قال تعالى:
{إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا (31) حَدَائِقَ
وَأَعْنَابًا (32) وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا (33) وَكَأْسًا دِهَاقًا (34) لَا
يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا (35) جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً
حِسَابًا} (سورة النبأ 31 - 36)
مصادر الكلمات
- كَوَاعِبَ... كلمة المصدر: كعب... ومن مشتقاتها
في القرءان الكريم: الْكَعْبَةَ- الْكَعْبَةِ - الْكَعْبَيْنِ – وَكَوَاعِبَ
- أَتْرَابًا... كلمة المصدر: ترب... ومن مشتقاتها
الترائب والتراب
- وَكَأْسًا... كلمة المصدر: كءس (كأس)
- دِهَاقًا... كلمة المصدر: دهق
فماذا قالوا عنهم وماذا كانت ناتج تصوراتهم وكيف جنحوا
بها لما ليس فيها، فقد قالوا (وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا وَكَأْسًا دِهَاقًا) ولهم
زوجات حديثات السن، نواهد مستويات في سن واحدة، ولهم كأس مملوءة خمرًا
والآن نبدأ رحلتنا، فالله تعالى جعل للمتقين حدائق
وأعنابا وجعلها موصولة بالمتقين بكواعب أترابا وتلك الكواعب أترابا موصولة بكأسًا
دهاقا لكي يتجول فيها بدون أن يتحرك من مكانه من خلال الكواعب أترابا ويمكن له أن
يدنوا له أي شيء فيها من خلال كأسًا دهاقا، فكيف ذلك؟!
لتقريب الصورة للذهن قبل الخوض فيما هو أعظم من هذا
التصورر في مشهد من فيلم ماتريكس في الثانية العاشرة من هذا المشهد:
https://www.youtube.com/watch?v=j_urZ5KDPec
وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا
تلخيص: أن الكواعب أتراباً هي مجال وإطار داخل الجنة يجعل الشخص
في الجنة لا يتحرك داخل أعماقها وإنما هي تأتي له من خلال هذه الكواعب وتقبل عليه
بقدر طلبه لبلوغ أعماقها حيث تظهر على هذه الكواعب ذات القوة والسلطان للكشف له عن
أغوار الجنة أترابا: أي ظهور من خلال تلك الكواعب فتتداخل أعماقها عليه وتظهر له
بكل خصائصها الحقيقية وحركتها تكون من الباطن إلى الظاهر أي تنبثق من الداخل
للخارج على هذه الكواعب والآن لنرى كيف كشفت لنا الحروف وتشكيلها التفاصيل:
وَ: الواو هنا لتوضيح أن هذه
الحدائق موصولة بالكواعب وبالتالي بالمتقين من أهل الجنة من خلال كواعب أترابا فهم
يتواصلون معها من خلالها وبكل جزء فيها مهما ترامت أطرافها وتنوع نعيمها وهذا التواصل
مستمر لا ينقطع
ا: كَوَاعِبَ أَتْرَابًا حيث تتألف وتضبط
أمور وأحوال المتقين المختلفة والمتفرقة بهذه الحدائق لأقصى مدى بتلك الحدائق.
أَ: كَوَاعِبَ أَتْرَابًا حيث ظهور تلك
الحدائق بتلك الكواعب أترابا (أي تآلف وضبط عملية التداخل من عمق الحديقة في مشهد
حركة مستمر غير متقطع)
تْ: كَوَاعِبَ
أَتْرَابًا فتكون جزء من الحديقة الملاصق للكواعب تلو جزء آخر في
حال ظهور بالكواعب بحيث يكون ظهورهم تام على سابقتها في تفاعل وتتاخم وتفعيل
للظهور على ما قبلها في تتابع للظهور من عمق خفي ومن عمق الحديقة التي تسبقها
فتظهر الجديدة من داخل سابقتها لخارجها كالتراب من داخل الأرض ليحل على ما يعلوه
من التربة فكل جزء من الحديقة الجديدة يتبع الآخر القادم من العمق في هذا الإنشاء
والظهور (تتابع مرور الحديقة على المتقين ظاهرة بارزة على الكواعب من عمق الحديقة
في مواجهة المتقين من أهل الجنة).
رَ: كَوَاعِبَ أَتْرَابًا هذا التتابع في
الظهور من العمق الخفي ومن عمق النعمة السابقة ليحل عليها أخرى من عمقها للخارج يتم
في ترابط بين جزيئات التتابع في كل أطراف الحديقة السابقة بتماهي ورفقة ورقة
فتُرسل جزيئات الحديقة الجديدة في جميع أطراف سابقتها لتحل محلها.
ا: كَوَاعِبَ أَتْرَابًا في تآلف وضبط
مستمر بين جزيئات الظهور المتفرقة والمختلفة التي تتدفق من العمق الخفي وكأنها
قالب تدفق واحد.
بً: كَوَاعِبَ
أَتْرَابًا فتظهر وتبدو وتبرز بتتالي تدفقها من العمق الخفي على ما
قبلها خارجة عن محيط ما كان ظاهر على الكواعب فينتقل المتقين بهذا التتالي
والتتابع في الظهور من العمق الخفي من حديقة إلى أخرى ليحل حديقة من داخل
حديقة ومن نعمة على أخرى فتظهر على سابقتها مع تغيير خصائصها فتصبح بينة
بائنة بادية نقية عن سابقتها نازعة لنقائها بلا اختلاط مع سابقتها فتنهي ما
قبلها من خلال هذا التتابع في الظهور لتنفرد في ظهورها فتقضي بظهورها على ما مر وما
سبق لتقوم بواجباتها كنعمة جديدة للمتقين.
