الساق التي يكشفها لنا الله في الدنيا ولماذا يدعون للسجود فلا يستطيعون ؟!

قال تعالى:

(يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ (42) خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ) (سورة القلم 42 – 43)

وقالوا في هذه الساق معاذ الله أنه يوم القيامة يشتد الأمر ويصعب هوله، ويأتي الله تعالى لفصل القضاء بين الخلائق، فيكشف عن ساقه التي لا يشبهها شيء، والغريب أنهم أخضعوا تلك الساق للتجسيد رغم أنها جاءت غير معرفة ومجهولة في هذا الموضع.

في حين في قوله تعالى:

(كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ (26) وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ (27) وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ (28) وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ (29) إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ) (سورة القيامة 26 – 30)

فقالوا في هذه الآية، إذا وصلت الروح إلى أعالي الصدر، وقال بعض الحاضرين لبعض: هل مِن راق يَرْقيه ويَشْفيه مما هو فيه؟ وأيقن المحتضر أنَّ الذي نزل به هو فراق الدنيا؛ لمعاينته ملائكة الموت، واتصلت شدة آخر الدنيا بشدة أول الآخرة، إلى الله تعالى مساق العباد يوم القيامة: إما إلى الجنة وإما إلى النار.

فالغريب أنهم غيروا معنى الساق في الآيتين، وجعلوا الأولى ساق لله معاذ الله والثانية اختلاط بين ساق الدنيا وساق الآخرة!!!!

وهذا يتطلب منا إعادة التدبر والتفكر في الآيات، ونطرح تلك الأسئلة لنفهم معاني ودلالات الآية:  

س1: ما هي الساق التي تم كشفها؟!

الدنيا لها جانب مادي ظاهر كشفه الله لنا كشيء طبيعي ومن مستلزمات حياتنا اليومية ومنذ أمد الدهر، ولكن في حدود علمنا المادي المحدود لا تشكل خطراً على الإنسان، فقد سخرها الله لنا لأنها زينة الحياة الدنيا كاستعمال وتسخير، وكل مجهود الإنسان فيها رعايتها حق رعايتها مثل ما نركب من الحمير والبغال والجِمال.. الخ أو الأراضي الزراعية أو البحار والأنهار.. الخ.

إلا أن رؤية أو بصر أي ساق دنيوي عبارة عن بلوغ مركز وعمق وسنن وقوانين ومقاييس خاصة بالمادة الدنيوية التي والتي تتحكم فيها والتي تضبطها هذه القوانين ودمجها بقوانين أخرى فتعطي نتائج مغايرة عن أصل الشيء الخاضع لهذه القوانين.

ولعل هذه القوانين مثل ما يتم في كثير من التفاعلات الكيميائية وغيرها أو تحول مادة من حالة صلبة إلى حالة سائلة أو إلى حالة غازية أو عكس هذه العملية، أو نمو البذرة إلى ثمرة أو نمو الأجنة وغيرها من التغيرات التي تحدث نتيجة قوانين يحملها عمق ومركز المادة هي جميعها تعمل بسنن إلهية مطلقة، إلا أن الله تعالى في أزمنة سابقة وزماننا كشف لنا عن هذه الساق فأصبحت مكشوفة لنا، فإما نكون مبصرين لعظمة الخالق فيها وإما يزداد غرورنا فنظن أننا يمكن أن نتلاعب بهذا المركز وقوانينه فنغير من خلق الله ونظن أنه الأفضل.

يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ

اليوم مرحلة تغيير ونسبة واضحة عما قبلها وعما بعدها تجمع هذه المرحلة وتضم خواص مرحلة أصبحت باطن (اليوم السابق) وخواص مرحلة حالية فيوحد بين مرحلة سابقة ومرحلة حالية ورابط بينهما ويجمع ويضم ويتداخل فيه أحداث مرحلة واحدة فيكون اليوم له صفة كمرحلة.

