فروق بين القرآن الكريم والكتب السماوية الأخرى

كامل عشري يكتب :  فروق بين القرآن والكتب السماوية الأخرى 

سوف نستعرض فيما يلي أهم الفروق بين القرآن الكريم والكتب السماوية الآخرى ، ومراحل الرسالة الثلاث عبر التاريخ ، وأهم ما يميز القرآن الكريم ، وكيف أنه معجزة منفصلة عن ذات الرسول كي تكون معجزة ومنهج وتشريع مستمر يكشف لنا جانباً من التأويل كلما إحتاج له زمان أو مكان ، وإن كان هناك من يريدونه مهجوراً ويحاربونه إما بمحاولة النيل منه ، وإن عجزوا أحاطوه بالتشكيك في آياته ، ومحاولة تلفيق نقصانه ، فكل تلك المحاولات تنبع من محاولة الإعتقاد أنه مخلوق سواء كان ذلك صراحة في زمن سابق أو بالتلاعب بعلوم من إختراعهم تجعله منسوخ بعض أياته تارة ، وآيات أخرى حاصروها في زمان وأسباب نزولها تارة ، وتشريعات إتخذوها من كتب سابقة تارة ، وإعلاء تراث وروايات عليه تارة أخرى.

ومن خلال سياق شرح الفروق سوف نعي مدى إرتباط المنهج والتشريع بالقرآن الكريم ، وأن الزمان الذي ضاع في البحث بعيداً عن كتاب الله كان وقتاً ضائعاً من المسلمين أثقل عليهم حياتهم ، بل جعلهم عالة على الأمم لم يقدموا لهم فهماً صحيحاً للمنهج الإلهي ، فحبط عملهم وإزداد إختلافهم وتشتت شملهم ، وفيما يلي أهم هذه الفروق :

• أولاً : القرآن الكريم قول الله تعالى وكلامه .. أما باقي الكتب السماوية فإنها كلام الله فقط وليست قوله .
  والسؤال هل يختلف الكلام عن القول ؟!!!!!!!!!!!!!
  • فالكلام : هو المعنى الكائن في الذات ..
  • أما القول هو صياغة هذا المعنى في قالب لغوي .
  • واللفظ هو إخراج الكلام المصوغ بقالب لغوي لعالم المادة
    إذن فالكلام يمكن صياغته بأكثر من قالب 

من هنا نستنتج أن الكتب السماوية السابقة على القرآن كلام الله تعالى ولكنها من صياغة المخلوقات ، أي الكتب السماوية السابقة عن القرآن هي كلام الله وقول المخلوقات ،  لذلك لم يتحدى الله أحد أن يأتي بمثل الكتب السماوية السابقة على القرآن ، وفي ذات الوقت لم يقل الله تعالى في القرآن الكريم أن الكتب السماوية الأخرى من قوله تعالى فعندما وصف القرآن جاء هكذا : 

{ أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ (68) } (سورة المؤمنون 68){ إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5) } (سورة المزمل 5)
{ إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (13) } (سورة الطارق 13)

• ثانياً : إنفرد القرآن بالتتريل من عند الله " من الفعل نزَّلَ" في حين يشترك مع الكتب السماوية الأخرى كونه مُنْزَلاً من عند الله تعالى "من الفعل أنزَلَ" .. 

فإن إنزال الكتاب من الفعل أنزلَ من ساحة إلى ساحة ، يعني تحويله لما يناسب قوانين الساحة التي أُنزِلَ إليها لجعله مسخراً داخل إطار هذه المساحة أما تتريل الكتاب من الفعل نزَّلَ من ساحة لساحة لا يعني تحول في ماهية المُنَزَّل .. فالتنزيل يعني ثبات ماهية المُنَزَّل ما بين ساحتي التنزيل فالقرآن الكريم إنفرد بالتتريل من عند الله 

{ وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (105) وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ ((وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا)) (106) } (سورة الإسراء 105 - 106)
{ مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى (2) إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى (3) ((تَنْزِيلًا)) مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَا (4) } (سورة طه 2 - 4)
{ إِنَّا نَحْنُ ((نَزَّلْنَا)) عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا (23) } (سورة الإِنْسان 23)

ولا يوجد نصاً في القرآن يتكلم عن تتريل أي من الكتب السماوية الأخرى إلا أنه هناك نص واحد يبين تتريل التوراة ولكن بصيغة المبني للمجهول 

{ كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ ((تُنَزَّلَ)) التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (93) } (سورة آل عمران 93)

إذن القرآن الكريم معجزة ملتحمة بالمنهج ونصاً مصوغاً من الله تعالى كما هو تماماً في اللوح المحفوظ دون تغيير أو تحويل وهذا مكمن معجزته وانفراده عن باقي الكتب السماوية . 
فالكتب السماوية أُنزلت من عند الله كونها مناهج عبادة ، في الوقت الذي ينفرد فيه القرآن الكريم بالتتريل من عند الله كونه معجزة ملتحمة بالمنهج ، وعليك قراءة هذا النص القرآني وما فيه من دليل وتحديد الفارق :

{ ((نَزَّلَ)) عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ((وَأَنْزَلَ)) التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (3) } (سورة آل عمران 3)
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي ((نَزَّلَ)) عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي ((أَنْزَلَ)) مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (136) } (سورة النساء 136)

إذن :
إنزال من عند الله .................. جميع الكتب السماوية
تنزيل من عند الله .................. القرآن الكريم فقط

• ثالثاً : ينفرد القرآن بعمق التأويل الذي لا يعلمه إلا الله : 

فلما كانت صياغة الكتب الأخرى من المخلوقات ولما كانت قدرة المخلوقات محدودة في بلوغ معنى كلام الله ، فكان القول ودلالاته في الكتب السماوية الأخرى محدودة ، لذلك كانت محددة كفكر ضمن إطار وأزمنة معينة لا تفي إحتياجات أبعد عن هذه الحدود. 

ولما كانت الصياغة للقرآن الكريم من عند الله ، فعلم الله تعالى لا يحيط به المخلوقات فكانت دلالات النص القرآني لا نهاية لها ولا يمكن للمخلوقات أن تحيط بها وقد أكد الله هذه الحقيقة بقوله تعالى :

{ قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا (109) } (سورة الكهف 109)
{ وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (27) } (سورة لقمان 27)

وبالتالي كان لزاماً أن يحمل القرآن الكريم تبيان لكل شيء في هذا الكون بقوله تعالى :

{ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (89) } (سورة النحل 89)

ومن ثم فإن النص القرآني يحمل عمقاً ظاهراً محكماً وهناك كتب سماوية متشابهة معه كلهن أم الكتاب المحفوظ  إلا أن القرآن كتاباً محكم لا يجب محاولة تأويله من خلال الكتب السماوية المتشابهة وإلا وقعوا في فتنة فكله محكم  ، والراسخون في العلم يعلمون أنها كلها من عند الله فلا يبغون تأويل القرآن بكتب سماوية أخرى سابقة لا تفي إلا بإحتياجات زمانها ومانها المحدود ، ويعلمون أنها سوف تكون سبب فتنة بهذا العلم المحدود الذي نعليه على العلم اللامحدود رغم إيماننا بكل الكتب السماوية فكلها من عند الله :

{ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (7) } (سورة آل عمران 7)

إذن الذي يذهب إلى تجزئة نصوص القرآن الكريم إلى محكم ومتشابه يكون وقع في الخطأ فالقرآن الكريم بكليته محكم بقوله تعالى:

{ الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (1) } (سورة هود 1)

والقرآن الكريم بكليته يحمل تشابهاً مع كتب سماوية سابقة من حيث أنه به مثاني كما الكتب السماوية السابقة بها مثاني أيضاً فيقول الله تعالى :

{ اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللهِ ذَلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (23) } (سورة الزمر 23)
{ وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (87) } (سورة الحجر 87)

إذن نستخلص من هذا أن القرآن ينفرد بعمق التأويل الذي لا يعلمه إلا الله فيقول تعالى :

 { وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (52) هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (53) } (سورة الأَعراف 52 - 53)

إذن تأويل القرآن الكريم .. ينفرد بهذه الصفة عن باقي الكتب السماوية لن يأتي تأويله الكامل إلا في الآخر :
عمق الدلالات الظاهرة الذي تدركه المخلوقات ... جميع الكتب السماوية 
عمق التأويل الذي لا يعلمه إلا الله .................. القرآن الكريم

• رابعاً : ينفرد القرآن بإحتواءه على المنهج  والتشريع داخل النص القرآني :

 وهنا مكمن صلاحه لكل زمان ومكان والمنهج كل المنهج بين يدي كل إنسان قل علمه أو كثر ، على عكس الرسالات السماوية السابقة التي تدرجت على حسب الزمان والمكان التي نزلت فيه :

(المرحلة الأولى) :

كان المنهج كل المنهج في شخص الرسول وهذا ما حصل بالضبط مع سيدنا نوح حيث كان نوح بكليته وشخصيته يمثل كل المنهج فإذا ما قال نوح قال المنهج .. وذلك ينطبق على كل من أرسل قبل إبراهيم 

(المرحلة الثانية) :

نزل المنهج منشطرا ومجزءاً بين كتاب سماوي وبين الجانب الشخصي للرسول وهذا ما حدث مع كتاب التوراة وموسى ومع كتاب الإنجيل وعيسى ومع كتاب الصحف وإبراهيم  وفي هذه المرحله كان للرسول مساحة يتفاعل بها مع قومه خارج الكتاب فهو جزء من المنهج

فقد يشرع موسى تشريعا ليس موجودا في التوراة لأن موسى مـٌكمـِل للتوراة ، بمعنى إن التوراة ناقصة من غير موسى وسنة موسى ناقصة من غير التوراة لأن المنهج النازل منشطر بين شخص موسى وبين التوراة

 (المرحلة الثالثة) :

الرسالة الخاتمة التي اختزلت المنهج كل المنهج في كتاب وهو القران الكريم ، وهنا توقفت ساحة التفاعل  النبي محمد مع قومه خارج الكتاب !!!  لتكون مساحة التفاعل بين النبي وقومه في الرسالة الخاتمة من الكتاب دون غيره .. فكان بشيراً ونذيراً

{ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ (119) } (سورة البقرة 119)
{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) } (سورة الأحزاب 45)
{ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ (24) } (سورة فاطر 24)
{ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (8) } (سورة الفتح 8)

لذلك كان الأمر المباشر في القرآن الكريم (قل) 13 مرة كغجابات عن من يسالون الرسول .. وقل بشكل عام 332 مرة خلال القرآن كله والتي تتساوى مع تكرار لفظ قالا 332 مرة
{ يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ } (سورة البقرة 215)
{ يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ } (سورة البقرة 215)
{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ } (سورة البقرة 217)
{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ } (سورة البقرة 219)
{ يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ } (سورة البقرة 219)
{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ } (سورة البقرة 220)
{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ } (سورة البقرة 222)
{ يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ } (سورة المائدة 4)
{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ } (سورة الأَعراف 187)
{ يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ } (سورة الأَعراف 187)
{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ } (سورة الأَنْفال 1)
{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ } (سورة الإسراء 85)
{ وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ } (سورة الكهف 83)
{ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ } (سورة طه 105)

إذن الكتب السماوية السابقة كان المنهج مرتبطاً بالرسول ، فكان ما شرعه الله ما وصى به نوح وابراهيم وموسى وعيسى ،  أما ما شرع من خلال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم هو فقط القرأن في قوله  (الذي أوحينا إليك) .. وكانت فاصلة ما بين نوح حتى إبراهيم وما بعده ، فما قبل إبراهيم هي المرحلة الأولى من المنهج الذي يأتي على لسان الرسول ، وإبراهيم وما بعده كان الكتاب السماوي مرتبط بالرسول ووصاياه المكملة للتشريع ، حتى جاء محمد صلى الله عليه وسلم والذي استقل الكتاب السماوي بالتشريع والمنهج.

{ شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا ((وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ)) وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ (13) } (سورة الشورى 13)

 فكان القرىن الكريم تبياناً لكل شيء الله ولم يضع تلك الآية بقرآنه ليأتي أحدهم ليقول القرآن ناقص أو يحتاج لشيء يكمله 

{ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (89) } (سورة النحل 89) 

إذن :
في رسالة محمد المنهج والتشريع  .......... بالقرآن ومنفصل عن شخص الرسول
الرسالات السابقة المنهج والتشريع .. ....... من خلال الرسول في مرحلة  ما قبل الكتب السماوية .. وما بين الكتاب والرسول في مرحلة الكتب السماوية

•  خامساً : : ينفرد القرآن معجزة مستمرة ومنفصلة عن شخص الرسول :

القرآن هو الكتاب الوحيد من بين باقي الكتب السماوية الذي انزل كمنهج ونـّزل كمعجزه وهنا لفته قويه لهذا التزاوج بين المنهج والمعجزه ، هو الكتاب الوحيد الذي إلتحم فيه المنهج بالمعجزه ولذاك هو الكتاب الوحيد الذي جاء بصيغة ( نـّزل وأنزل ) في حين ان باقي الكتب  جائت بصيغة ( أنزل ) فقط .. من غير (نـّزل )

 فكل منهج كانت له معجزه مصدقه له وهذه المعجزة تعجز الناس وتعجز من يشاهدونها على الإتيان بمثلها وهذه المعجزة تدرجت أيضا كما في المنهج على مراحل تدرج الرسالات

(المرحلة الأولى) :

مرحلة إرتباط التشريع والمنهج  إرتباط  كلي  بالرسول وكانت معجزة طول العمر حيث يعاصر الرسول كثير من أجيال قومه يدعوهم للإيمان ويشرع لهم وهناك من يكون شاهداً عليهم وعلى كفرهم وحتى نزول العذاب عليهم وينجيه وينجي من آمن معه.

 { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (14) } (سورة العنْكبوت 14)

(المرحلة الثانية)

 مرحلة توزيع المنهج والتشريع ما بين الكتاب والرسول  (موسى والتوراة- عيسى والانجيل ) خرجت المعجزه من الجانب الشخصي أيضا وصارت خارج الجسد فمثلا  اعطيت عصا موسى التى فلق بها البحر ولقفت عصي السحرة وخرجت بيضاء وهذه معجزه أعجزت من كان يشاهدها ولكنها ظلت أسيرة لحظتها وسجينة زمانها ومكانها فبموت موسى انتهت المعجزه وانتهى  عمل العصا المعجز وكذلك عيسى والذي كان يحيي الموتى بغذن الله ويبريء الأكمه والأبرص .. وهكذا..!!!

(المرحلة الثالثة)

 فكانت مرحلة استقلال المنهج والتشريع عن شخص الرسول ليصبح المنهج والتشريع صالح لكل زمان ومكان ،  فكانت المعجزة أيضاً ليست أسيرة لحظه ولا سجينة مكان أو زمان  فمعجزة القرآن فوق الزمان وفوق المكان وفوق المادة فخرجت المعجزه تماما وبشكل كلي من شخص الرسول لتندمج في الكتاب المنزل وهو القران الكريم فكان بحق كتاب معجز ومعجزه  فمنهج ي يجب أن تكون المعجزة المصدقة له تنطبق بكل عصر وليس موقوفة بشخص أحد فإن مات ذهبت   

