استندوا في تفسيرهم لوصف التمثال في رؤية نبوخذ نصر في مجموعه يمثل ممالك
وإمبراطوريات سوف تسوء وتتعاقب كقوى عالمية، فارضة هيمنتها وسطوتها على الشعوب
واحدة إثر الأخرى. وذلك بعد نبوخذ نصر فترة من الزمان ويقف هو على مقدمتهم.
الرأس الذهبية في التمثال
وكونه رمز إليه بالذهب، فلأنه يشبه الذهب في نقاءه وخلوص عنصره ونفاسته.
كما يشبه الذهب في طبعه الذي لا يتأثر بالنار فلا يحترق ولا يصدأ ولا يبلى، وهو
أيضاً لطيف كالذهب في اشتداد اختلاط عناصره التي جعلته سهلاً ليناً ولامعاً، ولأجل
ذلك علت منزلته وسمت على سائر الأمم والشعوب.
فقد قهر نبوخذ نصر أمم كثيرة وقام بفتوحات كثيرة، كما قام بفتوحات
كثيرة منها ما يجهل التاريخ والمؤرخون تفاصيلها، وكان من عادته أن ينقل سكان
إمبراطوريته من مكان إلى آخر ليضمن ولاء هم له، ويستعمل طاقاتهم وخبراتهم في
مشاريعه العمرانية، مما مكنه من بناء قصور وأسوار وقلاع وهياكل كثيرة لا تزال
آثارها شاهدة على حضارة بابل، وإليه تنسب حدائق بابل المعلقة التي تعد إحدى عجائب
الدنيا السبع.
وصنف
ما تنبأ به دانيال فإن الله تعالى وهب لنبوخذ نصر من الملك والسلطان والاقتدار ما
لم يوهب لغيره من الملوك، حيث امتدت دولته من الفرات إلى النيل، ودانت له بالطاعة
والخضوع شعوب وأمم المنطقة على امتدادها، فهو بحق ملك الملوك الذي علت قامته
وتطاولت همته على الملوك جميعهم، به بالذهب الذي لا يماثله في قيمته وأهميته معدن
من معادن الأرض. ليس هذا فحسب بل أن عظمة الإمبراطورية البابلية وهيبتها بين الأمم
هي من صنع نبوخذ نصر وحده، وكانت فترة حكمه التي امتدت لفترة من الزمان قدرت ب 45
عاماً هي بالفعل أبهي أيام بابل، وكل الأوصاف التي أطلقت على بابل مثل مجد وفخر
وبهاء الكلدانيين، وسيدة الممالك، إنما كانت توصف بها الدولة في زمانه، ويرون أن
الرأس الذهبي في التمثال يرمز بها إلى مملكة بابل وإلى نبوخذ نصر بالتبادل أحياناً،
وبالتطابق والتوافق في معظم الأحيان.
الصدر والذراعان في التمثال
ويمثل الصدر
والذراعان من الفضة الخالصة إمبراطورية مادي وفارس، فمادي ظهرت إلى الوجود كقوة
سياسية لها وزنها ونقلها الدولي في المنطقة، حين تمكن أحد ملوكها وهو فاراوتيس من
توحيد القبائل الآرية، ثم نجح في إخضاع القبائل الفارسية حوالي عام 670 ق.م، ومن ثم صارت مملكة مادي تشتمل على فارس وتوابعها
وأشور وغيرها، وامتدت من نهر هاليس إلى بحر قزوين، ومن هناك إلى خليج فارس، وكان يعتلي
العرش المادي ملك طاغية اسمه استباجس، بينما كان يحكم مقاطعة انشان الفارسية حاكم
عادل وطموح هو قورش، فأعلن الثورة على هذا الملك الظالم، وأيده الماديين في حربه
عليه، وبايعوه ملكاً عليهم، وماهي إلا معركة واحدة حتى استولى الفرس على عاصمة
الماديين وسط ابتهاج سكانها، وكان سقوطها إيذانا بظهور الدولة الفارسية وازدياد
قوتها ونفوذها، وأخذوا يعدون العدة ليكونوا سادة العالم بأجمعه. وبسقوط بابل
العاصمة دانت له كل البلاد الخاضعة لها في الشام وفلسطين ولبنان وبوفاة قورش عام
529 ق.م خلفه في الحكم أبنه قمبيس الذي فتح مصر عام 525 ق.م وأدمجها في إمبراطورية
والده الكبرى، وتوفي قمبيس بعد حكم دام ثلاث سنوات ليخلفه في الحكم دارا. وفي عهد
دارا (20) بلغت الدولة الفارسية أقصى اتساعها، فكانت تضم إلى ملكها ونفوذها،
ترافيا وارمينيا وبلاد ما بين النهرين وفريجية وليديا وابونيا، ومنطقة شمال غرب
شبه القارة الهندية وأفغانستان وتركستان بلوخستان والشرق الأوسط كله، وشمال شبه
الجزيرة العربية، ومصر وقبرص وبعض جزر إيجة، كما ضمت أيضاً بكتريا وبلخ وأقاليم
المسجينة وغيرها من قبائل آسيا الوسطي. ولم يعرف التاريخ إمبراطورية بمثل هذا الاتساع
والشمول، وحكمت أربعين مليوناً من البشر لفترة من الزمان امتدت لمائتي سنة، ومن
أجناس مختلفة ومتنوعة، صحيح أن هذه الشعوب مختلفة في العنصر واللغة والدين، ولكنها
قد رضيت كلها بقبول النظام الفارسي، والتزمت في ولاءها الشخصي لملك الملوك
الفارسي.
