القائمة الرئيسية

الصفحات

البحر الذي اشتعل... حين تكلمت الغواصات بلغة القرآن

 

البحر الذي اشتعل... حين تكلمت الغواصات بلغة القرآن

في زمنٍ مضى، كان البحر غموضًا مطبقًا. حدٌّ لا يُكسر، وسرٌّ لا يُدرك. يخشاه البحّار، ويخافه الفقيه، ويضطرب عند ذكره قلب المسافر. أما اليوم؟ فقد غاص الإنسان في أعماقه، وسخّر مياهه، وصنع له أنفاقًا تحت موجه، وممرات عبر قعره.

لكن لحظة... ألم يخبرنا القرآن عن هذه اللحظة؟
ألم يقل:

﴿ وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ ﴾ (التكوير 6)

كان التفسير دومًا يذهب بعيدًا، نحو يوم القيامة، حيث البحار تتحول إلى نار، أو تُفرغ، أو تُشتعل. لكن ماذا لو كانت الآية تحمل في بُعدها مشهدًا من أيامنا هذه؟
ماذا لو كانت "سُجِّرَت" تخبرنا عن غواصاتٍ تُشبه الجمر المتحرك في جوف البحر؟

حين صار البحر ممرًا ناريًّا

الغواصة ليست مجرد مركبة. إنها قطعة من العقل البشري، تحمل بشرًا في قلب الماء، تخترق الظلمة، وتتنفس في الأعماق.
هل تدرك كم هو مخالف للطبيعة أن يعيش الإنسان في قاع البحر؟!
وكم يبدو ذلك مُشابهًا لصورة بشر يُقذفون في نار لا مهرب منها؟

في كلتا الحالتين:

  • بيئة غير صالحة للحياة.

  • جسد محكوم بجدران محكمة.

  • حركة تحت السيطرة.

  • إحساس بالعزلة التامة.

  • وخطر دائم... في البحر، إذا تعطلت الأجهزة، كانت النهاية.

  • وفي النار... ليس هناك خلاص أصلاً.

هل شعرت الآن بمدى الرهبة في كلمة "يُسْجَرُون"؟

اقرا ايضا

إنها ليست مجرد نار. إنها محطة لا هروب منها، تمامًا كما تكون في بطن الغواصة، تحت آلاف الأمتار من الماء، محاطًا بالضغط والموت إن فُتح باب واحد.

البحر الآخر... في رحم امرأة

وللبحر وجه آخر لا تراه إلا النفوس المتأملة...
أليس داخل جسد المرأة بحر أيضًا؟
سائلٌ شفاف، يحتوي على بذرة حياة، يدور فيه كتابٌ صغير، لا يُقرأ بالحبر، بل يُقرأ بالشيفرة الوراثية.
كل جنينٍ يبدأ رحلته هناك، في بحرٍ مسجور، تحيط به جدران، ويعلوه سقف، وتحتويه آية الحياة.

إنه البحر الذي يحمل في داخله الكتاب المسطور، والخلق المبدع، والرق المنشور، والرحمة الإلهية.

وفي مقابل هذا البحر، هناك بحرٌ آخر في الآخرة، "يسجرون" فيه، لا رحمة فيه ولا ولادة.


بين البحرين...

بين بحرٍ تحملك الغواصة فيه لتكتشف، وبحرٍ يحمل الجنين فيه لينمو، وبحرٍ يُسجر فيه أهل الجحيم، تتقلب مشاهد الماء في كتاب الله...
لكل بحرٍ لغته، ولكل عمقٍ أسراره، ولكل جسدٍ مادي طريقه إلى قدره.

فهل وعيت الآن؟
هل سمعت همس الآية؟
﴿ وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ ﴾

تعليقات