القائمة الرئيسية

الصفحات

جهاد بلا بوصلة: كيف أسقط "الجهاديون" سوريا وتركوا إسرائيل تعبث وحدها؟



جهاد بلا بوصلة: كيف أسقط "الجهاديون" سوريا وتركوا إسرائيل تعبث وحدها؟

🔹 مقدمة

منذ اندلاع الحرب في سوريا عام 2011، ظهرت عشرات الجماعات التي رفعت لواء "الجهاد" ضد النظام السوري، مدعيةً أنها تخوض معركة مقدسة ضد الطغيان والكفر. ومع مرور الوقت، توسع نفوذ هذه الجماعات وسقطت مناطق بأكملها بيد من يسمون أنفسهم "جهاديين"، لكن المفارقة أنهم، رغم كل قوتهم، لم يوجهوا طلقة واحدة نحو العدو الذي طالما كان محل إجماع لدى الأمة: إسرائيل.

🔸 فما الذي حدث؟
🔸 أين اختفت "بوصلة الجهاد"؟
🔸 وهل ساهم هؤلاء في تدمير سوريا أكثر مما خدموا قضيتها؟

🔹 أولاً: الجهاد الموجه... ضد الداخل فقط

على الرغم من الشعارات الكبرى والرايات السوداء المكتوبة عليها عبارات النصر والتمكين، بقيت ساحة "الجهاد" في سوريا محصورة في الداخل السوري:

ضد الجيش السوري
ضد الفصائل الأخرى
ضد المدنيين المخالفين
ضد أي مشروع لا يتماشى مع رؤيتهم الأيديولوجية

وفي الوقت ذاته، بقيت جبهة الجولان المحتل صامتة تمامًا، لا يُسمع فيها إلا صوت القصف الإسرائيلي ضد مواقع سورية أو إيرانية، دون أي رد من أولئك "المجاهدين".

🔹 ثانياً: تدمير مؤسسات الدولة... وتمهيد الطريق لإسرائيل

لا شك أن النظام السوري ارتكب جرائم مروعة بحق شعبه، لكن:

❌ لم تُسهم الجماعات الجهادية في بناء بديل وطني أو حتى إسلامي جامع
❌ بل شاركت في تفكيك ما تبقى من بنية الدولة السورية


❌ دُمرت قواعد الجيش، وقُتل الآلاف من جنوده
❌ تفككت المنظومات الدفاعية التي كانت، على الأقل نظريًا، تشكل توازنًا مع إسرائيل

النتيجة؟
📌 كل مدينة تُسقطها هذه الجماعات كانت فرصة استراتيجية ذهبية لإسرائيل.

🔹 ثالثاً: غياب مشروع سياسي أو عسكري لتحرير فلسطين

منذ ظهورهم، لم تقدم هذه الجماعات أي تصور عملي عن شكل الدولة التي يريدونها، ولا عن موقفهم الحقيقي من القضية الفلسطينية. بل إن بعضهم ادّعى أن "تحرير القدس يبدأ من درعا أو حلب"... لكنه توقف هناك.

🔻 لم يُفتح معسكر واحد باتجاه الجبهة المحتلة
🔻 لم تُوجه أي تهديدات جدية نحو إسرائيل
🔻 بدلاً من ذلك، وُجهت البنادق نحو المسلمين المخالفين لهم

🔹 رابعاً: التوظيف الخارجي والتبعية الإقليمية

عند تتبع مسارات التمويل والدعم والتنسيق، يتضح أن بعض الجماعات الجهادية لم تكن سوى أدوات بيد قوى إقليمية ودولية، لم يكن يهمها:

❌ مستقبل سوريا
❌ ولا قضية فلسطين

بل كانت تستخدم هذه الجماعات كورقة ضغط وأداة لإضعاف أعدائها. ومع الوقت، أصبح بعض "الجهاديين" لا يتحركون إلا بإذن من أجهزة استخباراتية خارجية.

🔹 خامساً: النتائج الكارثية على المدى البعيد

📌 انتهت السنوات العشر الماضية بـ:
تفكك سوريا
انهيار جيشها
تشظي مجتمعها
توسع النفوذ الإسرائيلي دون مقاومة تُذكر

وكأن "الجهاد" الذي رُفع شعارًا في سوريا لم يكن سوى فخ وقع فيه من صدق أنه يقاتل من أجل الأمة والمقدسات.

🔹 خاتمة: جهادٌ بلا فلسطين... عبثٌ دموي

لا يمكن لأي مشروع "جهادي" أن يكون صادقًا أو مقبولًا ما لم يضع تحرير فلسطين على رأس أولوياته. وما لم تكن إسرائيل في قلب المواجهة، فإن كل بندقية تُرفع، وكل دم يُسال، سيكون موضع شك وتساؤل.

💡 لقد كشفت التجربة السورية أن بعض "الجهاد" لم يكن سوى غطاء لمشروع تفتيت الأمة، لا وحدتها. ولعل الوقت قد حان لإعادة تعريف "الجهاد" الحقيقي، بعيدًا عن الشعارات، وقريبًا من فلسطين.

كلمة أخيرة

ربما تكمن قيمة الرأي المخالف في أنه لا يزول، بل يبقى معلقًا في ذاكرة الزمن، حتى يحين أوان استعادته.

  • فمع مرور الوقت، قد تكتسب بعض الآراء بُعدًا جديدًا، وربما تنال إنصافًا لم يُكتب لها في حينها.

  • غير أن الزمن المقبل، بكل ما يحمله من اضطراب وتغيرات، قد لا يمنحنا فرصة التوقف لإعادة النظر أو النقاش.

إعادة تشكيل الشرق الأوسط لا تسير عشوائيًا، بل تُنفذ بدقة تحت أعينٍ عالمية، حيث يتشارك الشرق والغرب الهدف ذاته، وإن اختلفت مراكز السيطرة.

الصراع ليس على المبادئ، بل على قيادة "الصعاليك الجدد"؛ من منهم يكون سيدهم الأعلى.

في لحظة كهذه، لن نملك ترف النقاش، ولا فسحة الحنين لما كان، أو حتى لما كان يجب أن يكون.

  • الكلمة ستُصادر.

  • الرأي سيُختزل في إملاءات.

  • والاختلاف سيُجرّم.

ذلك زمنٌ لا يُجادل فيه أحد، بل يُقاد الجميع.


تعليقات