القائمة الرئيسية

الصفحات



من أسوأ الأمراض التي نعيشها وقد تسبب فيه المجتمع من جانب والشخص المتدين من جانب آخر وهو فرضية أن المتدين ليس إنسان طبيعي وإنما هو لا يخطئ.

فأصبح هناك كذبة يعيشها الإنسان المتدين مع المجتمع يوماً بعد يوم تُطبِق على جسده وصدره بقالب يصنعه لنفسه حتى لا ينفضح أمره بأنه إنسان طبيعي يغالب شهواته ويغلبها وتغلبه لكن هذا الإنسان أصبح يختلس طبيعته بعيداً عن أنظار الناس.

مع الوقت أصبح هذا الإنسان المتدين يحتاج إلى قالب آخر يطبق على صدره ويجعل من الناس تقدسه ولا تتفحص حقيقته ولو لبرهه فبدأ يظهر زي خاص واسم خاص ومسميات مثل رجل الدين... الخ، وهيئة خاصة تجعله منزهاً عن الخطيئة في عيون الناس.

فظهرت القدسية لأشخاص بعينهم:

فأضافوا قدسية لمن سبقهم كي تكون مبرراً لقدسيتهم ومنعوا الناس من دراسة أخطاء تاريخهم، بل قدسوا وزينوا تلك الأخطاء.

فابتدعوا رهبانية من نوع جديد لم يفرضها عليهم الله، ولكن فرضها عليهم المجتمع فتلقفوها وأصبحت ميراثاً ثقيلاً لا يمكن الفكاك منه.

ومع تقدم الزمن صار المقدس من المتدينين معزولون في قالب أصبح ثقيلاً على المجتمع الذي صنعهم فحاول بعض المتدينين الجدد أن يغيروا من هيئتهم الخارجية مع الحفاظ على واجهة التدين وسايروا الجيل الجديد حينها.

وهؤلاء غالوا أكثر ممن قبلهم في وضع مكياج جديد وهي الراحة النفسية المطلقة والحالة الروحانية المتجلية ومنهم نساء لبسوا الملابس البيضاء وكأنهم جميعاً أتوا من الجنة في أجازة وسوف يعودون قريباً.

وقد صدقهم المجتمع الذي هو صانعهم:

فالمجتمع الذي فتنهم وصنعهم وقدسهم كان يصنع في حقيقة الأمر أدوات إحباطه وردد فيما بينه أنه من الصعب ان يصلوا لقدسية رجال الدين، بل منعوا أي شخص من هذا المجتمع أن يكون على علم بدون أن يكذب ويتجمل بمظهر، وذات المجتمع لو رأى من يهذي في الدين بقالب التدين لن يمرر على عقله ما يهذيه.

ولعل هذا الهذيان قد كثر في الفترة الأخيرة وأصبحوا يقوموا بدور الإلهاء وإثارة اللغط ليتناحر المجتمع مع ذوي العقول فأصبح هذا هدفاً سياسياً يتم تسويقه فتشتعل السوشيال ميديا بأطروحاتهم والتي للأسف منها سقطات جاءت من التراث كان مسكوت عنه ففضحوا أنفسهم وفضحوا من قبلهم.

ومن هنا أصبح المجتمع ذاته يعيش ذات الكذبة في كل جنباته فهذا يسرق وهذا يغش وهذا يفسد وهذا يسمم الناس ببضاعة منتهية الصلاحية ثم ينادي الناس للصلاة ليكمل سلسلة الأكاذيب الذي يعيش فيها المجتمع.

فكانت المجتمعات المتصالحة مع نفسها في بلاد غير إسلامية يمارسون آداب الإسلام في بيعهم وشرائهم في حين في بلادنا سقطتنا في شيزوفرنيا التدين.

تعليقات