ورمز
في حلم نبوخذ نصر إلى هذه الإمبراطورية الواسعة بالفضة، لأنها أقل منزلة من
الإمبراطورية البابلية، أو على أقل تقدير هي دونها في العلو والرفعة، وذلك لكونها
نتاج اتحاد قوتين أو مملكتين اندمجتا معاً في مملكة واحدة، وليست كالمملكة
البابلية التي ظهرت للوجود بقوتها الذاتية المجردة، وهي بذلك الاتحاد تشبه القضة
التي تصدأ وتحترق وتبلى بالتراب وإذا إصابتها رائحة الرصاص والزئبق انكسرت أو
رائحة الكبريت اسودت ولا تشتد وتقوى إلا إذا خلطت بالنحاس.
البطن
والفخذين للتمثال في الرؤيا
أما البطن
والفخذين من النحاس فيرمز بهم للملكة المقدونية التي أنشأها ولأول مرة في التاريخ الملك
المقدوني فيليب ثم عمل بعد ذلك على توحيد المدن الإغريقية المتنافرة وإخضاعها
لحكمه، وبحلول عام 335 ق.م كان ابنه وخليفته الإسكندر قد فرض سيطرته على منطقة
شاسعة تمتد من البيلوبونيسوس جنوباً إلى مدن الدانوب شمالاً، ومن جزيرة كوليرا
غرباً إلى البسفور والدردنيل شرقاً.
وفي ربيع عام 334
ق.م عبر الإسكندر مضيق الدردنيل بعتاد خفيف وثقيل، فوجد الجيش الفارسي على الضفة
الجنوبية من نهر جرانيفوس وما ان اتخذ التشكيل الحربي موقعه حتى دمر القوات
الفارسية بسرعة، وذلك لعجزها تماماً عن الصمود أمام الهجمات المستميتة من قبل سلاح
الفرسان اليوناني، وتلاشت أمام الاندفاع المرعب للكتائب المتراصة والمحاطة بسياج
منتصب من الرماح الهائلة المتلاصقة.
زتلاحقت الفتوحات
إلى ليكيا وبا مغيليا وبسيديا لمهاجمة القبائل المعتصمة بسفوح التلال والاستيلاء
على فريجيا وتقدم صوب انورا (انقرة) ومنها جنوباً إلى كابادوكيا ثم استولى بعد ذلك
على ميناء طرطوس وسار الإسكندر جنوباً في اتجاه سهل سوس الضيق المؤدي إلى سوريا، وبالتالي
سقطت سوريا كلها في يد الإسكندر.
كان لانتصار الإسكندر
في معركة سوس دوي هائل وصدى واسع في المنطقة، فأعلنت كل من بيلوس (جبل لبنان)
وصيدا وجزيرة ودرس الخضوع للفاتح المقدوني، أما صور فظلت تقاوم بشراسة لمدة سبعة
أشهر إلى سقطت أخيراً، وفي خريف 332 قدم سقطت غزة بعد مقاومة عنيفة، وفي حوالي منتصف
شهر نوفمبر من العام نفسه دخل الإسكندر مصر، حيث لم يجد أي مقاومة، لأن الوالي
الفارسي أثر الاستسلام، فسقطت البلاد كلها في قبضته. وخرج الإسكندر من مصر قاصداً
الفرات وعبره ليدخل ما بين النهرين، ثم
عبر دجلة وتابع سيره حتى اصطدم بالجيش الفارسي في كوكامل القريبة من نينوي، حيث
جرت معركة كان الجيش الفارسي فيها على درجة عالية من التدريب والكفاءة، فتمكنوا من
التضييق على الإسكندر، إلا أن قيادة دارا كانت سبباً في هزيمة الجيش، لأن القائد
المقدوني حين لمس بنفسه شدة بأس الفرس، شدد حملته على الموقع الذي اتخذه دارا
لنفسه وحين رأى دارا أن الحرب تدور حوله أثر الفرار، ففر قسم من الجيش معه، وسرت
العدوى في باقي وحدات الجيش، لتنتهي الحرب بهزيمتهم.
