيه، والاستخراج
الثاني يكون للاستهلاك بنقصان مع الاستهلاك، فكان طرحهم طرحان.
تبع:
يتمم أموره من خلال التفاعل والتتاخم بينه
وبين آخر يتمم أموره هذا الآخر بادي وظاهر عليه وظافراً كاشفاً عنه ومُبصراً ما لا
يدركه في أمور وأحوال الدنيا
قوم:
(ق) من خرجوا من أصل مكانهم أو أصل مكانتهم
أو أصل فطرتهم واندمجوا فيما بينهم على حالة الخروج عن هذه الحالة التي هم بصدد
الخروج عنها (و) فتواصلوا فيما بينهم (م) واجتمعوا وتداخلوا فيما بينهم على حالة
الخروج الجديدة
فالعبرة هنا الخروج من أصولهم المكانية أو
حتى الطبقية أو الدينية وكذلك الاندماج فيما بينهم وتواصلهم وتداخلهم على حالة
الخروج تلك
فيكون مثلاً قوم نوح خارجين عنه ومندمجين
ومتواصلين ومتجمعين على مواجهته، والقوم الكافرين خارجين على أو عن المؤمنين.
فالقوم هي حالة قيام على شيء بمخالفتهم به
شيء آخر، إذن قوم تُبَّعٍ خارجين عن عبادة
الله، فهم كذبوا بالرسل، فما هي صفة تُبَّعٍ.
قوم تُبَّعٍ:
قوم (تُ) يتمموا تفاعلهم بصلاتهم وعبادتهم
إلى الله بأن يضموا إليه ويشركون به وسيط يتخذوه وسيلة (بَّ) فيصوروه ويجسدوه بأشكال
مختلفة فينتقلوا من صلاتهم إلى الله إلى نقيضه المادي المجسد (عٍ) فيطلبوا منه
إخراجهم مما هم فيه ويكشف عنهم ما لا يدركوه وما لا يبصروه، فيتخذوا أنداداً لله.
وفي الكتابات التي اجتهدت في هذا المجال
هناك مجموعة من الافتراضات التي لم يجزم بها أحد على وجه اليقين، فيوجد بعض الآراء
التي تروي أن تبع هو رجل كان مؤمن حيث كان التعبير لهذه الكلمة يعني اتباع الناس،
وقد ورد عن ابن كثير أن تبع كان يسمى أسعد أبو كرب الذي مر بالمدينة وحارب الشعب،
ثم بعد ذلك عاملهم بشكل سلمي وترك لوحة عليها الشعار الخاص به التي كانت توضح أنه
كان مؤمنا بالنبي الذي سيرسل وسوف يقوم بالهجرة إلى المدينة، وقيل هو لقب ملوك
مملكة حمير التي ترجع إلى عشيرة ملك حميري وهو ملك سبأ وحضرموت. حيث كان يعتقد
المفكرون أنه كان رجلًا مؤمنًا، وقيل كانت كلمة تبع تطلق على ملوك اليمن وهو لقب
عام لسلاطين إيران وخاقان لملوك الترك وفرعون مصر وقيصر لسلاطين الروم، ويوجد في
التحرير والتنوير سبب التسمية نسبة إلى الظل لأنه يتبع الشمس حيث كان يذهب بغزواته
إلى كل مكان يتطلع فيه الشمس، ويوجد قول آخر بأن تبع سمي بهذا الاسم لأنه تتبعه
ملوك اليمن وتخضع له كل الملوك، تبع لقب لمن يملك جميع البلاد اليمن وحمير وسبق
وحضرموت، وفي ظل كل تلك المتناقضات لا يسعنا
سوى العودة إلى الأصل في المعنى الحرفي.
وهو
أنهم اتخذوا لله أنداداً، قال تعالى:
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ
دُونِ اللهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ
حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ
الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ (165) إِذْ
تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ
وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ (166) وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ
لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ
يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ
النَّارِ) (سورة البقرة 165 - 167).
وجاء قوله تعالى:
(أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ)
(سورة الدخان 37)
بعد ذكر فرعون وقومه وأنه حسب السياق فهم
سابقين عن فرعون وقومه الذين يقولون (إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولَى
وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ) (سورة الدخان 35)، فهل المنكرين للبعث خير أم قوم تبع
الذين يؤمنون بالله ولكنهم اتخذوا مع الله أنداداً، فجميعهم مُهلكين.
وبذلك يمكن أن نتخطى فكرة تحديد قوم بذاتهم،
في مكان معين أو زماناً ما، وإنما الأمر يتعدى ذلك إلى حالة توحد قوم ما في أي
زمان ومكان فيتخذوا مع الله أنداداً فيصيروا قوم تُبَّعٍ.
تعليقات
إرسال تعليق