القائمة الرئيسية

الصفحات

٢٠٣٠ وأزمة ما خلف النظام العالمي

 


كيف تحكم الدجال بالمنطقة:

ثروات شمال أفريقيا والشرق الأوسط وسرقتها ومسئولية متابعة استقرار النظم الحاكمة لضمان استمرار استنزافها مقسمة على أمريكا وبعض دول أوروبا مثل فرنسا وألمانيا وإيطاليا، لكن في الآونة الأخيرة تم توزيع المهام الأكبر على دويلات ناشئة كطفيليات متسلقة طامعة في رضاء النظام العالمي.

فمن الغباء أن تكون الهند ودول الخليج وأمريكا وإسرائيل يخططون لطريق نيودلهي في مواجهة طريق الحرير وقناة بن غوريون البديلة لقناة السويس وعمق أمني لها في داخل سيناء تمتلكه إسرائيل وأمريكا.

وهناك دولة اسمها مصر كانت تحتكر الملاحة بالبحر الأحمر ما قبل أعوام قليلة وتمتلك مصدر مياه كان أيضاً من سنوات قليلة وتمتلك حدود آمنة لم تعد كذلك

إذن كل شيء يبدو أنه تم تخطيطه جيداً وفي المقابل لا يوجد مقاومة، لا بل هناك مقاومة، فهذا المشروع يضر أيضاً بفلسطين وخاصةً غزة التي يجب أن يتم محوها من على الخريطة، ليس هذا فقط بل جزء كبير من سيناء يجب أن يكون عمق أمني للقناة البديلة، وهناك أيضاً إيران التي بطبيعة الحال تقف مع مقاومة فلسطين لذات الهدف.

الغريب أن الهند طموحها ليس الطريق فقط، فنصف السعودية لها دون احتلال بعد أن تكتمل خططهم للعائلة المالكة والنصف الثاني لإسرائيل.

والغريب أن جميع الأطراف ما عدا غزة وإيران مستسلم لهذه الخطط وأنهم رؤوس ليس لها علاقة بأرضها ولها وطن آخر تدافع عن مشروعه. فأصبح واقع المنطقة كلها ومصير شعوبها معلقاً في نتيجة حرب المقاومة وإسرائيل.

والبعض يظن أن الصين وروسيا غير فاعلان في هذه الحرب، بل هما جزء لا يتجزأ منها وكل ما في الأمر إسرائيل وأمريكا لا يريدان إظهار ذلك حتى لا يكون تدخلهما مباشر.

وكل ما يفكر فيه الأمريكان والإسرائيليين الآن هل تكون البداية في الشمال في لبنان أم في الجنوب في سيناء، والمفاضلة هنا بين حرب بلا نصر وحرب بنصر يتغمدها الخيانة.

فتفريغ قضية غزة من مضمونها وتحقيق بذور من حلم الدولة من النهر إلى النهر سوف يجذبهم أكثر نحو الجنوب.

ولا اعتقد أن اجتماعات جالانت في واشنطن من أجل حرب غزة ولكن اختيار بأي الجبهتين تبدأ إسرائيل وما هي الذريعة التي تؤجج بها الحدود وتجعل كل شيء منطقياً.

طفيليات النظام العالمي:

وفي فترة سابقة من عام 2011 تم اختيار قطر كواجهة إعلامية في البداية كدولة محورية لتنفيذ هذه المهام إلا أنها لم تتفاعل بالقدر الكافي فقد أوجدت نُظم جديدة كانت مجرد كوبري لأنظمة أخرى فسرعان ما انقلب عليها كل النظم الحاكمة التي جاءت بعد هذه النظم لتوطيد حكمها بأن لا تتعاطى مع ذات الدويلة التي صنعت من قبلها وخاصةً أن دويلة قطر كانت تتبنى الواجهة الدينية في تمرير النظم الجديدة والتي انتهى دورها من التشدد إلى التفريط.

وقد اتفق أصحاب المصلحة أن ينتقل هذا الدور من دويلة قطر إلى دويلة الإمارات التي كانت وما زالت فاعلة بقوة وتم تولي إنجلترا دور تنظيف الإعلام من أي نقد لجرائم دويلة الإمارات في مختلف المناطق التي اشتعلت فيها صراع لتحويل الدول من صاحبة قرار استراتيجي إلى قبضة النظام العالمي بالكامل.