وبعد أن أراح الإسكندر
جيوشه تقدم نحو بابل التي ما أن اقترب منها حتى وجد بواباتها مفتوحة على مصراعيها،
وخرج الوالي الفارسي بنفسه يستقبل الفاتح العظيم ثم تساقطت المدن الفارسية بعد ذلك
مدينة وراء مدينة، وإقليم وراء إقليم، وهكذا زالت الإمبراطورية المادية الفارسية
عن الوجود عام 331 ق.م.
وحين تمت
استعدادات الإسكندر لغزو الهند توجه إليها عابراً طريق هندوکش، حتى دخل مدينة
تاكسات في البنجاب، فاستقبله ملكها وأهلها بترحاب كبير، وتقدم منها إلى ناحية نهر
هيداسيس حيث تصدى له ملك تلك المملكة بجيش يضم عدد كبير من القيلة التي أحدثت
خسائر مروعة بالجيش المقدوني، ولكن انتهت الحرب أخيراً بانتصار الإسكندر عام 326
ق.م. كانت تلك الحرب من أصعب الحروب وأشدها على الإسكندر وجنوده، وبعدها هاجم ما
قابله من المناطق حتى وصل نهر هيفار، وهناك أدرك الجنود أنهم إذا توغلوا أبعد من
ذلك فأنهم سوف يواجهون ما لا قبل لهم به وان ما تم من فتوحات كاف ولكل شيء حد،
ولكل إنسان طاقته، فأمر قادته بوقف الحملة، والعودة بجنوده إلى ايران عبر سیستان،
وتوجه هو نفسه سالكاً طريق بلوجستان وذلك عام 325 ق.م.
وشبهت
إمبراطورية الإسكندر المقدوني بالنحاس لسببين:
أولهما:
أن النحاس كان يشكل معدناً أساسياً في أسلحة الجنود المقدونيين واليونانيين، الذين
هم عماد الجيش وقوته الضاربة، وهم الذين اعتمد عليهم الإسكندر في معظم انتصاراته.
وثانيهما:
أن الإمبراطورية رغم اتساعها الجغرافي الكبير، لم تخرج عن كونها وريثة الأمم وشعوب
بلغت شأناً عظيماً في الحضارة والمدنية، فحلت بين الممالك التي سبقتها في الرفعة
والعظمة والسؤدد محل النحاس بين سائر معادن الأرض، أي هي تشبه النحاس في تدني
قيمته المادية وسقوطه والازدراء به، فضلاً عن أن طبيعته يابسة وغليظة.
الساقين الحديديتين وبالقدمين الخليط من الحديد والخزف في التمثال
ويشير بالساقين
الحديديتين وبالقدمين الخليط من الحديد والخزف إلى الإمبراطورية الرومانية رابع
القوى العالمية التي ظهرت بعد مملكة الإسكندر، فقد تأسست روما عام 357 ق.م
وكانت في أول
أمرها دولة صغيرة، ثم أخذت تزداد مساحتها ويتسع نفوذها، باستيلائها على ما جاورها
من المدن والأقاليم، ومن خلال محاربة القبائل الإيطالية، وضم مناطقها إلى روما مع
منحهم الجنسية الرومانية. غير أن التاريخ الحقيقي لروما كدولة ذات سيادة ومستقلة
سياسياً وإدراياً بدأ عام 509 ق.م حيث
أقام الرومان ولأول مرة في تاريخهم نظاماً جمهورياً أرستقراطياً، ولم يجي عام 272
ق.م حتى كانت شبه الجزيرة الإيطالية من نهر الرويكون شمالاً إلى أقصى الجنوب
الإيطالي قد وقعت في حوزة الجمهورية الرومانية، ثم دعمت روابطها التشريعية
والسياسية بإقامة اتحاد صلب ومتشابك وبدرجات متفاوتة من الحقوق والجنسية، ظل
قائماً حتى نشوب الحرب الأهلية الكبيرة في مطلع القرن الأول قبل الميلاد والتي
انتهت بمنح جميع سكان إيطاليا حقوقاً واحدة و متساوية.
وبعد الانتصار
الحاسم على قرطاجة حكمت روما سيطرتها على الجانب الغربي من حوض البحر المتوسط، ثم
اكتملت سيطرنا على الجانب الشرقي منه، وذلك حين هزم الجيش الروماني الممالك التي
قامت على أشلاء إمبراطورية الإسكندر في كل من آسيا الصغرى ومقدونية وسوريا فلسطين
ومصر.