فهناك يوم القيامة، يوم الحساب، يوم الحشر، يوم التغابن، اليوم الأول، اليوم الآخر، يوم الدين، يوم البعث، يوم التلاق، يوم الجمع، يوم الفصل.. الخ، ويقال على الدنيا كلها يوم كمرحلة اليوم الأول تسبق مرحلة اليوم الآخر، وكذلك حين يقال أنه تم خلق الأرض في ستة أيام هذا ليس ميقات ولكن مراحل تغيير وليس مراحل زمنية مراحل التكوين للأرض ووضع أرزاقها، ولكن نحن ككائنات دنيوية اليوم ومرحلة التغيير جعلناها بشروق شمس حتى شروق شمس تالي ثم طورنا الأمر بنظام جرينتش من منتصف ليل إلى منتصف ليل آخر وهكذا.

إذن اليوم الذي نحن بصدده مرحلة تغيير ما من عدم الكشف عن الساق ويوم الكشف عنها فيصبح الإنسان حينها في مرحلة جديدة هي مرحلة الكشف عن ساق الدنيا.

فهي إشارة لمقام وكان وميقات يُكْشَفُ فيه عن ساق!!!

يُ: يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ: بخروج كشف من مصدره (قوانين عالم الخلق) في مرحلة تغيير حال معرفة سابقة ويحل محلها معرفة وكشف جديد، فهو الكشف والمعرفة الأكثر وضوحًا والأنشط والأعقد والأكثر تأثيرًا من خلال جمع ووصل وضم خواص معرفة وكشف خصائص داخل المادة وخارجها أي لما هو ظاهر من الساق وباطنها فيوصل بين ضدين وساحتين مختلفتين من هذه المعرفة فهذا المُكتشَف من المادة كان وما زال يوقي في ظاهره باطن.

كْ: يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ: من خلال إطار ومحتوى ذو قوة وسلطان من العلم (يحتوي على قوانين ودلائل وبراهين) من خلال تكتلها وتوافقها من خلال إطار معرفة بتلك القوانين يمكن من خلالها استرجاع كشف الساق الذي هو محتوى الكشف وعودة بناء هذا الكشف من خلال هذا العلم.

شَ: يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ: هذا الإطار والمحتوى ذو القوة والسلطان العلمي هو صورة من صور العلم أي به يكشف عن صور وأجزاء من كامل أصل العلم وليس العلم المطلق يُسمح من خلاله أن يكشف جزء من كل العلم بما أعطى من أدلة وبراهين وقوانين المادة.

فُ: يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ: فمن خلال هذا الإطار والمحتوى العلمي نفارق الطريقة المعتادة التي كانت من قبل حيث نفرق من خلاله بين أمور وأحوال الساق وتمحيصها من خلال جمع ووصل وضم خواص قوة وسلطان في هذا الإطار في ظاهره وباطنه فيكون هذا العلم أداة وصل بين علم سابق وعلم حاضر أي كشف ماضي وحاضر.

عَ: يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ: بالوصول إلى أعماق علم عن عالم المادة كان خفيًا من قبل لم يكن أحد يراه بإدراك عمقًا لم يكن أحد بالغه من قبل، وبناء على كشف ما كان خفيًا سوف تتغير حالة المُكتشف حيال ما اكتشفه فإما يكون مجرد ناظرًا وإما يكون مبصرًا.

نْ: يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ: فهو حين الكشف يكون كشف علمًا نقيًا عن تلك الساق ونسبة من كل معرفة سابقة عن هذا الساق موصولة بعلم سابق لينفرد بمعرفة تقضي على ما قبلها فهو علم متفرد ومتطورًا عن كل ما سبقه.

سَ: يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ: فإن الله تعالى يكشف للإنسان كيف يبلغ مركز وعمق أمور أشياء وأحوال وسنن وقوانين مُسخَّرة من عند الله والتي فيها مركز السيطرة على هذه السنة والتي تم ضبطها ضبطًا تامًا على سلوك وسنة دائمة في صالح الإنسان والبشرية والتي من خلالها ينتقل الشيء والمخلوقات المادية من خلال هذا المركز من طور إلى طور آخر أو من حال إلى حال آخر.

ا: يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ: من خلال ضبط مستمر بين أمور وأحوال الأشياء والخلائق المختلفة والمتفرقة وهذا المركز والعمق الكائن فيها ضبطًا تامًا فيصير هذا المركز والعمق وكذا الأشياء والمخلوقات التي تحويها جسدًا واحدًا هو الأفضل على الحال المُسخَّر عليها، فهي ساجدةَ لقوانين الله تعالى وأوامره فيها.

