القائمة الرئيسية

الصفحات

القرد يحكم (الحلقة الثانية)

القرد يحكم  (الحلقة الثانية)

"الثعلب الأُلعبان وتجهيز حاشية الاستقبال"

وهكذا منذ بدأت خطة الضباع بأن يصبح القرد الصعلوك ملك الغابة، لكي يسرق لهم أبناء الحيوانات، وبعد أن سرب الفيل له الشك في أنه ما زال هو مجرد قرد وأنه مجنون، وبعد أن استعان الضباع بالثعلب والحمار والجاموسة الوحشية، وبعد إن استعانوا هم الآخرين بثلاثة ثعالب آخرين يسكنون جوار القرد وأصدقاءه وأصبحوا هم الوسطاء، والذي كان منهم الثعلب الأُلعبان الذي يريد هو الآخر أن ينضم إلى حاشية المملكة الجديدة.

 وبعد أن حددوا موعد المقابلة في مكان بجوار مسكن القرد الصعلوق في أُمسية هادئة يسودها الحب والوئام، وجاءوا له من أقصى الأدغال، وبالمكر أقنعوا القرد الصعلوك أن الثعلب المكار سوف يجعل كبار الحيوانات يدفعون للقرد الإتاوات، وأن الحمار سوف يعمل جميع الأعمال والأحمال والجاموسة سوف يكون معه ليل نهار ويستريح ولا يأتي لأمور المملكة سوى يوم أو يومين في الأسبوع وأنهم لكل من تسول له نفسه بالمرصاد.

وبعد أن اجتمع القرد الصعلوك مع كبار القرود ليساعدوه أن يكون يده العليا على الضِباع وأن يملك الغابة ويملك زمام الأمور، وأن يكون كبار القرود هم الوسطاء الذين يكبحون جماح الضباع، واقتراحهم للقرد الصعلوك أن يقدم للضباع هدية، وبعد أن انتفخت أسارير القرد وأقتنع أنه ليس بقرد، فسرق القرد عشرة من أبناء الأرانب، وتحرك كبار القرود وأوصلوا كل المطلوب فكانت للضباع عطية وفتح شهية.

وبات القرد ليلته في التفكير في حيوانات الغابة، هل سوف يقبلوه أم سوف يركبوه؟!!!

وعند الصبح الباكر امتطى ذيله وجعله حصانه وذهب مطأطأ الرأس للضباع وعليه علامات الاستكانة، فجعلوه ينتظر ساعة بعد ساعة، فتظاهر بالبرود حتى أصدروا فرماناً بأن يحكم القرد الغابة.

 فسارع القرد الصعلوك يمتطي ذيله المكلوب وجرى على الثعلب الاُلعبان، وطلب منه أن يتواصل مع الثعلب المكار وكل من سوف يتعاون من أجل التمهيد لاستقباله بالغابة وإعطاء الوعود بالانضمام للحاشية وجذب كل من لديه مطامع من أراذل حيوانات الغابة.

فبدأ الثعلب الأُلعبان بسرعة الاتصال بكثير من أفراد الغابة وقال لهم: أنه ينوي الانتقال إلى غابتهم ويريد مساعدتهم في إرساء المُلك لصاحبه القرد الصعلوك ليصبح من الملوك الفريدة التي بجميع الأمور مُحيطة، وأنه سوف يدعم كل من يساعد وأنهم سوف يصبحوا من الحاشية والتوابع، ومن هؤلاء الذي اعتمد عليهم الثعلب الأُلعبان، الخرتيت والجاموسة، والصقر، والثعلب المكار.  

فقال للخرتيت: أنك حجمك كبير ودورك عظيم في استقبال قردنا العظيم وتمهيد له الأمور وسوف يفسح لك الطريق فتجوب الغابة بدون رقيب ولا عتيد، وسوف تكون دائماً موضع عنايتنا.

فبدا الخرتيت سعيداً بأنه سوف يكون له دور كبير، وأنه سوف يجوب الغابة ويتبختر بأنه من سوف يمهد للملك الجديد الطريق، وأنه مَن سوف يحمل مشعل التعارف بين الملك وحيوانات الغابة.

وقال الثعلب الأُلعبان للجاموسة الوحشية: سوف يهتم القرد بأن تكون من الحاشية وسوف يأتي بك من أقصى الغابة لتجلس أمامه، أما الحمار سوف نأجل انضمامه لحاشيتنا، فذكراه مكروهة والمخاطر حوله محفوفة.

وقال الثعلب الأُلعبان للصقر: أيها الصقر العظيم هل سوف تحلق في السماء من أجل حاشيتنا الجديدة، فرد عليه الصقر وقال: إني في السماء محلقاً ومتفرجاً أراقب وأتأمل أحوال الغابة وأنا ليس تابعاً ولا متبوعاً، فحريتي أصل حياتي فقد ضاعت الغابة ولن تقوم لها قائمة.