ا: كَوَاعِبَ أَتْرَابًا في تأليف وضبط
مستمر في كل مرة لحالات التتابع والتتالي من الظهور من الأعماق الخفية المتفرقة
والمختلفة في أقصى ضبط لأقصى مدى.
وَكَأْسًا دِهَاقًا
تلخيص: إذا كان الكواعب أترابا وهي
التي تسمح بتحرك الحدائق بالجنة في مجال وجود الشخص داخل الجنة وتجعلها تظهر عليها
بالتتابع والتتالي ولكنه حين يريد رغبة منها أو نعمة يأتي دور الكأس دهاقا الذي
يوجد بمركز الكواعب الذي يهيمن على أجزاء من الحديقة التي نالت رغبته فتندمج
بالكأس هذه النسبة أو الأجزاء أو الثمار وتتحول من حالة الظهور على الكواعب إلى
الدنو والتناول، وهذه العملية تحدث بانسيابية تامة بين تحرك للرغبة والرؤية مهما
كانت بُعدها عن مكان الكواعب والكأس فتتدفق له من خلال الكواعب والكأس والآن
لنرى كيف كشفت لنا الحروف وتشكيلها التفاصيل:
الكأس موصول بالكواعب وصفته دهاقا
كَ: وَكَأْسًا دِهَاقًا هي الأخرى إطار من
خلال قالب متوافق ومتآلف مع تلك الكواعب ذو قوة وسلطان وقوانين إلهية يمكن من
خلاله إعادة بناء حالة الوصل والاتصال بالحدائق والكواعب.
أ: كَأْسًا دِهَاقًا بينها وبين
الكواعب والحدائق تآلفاً وضبطاً مستمراً لأحوالهم المتفرقة والمختلفة فيصبح الكأس
والكواعب والحدائق المتاخمة للكواعب كأنهما شيئاً واحداً وقالب واحد.
سً:
كَأْسًا دِهَاقًا حيث أن الكأس مركز وعمق الكواعب الذي يوضع فيه مركز الحديقة وتسيطر عليها
سيطرة تامة للتمكن من الانتقال من موضع إلى موضع فيها فيكون ناتجها الموجود
بها من الحديقة نسبة من كل موصول به بالحديقة فيعطي نسخة ونسبة وإنتاجًا من أصل
الحديقة بين يد أهل الجنة دانية إليهم غير مختلطة مع ما هو موصول بها بهذه الحديقة
كشجرة أو فروع ... الخ. ففي الكأس النقل والدنو والنزول لمكونات الحديقة بالكواعب للمتقين.
ا: كَأْسًا
دِهَاقًا بتآلف وضبط مستمر بين رغبات
أهل الجنة والكأس والكواعب والحدائق في كل أحوالهم المختلفة ضبطاً تاماً لأقصى مدى
كأنهم قالب واحد رغم التحرك الدائم للحديقة وظهورها من داخل الكواعب ودنو ما فيها
من خلال الكأس حسب رغبة المتقين.
دِ:
كَأْسًا دِهَاقًا هي صفة الكأس وخصائصه حيث أن
الحركة لما في الحديقة في هذا الكأس تتم بقصد أهل الجنة فيكون من خلال قصد ورغبة
المتقين تغيير اتجاه الظهور ومنتهى التداخل لمكونات الحديقة فهي المرحلة بالكواعب
الأكثر نشاطاً وتأثيراً والأغرب والأعجب في ظهور التغيير ودنو مكونات الحديقة
فتكون ما بالكأس النسبة النشطة منها التي بخروجها ووضوحها فيتناولها المتقين.
هـَ:
كَأْسًا دِهَاقًا حيث يهيمن الكأس على مكونات الحديقة الظاهرة فيه وعليه فيكون مهندساً لموضع
حلولها بين يدي المتقين ففيه الهيكلة والهندسة لما هو مرغوب فيه مما بالحديقة حسب
إرادة المتقين.
ا:
كَأْسًا دِهَاقًا بتآلف وضبط لهذه الهيمنة ورغبات المتقين داخل الجنة وضبط هذه الهيمنة ضبطاً
تاماً مع رغباتهم المختلفة والمتفرقة فتكون حركة الحديقة بالكأس ورغبته كأنهما
شيئاً واحدًا.
قً:
كَأْسًا دِهَاقًا وذلك بخروج ما رغب فيه الشخص من أهل الجنة مما رغبه بالحديقة فتظهر على
الكواعب لتندمج بالكأس فيتحولا المندمجان لحالة جديدة تختلف عن سابقتها حيث يكون
الناتج نقياً عما هو موصول به بالكواعب أيضاً دانياً مقبلاً على المتقين لينتقل
إليه ليتناوله.
ا:
كَأْسًا دِهَاقًا بتآلف وضبط مستمر بين حالات الخروج والاندماج المختلفة والمتفرقة بالكأس في
كل أحوالهم المختلفة ضبطاً تاماً لأقصى مدى كأنهم قالب واحد رغم الاندماج المتغير
والمستمر لنسب وأجزاء وثمار من الحدائق بالكأس.
والعالم الهليودي في أفلامه من خلال الخدع السينمائية حاول تصوير هذا التداخل لحركة الصورة من العمق للخارج.. في كثير من المشاهد.
تعليقات
إرسال تعليق