القائمة الرئيسية

الصفحات

تسيير الجبال بين الإعجاز القرآني والتطور البشري

 

"تسيير الجبال بين الإعجاز القرآني والتطور البشري"

عندما نتأمل في قوله تعالى:
{ وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ (3) } (سورة التكوير 3)،


قد يتبادر إلى الذهن أن الجبال ستتحرك وتسير يوم القيامة، حيث تتحول إلى كالعهن المنفوش بفعل الانفجارات العنيفة وتمدد الطبقات الأرضية، مما يؤدي إلى انهيار بنيتها وتفتتها.

لكن، عند الغوص في المعاني القرآنية العميقة، نجد بُعدًا دنيويًا لهذا الوصف، حيث تحقق تسخير الجبال في عصرنا الحديث بفضل التكنولوجيا المتقدمة، خاصة في حفر الأنفاق وشق الطرق عبرها. فقد أصبح الإنسان قادرًا على النفاذ إلى أعماقها، واختراقها بممرات تصل بين جهتيها، مما يجعلها كأنها قد سُيِّرَت بالفعل، أي شُقّت وسُهّلت حركتها.

تحليل لفظي لمفهوم "سُيِّرَتْ"

  • (سُ): بلوغ الإنسان أعماق الجبال والسيطرة عليها، مما يجعلها وسيلة للربط بين جهتين مختلفتين.

  • (يِّ): النشاط المكثف في هذا العمق، حيث يُستخدم كشريان يسمح بالانتقال عبر الجبل ونقل الموارد والطاقة.

  • (رَ): ربط جانبي الجبل، بحيث لا يكون عائقًا بل ممرًا بين ساحتين مفصولتين.

  • (تْ): اكتمال هذه العملية، بحيث تصبح الجبال جزءًا من منظومة الحركة والتنقل، وكأنها لم تعد حاجزًا بل وسيلة تسهيل.

التطور البشري وعلامات الساعة

إن تسخير الجبال بهذه الطريقة يعدّ من مظاهر بلوغ الحضارة البشرية أوج تطورها، وهو ما يتوافق مع قوله تعالى:
{ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا } (سورة يونس 24).
فهذا التطور، رغم عظمته، ليس إلا علامة على اقتراب الساعة، حيث يصل الإنسان إلى ذروة تحكمه في الطبيعة، ظانًّا أنه أصبح قادرًا على تطويع الأرض تمامًا، حتى يأتي أمر الله بغتةً.

الخلاصة

إذن، فإن تسيير الجبال ليس مجرد مشهد من مشاهد يوم القيامة، بل هو أيضًا إشارة إلى إنجازات الإنسان في تسخير الطبيعة والتحكم فيها، مما يجعله غافلًا عن النهاية المحتومة، في لحظة يظن فيها أنه بلغ القمة في قدرته على الأرض.

تعليقات