وهكذا كان للدويلات الطفيلية دوراً حاسماً بداية من الربيع العربي وكما وضحنا دور قطر وكيف تتضائل بعد التخلص من الأنظمة الأولى التي تم بناءها دينية متشددة لترتد المنطقة من التشدد إلى التفريط بفعل قوة الأواني المستطرقة على رؤوس الشعوب

وقد أمسكت بالدفة الإمارات والتي نازعت دور السعودية الذي كان بدايته الحقيقية قبل عام ٦٧ بقليل حيث أنها كانت شريك أساسي في هندسة المنطقة بدءاً من اجتماعات مكثفة مع خبراء أمريكان لإشغال مصر في أمورها الداخلية بعد أن تأكدت أن النظم العسكرية وإن كانت مفيدة لها إلا أنها يصعب الانفراد بالحاكم بعيداً عن جيشه ولكنه ضرورة مرحلية في دول بعينها لنسيان نزعتهم للخلافة والملكية.

ومن هنا تنامى دور السعودية في جميع القرارات وخاصة القرارات التي تخص مصر كدولة محورية لابد من جعلها تحت السيطرة كعاصمة مستقبلية لبيت المال العالمي وجزء لا يتجزأ من عواصم مركزية للدجال.

فكانت قرارات إشغال مصر داخلياً في نتائج حرب ٦٧ ثم التخلص من السادات وصولاً لإحلال ثلاث أنظمة بعد مبارك كمراحل انتقالية للتمهيد لهذه العاصمة الجديدة للنظام العالمي.

إذن كما قلنا السعودية كانت شريك أساسي لقرارات للنظام العالمي في المنطقة منذ قرارات ٦٧ وما تلاها من انكباب مصر داخلياً بما يُعرف بالنكسة مروراً بالتخلص من السادات ثم تفعيل ثلاث مراحل انتقالية بعد مبارك رفض أن يقودها مبارك بنفسه ويختصر لهم المراحل في مرحلة واحدة فضاع حلم التوريث الذي كان سوف يصعد بهم للمرحلة الثالثة فجميع مشروعات ما بعد التوريث هي ذاتها ما يتم تنفيذها بالتفصيل.

ومن هنا جاء دور قطر لإحلال أنظمة التشدد والإمارات لإحلال أنظمة أخرى تحت السيطرة وبناء واقع جديد من الحصار لجميع الأنظمة الجديدة ومن يحاول الخروج يتم العمل على إثارة الفوضى في بلاده مثلما فعلت بالسودان ولإحكام السيطرة على القرارات الاستراتيجية المصرية وصولاً للمساهمة في بناء سد النهضة والمساهمة في ملف ليبيا وصناعة حفتر وتبعيته الكاملة للإمارات.

وهكذا كان السعودية جزء من قرار النظام العالمي فاعل ودويلة قطر أشرفت على تغيير النظام في مصر بالواجهة المتشددة وانحصر دورها بدويلة قطر التي أشرفت على المنظومة الثانية للتغيير وجاء دور التغيير الثالث والذي يراد أن يُستخرج من رحم ذات الأنظمة ولكن بواجهة مدنية مطلقة يبتعد عنها كلاً من الأنظمة العسكرية وأصحاب الأيديولوجيات الدينية تماماً من خلال تصعيد واجهة مدنية تحل محل ما قبلها خاضعة تماماّ للنظام العالمي وتكون مجرد إدارة مدنية حيث يتحول بطبيعة الحال سكان هذه البلاد لمستأجرين.

وهذا منشأ الصراع الحالي الذي من خلاله يتم مزيد من حصار العملة والطاقة وتكون الأمور بنظام التنقيط لإجبار هذه النظم على قبول التغيرات السياسية المطلوبة.

