ما هي
الحكمة وما هي صفة مَنْ
يُؤْتِيَهُ اللهُ بالْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ؟!!
·
الإجابة
الحِكمة
هي استخراج العلم والإحاطة بعلم جامع يصل
لأغوار وعمق العلم، وإدراك مدى التوافق بين هذا العلم وبين التطبيق الدنيوي له
ويدرك قوة هذا العلم وقوانينه المتوافقة مع الأحوال الدنيوية، والقدرة على جمع
أغوار العلم بأحوال الدنيا في إطار تطبيقي واحد، بإتقان تام لهذه الإحاطة بالعلم
وتوافقه مع جمعه وضمه وتطبيقه في أحوال الدنيا بما يكامل ويفاعل بين هذا العلم
وحركة الحياة الدنيوية في أقصى إتقان ممكن مع نسيج الحركة الدنيوية.
والكتاب الإلهي أدرك الرسل الحكمة منه
بإحاطتهم بعلم بالرسالة وأدركوا التوافق بين هذا العلم وأحوال الدنيا وقوة تأثير
هذا العلم وسلطانه على إتقان حركة الحياة الدنيا، فالكتاب والحكمة قرينان يتزكى
الإنسان باستخراج الحكمة من الكتاب وإقرانها ومزاوجتها بصور التوافق بين العلم
والدنيا ليحدث أفضل تأثير على أحوال الدنيا.
فإذا فقدنا الحكمة يكون قد احتجب عنا علم
الكتاب، وكذلك إذا فقدنا الحكمة فلا نتزكى ولا نقرن العلم الصحيح بأمور الدنيا؛
فيصبح الكتاب مهجورًا حيث بافتقاد الحكمة ستكون النتائج المترتبة على التطبيق هي
نتائج سيئة ليست من الكتاب في شيء، فهل النتائج الحالية هي نتاج الحكمة من الكتاب؟!!!!!
قال تعالى:
(كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا
مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ
وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) (سورة البقرة 151)
(وَأَنْزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ
وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللهِ
عَلَيْكَ عَظِيمًا) (سورة النساء 113)
لذلك كان من صفات القرآن كونه حكيم، به
آيات محيطة بعلم عن كل شيء، ومحيط بالأوامر والأمور والأحوال والسنن والأشياء وبه
علم عن أغوارها. وهو قول الله تعالى
بكلمات تحمل المعنى الكائن بالذات الإلهية في كتاب وقالب لسان عربي متآلف متوافق
في إطار ومحتوى وكيان أي كتاب به يمكن إعادة بناء الإنسان المؤمن والمجتمع المؤمن،
وبه يبلغ التغيير عمق نفس المؤمن ومركزها وحركته وسعيه بالحياة
الدنيوية فيسيطر على أموره وأحواله فينتقل من حالة إلى حالة من ضلال إلى
إيمان من باطل إلى حق، وبه يجمع المؤمن بين ما بالقرآن من علم وإحاطة بنفسه
وبفؤاده والمجتمع الذي يحيا فيه فيتداخلوا، حيث يحمل في صدره الإيمان به وبالعلم
المحيط الذي يحتويه فيكونا كقالب واحد، وبه يمكن أن يرتفع مقام المؤمن بهذا العلم
ومكانته في الدنيا والآخرة بمقدار إدماجه وإيمانه بهذا العلم
قال تعالى:
(يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2)) (سورة
يس 1 - 2)
ومن الحكمة يأتي إمكانية التصدي للحكم
وهنا لا نعني المُلك، فهما ليس قرينان، ولكن الحكم قرين بالكتاب ومن أفضل من يحكم
الأنبياء.
صفة مَنْ يُؤْتِيَهُ اللهُ
بالْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ
قال تعالى:
)مَا كَانَ
لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ
يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللهِ وَلَكِنْ كُونُوا
رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ
تَدْرُسُونَ) (سورة آل عمران 79)
(أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ
وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا
بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ) (سورة الأَنعام 89)
(وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ
الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ
وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ) (سورة الجاثية 16)
أولاً: الإتيان:
يتم فيه تأليف مستمر بين أمور وأحوال
المتلقي بما أوتي، وبما أوتي يتم ضبط أحوال وأمور المتلقي المشتتة والمتفرقة ضبطًا
تامًا، ويُؤنس المتلقي بما أوتي، ويُتِم المتلقي بما أوتي ما لديه من قبل، فيتقن
يما أوتي ويتساوى ويتشارك المتلقي بما أوتي في الوظيفة، فيصير مصدر ما أوتي، فيخرج عن المتلقي نتيجة هذه المشاركة
والتساوي بين المتلقي وبين ما أوتي ليصبح هو مصدره، يُغَير بما أوتي الحالة السابقة للمتلقي
فيكون بما أوتي له حال أخرى هي الأكثر وضوحاً والأنشط، فهنا ماذا تلقى.