فضجر الثعلب الأُلعبان من كلام الصقر وتخوفه من كلامه وقرر أن يجعله على الحياد حتى تكتمل الحاشية ثم يبعدوه عن الغابة، فقد يجعل وجوده مهابة ويصعب مع وجوده تشكيل العصابة.

فقال الثعلب الأُلعبان للثعلب المكار: جهز قومك من الثعالب فالملك قادم في الطريق، فصار الثعلب المكار يبشر بقدوم البطل المغوار، وبشر بإنقاذه للغابة وأنه بوجوده سوف تتبدل الأحوال، والسرقات سوف تكون سهلة المنال.

فتجهزت الغابة لترى مشهد قدوم الملك الذين يجهلون من هو ويجهلون حقيقته.

"الحية قادمة"

بعد أن أصدر الضباع فرمان للقرد الصعلوك أن يصبح ملك الملوك، وبعد أن انتظرت الحاشية ملك يروق لأحلامهم ويجمع شملهم ويشد من أزرهم ويقع في حِجرهم.

حضر القرد الصعلوك ووقف وسط الغابة ولم يجد من الحاشية المزعومة أحد في أول الأمر، حتى جلس على كرسي الملك، وبعث الحمام الزاجل للثعلب الأُلعبان، وسأله أين الثعلب المكار وأين الثعالب جميعاً وأين الخرتيت، أين من كانوا سوف يستقبلوني بالأزاهير والطبل والمزامير، ابعث إليهم فقد جلست على كرسي الملك، فكل الملوك غادروها من قبلي ولا خوف من أحد ولا مهابة ولا يوجد بجواري سوى ذبابة.

فتوالت الرسائل بالحمام الزاجل للحاشية، لقد استتب الأمر، فأقبلت الحاشية الجديدة تبارك للملك الجديد وتشجع حيوانات الغابة وتحثهم على استقبال القرد ملكاً له مهابة، وأخذوا يمدحوه في كل حدب وصوب، وأخذ القرد الأُلعبان باستكمال مسيرته في تقديم الوعود لكل صعلوك بأنه سوف يجلس بجوار كرسي الملوك.

وأعلن القرد الصعلوك أنه سوف يخطب في حيوانات الغابة فقال:

يا حيوانات الغابة، إن هذا يوم سعدكم، بأن أتولى أمركم، فأنا عيني مليئة ومن السرقة أيدي بريئة، وفي عهدي سوف ترون الخير وسوف أبعد عنكم الشر، ومشاكلكم من اليوم محلولة، فانسوا تلك الأيام المُظلمة، فسوف أرد كل مَظلمة.

وكانت خطبة عظيمة وأقوالها رصينة، فالثعلب المكار كان يجلس مستمعاً بكل وقار للملك المغوار، ومن خلفه الحيوانات، ما بين مندهش، وبين من هو سعيد بأنه أخيراً سوف يصبح مطلوب في حضرة الملوك.

 ثم انفض الجمع وبينهم همس ولمز، وبدأ القرد يمارس حكمه وأول أمر وفرمان أن يحضر الجاموسة ليكون جالس أمامه يصد عنه ويغلق عن مقتحم أبوابه وكل مُقلق لأحلامه، وتطوع الخرتيت بتقديم الحيوانات لحضرة الملك للتعرف على حيوانات المملكة، والكثير من حيوانات الغابة في إذعان طأطأوا رؤوسهم ومنوا بآمالهم نفوسهم.

وفي نهاية اليوم ذهب الملك إلى شجرته وهو يفكر كيف يكون ملكاً ليوم آخر ولا ينكشف ضعفه، وكيف سوف يتحكم في الأمور، وأي من الحيوانات سوف يستعين.

 فأوكل الأمر للثعلب الأُلعبان أن يجعل بجواره من يحمي قراره من الحيوانات اللئام والتي تتميز بالخسة والنُقصان، ومن سبق لهم الخيانة، ومن يتمنى بأن يأتي الحظ وصبح أمامه.

وبدأ الثعلب الأُلعبان يمارس مهامه بعيداً عن الغابة بالحمام الزاجل.

فأرسل للخرتيت والجاموسة والثعلب المكار وغيرهم ممن يعرفون الحية، ليعرضوا عليها أن تكون حاجب الملك، فتجلس بجواره وتدير أحواله وتتمتع بالزعامة، وتتواصل مع حيوانات الغابة ليدفعوا الإتاوة، فأبدت الحية تمنُعها، ولكن أبقت الباب مفتوحاً، فالقلب بالمكان مشغوفاً وملهوفاً، فسوف تعتلي الصفوف بعد أن كانت منبوذة، وسوف تعيد سمومها في جسد الغابة، وباتت تحلم الحية كيف سوف تحكم الغابة باسم القرد الصعلوك؟!!!!

 (يُتبع)

تعليقات