قٍ: يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ: فهذا المركز والعمق الذي يحمل السنن والقوانين المُسخَّرة التي ينتج عن خروج مخلوق آخر نقي أو نوع نقي من أصل الشيء أو المخلوق فيندمج مع آخر فيتحول المندمجان لحالة أخرى لا يمكن الرجوع لحالتهما الأولى قبل الاندماج بحيث تزول آثار الحالة الأولى تمامًا فلا يبقى لها أثر وتنمو من داخل حالة الاندماج حالة جديدة مختلفة عن هذا الناتج النقي في مراحل تغيير وتطور وهذا الناتج يعتمد على سرعة الاندماج.

فقد إستن الله تعالى لمخلوقاته الدنيوية سنن تحملها ساقها (مركزها وعمقها) مركز الخلية ومنبت خِلقتها، فيجعلها حاملة لكل القوانين الخاضع لها إطارها المادي وبخروج ما هو بمركزها واندماجه مع آخر تتكون شجرة تكوينها وقوانين تكاثرها على طبيعتها النقية والتي تتلاءم مع المخلوق ذاته، وكذلك المخلوقات التي من حوله فعندما يأكل أحدهم من اللحوم والنباتات وكان لا يعلم مركز وعمق والساق التي تُسيطر على طبيعة وخصائص المخلوقات، والتي من خلالها يكون التنوع والأشكال المتعددة لهذه المخلوقات إلى جانب تنوع الاستفادة منها.

إلا أنه عندما كشف الله للإنسان عن ساقها ومركز السيطرة على تلك الصفات فلم يكن مبصراً الحكمة منها على هذا الوضع النقي المُسخر على الكيفية الملائمة للإنسان فكان ناظرًا متنافرًا مع الحكمة منها فأخذ على عاتقه أن يغير خلق الله وأن يغير في صفاتها فأصبح يعبث بهذا الساق الذي كشفه الله له فما كان إلا مفسدًا فيها مُغيرًا في صفاتها متباهيًا بذلك.   

إلا أنه بعد ذلك وجد ما قام بتغييره جاء وبالاً عليه فإن الرحمن أوجد الصلة بين جميع مخلوقاته لتتكامل فيما بينها، وحين أنتبه العالم كان قد فات الأوان فقد أخرجوا الساق عن سجودها للقوانين التي فطرها الله عليها، فإذا ما دعوناهم لإعادة الأمور لما كانت عليه قبل فسادها فلا يستطيعون.

فبالطبع دعوتهم للسجود في الدنيا فليس هناك دعوة في الآخرة، ولكن لم يعودوا قادرين من إعادة الأمور لنصابها وإصلاح ما أفسدوه فيها
يومئذ خاشعة أبصارهم فقد تحولوا من كونهم كانوا مجرد ناظرين فعندما أفسدوا الأمر أصبحوا مبصرين عندما بلغوا هذا الُعد الخفي من العلم وترهقهم ذلة، أي معترفين بخطئهم والفرق بين دعوتهم للسجود وهم سالمون قبل كشف الساق وبعد كشف الساق.

فإن هناك جوانب بالدنيا وكذلك بالآخرة في العالم المادي والعالم الأخروي كلها خاضعة لقوانين الله، بل أن الله تعالى خلق لنا القوانين والصلة بيننا وبين مخلوقاته بحيث تكون بمثابة أسباب، تُزيد إيمان الذين أمنوا وتزيد ضلال الذين كفروا لتكون فتنة عليهم.

أما الساق الدنيوية فمنها من كشفه الله لنا كشيء طبيعي ومن مستلزمات حياتنا اليومية ومنذ أمد الدهر، ولكن في حدود علمنا المادي المحدود لا تشكل خطرًا على الإنسان، فقد سخرها الله له لأنها زينة الحياة الدنيا كاستعمال وكل مجهود الإنسان فيها رعايتها حق رعايتها.

فمواد الخلق موجودة وكانت بين يد من قبلنا وسوف تكون بين يد من بعدنا، ولا نستحدثها من عدم، وإنما هي ملك الحضارات السابقة والحاضرة، فزينة الله على الأرض متوفرة وما ذرأ لنا في الأرض كانت بين يدي من قبلنا ومن بعدنا ليرى أينا أحسن عملًا وكيف سوف تكون أفعالنا وأعمالنا وصُنعنا.

