قد يكون التعبير عن الذكاءات الثلاث تعبيراً غير دارج أو غير مرادف لكلمات القرآن، ولم يأتي لفظاً، ولكن ورد بشكل آخر في موضع واحد وهو الفهم وهذا جاء في قوله تعالى:
{
فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ } (سورة الأنبياء 79)
العلم والتعلم
سابق الفهم، فلكي نفهم فلابد أن نتعلم.
فعندما قال
تعالى:
{ وَإِذْ قَالَ
رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً } (سورة البقرة
30)
والخليفة هو أذكى
المخلوقات كونه قادراً على التخليق من مادة الخلق، فيمكنه استعمال مادة الخلق في
تكوين مواد أخرى وتخليقها من نتائج التفاعلات الكيميائية أو تصنيع شيء من مواد
متعددة، وغيرها من أنواع التخليقات الأخرى.
إلا أنه ربما
يدفعه ذكاءه أن يظن أنه يمكن التغيير في مادة الخلق الأولى ظناً منه أنه سوف يعمل
على تخليق ما هو أفضل، لذلك توعد الشيطان للإنسان في قول الله تعالى:
{ وَقَالَ
لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (118) وَلَأُضِلَّنَّهُمْ
وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ
وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ } (سورة النساء 118 - 119)
حيث يبدون صفة
على أخرى فيغيرون من التركيب الأميني لخلايا الأجنة والتلاعب باستقرار الذرة مما
يولد مفاسد كثيرة لبني الإنسان.
فكان من الطبيعي
من الذكاء الملائكي كونهم يطيعون الله ويقدسون لله كونهم يحملون الروح ويتنزلون
بها يفرقون كل أمر وهذا تقديسهم لله.
تساؤلات
الملائكة:
فكان تساؤل
الملائكة أن الأذكى بطبيعة الحال هو الذي يطيع الله ويقدس له، وليس المخلوق الجهول
الذي حمل أمانة التخليق والاختيار فكان تعبيرهم عن ذلك في قول الله تعالى:
{ قَالُوا
أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ
بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ } (سورة البقرة 30)
فكان قول الله
لهم أنه تعالى:
{ قَالَ إِنِّي
أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ } (سورة البقرة 30)
وهنا كان اثبات
أنه الأذكى والأقدر على حمل الأمانة بان علمه الأسماء والتي تحمل المقاييس والسنن
والقوانين الدنيوية التي تتآلف مع بعضها رغم اختلافها لتكون في مجملها صفات الواحد
الأحد، وفيها القوانين الكلية الحاكمة لكل عالم الاختيار، فمهما اختار الإنسان
فهذه القوانين تجعل من سننها حاكم لحجم الانحراف البشري، فتنقلب النتائج على
الإنسان لتعيد الإنسانية لتدخل المسجد كما دخلوه أول مرة.
وحين علّم الله
تعالى آدم تلك الأسماء أي القوانين والصفات سأل الملائكة عنهم، فلم يكونوا قادرين
على الإحاطة بالعلم المطلوب لإدراك تلك القوانين.
{ وَعَلَّمَ
آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ
أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُوا
سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ
الْحَكِيمُ } (سورة البقرة 31 - 32)
وهنا أطاعوا أمر
الله وسجد الملائكة لذكاء آدم وذريته ليكونوا في خدمته، إلا أن الشيطان وجد في
نفسه كبراً كونه يرى نفسه الأذكى والأفضل وليس بني آدم.
{ وَإِذْ قُلْنَا
لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى
وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ } (سورة البقرة 34)
رفض الشيطان السجود
لآدم:
وأصبح العداء
متأصلاً بين الشيطان وبني البشر، ساعياً أن يجعل ذكاء الإنسان يتجه دائماً نحو
الخروج عن سنن الله في الأرض، ولكن هذا لا يكفيه، فيسعى دائماً نحو السيطرة على
هذا الذكاء حتى يضعف ويضمحل نتيجة تغييب عقول البشر والتركيز على الرفاهية ويجعل
البشر يسجدون له بأن يجعلهم معتمدين على غيرهم لقيادتهم، فيكونوا قطيعاً أو ماعز
أليف لينزل من منزلة التكريم الإلهي إلى السجود للشيطان.
{ قَالَ
أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ
الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا } (سورة الإسراء 62)
وما نعيشه مما
يسمى الذكاء الاصطناعي داخل نظام الرقيم كآلية يتم التوسع فيها كي يعتمد الإنسان
عليها في كل شي حتى يسجد للذكاء الاصطناعي في مرحلة قادمة، فيصبح ماعز أليف رقمية
منصاعة للشيطان تحت يافطة الرفاهية.
