القائمة الرئيسية

الصفحات

نبوءات آخر الزمان في الإسلام والمسيحية واليهودية: بين التشابه والاختلاف

 


نبوءات آخر الزمان في الإسلام والمسيحية واليهودية: بين التشابه والاختلاف

لطالما شغلت فكرة نهاية العالم عقول البشر، وظهرت في كل الديانات والثقافات المختلفة، لكن الأديان السماوية الثلاثة، الإسلام والمسيحية واليهودية، تحمل تصورات محددة ومتشابهة في بعض النواحي حول آخر الزمان وما سيحدث فيه من أحداث كبرى تغيّر مجرى البشرية. وعلى الرغم من وجود قواسم مشتركة بين هذه النبوءات، إلا أن التفاصيل تختلف من دين لآخر، خاصة في طبيعة الشخصيات التي ستظهر، وأحداث النهاية، والمصير النهائي للبشرية.


أولًا: نبوءات آخر الزمان في الإسلام

في العقيدة الإسلامية، تنقسم علامات نهاية العالم إلى قسمين: علامات صغرى حدث معظمها أو لا تزال تحدث، وعلامات كبرى لم تقع بعد وستكون إيذانًا بقيام الساعة.

1. العلامات الصغرى

تمثل العلامات الصغرى التغيرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي تحدث تدريجيًا قبل الأحداث الكبرى. من أبرز هذه العلامات:

  • انتشار الفتن والقتل بغير سبب، حيث يقتل الإنسان أخاه دون معرفة السبب الحقيقي.
  • التغيرات الأخلاقية مثل انتشار الفساد، وكثرة الزنا، وغياب العدل.
  • التطورات العلمية والتكنولوجية مثل تقارب الزمان، حيث يشعر الناس بأن الوقت يمر بسرعة بسبب التكنولوجيا المتقدمة.
  • ظهور أدعياء النبوة والمهدوية، حيث يزعم بعض الأشخاص أنهم مرسلون من الله.

2. العلامات الكبرى

عند ظهور العلامات الكبرى، تكون النهاية قريبة جدًا، ومن أهم هذه العلامات:

  • ظهور المهدي المنتظر، وهو رجل من نسل النبي محمد، يأتي في وقت يعم فيه الظلم ليقيم العدل.
  • خروج المسيح الدجال، وهو رجل ذو قدرات خارقة يفتن الناس ويدّعي الألوهية، ويكون ظهوره في فترة اضطراب عالمي.
  • نزول النبي عيسى (عليه السلام)، الذي سيقتل الدجال ويعيد توحيد الناس على دين الله.
  • ظهور يأجوج ومأجوج، وهم قوم مفسدون يجتاحون الأرض ويثيرون الفوضى قبل أن يهلكهم الله.
  • طلوع الشمس من مغربها، وهو تحول كوني يجعل التوبة غير مقبولة بعد ذلك.
  • خروج الدابة، وهي مخلوق يتحدث إلى البشر ويحدد المؤمنين من الكافرين.
  • نار عظيمة تخرج من اليمن، تجمع الناس للحشر قبل الحساب.

ثانيًا: نبوءات آخر الزمان في المسيحية

تعتمد العقيدة المسيحية في تصورها لنهاية العالم على سفر الرؤيا في الكتاب المقدس، الذي يقدم رؤية درامية عن الصراع بين الخير والشر، والعودة الثانية للمسيح، والحساب النهائي.

1. المسيح الدجال ونظامه العالمي

المسيح الدجال في المسيحية يُعرف باسم "الوحش" أو "ضد المسيح" (Antichrist). تصفه النصوص بأنه زعيم عالمي يستغل قوته السياسية والاقتصادية لخداع البشرية.

  • سيؤسس حكومة عالمية قائمة على القمع والاستبداد.
  • سيستخدم "سمة الوحش" (الرقم 666) للتحكم في الاقتصاد ومنع أي شخص لا يتبع نظامه من البيع أو الشراء.
  • سيجذب الناس بمعجزاته الكاذبة ويدّعي أنه المخلّص الحقيقي.

2. عودة المسيح ومعركة هرمجدون

  • بعد سيطرة الوحش على العالم، يعود المسيح الحقيقي ليخوض معركة هرمجدون ضد جيوش الشر.
  • في هذه المعركة، يُقضى على الوحش وأتباعه، ويبدأ عصر جديد من السلام يُعرف باسم "المُلك الألفي" حيث يحكم المسيح الأرض لمدة ألف عام.