ولما تولى
الإمبراطور أوكتا فيوس 14م إدارة الدولة، بدأت تتخذ بالفعل معالم الإمبراطورية الرومانية
العالمية، وذلك لأنه إبان حكمه امتدت حدود الدولة حتى بلغت نهر الفرات شرقاً ،
والمحيط الأطلنطي غرباً، والصحراء الأفريقية جنوباً، وبحر الشمال ونهري الراين
والدانوب شمالاً، وفي أيام تلاوديوس (41 - 54م) تم غزو جزء من بريطانيا ، وفي أيام
تراجانوس اتسعت الإمبراطورية إلى ما بعد نهر الفرات وهكذا اتسعت الإمبراطورية
الرومانية حتى شملت معظم العالم المسكون أنذاك.
وعلى
هذا فأن المقصود بالساقيين الجديدين هو روما في أوج قوتها العسكرية، وذروة تألقها
السياسي، وشدة بأسها في الحروب، أما القدمين المختلطتين من الحديد أقوى المعادن
والخزف أضعف العناصر وأسهلها كسراً فيرمز بهما وبشكل عام إلى حال الإمبراطورية
ككل، فهي من جهة قوية كالحديد يصعب هزيمتها، وقادرة على كسر الأعداء والمعارضين
لسيادتها، وهي من جهة ثانية ضعيفة كالخزف يسهل كسرها وهزيمتها.
ومرد ذلك كله إلى
أمرين:
أولهما:
انحصرت علاقة الرومان بغيرهم من شعوب العالم في أضيق الحدود، فكل ما كان يهمهم هو
الخضوع السياسي والهيمنة الاقتصادية، وبالتالي لم يتدخلوا في شئون الشعوب الثقافية
والدينية، ونتيجة طبيعية لشعورهم بتفوقهم العرفي والعسكري، ظلوا وطوال فترة
سيادتهم منعزلين وبعيدين عنهم في شتى مجالات الحياة، حتى شبهوا في عزلتهم تلك
بالحديد الذي يستحيل اختلاطه بالخزف
وثانيهما:
أن الإمبراطورية كانت تعتمد وبشكل مباشر على العنصر الروماني وعلى العسكرية
الرومانية في أحكام سيطرتها على مساحات شاسعة من الأراضي، وهذه القوة مهما كانت
تملك من التأثير وشدة البطش فتقف في أحيان كثيرة عاجزة عن بسط نفوذها وأحكام
قبضتها على الشعوب المنعزلة بعيداً عنها، فسرعان ما يظهر ضعفها كالخزف تماماً عند
أقل تمرد أو خروج عن سلطتها. وكانت حالات التمرد كثيرة، وظلت روما في حالة حرب
دائمة لاسترداد هيبتها وعظمتها.
الحجر الذي هوى في رؤية نبوخذ نصر
ثم رأى نبوخذ نصر حجراً أنقطع من غير قاطع، فهوى على قدمي التمثال اللتين هما خليط من حديد وخزف وكانت الضربة من القوة والعنف بحيث انهار على أثرها التمثال كله بذهبه وفضته ونحاسه وحديده وخزفه وتفتت إلى قطع صغيرة متناهية في صغرها عصفت بها الرياح، فلم يرد له أثر، أما الحجر الذي هشم التمثال فظل يكبر في الحجم رويداً رويداً حتى غدا جبلاً عالياً على أقطار الأرض كلها.
ويرمز
بالحجر هنا إلى دولة الإسلام التي اصطدمت في بداية تمددها السياسي بالدولة
الرومانية التي بسطت سلطاتها على المملكة المقدونية. وبالدولة الفارسية التي بسطت
سلطانها على مملكة بابل وبلغت الضربة حداً من القوة والشدة أدت وبسرعة إلى انهيار
الدولتين معاً وما آل إليهما من ممالك تماماً مثلما انهار التمثال في لمح البصر،
وأصبحتا وكان لم يكن لهما وجود.
وتوسعت الدولة
الإسلامية على حساب هاتين المملكتين حتى عمت الأرض المعمورة وفي فترة قصيرة لا
تتعدى الثلاثين عاماً بعد وفاة الرسول، وعلى امتداد مساحة من الأرض تقع ما بين
الهند في أقصى الشرق والمحيط الأطلسي في أقصى الغرب، وهي مساحة بلغت من السعة درجة
فاق بكثير ما انتهت إليه تلك الممالك مجتمعة.
ويرون أن ما عناه
دانيال بقوله إنه في أيام ملوك الفرس والروم يقيم الله تعالى دولة ملكها دائم أبدى
لا يتغير ولا يزول، ولا يدع لغيره من الأمم ملكاً ولا سلطانا بل يدق ويبيد الممالك
كلها. هي دولة باقية ودائمة إلى يوم القيامة ولا تدع لغيرها سلطاناً على الناس في
الأرض.
ثم ختم دانيال
تفسيره للعاهل البابلي: "إن الله العظيم قد أطلع الملك عما سيحدث في الأيام
الآنية، فالحلم حقيقة وتفسيره صدق".
روابط السلسلة:
تعليقات
إرسال تعليق