القائمة الرئيسية

الصفحات

قال تعالى:

{وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (12) وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} (سورة النجم 1 - 18)

وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى

في البداية لابد أولاً معرفة المعنى المطلق للفظ النجم، فالحالة النجمية نجدها في شموس بعيدة عن الأرض ولا يصل لنا منها غير نورها الذي انفصل عنها من ملايين السنين، وكذلك رأس الحيوان المنوي المشع والذي يحمل قدرة ثقب الصدع، ونأتي إلى هذا النجم تحديداً، فإذا جاءت الواو قبل اللفظ في أول الجملة القرآنية فنحن أما تكرار وتواصل للفعل أو تواصل بين ظاهر وباطن الفعل.

قال تعالى:

{وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ} (سورة الرحمن 6)

فكل مخلوق إما تكون قوانين نشأته ونشاطه وحركته نجمية أو شجرية، فمثلاً التكاثر الميتوزي هي حالة نجمية بالكامل، ولكن هناك مخلوقات تتنوع ما بين الحالة النجمية والشجرية ما بين البذرة في حالتها النجمية ونموها وإثمارها المستمر كحالة شجرية، وكذلك الحيوان المنوي كحالة نجمية (الطارق)  والجنين المكون من هذا الحيوان المنوي والبويضة كحالة شجرية، وكان آدم ونشأة زوجه حالة نجمية متشابهة مع الانقسام الميتوزي، والذي اضطروا لتفسير الحالة تشبيهها بأن زوجه خرج من ضلعه، وكلا الحالة النجمية والشجرية بقوانين نشأتهما وحركتهما خاضعان للمولى عز وجل.

الشجر

وفيما يلي سنضع أمثلة لفهم خصائصها من القرآن الكريم:

شجرة النار

قال تعالى:

{أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (71) أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ (72) نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ} (سورة الواقعة 71 - 73)

والنار هنا هي ناتج من مصدر طاقة سواء مصدر خامل أو مصدر نشط ومصدر الكلمة نور، والفارق أن النور موصول بمصدره ومرتبط به أما النار فتتوافق في ترابطها مع عدة مصادر أو عدة بيئات ونطاقات.

فالشمس تغادرها النار كطاقة لتتوافق مع الأرض وترتبط بها على هيئة ضوء وحرارة.

وفي كل الأحوال النار هي طاقة تصدر عن مصدر وكل مصدر هو جذر لهذه الطاقة، فالشمس والمازوت والبترول والغاز والفحم وغيرها جذور لساق واحدة هي النار أو الطاقة بشكل عام سواء كان مصدر خامل أو نشط.

فإذا كانت الجذور هي جميع المصادر وساقها التي تتجمع فيها المصادر هي النار أو الطاقة بتسميتنا الدنيوية، يبقى أين فروع الشجرة.

تتفرع النار أو الطاقة إلى طاقة ضوئية وحرارية وضوئية وحركية...الخ، لتكون لنا متاع كباقي متاع الدنيا تسهل لنا كثير من أسباب الحياة.

فالله تعالى الذي أنشأ جذورها وهو الذي مكننا من استخدامها بكافة فروعها. وهكذا تكون شجرة النار، ويجب أن تتذكر دائمًا أن الله تعالى هو من أنشأ شجرة النار وليس علماء زماننا، فقط الله يسر لهم اكتشافها بقدر حاجتنا.

تلكما الشجرة

قال تعالى:

{فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ} (سورة الأَعراف 22)

وعندما أكلا آدم وزوجه من الشجرة فتحولا من حالة الخلود أي من الحالة النجمية بأن تظل خلاياهم شابة حتى الموت، الى قاعدة الشجرة والذرية

فكان الأصل الانقسام فخرجت زوج آدم منه وهذه مواصفات خلق مادة الخلود بأن تنقسم الخلايا وتظل على نفس مواصفاتها ثابتة، إلا بأنهم أكلا من الشجرة فأصبحت مواصفات تلك الشجرة فيهما، هـي شجرة الذرية التي تحمل بقاء ذكراهما أن يرتبطا بجسديهما فيخرج نتيجة تفاعل حسديهما ليكتمل خروج فروعهما، فأصبحا هما الجذور واجتماع جسدهما الساق ونتاج ذلك فروع من الأبناء.

وهكذا كانا تلكما الشجرة، فهما ذات مواصفات تلك الشجرة التي أصبحا يمثلانها وانتقلوا من نطاق تكاثر الخلود إلى تكاثر الذرية الذي يبدأ بتلكما الشحرة والذي بدى فيهما وبتفاعلهم وتكاملهم لتكوين فروع الشجرة من الذرية في الحياة الدنيوية.

فصارا تلكما الشجرة وصاروا جذورها في الدنيا وكان يتطلب مع هذه الشجرة بزوغ شجرة المعرفة للتوافق مع عالم وأرض إنبات تلكما الشجرة.

والنَّجْمِ

الواو وصل بين باطن وظاهر بين عالم الأمر وعالم الخلق

والنجم عموماً، حرف النون يعني نسبة أو ناتج بنسبة من مصدر تنتج عنه الحالة النجمية، ولكن هنا من خلال السدة تعني أن هذه النسبة ليست نسبة واحدة وإنما هي نسب متعددة أو متشابهة أو مقسمة على فترات، تتجمع بكامل اجتماعها لتشكل ما هو جلي ومنير ومبين وواضح كنور مُتجمِع يصل إلى عالم الميم فيتجمع فيه ألا وهو عالم الخلق.

إذن رحلة ما حواه من نور إلى عالم الخلق يتم بنسب منبعثة من مصدرها إلى عالم الأرض والميم مكسورة أي أن هذه النور خرج إلى عالم الأرض من النجم على حال هو الأفضل لهذا العالم.

إِذَا هَوَى

وإذا، هي حالة معلقة بتآلف وضبط خروج هذا النور بطرفه الحاد المؤثر المُركَز فيكون بذاكرة من يحمله مكتملًا حتى يهوى به، أي أن في حالة اكتمال جبريل عليه السلام برسالته النورانية لعالم الخلق، هنا الحالة النجمية هي من تهيمن عليه في رحلته إلى عالم الخلق فيوصل بين الأمر النوراني والرسالة السماوية إلى عالم الخلق ويخرجها إلى قلب الرسول، وهذا ما سوف يأتي شرحه لاحقًا.

فما سبق من صفات النجم النقية والرسالة السماوية، تنفي تمامًا أن تكون من عند غير الله، فكان صفة ما تنزل على رسوله هي رسالة نورانية سماوية فبالتالي:

(مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى).

إذن هو وحي يوحى، موصول بعلم الله خرج بأمر الله وتنزل على رسوله، وعلمه شديد القوى.

تعليقات