القائمة الرئيسية

الصفحات

وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه

وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه

{وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ ......} (سورة الأحزاب 37)

إن العلة في قوله تعالى:

{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} (سورة الأحزاب 36)

وكان المثل في سياقه في الآية (37) وبدأت بـ وإذ، الواو هي وصل بين الآية السابقة وهذه الآية، فبالوصل بين أمر الله ورسوله والذي لا خيار من أمرهم وإلا ضلوا وضاقت بهم أمورهم وأحوالهم.

إِذْ تَقُولُ: باستخراجك من هذه الآية ما يتوافق مع ذكر الله وأمره في هذه الحالة التي أنت بشأن مناقشتها مع زيد من خلال أمر الله المفعول، وتفعيل أمر الله بما استخرجته من باطن الآيات ودمجه وتوصيله ونقله من نطاقك...

لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ: فالله أنعم عليه بزوجته تلك التي بين يديه، والتي ضبط الله أحواله وأموره من خلالها ومن خلال الرسول اللذان كشفا عنه ما كان عليه من يُتْم ووحدة.

أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ: أضبط وتوافق مع جمع وضم زوجك لك واستخرج أسس حياة تساعد على هذا الضم بقوة وأتم إتقان إتباع أمر الله فيها بالصورة الدنيوية المناسبة وذلك باستخراج أوامر الله في علاقة الرجل وزوجه في ظاهر الحياة الدنيا على أفضل حال فتنضبط له زوجته.

إذن أن زوجته كانت من ضمن نعم الله عليه وأن النصيحة بل الأمر من الرسول طلبه منه يتمسك بزوجته وأن يتقي الله حسب أوامره تعالى لتزداد قوة علاقتهما.

وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ: فيتصل بذات الأمر الذي تأمره به، فلا تكمل ما هو ظاهر بما هو باطن الأمر وحقيقته المتوارية ولا تريد للدخول في عمق مشكلته التي تفرق بين الأمور وتمحصها وتستخرج بواطنها فتخفي في نفسك ما الله جمعه وضمه في باطن كتابه فيبدو من الكتاب كقوانين فضلى تهيمن على تلك الحالات التي تعصف بالحياة الزوجية.

إذن الرسول لم يتعمق في واقع مشكلة زيد مع زوجته، ولكن طلب منه اتقي الله فقط، ولم يأمره بنفسه بما أمر الله في كتابه مباشرةً وخشى أن يتدخل في بواطن العلاقات الزوجية، لذلك جاء قول الله...

وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ: وتتفاعل بهذا الحرج مع عادات الناس وصور مشتبهه فتخفي في نفسك ما الله مُبديه في كتابه والمخالفة لتلك الصور الأخرى مما تعودوا عليها وفضلوها في مجتمع الرسالة، والله أحق أن تخشاه وتطبق أوامره.

وهنا يتضح أن عادات الناس في هذا الزمن في علاقاتهم الزوجية هي ما تعودوا عليه وواءموا بين تلك العادات وأوامر الله فكانت صور مشتبهة ولكن ليست من أصل الكتاب في شيء، وفي هذه المعالجة الأخيرة لمشكلة زيد وزوجه اكتفى الرسول بأن يطلب من زيد التمسك بزوجته ويتقي الله فيها بما أمر الله، ولم يطلب منه مباشرةً تنفيذ أوامر الله بكل ما فيها، وخشى من عادات الناس واعتراضاتهم على ما يخالف تلك العادات والصور المشتبهة، ولكل ما سبق {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} (سورة الأحزاب 36).


تعليقات