فوجود قوة الجيش يمكن في لحظة ما يتم تغيير القرار تجاه النظام العالمي، حتى لو كان جزئياً أو يحدث طارئ ما يقلب ما تم بناءه على مدار السنين وبطبيعة الحال من يكون جاهزاً هو الأكثر تنظيماً مثل الإخوان وبطبيعة الحال الجيوش وهذا يعيدهم لنقطة البداية وهو ما لا يريدون لذلك صراع العملة والطاقة سوف يزيد وإن كان هناك بعض التنقيط

ولكن من جانب آخر يسعى النظام العالمي لفك الارتباط بالسعودية في المرحلة القادمة وهو ما يثير سخط السعودية وضغطها من أجل الإعلان عن اتفاقية أمنية مع أمريكا إلا أن أمريكا صنعت يديل للطاقة ولم تحتاج السعودية

فالأيام القادمة هي صراع جديد ما بين النظام العالمي والأنظمة الحالية إن لم ترضخ للمرحلة الثالثة من التغيير

دوبلير النظام العالمي:

السياسة في المنطقة ليس أشخاص بل سياسات دولية يتم ترجمتها من خلال دوبلير يتم تلقينه من خارج خشبة المسرح ويهتف له الجمهور ولكن لا يعلم الدوبلير الجملة التالية.

فصناعة الدوبلير تستلزم إطلاق يده للارتجال ويظن أنه نجم على المسرح، ولكن دون أن يخرج عن قصة المسرحية التي يتم برمجة الجمهور بأفكارها.

لذلك الدوبلير يفاجأ دائماً مثل المتفرج تماماً بتغيير الملقن سياساته وخاصةً الاقتصادية، ولكنه مضطر أن يستمر في أداء المسرحية.

وشيئاً فشيئاً يحيطوا هذا الدوبلير بكل ألوان التوتر بأن هناك من سوف يحل محله إذا فشل في أداءه بالمسرحية فيزيد إنصياعه ويزيد ارتجاله حتى تتحول المسرحية إلى سيرك يحاول فيها الدوبلير أن يتقمص دور مدرب الأسود لمنع الجمهور من أن يستأسد عليه وينقده فيتعالى صوت الدوبلير بمشاهد سخيفة خانقة، يحاول فيها استقطاب الجمهور بالسخرية من مجموعة الممثلين على المسرح على شاكلة عادل إمام حين يصفعهم ليضحك الجمهور ربما يقلل من رتابة المشهد

فيبدو الدوبلير مهرجاً سخيفاً كاذباً فتتبخر الوعود الشيطانية بالعطايا والهبات اللوذعية.

وكم من دوبلير سقطت نجوميتهم تحت أقدام غايات الملقن العالمي فنهاية الدوبلير معروفة وفي أحسن الأحوال يتم استبدال الدوبلير لأنه تراكمت عليه أكاذيب وعود النظام العالمي الذي أمناه بالأماني أن جمهوره سوف يمضي سعيداً فتتحول المسرحية لكوميديا سوداء في غاية القتامة

فهم والشيطان قرينان بنفس الرسالة القديمة بأمنيات الخلد والملك الذي لا يبلى.

لكن في النهاية ليس الدوبلير هو القضية الأساسية فهو أضعف جزء في السلسلة فالمباراة بين مؤلف المسرحية ومخرجها وبين متفرجين عبدوا النجوم فصنعوا من الدوبلير نجماً في قلوبهم.

نظام عالمي يتآكل:

لكي نتأمل الصورة بطريقة صحيحة يجب أولاً التفرقة بين نظام عالمي رأسمالي يتآكل ويموت ومن يقف وراء النظام العالمي والذي قرر قتله بيده.

في نظام عالمي تم بناءه على ترس أساسي هو سعر الفائدة أو بمعنى أوضح الربا، وقد دأب النظام رأب صدع انعكاسات الربا على الحياة وحركتها بإبطاء نتائجه المدمرة بإدخال الكثير من التعديلات لإبطاء انهيار هذا النظام.

فمع الوقت الفجوة بين الغني والفقير تتسع حتى يصبح لا يوجد ما يمكن أخذه من هذا الفقير مما يساهم في انفجار هذا النظام من داخله.

وانبثقت كثير من الأفكار مثل المليار الذهبي وخفض عدد سكان العالم وغيرها من الأفكار الشيطانية كوسيلة أخيرة من أجل إبقاء هذا النظام وتخلله سرقة الشعوب وسرقة مواردها لتطويل عمر هذا النظام لحين البدء لمرحلة جديدة.

ولكن ما هي آلية الانتقال:

فهناك دولة في الشرق الأوسط تم اختيارها لانتقال النظام كي تصبح أول تجربة يحتذى بها من أجل بناء النظام الجديد.