الذكاء
الاصطناعي من وجهة نظر أخرى:
تعريف الذكاء
الاصطناعي:
الذكاء الاصطناعي
هو في الأساس مجموعة من التقنيات والأدوات التي تهدف إلى محاكاة الذكاء البشري في
أداء المهام المختلفة. ويتيح الذكاء الاصطناعي للحواسيب والأنظمة الأخرى التفكير
وتحليل البيانات واتخاذ القرارات بطريقة شبيهة بالإنسان. ويتضمن الذكاء الاصطناعي
العديد من المجالات مثل تعلم الآلة، ومعالجة اللغة الطبيعية، والروبوتات، والذكاء
العام، وغير ذلك الكثير. يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في العديد من المجالات مثل
الطب والتجارة والتصنيع والترفيه والأمن والعلوم البيئية وغيرها الكثير.
مخاوف حول
الذكاء الاصطناعي:
هناك العديد من
المخاوف حول الذكاء الاصطناعي، ومن أبرزها:
1- فقدان
الوظائف: حيث يشكل الذكاء الاصطناعي تهديدًا لبعض الوظائف التقليدية، حيث يمكن
للحواسيب والآلات القيام بالأعمال بشكل أفضل وأسرع من البشر.
2- انعدام
الخصوصية: حيث يمكن للذكاء الاصطناعي جمع البيانات الشخصية بشكل كبير وتحليلها،
مما يمثل تهديدًا لخصوصية الأفراد.
3- الأخطاء
والتحيز: حيث يمكن للذكاء الاصطناعي أن يخطئ في بعض الأحيان، ويتأثر بالتحيزات
الإنسانية التي قام بتعلمها وهو ما يشكل أكبر خطورة.
4- السيطرة: حيث يمكن
أن يتحول الذكاء الاصطناعي إلى قوة خارقة لا يمكن السيطرة عليها، وهو ما يثير
مخاوف البعض.
5- استخدام
الذكاء الاصطناعي في الأعمال الإجرامية: حيث يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في
القيام بالأعمال الإجرامية، مثل سرقة البيانات أو الاحتيال الإلكتروني.
ومن أجل ضمان
استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل آمن وفعال، يتعين علينا تطوير قواعد أخلاقية
وتشريعات مناسبة لضبط استخدامه.
بالإضافة إلى
المخاوف التي ذكرتها في الإجابة السابقة، هناك بعض المخاوف الأخرى حول استخدام
الذكاء الاصطناعي، ومن بينها:
6- تأثير الذكاء
الاصطناعي على العلاقات الاجتماعية: حيث يمكن أن يؤثر الاعتماد المتزايد على
الذكاء الاصطناعي على العلاقات الاجتماعية، حيث يمكن أن يؤدي إلى انعدام الشعور
بالتواصل الإنساني الحقيقي.
7- عدم مواءمة
الذكاء الاصطناعي مع القيم الإنسانية: حيث يمكن لبعض التطبيقات للذكاء الاصطناعي
أن تتعارض مع القيم الإنسانية، وهذا من شأنه أن ينشئ مشكلات أخلاقية.
8- نقص الشفافية
والشرح: حيث يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون صعبًا للغاية في تفسير كيف يتم اتخاذ
القرارات، وهذا يمكن أن يؤدي إلى نقص الشفافية والثقة في النظام.
9- تأثير الذكاء
الاصطناعي على القوى العاملة: حيث يمكن للتباين في القدرات والفرص المتاحة عبر
الحدود والقارات أن يؤدي إلى خلق فجوات جديدة في الاقتصادات والوظائف.
10- إشكاليات
معالجة البيانات: يمكن أن يواجه المطورون تحديات في جمع ومعالجة البيانات التي
يستخدمها الذكاء الاصطناعي، وهذا يمكن أن يؤدي إلى الأخطاء والتشويش على النتائج
المستنتجة.
هل ممكن أن
يتحكم الذكاء الاصطناعي في البشر في المستقبل؟
هذا السؤال يثير
العديد من التساؤلات وتعتبر إحدى المخاوف المرتبطة بالذكاء الاصطناعي. والإجابة
القصيرة هي أنه مع تطور التكنولوجيا، فإن هذا الأمر ليس مستبعدًا.
