ملحمة الإسكندرية: من الحصار إلى المواجهة الكبرى
مقدمة
مع تصاعد التوترات في المنطقة، تزداد احتمالية دخول مصر في مواجهة عسكرية غير تقليدية تمتد إلى ما هو أبعد من حدودها المباشرة مع إسرائيل. قد تلجأ القوى الغربية إلى فرض حصار عسكري واقتصادي على الإسكندرية، مستغلة وجودها العسكري في ليبيا والبحر المتوسط، مما قد يؤدي إلى شلل استراتيجي لمصر ومحاولة استنزافها قبل أي مواجهة مفتوحة.
فكيف يمكن أن تتطور هذه الفرضية؟ وما أبعادها الجيوسياسية والعسكرية؟
1. فرضية الحصار العسكري والاقتصادي على الإسكندرية
أ. لماذا الإسكندرية؟
أكبر ميناء لوجستي لمصر: يعتمد جزء كبير من التجارة الدولية لمصر على ميناء الإسكندرية، حيث يمثل المنفذ الرئيسي للواردات والصادرات.
مركز عسكري استراتيجي: يضم قواعد بحرية رئيسية وسلاحًا جوياً قوياً، مما يجعله هدفًا لأي عملية تهدف لتحييد القوة البحرية المصرية.
قربه من ليبيا وأوروبا: يمكن أن تستغل قوات الناتو وجودها في ليبيا بحجة "حماية الاستقرار الإقليمي" لنشر قطع بحرية قرب السواحل المصرية وفرض رقابة على التجارة البحرية المصرية.
ب. كيف يمكن تنفيذ الحصار؟
1. التواجد العسكري في ليبيا
مع تصاعد التوترات في ليبيا، قد تتذرع الولايات المتحدة وحلف الناتو بحماية الأمن الإقليمي ونشر قوات بالقرب من الحدود المصرية.
قد يتم نشر منظومات دفاعية وقواعد جوية متقدمة في ليبيا، مما يعزز القدرة على فرض رقابة جوية وبحرية على الإسكندرية والساحل الشمالي لمصر.
2. قطع الإمدادات اللوجستية والاقتصادية
إغلاق أو تقييد الملاحة التجارية من وإلى الإسكندرية عبر ضغوط دبلوماسية على الشركات الدولية.
عقوبات اقتصادية مشددة على الواردات والصادرات الحيوية، بحجة "عدم الامتثال للمعايير الدولية".
عرقلة خطوط إمداد الوقود والسلع الأساسية، مما يخلق أزمة اقتصادية داخل مصر ويؤثر على القطاع الصناعي.
3. استهداف التحركات العسكرية المصرية
نشر سفن حربية وغواصات على طول الساحل الشمالي تحت ذريعة "مراقبة الأمن البحري".
تنفيذ طلعات استطلاعية مكثفة عبر الطائرات بدون طيار (درونز) لرصد أي تحركات للقوات المصرية.
تحريك ميليشيات مسلحة في ليبيا لفتح جبهة استنزاف غرب مصر، مما يضطر الجيش المصري إلى توزيع قواته بين الشرق (سيناء) والغرب (ليبيا).
2. التداعيات المحتملة للحصار على مصر
أ. تأثيرات اقتصادية كارثية
قد يؤدي تعطيل ميناء الإسكندرية إلى اختناق اقتصادي كبير، حيث تعتمد مصر على الموانئ البحرية في تأمين الغذاء والطاقة والمواد الخام.
ارتفاع الأسعار ونقص السلع الأساسية، مما قد يسبب اضطرابات داخلية.
تراجع الاستثمارات الأجنبية وتجميد الاتفاقيات التجارية الدولية بحجة الوضع غير المستقر.
ب. التأثيرات العسكرية والاستراتيجية
تحييد القوة البحرية المصرية: من خلال منع السفن الحربية المصرية من التحرك بحرية وفرض "منطقة حظر بحري غير معلنة".
استنزاف الجيش المصري على عدة جبهات: غزة - ليبيا - البحر المتوسط - السودان.
محاولة دفع مصر لاتفاقيات قسرية بشأن غزة وملف الطاقة في المتوسط عبر الضغوط العسكرية والاقتصادية.
3. هل ستنجح مصر في كسر الحصار؟
أ. الرد العسكري المصري المحتمل
استخدام الغواصات والقوة البحرية المصرية لكسر أي حصار مفروض.
اللجوء إلى الحرب غير التقليدية عبر استهداف الممرات البحرية التي تعتمد عليها القوى الغربية في نقل إمداداتها العسكرية.
تنفيذ عمليات سيبرانية لتعطيل أنظمة الاتصالات والملاحة الخاصة بالقوات المعادية.
ب. الخيارات الاستراتيجية
تعزيز التحالفات مع قوى إقليمية مثل روسيا والصين وإيران لتأمين بدائل اقتصادية ولوجستية.
تحريك الجبهة الليبية لصالح مصر عبر دعم القوى الموالية للقاهرة لوقف تحركات الناتو وواشنطن.
اللعب بورقة الغاز والطاقة عبر تقوية النفوذ في شرق المتوسط وفرض ضغوط على أوروبا التي تعتمد على الغاز المصري كبديل للغاز الروسي.
4. التصعيد نحو "ملحمة الإسكندرية"
إذا لم تفلح هذه الاستراتيجيات في كسر الحصار، فقد تتحول المواجهة إلى حرب إقليمية واسعة قد تبدأ من:
مواجهة بحرية مباشرة بين مصر وقوات الناتو في المتوسط.
اشتباك جوي فوق الأجواء المصرية مع الطائرات الغربية.
تحرك قوات برية في ليبيا نحو الحدود المصرية، مما قد يؤدي إلى رد مصري عنيف داخل الأراضي الليبية.
في هذه الحالة، قد تصبح الإسكندرية النقطة الفاصلة التي تحدد مستقبل مصر والمنطقة، حيث ستكون المواجهة بين القوى العظمى في مفترق طرق جيوسياسي وعسكري غير مسبوق.
الخاتمة
في ضوء التحركات العسكرية والاقتصادية المتوقعة، يمكن أن يصبح الحصار على الإسكندرية جزءًا من المخطط الدولي لإخضاع مصر وإجبارها على تقديم تنازلات استراتيجية. ومع ذلك، فإن القاهرة تملك خيارات متعددة لكسر هذا الحصار والتصعيد عسكريًا إذا لزم الأمر، مما يجعل "ملحمة الإسكندرية" احتمالًا واردًا في حالة استمرار الضغوط على مصر.
هل ستشهد المنطقة مواجهة كبرى في البحر المتوسط؟ أم أن مصر ستنجح في إحباط المخطط الغربي قبل وصول الأمور إلى نقطة اللاعودة؟
تعليقات
إرسال تعليق