ومن المفترض انتقال بيت المال العالمي من البنك الفيدرالي الأمريكي إلى عاصمتهم الجديدة بعد أن يعدوها إعداداً مناسباً لتطبيق النظام الذي يحتاج وقتاً للتجهيز.

فهذا العالم الجديد الذي يريدوه هي مدن ذكية حولها يعيش الرعاع بحدود وأسوار ومناطق عازلة بين تلك المدن وهؤلاء الذين سوف يعيشوا خارج هذه المدن ليصبح الطموح بين هؤلاء الفقراء أن يكونوا خدماً داخل هذه المدن أو حتى مدراء ووكلاء إدارة شئون الفقراء فهي أقرب ليوتوبيا مزعومة للأغنياء والتي تناولتها العديد من الكتابات ولكنها تبدو أكثر واقعية بسبب بطء التنفيذ

لابد من هدم الديانات أولاً والإلحاد:

وذلك على مرحلتين الأولى حرب بين ممثلين للإسلام والدول الصهيونية وإسرائيل وأهم معيار فيها وقف أي حركة داعمة للمقاومة في الشرق الأوسط وتحويلهم إلى متفرجين وإجبارهم على مشاهدة المباراة منتظرين نصر من عند الله بدون أن يحركوا ساكناً.

وكان من المفترض أن مشهد تعرية المقاومة وإذلالهم ووضع فوق رؤوسهم بيادات المحتل يكون هو مشهد كسر أي نزعة نحو كفران المسلمين بديانتهم التي وعدتهم بنصر الله من زاوية مادية توارثوها من مشايخ آخر الزمان وهم جالسين.

وللحق صمود المقاومة حتى الآن أربك الحسابات فحاولوا استبدال المشهد ببعض المدنيين الذين أدعوا في البداية أنهم تابعين للقسام وفشل هذا الادعاء.

ومن المفترض أن بعد هزيمة المسلمين وإضعاف الحلف الصهيوني يضطر اللاعب الروسي الدخول في المعركة حتى يبزغ اليمين المتطرف ويسيطر على أوروبا وصولاً لمواجهة بين الصين الإلحادية واليمين المتطرف الذي واجهته المسيحية لقضاء كل منهما.

وهنا يكون قد تم إعداد هذه الدولة الشرق أوسطية كنموذج يقدمه من هم خلف النظام العالمي كنظام جديد.

الغريب أنه بدلاً رفض هذا التصور تسابقت دول أخرى لبناء مدن ذكية ربما ينالوا استضافة بزوغ النظام العالمي الجديد وإغراق بلادهم في الفسوق من أجل أن يكونوا هم المختارين.

فهل تكتمل خطتهم:

مع تعثر خططهم بدا التفكير في الإسراع في تهيئة هذه الدولة الشرق أوسطية بعد أن تم إنجاز الجزء الأكبر وكل ما يحتاجوه تغيير الإدارة وفي ظل صراع ما بين الإدارة الحالية التي تريد أن تظل هي الممهدة للنظام الجديد والموكلون إليهم تهيئة تلك الدولة ونزع قرارها الاستراتيجي.

وقد استمر هذا الصراع منذ خمس سنوات توصلوا في النهاية لاتفاق على مرحلة انتقالية يقودها تكنوقراط يمهدوا لشكل سياسي يمهد لإدارة قادمة تمرر باقي الشكل الاقتصادي المطلوب ونقل الإدارة بالكامل داخل المدن الذكية ليحج إليها الشركات العالمية.

ولكن ما زال المماطلة موجودة فقد تم تدمير مرحلة التكنوقراط مع تنفيذ باقي الاتفاقات.

فمكاسب النظام كبيرة نتيجة محاولة إرضاء الوكلاء من جهة وتعطيل جزء من التروس من أجل إبقاء الإدارة الحالية فما زالت تريد أن ترسل رسالة بأنها الأنسب لإدارة عاصمة الدجال.

ولكن السؤال الذي يبقى هل سوف ينجح الوكلاء في ظل أقوام أثقلتها الأرض إليها أم ينجح من هم أصبحوا شهداء علينا بأن ظلوا مقاومين.

تعليقات