لذلك ما كان يجب أن يكون القرآن مهجوراً من خلال موروثات وروايات أوقفت تدبره ..  فيجب تدبره بكل زمن وبكل مكان ومن كل إنسان .. ففهمه ووعي معانيه ودلالاته منحة من عند الله ليست مرتبطة بعلم بقدر ما هي مرتبطة بإيمان وطلب وتمني وبعد عن هوى

 إذن :

 المعجزة  في رسالة محمد  .................. القرآن الكريم ...... منفصلة عن شخص الرسول

المعجزة في الرسالات السابقة ................ مرتبطة بشخص الرسول في مرحلة ثم منفصلة عنه من خلال أداة مرتبطة به كعصا موسى وتنتهي بموته

صفات أخرى بالقرآن الكريم :

• اللغة تخضع للنص القرآني وليس العكس :

فهناك كثير من قواعد اللغة تقف عاجزة أمام آية لا يعرفون فك عقدها حيث كان يفترض ان تقعد قواعد اللغة بمعيار القرآن وكان يفترض أن يستمر تطوير قواعد اللغة بدلا من الوقوف على قواعد قعدت قبل قرون ثم جعلت سقفا لا ينبغي الاقتراب منه ثم إذا قلنا اتبعوا ما أنزل ألله في اللغة قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه ابائنا اللغويين والنحويين ،وهذا خطأ فادح ، ولو استمر البحث في قواعد اللغة  لاكتشفنا قواعد جديدة نجهلها اليوم ، لنضرب مثال: كلمة ( جائو-  بائو - فائو ) تكتب في القران بلغة الفطرة بدون ألف تفريق،بينما كلمات مثل ( يتلوا-  يمحوا ) لها ألف تفريق في حين أننا لا نكتبها كذلك..! والسؤال أليست هذه قاعدة لغويه جديدة لأننا نكتب كلماتنا الاملائية  (جائوا -  وبائوا - وفائوا ) بألف التفريق وهذا خطأ لغوي تعلمتاه صغارا وشبنا عليه كبارا

• القران هو الصلة والقربى بين الله وبين عباده 
• القران ينتمي لعالم الأمر وليس لعالم الخلق 

{ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (54) } (سورة الأَعراف 54)

 فعالم الأمر خالد فوق التاريخ في حين أن عالم الخلق يموت ويهرم ويكون سجين اللحظة والزمان والمكان والمادة وبهذا يكون القرآن ليس مخلوقا.

• القران ليس مخلوق  وخرافة الناسخ والمنسوخ أو أسباب النزول يجعل من كتاب الله تعالى القران كتاب مخلوق ...!!!
• الإنسان غير قادر على اختراع اللغة وبالتالي لابد له من معلم يعلمه بغض النظر عن مفهوم الخلائق  لبداية الإنسان فالله تعالى هو الذي علم الإنسان اللغة
• عندما علم الله اللغة للإنسان كان لابد من إطلاق مسميات على الأشياء وتكون هذه المسميات صحيحة لان علم الله مطلق بالأشياء وقدرته على الصياغة أيضا مطلقة وليس مثل البشر
• علم الله تعالى  اللا محدود بالشيء ومميزاته وخواصه وتغيراته وقدرته المطلقة سبحانه على صياغة ما علِمهُ تجعل من تسميته للشيء تسميه مطلقة لا عيب فيها بحيث تكون الكلمة التي يطلقها الله تعالى على الشيء تختصر كل خواص هذا الشيء بداخلها بحيث لا يحيط بمعناها الكامل أي مخلوق 
• كلمات النص القرآني من المستحيل أن تكون من صنع البشر وإلا كان القران ناقص وليس مطلق لان كلمات البشر ناقصة وليست مطلقة 

حق النشر والكتابة للكاتب: كامل عشرى