3. الكوارث الكونية وعلامات السماء

  • تحدث زلازل مدمرة وكوارث طبيعية غير مسبوقة.
  • تتحول الشمس إلى ظلام، والقمر إلى دم، وتتناثر النجوم في السماء.
  • تظهر كائنات روحية تعاقب الأشرار، بينما يتلقى المؤمنون النعيم الأبدي.

4. يوم الحساب والمصير الأبدي

  • يُبعث الموتى للمثول أمام العرش الأبيض العظيم.
  • يُحكم على الأشرار بالعذاب الأبدي في بحيرة النار والكبريت، بينما ينال الصالحون الحياة الأبدية في الجنة.

ثالثًا: نبوءات آخر الزمان في اليهودية

يركز الفكر اليهودي حول نهاية العالم على قدوم المسيح المنتظر (المشيح) الذي سيعيد بناء دولة إسرائيل ويجلب العصر المسيحاني.

1. ظهور المسيح المنتظر وبناء الهيكل الثالث

  • المسيح المنتظر شخصية يهودية ينتظرون قدومها منذ قرون، يعتقدون أنه سيعيد اليهود إلى أرضهم ويؤسس حكمًا عالميًا.
  • أحد أبرز نبوءات اليهودية تتعلق بإعادة بناء الهيكل الثالث في القدس، حيث يرون أنه سيصبح مركز العبادة العالمي.

2. حرب جوج وماجوج

  • في آخر الزمان، ستتحالف أمم قوية ضد إسرائيل (يُقال إن روسيا وإيران من بين هذه القوى).
  • تحدث معركة ضخمة تُعرف باسم "حرب جوج وماجوج"، لكنها تنتهي بتدخل إلهي ينقذ اليهود ويدمر أعداءهم.

3. إحياء الموتى وحكم الله

  • بعد الانتصار في حرب جوج وماجوج، يتم بعث الموتى من القبور.
  • يبدأ عصر جديد من السلام يُعرف بـالعصر المسيحاني، حيث تحكم إسرائيل العالم ويعم العدل.

المقارنة بين الإسلام والمسيحية واليهودية في نبوءات آخر الزمان

رغم الاختلافات الجوهرية، هناك أوجه تشابه بين التصورات الثلاثة، حيث تؤمن الأديان جميعًا بأن نهاية العالم ستشهد صراعًا بين الخير والشر، وظهور شخصيات رئيسية تلعب أدوارًا محورية.

  1. المسيح الدجال في الإسلام والمسيحية

    • في الإسلام، هو رجل ذو قدرات شيطانية يدّعي الألوهية ويضلل الناس.
    • في المسيحية، يُعرف باسم الوحش أو ضد المسيح، ويسيطر على العالم سياسيًا واقتصاديًا.
    • لا يوجد تصور واضح للمسيح الدجال في اليهودية، بل يُنتظر المسيح المنتظر الذي يحقق الوعود التوراتية.
  2. الملحمة الكبرى

    • في الإسلام، الحرب الكبرى تكون ضد الدجال بقيادة المهدي وعيسى.
    • في المسيحية، هي معركة هرمجدون التي ينقذ فيها المسيح أتباعه.
    • في اليهودية، تحدث حرب جوج وماجوج قبل العصر المسيحاني.
  3. إعادة بناء الهيكل ومركز الحكم العالمي

    • في اليهودية، الهيكل الثالث هو مفتاح العصر المسيحاني.
    • في الإسلام والمسيحية، لا يوجد تركيز على بناء الهيكل.
  4. نهاية العالم والحياة بعد الموت

    • جميع الأديان الثلاثة تتفق على وجود بعث وحساب أخير، لكن الاختلاف يكمن في تفاصيل الحكم الأبدي.

الخاتمة: هل نحن نعيش زمن النبوءات؟

مع تصاعد الأزمات العالمية، والحروب، والتغيرات السياسية الكبرى، يتساءل الكثيرون عمّا إذا كنا نعيش في عصر النبوءات. وعلى الرغم من أن كل دين يرى النهاية من منظور مختلف، إلا أن هناك إجماعًا على أن البشرية ستواجه فترة من الفتن والصراعات قبل أن يتحقق العدل النهائي. فهل سنكون شهودًا على هذه الأحداث؟ أم أنها مجرد رؤى روحية لا تزال بعيدة المنال؟

تعليقات