يوماً قررت الضِباع أن تعرض على القرد حكم الغابة؛ بعد
أن ورثوا المكر من الديابة، بشرط أن يسلم لهم بعض ما يسرقه من الغابة، وكان غرض
الضباع أن يوهموه أن القرد أسد، ويضحكون على هذا القزم الذي سوف يتوهم أنه ملك
الغابة ويسرق من أجلهم، ويقود إليهم السبايا من الضحايا، ففرِح القرد وصار يقفز
على الأشجار وصدق نفسه أنه الملك المختار.
ولكن بعد قليل جاء الفيل
فقال له القرد: أن الضباع عرضوا عليّا أن أكون ملكاً للغابة، فضحك الفيل، وقال: إيها المجنون الذي صدق نفسه أنه أسد؟!!
وسار الفيل في طريقه، فجلس القرد ساكناً يفكر فيما قاله الفيل، هل حقاً انا ليس
أسد الغابة؟!! فذهب للضباع وقال لهم ما قاله الفيل.
فقال له الضباع: انتظر حتى غداً وسوف تتأكد أنك ملك الغابة وسيدها.
فذهب الضباع وقابلوا الثعلب المكار وقالوا
له: إننا بصدد أن نصدر فرمان بأن يكون القرد ملك للغابة حتى
يسرق لك ولنا الطعام بلا مجهود، فرّحب الثعلب المكار وطلب منهم سرعة إصدار الفرمان، وأنه
لهم من خادمين هذا القرار.
فقالت الضباع: أيها الثعلب المكار عليك الدور الكبير في إقناع القرد أنه
ملك الغابة وأن تسانده في السرقة وتفتح له تلك البوابة، فوافق الثعلب المكار ورحب بخطة الضباع بكل انبهار.
ثم ذهبت الضباع لكل من الحمار والجاموسة وعرضوا عليهم
فكرتهم الخبيثة، فرحبوا وهللوا، فأسد الغابة الحقيقي أصبح يراهم فريسة، فطلبت
الضباع منهم أن يذهبا مع الثعلب ليقنعوا القرد أنه ملك الغابة.
فبعد أن أوهم الضباع هذا القرد الصعلوك
بأنه ملك الغابة، وبعد أن سرب الفيل له الشك في أنه ما زال قرد وأنه مجنون، وبعد
أن استعان الضباع بالثعلب والحمار والجاموسة في إقناع القرد أن يحكم الغابة، وبهد
أن اجتمع كل من الثعلب المكار والحمار والجاموسة الوحشية، وتناقشوا في كيف نجعل
القرد الصعلوك ملك الملوك للغابة.
فقال الثعلب المكار: نحن لابد أن نقتنع أولاً أننا بحاجة ماسة إلى هذا القرد
أن يصبح ملكاً علينا، ويجب أن نتحالف معاً ونذهب إليه معاً، ولكي يقتنع لابد أن
نذهب إليه راجين منه أن يحكمنا وينقذنا من الضياع وفي ذات الوقت نوضح أننا رجاله
الذين سوف يساعدوه ويقفوا إلى جواره، وفي الحقيقة نحكم من خلاله ونسرق ما نريد
ونجعل بقية الغابة عبيد.
فاقتنع كلاً من الحمار والجاموسة وسألوه كيف نذهب إليه
وهو لم يعرفنا من قبل.
فقال الثعلب المكار: لي ثلاثة من الثعالب أصدقاءه من مناطق حوله في الغابة،
ثعلبين كانا يسكنان بجوار الشجرة التي يتسلق عليه، وثعلب آخر يعرفه ويسكن بجوار
المكان الذي كان يعمل فيه ويأكل منه، وسوف يمهدون إلينا اللقاء وسوف يحضرون معنا
من أجل هذا الإقناع.
فما كان من الثعالب الثلاثة إلا أن رحبوا بأنهم سوف
يكونوا الوسطاء بين الفرقاء، فكان منهما الثعلب الأُلعبان الذي يريد هو الآخر أن
ينضم إلى حاشية المملكة الجديدة، وآخر يريده أن يرحل عن الشجرة حتى لا تزعجه أصواته،
والثالث يريد أن يكون له فضل على الجميع.
وقد حددوا موعد المقابلة في مكان بجوار مسكن القرد
الصعلوق في أُمسية هادئة يسودها الحب والوئام.