وما نزل عقاب على قرية من قبلنا إلا بعد وصولهم لقمة الانحراف في استعمال زينة الدنيا مثل عاد التي لم يخلق مثلها في البلاد ما يميز عصرنا أنه جمع كثير من زينة الدنيا التي كانت بيد من خلفنا وأخل التوازن بها، ولعلنا أسوء منهم استعمالا ولعلنا وصلنا لفتن لم يصلوا لها.

إلا أن علو بني إسرائيل في كلا المرتين كان علوًا على كامل الأرض أغلبها أو كلها، إذن سنن الله لها دورات متوالية سابقة ومعاصرة ولاحقة.

إلا أن آفة العلو ظنهم أن العلم الذي بين أيديهم مستحدث من عدم، وليس موضوع ضمن مادة الخلق حتى يمكن اكتشافه في زمن الحاجة إليه، فوعد الله يوم يكشف عن ساق كان مسبقًا ومنذ 1400 سنة، وهي سنة الله في جميع مراحل التاريخ، وهذا الساق والجانب من العلم فتنهم وفتننا به وتصورنا أن بتلاعبنا بمركز الخلية وتغيير صفاتها أنا قادرين على أن نصنع ما هو أفضل من حالتها المستقرة فكان إخلال سجودها وسجودنا وبالاستنساخ وغيرها من مواد الخلق يظنوا أنهم خلقوا، بل هناك من اغتر وتصور أنه سوف يخلق مثلها وأفضل منها لمجرد أنه استعمل منبتها الذي خلقه الله لنا.

وهكذا كانت فتنة العلم في زماننا أن ترى وتظن أنك ترى أن هناك خالق إنسان ولا ترى أن الطائرة ما كانت تسبح في الهواء ولا مفاعل نووي ينتج كهرباء ولا كهرباء تمر في أسلاك، ولا استنساخ بدون منبت للخلية DNA ولا فلك تسبح على الماء ولا غواصة تغوص في الماء ولا زرع يخرج من الأرض ولا صناعة مطر في السماء بمواد أيضًا هي من ضمن مواد الخلق، إلا بقوانين تحكم صلات الكائنات والمخلوقات وكافة المواد ببعضها وجميعها تم وضعها لهذه اللحظة من الزمان لاستعمالها وغيرها وكافة العلوم حين تم اكتشافها وما كان نكتشفها من عدم.

فوراء كل ذلك خالق هو الله خصصها لزماننا وذرأ لنا أو لقرية قبلنا أو قرية بعدنا، فأغلبنا بدون أن يدري يرى بعين واحدة، وهي طبيعة فتنة زماننا
فالساق التي تتكلم عنها الآيات هي الساق التي يكشفها الله لنا من آيات جديدة للإنسان لم يكن يتصور أن يبلغها  ليظن أنه بلغ قمة العلم فإما يفتن ويظن بنفسه أنه بلغ العلم اللادوني ويحاول أن يتحدى الله بمحاولة تغيير خلق الله فيفسده، وإما أن يزيد إيمانه باطلاعه على جانب من دقائق خلق الله وقوانينه ولكن غالباً الإنسان الغَرور عندما يكشف الله له عن ساق يجنح إلى طريق الشيطان ولا يلتزم بالسجود لنظامه الكوني الدقيق فيحاول التلاعب فيما اكتشفه ويكون قد غواه الشيطان ليغير خلق الله.

(وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ) (سورة القلم 42)

يدعو كل من عرف ووعى كشف الساق وأن الإخلال بقوانين الله في هذا العالم الدنيوي وعرف كل ما أدى إلى خلل بسجود المخلوقات في وضع التوازن وأن عدم سجود الذي غرهم علمهم يؤدي إلى خلل في الطبيعة والمادة، وكل من يكتشف وبال ما أنتجوه وما قاموا به من مفاسد بعد كشف الساق، فينتشر في الأرض الفساد بسبب إخلالهم بشروط الخضوع لقوانين الله والتخريب في مساجد الله وانتشر الفساد والإفساد فما عادوا قادرين إلى عودة الأمور إلى وضعها الطبيعي مرة أخرى في وضع التوازن.

