القائمة الرئيسية

الصفحات





عُرُبًا أَتْرَابًا

قال تعالى :
{ فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (28) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (29) وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (30) وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ (31) وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (32) لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ (33) وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ (34) إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (35) فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا (36) عُرُبًا أَتْرَابًا (37) } (سورة الواقعة 28 - 37)

فكل النعم السابقة بالآيات .. لها بعض الصفات الخاصة حيث أن لها صفة الإنشاء من أصل وهناك تأكيد لهذا الإنشاء كل مرة أي أنه ليس هناك أطوار بعد النشأة الأولى .. فكل مرة وكل صورة من الأصل هي كأنها نشأة أولى من الأصل نشأة كاملة تامة
فجاءت كلمة (أَنْشَأْنَاهُنَّ) أي الله تعالى ألف وضبط أمور الإنشاء للنعم في شق من الأصل منتشر بين أهل الجنة من خلال صور الإنشاء المتعددة هي ذات الأصل بنقائها في ضبط مستمر بين الأصل والمنشء منه كأنهما شيئاً واحداً .. لكل ما هو منتشر من صور الإنشاء تقوم بواجباتها دون حاجة لأصلها أو أشباهها المنتشرة .. هذا الانتشار والتعدد الذي أنشأه الله تعالى من أصل النعم هيمن الله تعالى عليه هيمنة تامة لبقاءها على ذات نقاء أصل النعمة  ثم جاءت كلمة (إِنْشَاءً) لتأكيد طبيعة الإنشاء كصورة أو شق من الأصل في كل مرة حامل ذات نقائه والقدرة على الإنتشار بعيداً عن أصله في كل مرة كونه إنشاء كأول مرة دون أطوار مكتمل لا يحتاج لنمو أو فترة إعداد  فإذا طلب المؤمن النعمة بالجنة ببصيرته سِدْرٍ مَخْضُودٍ وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ وَظِلٍّ مَمْدُودٍ  وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ  وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ فيٌنشأ له من أصولها المتعددة  صورة أو شق منها مجتمعة  في شق كامل متناغم متآلف فيما بينها رغم أن أصولها متعدد ليتناولها أو يستمتع بها هذا المؤمن فتكون بكامل صفاتها وإن كانت بعيدة عن أصولها منتشرة ومتفشية من حوله بلا اختلاط مع أصلها وفي كل مرة يطلب النعم تكون كنشأة أولى حاملة الصفات الكاملة للأصل نشأة كاملة تامة بمجرد طلبها مهما اختلف الطلب وتنوع خليط النعم المطلوب .
فَجَعَلْنَاهُنَّ .. الفاء تفيد المفارقة بين حالات الظهور للنعم وجعلناهن تشير أن عملية الإنشاء تتم من خلال جمع نعم متعددة في قالب واحد والكشف عنها وتتلاحم وتتواصل مع بعضها البعض كل منها نقية عن الأخرى غير مختلطة بغيرها من النعم متآلفة مع بعضها البعض مهيمنة على موضع حلولها غالبة على ما كان قبلها نقية عنه .. وهنا نعي أن الحال من النعم الأول الذي سبق وأن طلبه المؤمن بالجنة إذا طلب غيره يتم جمع المكونات الجديدة من النعم بكشفها على سابقتها دون اختلاط بهذا السابق نقية عنها وكذلك تكون أَبْكَارًا .. التي تتكامل مع معنى ودلالة فَجَعَلْنَاهُنَّ حيث يتم الظهور للنعم بتأليف وضبط مستمر بين النعم المتعددة والمتفرقة والمختلفة السابقة واللاحقة فيتم ضبط ظهورها المتعاقب ضبطاً تاماً فيظهروا من أو على النعم السابقة كأنهم شيئاً واحداً هو الأفضل في أقصى مدى لضبط حالات الظهور حيث يتم ظهورهم وبروزهم على ما سبق من نعم أو من داخلها خارجة عن محيطها ظاهرة عليها فتصبح بادية بائنة بادية كبروز وظهور من مكانها الطبيعي للخارج عن محيط هذا السابق  .. وفي كل مرة تكون نشأة جديدة تظهر النعم على سابقها من النعم من خلال إطار ومحتوى ذو قوة وسلطان وقوة وتآلف وضبط مستمر لمكوناته المختلفة وتوافق في قالب يمكن استرجاع الحالة التي هي محتواه وعودة إنشاء تلك الحالة والقالب كل مرة بالمقدار الكاف والكامل والأفضل من خلال ربط أمور وأحوال الظهور لمكونات القالب من النعم المختلفة والمتفرقة والتحكم فيها وبأطرافها بدون اتصال حتى بالحس والبصيرة فيكون ناتج الإنشاء نقي نسبة من كل موصول به من أصل النعم نازع لنقاءه بلا اختلاط مع النعم الأخرى السابقة أو الحاضرة محل الظهور والإنشاء فتقوم مكونات قالب النعم بواجباتها فيعطي نسخة من الأصل دون حاجة للأصل فهي الأفضل والأقوى
في تآلف وضبط ومستمر لقوالب الإنشاء للنعم المتنوعة والمختلفة والمتفرقة ضبطاً تاماً فهي مع كل إنشاء لا تقل خصائصها بل تزداد أفضلية عن قوالب ظهورها السابقة فتكون كنعمه جديدة لا تشبه سابقتها خصائصها جديدة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فهذه النعم أيضاً عُرُبًا أَتْرَابًا