فبعد أن أوهم الضباع هذا القرد الصعلوك
بأنه ملك الغابة، وبعد أن سرب الفيل له الشك في أنه ما زال هذا القرد وأنه مجنون،
وبعد أن استعان الضباع بالثعلب والحمار والجاموسة في إقناع القرد أن يحكم الغابة،
وبعد إن اجتمع الثعلب المكار والحمار والجاموسة الوحشية، وتناقشوا كيف نجعل القرد
الصعلوك أنه ملك الغابة، وبعد إن استعانوا بثلاثة ثعالب آخرين أصدقاء القرد، وبعد
أن رحبوا بأنهم سوف يكونوا الوسطاء بين الفرقاء، وكان منهما الثعلب الأُلعبان الذي
يريد هو الآخر أن ينضم إلى حاشية المملكة الجديدة، وآخر يريده أن يرحل عن الشجرة
ويستريح من أصواته، والثالث يريد أن يكون له فضل على الجميع، وبعد أن حددوا موعد اللقاء
في مكان بجوار مسكن القرد الصعلوق في أُمسية هادئة يسودها الحب والوئام.
حيث بدأ اللقاء بالتعارف والترحاب وحينها، بدأ القرد
الصعلوك يشعر بقيمته، وبدا سعيداً بهذه الأوهام أنه من الزعماء اللئام.
فقال الثعلب الأُلعبان: أيها القرد العظيم جاءك الضيوف الكرام الثعلب المكار
ومعه الحمار وكذلك الجاموسة من أقصى الأدغال، من أجل أن يستعطفوا كرمك الخجول بأن
تقبل أن تكون ملك الغابة، وتخلصهم مما هم فيه من قهر واضطهاد والظلم والاستعباد.
هنا لاحقه الثعلب المكار فقال: نعم نحن جئناك لنعرض عليك أن تشملنا بعطفك وتقبل أن تكون
ملِكنا وحاكمنا ونحن طوع أمرك، وسوف نجعلك تزور منطقة كبار الحيوانات وما بها من
إنتاج الذين سوف يهدون إليك الهدايا والعطايا حينما يعلمون أنك أمسكت بزِمام
الأمور، وسوف اجعلهم يدفعون لك الإتاوة.
وهنا نطق الحمار وقال: إنني كنت أنا من يعمل جميع الأعمال ونحن سوف نكون معك
وسوف نعمل ليل ونهار ولتجلس مستريحاً في مسكنك ولا تأتي سوى يوم أو يومين في
الأسبوع ونحن لكل من تسول له نفسه سوف نعامله بالسوط كجربوع.
وقال الجاموسة: وأنا سوف أحرسك ولن أبارحك، فكل ما في الأمر أن تُعيدني
أنا والحمار إلى أماكننا التي منعونا منها وجعلونا نلوذ بالفرار، وسوف تجدنا في
خدمتك وطوع أمرك وتحت إمرتك.
وهلل الحاضرون في همهمة المنتصرين مع ابتسامة القرد
وإبداء القبول، وبدأت أسارير القرد تنتفخ، وقرر أن يجتمع مع كبار القرود ليساعدوه
أن يكون يده هي العليا على الضِباع وأن يملك الغابة ويملك زمام القوة والسلطان،
بأن يكون كبار القرود هم الواسطة ويحملوا الرشوة للضباع التي تكبح جماحهم وتلهث
ألسنتهم، فذهب إلى كبار القرود وعرض الأمر عليهم، وقص عليهم ما كان من الزوار
الذين يرجون الموافقة منه أن يكون ملِكاً عليهم.
فقال كبار القرود: أيها القرد الصعلوك إنك غير قادر أن تكون ملِكاً في بيتك
فكيف تكون ملِكاً على الغابة، ولك منا النصيحة بأن لا تغادر مسكنك، ومع ذلك سوف
نتوسط بينك وبين الضباع، ولكن كي لا يغدروا بك، يجب أولاً تعطيهم رشوة في صورة
هدية، فتسرق لهم عشرة من الأرانب وسوف نعطيها لهم ليصدروا فرمان بأن تكون ملِكاً
للغابة، على أن تعطيهم ما بين الحين والحين ما تُغلِق به فمهم، وتُبعِد عنك
مخالبهم.
وتحرك كبار القرود وأوصلوا كل المطلوب وأصبح القرد
الصعلوك جالساً متلهفاً صدور الفرمان وكيف سوف يتعامل مع حيوانات الغابة، وهل سوف
يقبلوه أم سوف يركبوه.
تعليقات
إرسال تعليق