ثانياً: الكتاب:
وكتاب الله كيان ذو إطار ومحتوى ذو قوة
وسلطان من تكتل وتآلف وتوافق من خلال قالب (صياغة) يمكن به استرجاع الأوامر والسنن
والمنهج والتشريعات التي هي محتوى هذا الكيان، ويمكن بما فيه إعادة بناء تلك
الأوامر والمنهج والتشريع في عالم الخلق فيصير قرآنًا تُسَير به أمور دنيانا، هذا
الكيان تم إتقانه فكان تامًا وتامًا لما قبله من رسالات سماوية في الوظيفة
الأمرية والمنهجية والتشريعية والمشاركة في معاني التوحيد
والإيمان وإثبات قانون الله الأعظم لا إله إلا الله فكان مصدقاً لما
قبله ومصدقاً لكتاب الله تعالى المنشور، هذا الكيان متآلف متوافق يحوي من الأمور
والأوامر والمنهج والتشريع والأحوال والأشياء المختلفة والمتفرقة والمضبوطة ضبطًا
تامًا مع أمور حياتنا، فكان نزوله وتنزيله من ساحة إلى ساحة من عالم
الأمر لعالم الخلق ليصبح بحركته في عالم الخلق قرآنًا هو الأكثر وضوحاً والأنشط ومبينًا.
خصائص الكتاب
الكتاب: من ضمن أم الكتاب (اللوح المحفوظ).
الكتاب: كيان وإطار ومحتوى ذو قوة وسلطان.
الكتاب: تكتل وتآلف وتوافق من خلال قالب (صياغة).
الكتاب: يمكن به استرجاع الأوامر والأمور والأحوال أو
الأشياء والمنهج والتشريعات التي هي محتوى هذا الكيان.
الكتاب: يمكن بما فيه إعادة بناء تلك الأمور أو الأوامر
أو الأحوال أو الأشياء والمنهج والتشريع التي هي محتواه في عالم الخلق فيصير قرآنًا.
الكتاب: كيان تم إتقانه فكان تامًا.
الكتاب: كيان تم إتقانه فكان تامًا لما قبله من
رسالات سماوية في الوظيفة الأمرية والمنهجية والتشريعية والمشاركة في معاني
التوحيد والإيمان وإثبات قانون الله الأعظم لا إله إلا الله فكان
مصدقاً لما قبله ومصدقًا لكتاب الله تعالى المنشور.
الكتاب: كيان متآلف متوافق يحوي من الأمور والأوامر
والمنهج والتشريع والأحوال والأشياء المختلفة والمتفرقة والمضبوطة ضبطاً تاماً
ككيان واحد هو الأفضل الذي يؤنس به.
الكتاب: نزوله وتنزيله من ساحة إلى ساحة من
عالم الأمر لعالم الخلق ليصبح بحركته في عالم الخلق قرآناً فيهم هو الأكثر
وضوحاً والأنشط.
ثالثاً: الحُكم:
إحاطة بعلم عن الأمور والأحوال والأشياء
والمنهج والتشريع فهو علم محيط بالأمور والأحوال والأشياء والمنهج
والتشريع ويعلم أغواره وبواطنه، هذه الإحاطة بعلم من خلال كيان وإطار ومحتوى
ذو قوة وسلطان من تكتل وتآلف وتوافق من خلال قالب (صياغة) يمكن به استرجاع
الأوامر والأمور والأحوال أو الأشياء والمنهج والتشريعات التي هي محتوى هذا الكيان،
ويمكن بما فيه إعادة بناء تلك الأمور أو الأوامر أو الأحوال أو الأشياء
والمنهج والتشريع في عالم الخلق فيصير قرآنًا بين الناس فيتم جمع وضم وتداخل الأمور
والأوامر والأحوال والأشياء والمنهج والتشريع في قالب واحد ذو مقام ومكان وميقات
محل الحكم
خصائص الحُكم
الحكم: إحاطة
بعلم بالكتاب عن الأمور والأحوال والأشياء والمنهج والتشريع.
الحكم: علم
ملتف ومحيط بالأمور والأحوال والأشياء والمنهج والتشريع ويعلم أغواره من
الكتاب وبواطنه.
الحكم: إحاطة
بعلم عن الأمور والأحوال والأشياء والمنهج والتشريع من
خلال كتاب وكيان وإطار ومحتوى ذو قوة وسلطان.
الحكم: إحاطة
بعلم عن الأمور والأحوال والأشياء والمنهج والتشريع من خلال كتاب ذو
تكتل وتآلف وتوافق من خلال قالب (صياغة).
الحكم: إحاطة
بعلم من الكتاب يمكن بما فيه إعادة بناء تلك الأمور أو
الأوامر أو الأحوال أو الأشياء والمنهج والتشريع التي هي محتواه في عالم الخلق
فيصير قرآنًاً بين الناس.
الحكم: إحاطة
بعلم من الكتاب لجمع وضم وتداخل الأمور والأوامر والأحوال والأشياء والمنهج
والتشريع في قالب واحد لكل حكم ذو مقام ومكان وميقات محل الحكم.
