القائمة الرئيسية

الصفحات


أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا  ؟!!!!!

قال تعالى :
{ أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا (25) أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا (26) } (سورة المرسلات 25 - 26)
لم تأتي هذه الكلمة كِفَاتًا والتي مصدرها (كفت) سوى مرة واحدة .. وقالوا فيها ما قالوا :
1-  فالبعض قال معناها  بأن الأرض تتحرك كحركة الطائر رغم أنه ليس هناك إشارة عن الحركة
2-  البعض قال معناها تدفنون فيها ، أمواتكم وتبثون عليها أحياءكم ، وتسكنون عليها فقد كفت الأموات والأحياء
3-  البعض قال معناها تكْفِت أحياءكم في المساكن والمنازل، فتضمهم فيها وتجمعهم، وأمواتَكم في بطونها في القبور، فيُدفَنون فيها.

فهناك من يراها بمعنى غطاء وآخر مجمعاً وآخر يراها وعاء ولعل الآية  { أحْياءً وأَمْواتاً } ذهبوا فيها لوجهان  :أحدهما : أن الأرض تجمع الناس أحياء على ظهرها وأمواتاً في بطنها. والثاني : أن من الأرض أحياء بالعمارة والنبات ، وأمواتاً بالجدب والجفاف
.. ولكن بالطبع هناك ما هو أعمق وأدق وهذا ما يمكن أن تكشفه لنا حروف الكلمة .. فهيا نرتحل في داخل هذا المعنى الأعمق  :

كِفَاتًا :
 كِ : الْأَرْضَ كِفَاتًا .. فإطارها وقالبها الكلي ومحتواها وتكوينها متوافق .. هذا التوافق بين تلك المكونات أعطاها قوة وسلطان وقوانين كافية وكاملة وكابحة وكاتمة لمقداره وكتلة مكوناتها تلك كماً وكيلاً  معلومة الحيز والحجم تتصدى لتغييرهم بما يمكن به استرجاع التكوين وإعادة بناء حالتها بقوة القوانين التي وضعها من خلال هذا التكوين الذي يدفع بعضه بعضاً بعد إزالة ما شابها من شوائب أصابة هذا التكوين فيحل عليها إسترجاع ما فقده التكوين واسترجاعه وما يتم إسترجاعه هو الجزء الأكبر تأثيراً والأنشط في تلك المكونات بعد كل مرحلة تغيير حيث يحل محل ما سبق ما هو أشد تأثيراً والأنشط بين نظراءه فيكون ما حل محل ما سبق ما هو أصغر وأنشط وأخطر وأغرب وأنسب لحياة الأرض
مثال 1: تكوين بسيط مثل الزرع والمياه .. فهناك إعادة تكوين كافي من خلال إعادة البخر وتنقية الماء من خلال تكوين آخر مثل الرياح والشمس أعطتها تلك القوة والقوانين للبخر وتنقية الماء وإعادة صبها على الأرض فيحدث كفات للماء النقي على الأرض وكفات لنمو الزرع وهكذا في كامل التكوين الأرضي   
مثال 2 : جعل الله في داخل الأرض وعليها بعض مصادر الطاقة فجعلها كِفَاتًا فكلما نضب مصدر وتخلصت منه إستعاضت الأرض مصادر طاقة أخرى تحل محل سابقتها تكون أصغر وأنشط وأخطر وأغرب وأنسب
فَ : الْأَرْضَ كِفَاتًا .. هذه المكونات لها صفة الفاء فبذات القوانين حيث يمكن فرقها وفصلها عن الأرض وتمحصها .. بحيث يمكن أن تكشفها وتفارق أصل وجودها فتنفرد عنها فتفرق وتفلق وتفتت وتُفرِغ وتفك قيد كل محبوس بها .. فنأكل منها ونشرب منها ويخرج منها عناصر الإستخدام والتي يمكن إستعاضتها بذات القوانين وإعادة بناءها
مثال : فيمكن أن نستخلص منها مصادر الطاقة مثل الفحم أو البترول أو الغاز وغيرها من مصادر الطاقة .. وغيرها من المواد التي نستخدمها فيمكن أن تفترق تلك المواد عنها بل تكشف عنها كعناصر مستقلة بها أو يمكن استخلاصها منها دون الإخلال بإطارها ومحتواها بل تستعيد توازنها مرة أخرى .. بل نفلق من عناصر الطاقة ونفصل منها ما هو أفضل في الإستعمال فمثلاً نستخرج من البترول مشتقاته  
ا : الْأَرْضَ كِفَاتًا .. تلك المكونات بينها تأليف وضبط مستمر بين تلك القوة والسلطان المتفرقة والمختلفة والتي بينها اختلاف فتضبطهم ضبطاً تاماً وتحددهم وتظهرهم على غيرهم فتجعلهم تكوين شامل هو الأفضل والذي يؤنس به عن غيره وكأنه شيئاً واحداً نطلق عليه الأرض رغم تعدد مكوناتها التي لا تحصى

تً : الْأَرْضَ كِفَاتًا .. فيها كل تكوين وكل عنصر  نوع نقي ناتج من الأرض  فكل عنصر نسبة منها نازع لنقائه عن كامل التكوين مُتفرد عنها لقوم بواجباته في حالة الإسكان والتحريك متنافر عن أنداده يعطي نسخاً أو نسلاً أو إنتاجاً من مادة الأرض متمم لكامل التكوين  ولما قبله ب فهي عناصر لها قوى متتامة متساوية في الوظيفة والمشاركة ففيها تفاعل وتفعيل وتتاخم وتتابع ففيها نقل ونحو ونزول
مثال : فقوة الرياح رغم أنها متنافرة عن أندادها من القوى الأخرى إلا أنها تتمم عمل غيرها فيمكن أن تعطي قوة حركة التي بدورها يمكن أن تعطي طاقة الكهرباء .. والعكس يمكن من خلال الكهرباء أن ننتج قوة حركة تلك الحركة تنتج رياح .. فكل قوة تتمم عمل القوى الأخرى رغم ظاهرهم المتنافر بل والناتج عن هذا التنافر
ا : الْأَرْضَ كِفَاتًا .. حيث في كل مرة يتم إعادة تأليف وضبط مستمر بين تلك النواتج للقوة والسلطان المتفرقة والمختلفة والتي بينها اختلاف فيتم إعادة ضبطهم ضبطاً تاماً وتحددهم وتظهرهم على غيرهم فتجعلهم شيئاً واحداً هو الأفضل والذي يؤنس به عن غيره في كل عصر .. فمصادر القوة التي يجعلها الله ويسخرها للإنسان تختلف في ظهورها من عصر إلى عصر في حالة تأليف مستمر وضبط لاحتياجات هذا العصر
--------------------------
إلا أن هذه القوة والسلطان في إطار هذه الأرض هي في حالة استعاضة دائمة وتجدد وتطور إلا أن منها
ما هو أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا .. فكلاهما يتم إستعاضتهما فمنها الجمادات والغازات والسوائل التي ليست بها حياة (أموات) مثل الرمال والرياح والماء وغيرها .. وهناك من القوة والسلطان الحي (إحياءً) مثل الخيل والبغال والحمير والأنعام وغيرها من الحيوان والنبات والثمار وغيرها
وإلى لقاء آخر إن شاء الله


تعليقات