ومن المهم أن
نفهم أن الذكاء الاصطناعي هو مجرد أداة تستخدم لأغراض معينة، ولا يمكن لها أن
تتحكم في البشر بشكل ذاتي بمعنى لابد أن يكون من خلال بشر خلف الكواليس. ومع ذلك، حيث
يمكن أن يؤدي استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل غير مسؤول إلى حدوث تطورات غير مرغوبة
في المستقبل.
ومن أجل تجنب هذا
السيناريو، يتعين علينا كمجتمع وضع قواعد وتشريعات تضمن أن يتم استخدام الذكاء
الاصطناعي بأمان وفي خدمة الإنسانية، وأن نضع في الحسبان المخاطر المحتملة ونعمل
على تخفيضها قدر الإمكان.
وبالإضافة إلى
ذلك، يتعين علينا أيضًا التركيز على تطوير الذكاء الاصطناعي بطريقة تضمن سلامة
وأمان المجتمع، والعمل على تعزيز الشفافية والمساءلة والتفاعل الإنساني في جميع
مراحل التطوير، وتقديم التدريب والتعليم للمستخدمين والمطورين لضمان استخدامه
بأمان وفاعلية.
كيف يمكن
التحكم بالبشر من خلال الذكاء الاصطناعي:
من المهم أن نفهم
أن الذكاء الاصطناعي بحد ذاته لا يمكن أن يتحكم في البشر. ومع ذلك، يمكن استخدام
الذكاء الاصطناعي بطرق مختلفة لتسهيل التحكم في سلوكيات البشر.
على سبيل المثال،
يمكن استخدام تقنيات التعرف على الوجوه والصوت لمراقبة الناس وتتبع حركاتهم
وأنشطتهم. كما يمكن استخدام تقنيات التحليل النفسي والتعلم الآلي لتوقع تصرفات
الأفراد وتوجيههم في اتجاه معين.
ومثال آخر هو
استخدام الذكاء الاصطناعي في الصناعة العسكرية لتطوير الروبوتات القتالية والأسلحة
الذاتية الحركة. وهذا يمكن أن يؤدي إلى خطورة جسيمة في حال تم استخدام هذه
التقنيات بطريقة غير مسؤولة.
ويمكن أن تتضمن
أشكال التحكم المحتملة من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي:
1- استخدام
الذكاء الاصطناعي في الأمن والمراقبة: حيث يمكن استخدام التحليل الآلي للفيديو
والصوت والصور لتعقب حركة الأشخاص والسيارات وإشارات المرور في مدن المستقبل. وهذا
يسمح بمراقبة الأنشطة المشبوهة وتحديد الأشخاص الذين يشكلون خطرًا على الأمن
العام.
2- استخدام
الذكاء الاصطناعي في التحكم في سلوك الأفراد: حيث يمكن استخدام تقنيات التعلم
الآلي والتحليل النفسي لتوقع سلوك الأفراد والتحكم فيه، كما يمكن استخدامها في
تحليل بيانات وسائل التواصل الاجتماعي لتوقع ردود فعل المستخدمين على أحداث معينة
وتوجيههم في اتجاه معين.
3- استخدام
الذكاء الاصطناعي في الروبوتات الذاتية الحركة: حيث يمكن استخدام التحكم الآلي
لتوجيه حركات الروبوتات وتحديد مواقعها وتعريفها بالمهام المطلوبة منها.
4- استخدام
الذكاء الاصطناعي في الصناعة والإنتاج: حيث يمكن استخدام التحكم الآلي لتحسين جودة
المنتجات وزيادة الكفاءة في الإنتاج وتحسين عمليات الصيانة والإصلاح.
5- استخدام الذكاء
الاصطناعي في العلاقات الاجتماعية والتعليم: يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في
تحليل بيانات التفاعلات الاجتماعية وتوجيه النقاشات في المجتمعات الافتراضية، كما
يمكن استخدامه في تقييم وتحسين تجربة التعلم في البرامج التعليمية عبر الإنترنت.
ومن أجل ضمان استخدام
الذكاء الاصطناعي بأمان وفعالية، يتعين علينا وضع قواعد وتشريعات واضحة للتحكم في
استخدام التقنيات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي. ويتوجب علينا أيضًا التركيز على
تطوير الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول وفي خدمة الإنسانية، والعمل على تحديد المهام
التي يمكن أن يقوم بها الذكاء الاصطناعي بأمان وفاعلية دون التأثير على حقوق
الإنسان.
تعليقات
إرسال تعليق