فبالطبع لم يعد بعد البعث دعوة للإيمان والسجود بل بدء للحساب على فعل الدنيا، فإذا اجتاز فعله الإيمان بالله وتلقى كتابه بيمينه فيبدأ حساب العمل والصنع، فالعمل والصنع مفردات الفعل، قال تعالى:

(لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (سورة التوبة 121)

(وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (سورة هود 16)

إذن الدعوة للسجود هنا في الدنيا، والسجود هنا الالتزام بقوانين الله في خلقة، فسجود المخلوقات خضوعها للأوامر الأصلية التي فطرها الله عليها، ولكن كشف الساق كان اختبار للإنسان، هل سوف يقر بأن أوامر الله في خلقه هي أفضلها للبشرية أم سوف يغره الغرور ويحاول العبث فيها ويتخذوا الشيطان وليًا من دون الله ويبدأ بإقامة نفسه واليًا على المخلوقات ظانًا أنه يفعل ذلك ضد إرادة الخالق وأنه يضع في الخلية ما هو أفضل للبشرية مما وضعه الله، معاذ الله، قال تعالى:

(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176) سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ) (سورة الأَعراف 175 – 177).

  فبالطبع دعوتهم للسجود في الدنيا ولكن ماذا فعلوا بالساق التي كشفها الله لهم فلم يعودوا قادرين من إعادة الأمور لنصابها وإصلاح ما أفسدوه فيها؟!!! كما قال تعالى:

(لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (118) وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا (119) يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (120) يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (120)) سورة النساء

فالشيطان يتوعد أن يضل من البشر ليغيروا خلق الله بالتلاعب بمنبت الأنعام ومحاولة تغيير خلق الله.

ولن يقدر النظام العالمي أو الدول أو الأفراد من إعادة التوازن، فالعبث بأوامر الله وقوانينه أدى لنتائج انشطارية لا يمكن إيقافها، فالمخلوق الذي لا يدرك الحكمة من استقرار أوامر الله بالخلية والذرة، وأن سجود الخلية على حالتها الربانية والآلية الكيميائية والفزيائية المفطورة عليها هي أفضل وضع لنا وأعلى استفادة منها، فإذا أفسدنا هذا التوازن لا يمكننا بمعرفتنا الدنيوية المحدودة  أن نعيد ما تم إفساده، والمهمة موكوله لله تعالى الذي سمح بأن يغوى الإنسان ويتبع الشيطان وبقوانينه أيضًا وبتسليط الطبيعة والأمراض والفيروسات والميكروبات والإشعاعات الضارة علينا نحن الذين ساهمنا في هذا الخلل حتى يعاد التوازن من جديد أيضاً بقوانين الله.

فما الفرق بين دعوتهم للسجود وهم سالمون قبل كشف الساق وبعد كشف الساق؟!!!! قال تعالى:

(خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ) (سورة القلم 43)

عندما تفضل الله عليهم بكشف ساق ومركز وعمق قوانين خاصة بالمخلوقات لو كانوا ظلوا ساجدين وخاضعين لقوانين الله كانوا سوف يساهمون في اتجاهين ويرون بعين الدنيا والآخرة بأن يفيدوا البشرية بهذا العلم وهم ملتزمين بسجود تلك الخلايا والجينات... الخ، والجانب الآخر سوف يبينوا للناس آيات الله في خلقه ويزدادوا إيمانًا، أما السجود لله بعد أن أفسدوا وغيروا بخلق الله أصبح من الصعب أن يفعلوه، بل سوف يزدادوا في عنادهم وسوف يحاولوا التلاعب أكثر وأكثر بما كشفه الله لهم ويزدادوا كفراً وضلالًا.

والآن نترككم لإجابة الأسئلة التالية:

س2: من سوف يدعوهم للسجود؟!!!!!!!!!!

س3: من قاموا بتأويل الآية قالوا إنهم يدعون للسجود بعد البعث بل قالوا معاذ الله أن الساق التي سوف يتم كشفها ساق الله، فهل هناك دعوة للإيمان والسجود بعد البعث؟!!!!!

س4: بالطبع دعوتهم للسجود في الدنيا، ولكن ماذا فعلوا بالساق التي كشفها الله لهم فلم يعودوا قادرين من إعادة الأمور لنصابها وإصلاح ما أفسدوه فيها؟!!!

