القائمة الرئيسية

الصفحات

المعرفة في القرءان الكريم .. الجزء الأول .. شجرة آدم




هي اختيارنا لعالم المادة بما يشمل كلاً من الحاجة للمعرفة والحاجة للذرية .. فأصبحا هو وزوجه أصل الشجرة ونحن فروعها .. { وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ } (سورة الأَعراف 22) .. فأصبحت الشجرة فيهما
والمعرفة الإنسانية في عالم المادة بين يديها سداً ومن خلفها سداً ..
 السد الأول .. لما بين أيدينا أصل المادة في ظاهرها التي رغم بلوغنا أعماق علم منها ولكن لن ندرك أصل بناءها من اللامادة ..
فمن دون السد الأول وعد الشيطان فينا فحققوا قوله تعالى :
{ وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا (117) لَعَنَهُ اللهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (118) وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ } (سورة النساء 117 - 119)
فبتكوا آذان الأنعام ومنبت الخلية (DNA) ففرقوا بين الصفات وشقوا وفصلوا صفات بنقل صفة وإحلال أخرى مكانها ظناً منهم أنها الصفة الأقوى والأفضل ليغيروا في صفات سلالتها بما يظنوا بأنها سوف تعطي الإنتاج الأفضل والأكثر والأقوى فأفسدوا قوانين الفطرة في تلك الأنعام
ليس في هذا المجال وحسب ففي كل مجال ظن الإنسان أنه سوف يأتي بمناخ أفضل عندما يتدخل في حركة تكوين السحب .. وعندما تلاعب بتكوين الذرة وتلاعب باستقرارها ظناً بأنها المناسبة كطاقة بديلة وتغافل عن أضرار كثيرة .. وغيرها من تدخلات بعلم محدود في علم مطلق .. والإشكالية هنا أنه لم يتوقف عند التجربة .. واستنتاج الحكمة من وراء استقرار قوانين الفطرة .. ولكن الظن بأنه سوف يأتي بقوانين أفضل فتلك هي المسألة لذلك نشر الإنسان الظالم الجهول تجربته لحيز التنفيذ والانتشار حتى أفسد في الأرض فانطبق عليه ما انطبق على أقوام مضت وخاصة عاد الأولى فلله فطرة ومجال ومساحة إفسادنا في تلك الفطرة سنة الله .. وهؤلاء العابثين ينطبق عليهم قول الله تعالى :
{ يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ (42) خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ (43) } (سورة القلم 42 - 43)
فقد كشف الله لهم عن مركز وعمق تضبط إندماج الخلايا والذرة .. وقد تم دعوتهم للسجود لقوانين الفطرة ولكنهم ظنوا أنهم سوف يأتوا بأفضل من خلق الله والآن لن يستطيعوا إعادة الأمور لما قبل إفسادهم

السد الثاني : من خلفنا لما هو ما وراء المادة وما كان قبل ظهور عالم المادة .. فبعد أن وصل الإنسان لجزء كبير من العلم الدنيوي الظاهر أيقن أن المادة شيء محدود ناتجة من قوة وطاقة غير محدودة فكان طمعه لمعرفة ما دون المادة وكيف تكونت من هذه الطاقة وما هي تلك الطاقة وأطلق عليها جسم الرب .. وفي رحلة بحثه يظن أنه يمكن عمل انعكاس لعملية الخلق وتحرير تلك الطاقة من قوة تسريع واصطدام هائل بين أقل جزء من الذرة بمُعجِّل جسيمات وأعلاها طاقة وسرعة، يستخدم هذا السينكروترون لمصادمة جسيمات دون ذرية وهي البروتونات بطاقة تصل إلى 7 تيراإلكترون فولت (1.12 ميكروجول). يعجّل فيض من البروتونات في دائرة المعجل إلى سرعة قريبة من سرعة الضوء تصل طاقة حركتها 3.5 تيرا (1 تيرا =1012) إلكترون فولت TeV، وفي نفس الوقت يقوم المعجل بتسريع فيض آخر من البروتونات في الاتجاه العكسي (في أنبوب دائري آخر موازي للأول) إلى سرعة قريبة من سرعة الضوء أيضا بحيث تصل طاقة حركته 3.5 تيرا إلكترون فولط. تحافظ على بقاء البروتونات المعجلة في أنبوب كل فيض منها الدائري البالغ طوله 27 كيلومتر مغناطيسات قوية جدا تستهلك طاقة كهربائية عالية تستلزم التبريد بالهيليوم السائل ذو درجة حرارة نحو 4 كلفن أي نحو 270 درجة تحت الصفر المئوي.

وينقسم العالم من التعامل مع المادة على ثلاثة أنواع في كل حضارة سابقة وحالية
الفئة الأولى : يتعاملوا مع المادة الخام ولا يريدوا أن يعرفوا عنها أكثر من ذلك وتجتمع مجتمعات دول العالم الثالث في هذه الصفة وهم رغم ذلك مفسدين في تنافسهم عليها وظلمهم لبعضهم البعض
الفئة الثانية : يتعاملوا مع المادة ويريدوا معرفة أسرارها لكن يكتفوا بتطويرها والحصول على أكبر استفادة منها وهذه صفة العالم الثاني (وهم الأفضل) ونسميهم في زماننا دول العالم الثاني
الفئة الثالثة : لا يكتفوا بمعرفة أسرارها .. بل يريدوا أن يصلوا لما هو خلف السدين .. لما هو ما وراء الطبيعة وأصل بناء المادة .. ويبدأ التجريب في العبث بقوانين الله في المادة وفي فطرتها وسنتها .. فيقع هذا العالم بين السدين .. فيكون من هؤلاء القوم من دول العالم الأول أو المتقدم كما يصفونة وقعوا بين هذين السدين ومن نتاج علمهم الدنيوي فتح يأجوج ومأجوج

الفئة الأولى يتنافسون على المادة الخام والطاقة ويقاتلون بعضهم البعض عليها غير مستفيدين منها بل حربهم من أجل العالم الثاني والمتقدم
وتظل الفئة الثانية في موضع توازن إلى حد ما فالشغف محدود ولكنهم يستفيدون أقصى استفادة من تلك الطاقة ولكن لها مفاسدها بعوادمها التي ليس بينهم وبينها سترا ولا حماية
أما الفئة الثالثة التي وقعت بين السدين فالشغف قاتل .. فكلما أكلوا من شجرة المعرفة فتنوا أكثر ففي هذه الرحلة لن يبلغوا ما وراء السدين ولا يستطيعوا في ذات الوقت إعادة ما أفسدوه للسجود لذات القوانين الأولى فلابد أولاً أن يعلموا ما علم ذي القرنين بأسباب بالتخلص مما تلاعبوا بخلاياه وذراته

فبعد هذه الرحلة في الدنيا يكتشف الإنسان أنه لم يطلع في ذروة المعرفة إلا ما كان ييسر له حركة الحياة .. ويكتشف أنه كان ظلوم جهول بتصوره أنه سوف يجتاز ما خلف ذلك حينها سوف يبصر في مراحل الآخرة ما يغنيه عن البحث فالحقائق تنجلي أمامه فبصره اليوم محيط بالحكمة من الأشياء ويصل لأغوار العلم بدليل وبرهان إلهي فما يفرغ من دليل وبرهان حتى يأتيه دليل وبرهان آخر فلا يفرغ من وضوح البيان فيأتيه يوم التأويل فبصرنا ذاك اليوم حديد


تعليقات