القائمة الرئيسية

الصفحات

إعادة برمجة العقول والتهجير القسري: هل نحن أمام نفس السيناريو؟

 


إعادة برمجة العقول والتهجير القسري: هل نحن أمام نفس السيناريو؟


مقدمة

إذا تأملنا عملية احتلال فلسطين والتهجير القسري للفلسطينيين، نجد أنها تتبع نفس آليات "برمجة العقول" التي تم استخدامها في قضايا أخرى، بدءًا من خلق واقع جديد، مرورًا بالتطبيع معه، وصولًا إلى فرضه كأمر مسلم به. فهل نحن أمام نفس المخطط؟ وهل تمثل "مجموعة لاهاي" تحديًا لهذه البرمجة، أم أنها جزء منها؟


أولًا: كيف خضعت قضية فلسطين لنفس آليات برمجة العقول؟

لم تتم عمليات الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين وعمليات التهجير القسري بين ليلة وضحاها، بل مرّت بنفس المراحل التي ذكرناها في ديالكتيك الرفض والقبول، على النحو التالي:

1. المرحلة الأولى: الرفض التام – "هذا غير مقبول!"

في البداية، كانت فكرة إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين مرفوضة عالميًا، حتى من قبل بعض اليهود أنفسهم.

  • العرب والمسلمون رفضوا بشدة أي محاولة للتوطين الصهيوني، وقاموا بثورات متكررة ضد هذا المشروع.

2. المرحلة الثانية: التسلل والتطبيع الجزئي – "لا بأس بالقليل"

بدأ الأمر بفرض واقع تدريجي من خلال الهجرة اليهودية المدعومة من القوى الغربية، مع تقديم اليهود كمجموعة "مضطهدة" تحتاج إلى وطن آمن.

  • تم استغلال الهولوكوست كذريعة أخلاقية لدفع العالم لتقبل إقامة إسرائيل.
  • أُبرمت اتفاقيات شكلية، مثل اتفاقية أوسلو، لتبدو الأمور وكأن هناك "سلامًا ممكنًا"، في حين كان الاحتلال يتوسع على الأرض.

3. المرحلة الثالثة: القبول المشروط – "لا بأس ولكن بحذر"

بعد عقود من الاحتلال، بدأت بعض الدول العربية في التعايش مع إسرائيل كأمر واقع، وظهرت نغمة مفادها: "لا يمكننا محاربة إسرائيل إلى الأبد."

  • تم الترويج لفكرة أن الفلسطينيين أنفسهم مسؤولون عن معاناتهم بسبب رفضهم "الحلول السلمية".

4. المرحلة الرابعة: فرض الهيمنة والإدمان على الواقع الجديد – "لا أستطيع العيش بدونها!"

تحول الاحتلال إلى واقع لا يمكن تخيّل تغييره، بل أصبح الدفاع عن فلسطين يُنظر إليه على أنه "موقف متطرف".

  • اتفاقيات التطبيع الأخيرة (اتفاقيات أبراهام) كرّست القبول العربي الرسمي لإسرائيل، بحيث بات من غير الممكن الرجوع إلى الوراء.

5. المرحلة الخامسة: الدفاع والتبرير – "كيف كنّا نعيش بدونها؟"

أصبح من الصعب إقناع بعض الفئات العربية بالتخلي عن إسرائيل كدولة محتلة، بل باتت هناك أصوات تدعو للتعايش معها.

  • التهجير القسري يُطرح الآن ليس كجريمة حرب، بل كـ"حل إنساني"، لتخفيف معاناة الفلسطينيين عبر نقلهم إلى أماكن أكثر أمانًا، وكأن المشكلة في الفلسطينيين أنفسهم وليست في الاحتلال!

ثانيًا: هل مجموعة لاهاي ضد البرمجة أم جزء منها؟

"مجموعة لاهاي" تشير إلى مجموعة دول أو شخصيات تعمل على تحريك الملف الفلسطيني بطريقة مختلفة. ولكن هل هذه المجموعة تحارب البرمجة الإسرائيلية والغربية، أم أنها جزء منها بوجه آخر؟

الفرضية الأولى: لاهاي ضد البرمجة

  • قد تكون مجموعة لاهاي محاولة حقيقية لخلق "نواة رفض جديدة"، تعمل على إعادة القضية الفلسطينية إلى طاولة النقاش الدولي.
  • ربما تسعى لفضح مخططات التهجير القسري قبل أن يتم تسويقها عالميًا كحل منطقي.
  • يمكن أن تكون هذه المجموعة امتدادًا لحركات عالمية معادية للهيمنة الإسرائيلية، وتسعى لتفكيك السيطرة الصهيونية على الإعلام والسياسة الدولية.

الفرضية الثانية: لاهاي جزء من البرمجة

  • قد تكون المجموعة مجرد واجهة لإدارة الصراع بدلًا من حله، بحيث تمنح الفلسطينيين أملًا زائفًا، بينما تستمر الأمور في التدهور على الأرض.
  • يمكن أن تعمل المجموعة على "إعادة ضبط الصراع" وفق أجندات معينة، مثل تحويل القضية من قضية احتلال إلى مجرد قضية "إدارة سكان".
  • قد يتم استغلالها لإضفاء شرعية على حلول تصب في مصلحة إسرائيل، مثل التوطين التدريجي للفلسطينيين خارج فلسطين.

الخاتمة: هل نحن أمام إعادة برمجة جديدة؟

ما يحدث اليوم هو محاولة لإعادة برمجة الوعي العربي والفلسطيني ليقبل التهجير القسري كأمر "طبيعي" و"حتمي". تمامًا كما حدث مع التطبيع الإسرائيلي، يتم الترويج للتهجير على أنه "خيار منطقي" لتخفيف معاناة الفلسطينيين.

إذا كانت "مجموعة لاهاي" فعليًا تقف ضد هذه البرمجة، فإنها ستتعرض لحرب إعلامية وتشويه واسع. أما إذا تم الترويج لها دوليًا دون مقاومة إسرائيلية حقيقية، فقد تكون مجرد أداة جديدة لإعادة تشكيل القضية الفلسطينية وفق المصالح الغربية.

السؤال الأهم: هل سيسمح الفلسطينيون والعرب بأن يتم "برمجتهم" مرة أخرى، أم أن هذه المرة ستكون مختلفة؟

تعليقات