جذر كلمة عُرُبًا هو (عرب)

عُ : عُرُبًا .. النعم في حال إنشاءها تظهر من عمق خفي غير مُدرَك .. لم يكن يُرى قبل هذا الإنشاء فيطرأ من أو على  النعم السابقة .. فهذا الإنشاء يوصل بين حالتين وساحتين من النعم مختلفة لا رابط بينهما فيوصل ما هو باطن من النعم على ما هو ظاهر  منها

رُ : عُرُبًا ..  فتُنشأ وتظهر النعم  من عمقها الخفي بربط وجمع ووصل وضم خواص ظهورها فتُرسَل بين أطرافها وتتحكم فيها فتتماهى فيما بينها لتترابط جزيئاتها في رفقة ورقة فتتوحد المتفرقات من النعم وتوصل فيما بينها

بً : عُرُبًا ..  فمع هذا الظهور من العمق الخفي والارتباط بين جزيئات النعم تبرز مكوناتها على ما سبق من نعم فتبدو من داخلها أو عليها خارجة عن محيطها ظاهرة عليها فتظهر نعمة على أخرى متغيرة خصائصها ناتج الظهور نقي عن ما ظهر عليه وخرج منه متنافراً معه فينهي هذا السابق فيخفي وينهي ما سبق ويحل محله

ا : عُرُبًا ..  بتأليف وضبط مستمر بين مكونات الظهور المختلفة والمتفرقة من العمق الخفي وبين النعم السابقة الظاهرة .. فيظهروا عليهم في قالب واحد في أفضل حالات الإنشاء والظهور

أَتْرَابًا .. جذر الكلمة ترب .. ومن هذا الجذر كلمة التراب

أَ : عُرُبًا أَتْرَابًا ..  بتأليف وضبط مستمر بين النعم الجديدة المختلفة والمتفرقة وبين ظهورها على النعم السابقة لأقصى ضبط ممكن فيصبحا الظاهر من العمق الخفي من داخل النعم السابقة وكأنهما شيئاً واحداً      

تْ : عُرُبًا أَتْرَابًا..  فتكون النعم بالجنة في حال إنشائها وظهورها متتامة على ما قبلها من النعم في الظهور بخير وإتقان  في تفاعل وتتاخم وتفعيل للظهور على ما قبلها في تتابع للظهور من عمق خفي ومن عمق النعمه السابقة لخارجها فكل جزء من النعمة الجديدة يتبع الآخر القادم من العمق في هذا الإنشاء والظهور

رَ : عُرُبًا أَتْرَابًا ..  هذا التتابع في الظهور من العمق الخفي ومن عمق النعمة السابقة ليحل عليها يتم في ترابط بين جزيئات التتابع في كل أطراف النعم السابقة بتماهي ورفقة ورقة فتُرسل جزيئات النعمة في جميع أطراف سابقتها

ا : عُرُبًا أَتْرَابًا..  في تأليف وضبط مستمر بين جزيئات الظهور المتفرقة والمختلفة التي تتدفق من العمق الخفي وكأنها قالب تدفق واحد

بً : عُرُبًا أَتْرَابًا .. فتظهر وتبدو وتبرز بتتالي تدفقها منالعمق الخفي على ما قبلها وعليه خارجة عن محيطه ظاهرة عليه فينتقل بهذا التتالي والتتابع في الظهور من العمق الخفي من نغمة إلى أخرى ليحل حال من داخل حال  ومن نعمة لأخرى فتظهر على سابقتها مع تغيير خصائصها بينة بائنة بادية نقية عن سابقتها نازعة  لنقائها بلا اختلاط مع سابقتها متنافرة معها فينهيها من خلال هذا التتابع في الظهور لتنفرد في ظهورها فتقضي على ما سبق لتقوم بواجباتها

ا : عُرُبًا أَتْرَابًا..  في تأليف وضبط مستمر في كل مرة لحالات التتابع والتتالي من الظهور من الأعماق الخفية المتفرقة والمختلفة في أقصى ضبط لأقصى مدى

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إذن عُرُبًا أَتْرَابًا..  توضح لنا كيفية إنشاء وظهور نعمة على أخرى حيث أنها تظهر من عمق خفي في تدفق  في رقة وتماهي لتظهر على النعمة السابقة فتتغير خصائصها لنعمة جديدة حيث يتنقل أهل الجنة بين النعم ليس كما يظن بالانتقال إلى أماكن بعيدة وإنما هي تخرج لأهل الجنة من عمق خفي على نعمة سابقة في تتالي للظهور من الأعماق الخفية متتالية متدفقة على سابقتها وفي تتاليها تصبح كأنها وما سبق قالب واحد مستمر متآلف منضبط  


تعليقات