س5: لماذا لا يسجدون رغم أنهم يومئذ خاشعة أبصارهم وترهقهم ذلة، أي معترفين بخطئهم؟!!!!!

س6: وما الفرق بين دعوتهم للسجود وهم سالمون قبل كشف الساق وبعد كشف الساق؟!!!!

س7: ما طبيعة السجود الذي كان مطلوب منهم قبل كشف الساق وبعد كشف الساق؟!!!!!

س8: هل كشف الله عن ساق في حضارتنا الحالية وحضارات سابقة؟!!!!

س9: هل هناك دعوات للسجود بعد هذا الكشف أم لا؟!!!!

س10: ماذا أفسدوه في حياتنا بعد كشف ساق في حضارتنا الحالية؟!!!!

س11: ماذا كانت نتيجة ما أفسدوه في هذه الساق على البشرية؟!!!

س12: هل يمكن أن يعيدوا الساق لوضعها الطبيعي بعد ما أفسدوه؟!!!!

س13: هل كنا سالمين قبل الإفساد الذي فعلناه بالساق التي كشفها الله لهم؟!!!!!

س14: من بيده إعادة الساق لوضعها الطبيعي بعد هذا الإفساد الذي حل بها؟!!!

س15: هل الأمراض العضال وغيرها من الكوارث سببها كشف الساق؟!!!

س16: هل فتنة كشف الساق هي الفتنة الكبرى التي نعيش فيها حالياً (فتنة الدجال)؟!!!

س17: ما هي الساق التي سوف تلتف بالساق؟!!!

س18: متى تلتف الساق بالساق؟!!!!!!

س19: ما هي كيفية التفاف الساق بالساق؟!!!!!

تعريفات هامة لمزيد من الفهم:

1.  النفس قائدًا وسائقًا في الدنيا وتجزى على فعلها وعملها وصنعها.

2.  الجسد أرضًا للنفس وسيارة العبور كبلد أمين يجب أن تقوده النفس في الطريق المستقيم لتصل النفس إلى مبتغاها عند نهاية الطريق ويرى فعلها وكيف قاومت شهوات الجسد فإن أحسن فعلها جزاها الله بأحسن عملها، بل لو صنعت شيئًا صالحًا جعله الله لفائدة البشر وثواب لها، وما أسوء النفس التي تسيء استعمال أرضها وبلدها الجسد ومكوناته.

3.  الروح بالنسبة للنفس والجسد: هي مصدر الطاقة الإلهية لتشغيل الجسد وجعله تحت إمرة النفس.

4.  الأمر: وينقسم إلى:

أ- الأمر الثابت للجسد: نظام التشغيل اللاإرادي، فلكل جزء في الجسد أوامر يعمل بها ويقوم بوظيفة بل كل جين وخلية لها من الأوامر التي تعمل بها، وبها أوامر إنتاج الخلايا واستعاضتها بل وبها الأمر عن نهاية حياة الجسد فترحل الروح وتتحرر النفس من أرضها الجسد.

ب- الأمر المتغير على حسب حاجة  (النفس) سائق الجسد: وهو أيضًا نظام تشغيل لأجزاء كثيرة من الجسد على حسب إرادة النفس تتيح للنفس تسخير هذا الجسد حسب احتياجاتها وتسخير إمكانياته، بأن وضع الله سبحانه وتعالى أوامر  ببعض أجزاء الجسد تساعد النفس على قيادة الجسد، وتظل أفعال النفس بالجسد بذاكرة أجزاء الجسد وتكون شاهدة علينا يوم العرض والحساب عما أقترفه الإنسان من أخطاء في قيادة الجسد فهو الأمر المتاح استعماله للنفس لتملك إرادة استعمال الجسد والتحكم فيه، وهو ما يحاسب الإنسان على حسن استعمال أو سوء استعمال الأمر:

(وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) (سورة الشمس 7 – 10)

ففي لحظة الموت يأتي الأمر بانتهاء حياة هذا الإنسان، فترحل الروح عن الجسد وتتحرر النفس عن أرضها وسيارتها (الجسد) وفي هذه اللحظة يتم إعداد النفس لرحلتها ما بين الدنيا والآخرة فتلتف الساق بالساق ويلتف جانب الدنيا بجانب الآخرة.