رابعاً: النبوة:
وهي لفظ مشتق من كلمة المصدر نبء
النبوة حقيقة
الأمر الإلهي ونقاءه بدون اختلاط هذه الحقيقة متنافرة مع أي أكاذيب، فتقضي
على تلك الأكاذيب التي يتداولها الناس وبها لا يحتاج النبي لمن يدعمه، فيُظهِر بها
الحق على الباطل وينقل الناس بها من حالة لنقيضها من باطل إلى حق فيظهر الحق
على هذا الباطل ويقهره، فتجمع وتوصل وتضم الناس ظاهرهم وباطنهم بين ضدين بين ساحة
الأمر وساحة الخلق فتتوسط النبوة بينهما بحدود وأوامر وعبادات كوسائل للوصول
لغايات الآخرة، فتكون تامة لما قبلها من حدود وأوامر
ورسالات بخير وإتقان فتكون مُتِممة لما قبلها في الوظيفة والمشاركة.
خصائص النبوة
النبوة: من
يحملها فهو يحمل حقيقة الأمر الإلهي ونقاءه بدون اختلاط هذه الحقيقة متنافرة مع أي
أكاذيب.
النبوة: من
يحملها فهو يحمل حقيقة الأمر الإلهي التي يقضي على الأكاذيب والأباطيل التي
تداولها الناس
النبوة: من
يحملها فهو يحمل حقيقة الأمر الإلهي التي بها لا يحتاج النبي لمن يدعمه.
النبوة: من
يحملها فهو يحمل حقيقة الأمر الإلهي التي بها النبي يُظهِر الحق على الباطل ويقهره.
النبوة: من
يحملها فهو يحمل حقيقة الأمر الإلهي التي ينقل بها النبي
الناس من حالة لنقيضها من الباطل إلى الحق ومن الكفر والشرك إلى الإيمان
النبوة: من يحملها فهو يحمل حقيقة
الأمر الإلهي التي بها يجمع ويضم ويوصل ويصلي النبي بالناس بين الدنيا والآخرة.
النبوة: من يحملها فهو يحمل حقيقة
الأمر الإلهي التي بها يجمع ويضم ويوصل النبي الناس بحدود وأوامر وعبادات كوسائل
للوصول لغايات الآخرة.
النبوة: من يحملها فهو يحمل حقيقة
الأمر الإلهي التي بها يُتِم النبي ما قبله من حدود وأوامر ورسالات بخير وإتقان.
تلخيص:
تكمن الحكمة في استخراج العلم والإحاطة به
والوصول لأغوار هذا العلم وهذا العلم الذي نكتسب منه الحكمة ليس علمًا ظنيًا، ولكنه
لابد أن يكون كتابًاً مرسل، يتوافق ما فيه من سنن وأوامر وتشريع مع أحوال الدنيا ويضبطها
إذا ما طبقناها، وهذا يتوقف على مدى إدراك الحكمة من تلك الآيات في علم تطبيقي
يجمعها مع شئون الخلائق بإتقان تام
لهذه الإحاطة بالعلم وتوافقه مع جمعه وضمه وتطبيقه في أحوال الدنيا بما يكامل
ويفاعل بين هذا العلم وحركة الحياة الدنيوية في أقصى إتقان ممكن مع نسيج الحركة
الدنيوية.
والكتاب الإلهي أدرك الرسل والأنبياء
الحكمة منه بإحاطتهم بعلم بالرسالة وأدركوا التوافق بين هذا العلم وأحوال الدنيا
وقوة تأثير هذا العلم وسلطانه على إتقان حركة الحياة الدنيا، فالكتاب والحكمة
قرينان يتزكى الإنسان باستخراج الحكمة من الكتاب وإقرانها ومزاوجتها بصور التوافق
بين العلم والدنيا ليحدث أفضل تأثير على أحوال الدنيا.
فإذا فقدنا الحكمة يكون قد احتجب عنا علم
الكتاب، وكذلك إذا فقدنا الحكمة فلا نتزكى ولا نقرن العلم الصحيح بأمور الدنيا؛
فيصبح الكتاب مهجورًا حيث بافتقاد الحكمة ستكون النتائج المترتبة على التطبيق هي
نتائج سيئة ليست من الكتاب في شيء.
فالله تعالى يؤتي الحكمة لمن يشاء، فتصبح
وظيفته بما آتاه هو الحكم، بكونه أصبح مصدر الحكمة بما أتناه الله من إحاطة بعلم
بالكتاب وكيفية تطبيقه على النحو السليم المتوافق مع أمور الخلق، فيمكن له
باسترجاع الأمر الإلهي في مقام ومكان وميقات محل الحكم في أمور الناس، ولعل أفضل من حكم هم من آتاهم النبوة كونهم يحملون حقيقة الأمر الإلهي ونقاءه
بدون اختلاط مع العلوم الظنية، هذه الحقيقة متنافرة مع أي أكاذيب، فيقضي بها على
تلك الأكاذيب التي يتداولها الناس، فهو مدعوم بهذه الحقيقة من الله، فيُظهِر بها
الحق على الباطل وينقل الناس بها من حالة لنقيضها من باطل إلى حق فيظهر الحق
على هذا الباطل ويقهره، ويصلي النبي على الناس بهذه الحكمة التي آتاه به الله.
تعليقات
إرسال تعليق