قال تعالى:
{اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ
وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ
وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ
فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ
وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ
الْغُرُورِ} (سورة الحديد 20)
الفرق بين
اللهو واللعب في القرآن الكريم
فقد جاء اللفظين في وصف الدنيا، ولنضع مثال ليتضح المعنى
بعيداً عن ما تم تداوله، فالدنيا عناصر مادية إما نلهو بها أو نلعب بها أو نتخذها
زينة أو نتفاخر بها.
وليس كل لهو ولعب واقع فيما حرم الله، وإنما هما صور من
الأفعال بما هو خام أو بما هو مفطور على شيء ما، فسوف نتكلم عما هو محرم ثم نضع أمثلة
عما هو يمكن أن نلهو به ونلعب.
مثالنا سوف يكون على الأرض الزراعية كجزء من
هذه الدنيا، ومن خلال المثال يمكن أن نتخذ منها فهمًا لكل عنصر مادي من عناصر
حياتنا.
أولاً: اللهو
مثالنا الأرض الزراعية، إذا كان الأفضل أن تظل أرض
زراعية، فاللهو الحرام هنا أن نخرجها عن نطاق الزراعة ونجعلها خارج نطاقها وهدم ما
فطرها الله من أجله ونواصل حالة الهدم تلك.
إذاً عموماً اللهو هو إخراج
أي شيء عن فطرته وما أوجده الله من أجله فيهدم فطرته ويواصل هذا الخروج والهدم.
مثال آخر لو اتخذوا الصلاة لهواً، فأخرجوها من نطاق الحكمة منها
وجعلوها صلاة حركية مجردة من الصلة الحقيقية المراد منها من تطهير وتوبة عن
الصلوات بالقول والعمل والفعل بين كل صلاة وصلاة مقامة، فأصبحت عادة حركية مجردة
من الحكمة منها، فما فائدتها لمن اتخذها عادة؟
ثانياً: اللعب
مثالنا الأساسي هو الأرض الزراعية وهنا أيضاً إخراجها من
نطاقها الطبيعي فيعبث في طبيعة الزراعة ذاتها ويتلاعب بما هو خفي وليس في نطاق
إدراكه والذي يتطلب إدراك شامل، فمثلاً يعبث بجينات الزراعة ظانًا أنه سوف يأتي
بالأفضل من الصفات فيبدو ويظهر أنواع مغايرة لنطاقها الأول وسوف يكتشف أنه أضر
السلالة بالتلاعب باحتمالات الجينات.
إذن اللعب هو خروج عن النطاق الأصلي واكتشاف نطاقات أخرى تبدو من داخل النطاق الأول، ولكن مختلفة عنه.
ما هو مقبول
من اللهو واللعب
كل حياتنا لهو ولعب وأنت لا تدرك ذلك، فأنت عندما نحول
الرمل الى جزء من مواد البناء فأنت تلهو، وعندما تحول المادة إلى كمبيوتر فأنت
تلعب، فالعبرة في تقوى الله في كل لهو ولعب وزينة وتفاخر أن يكون بضوابط واحتياجات
دنيوية حقيقية.
الزينة
والتفاخر
ثالثاً:
الزينة
الزينة عي كل أداة أفضل مقترنة بالإنسان يمكن تعطيه
نتيجة أفضل وأحسن وأتقن وأكثر اكتمالًا، ففأس الفلاح زينته في أرضه ومحراثة زينة أفضل
وزينة النساء ما ظهر من وجه وكفين وما بدى ولا يمكن مداراته لبروزه إلا من خلال
خمار وما خفى لا يظهر إلا بتضييق لملابس الأرجل أو يكون في نطاق الزوجة لزوجها،
فتفاصيل جسدها زينة فهي أهم أدوات النساء، والميكروسكوب والكمبيوتر... الخ كلهم زينة.
بل جعل الله كل ما على الأرض زينة ولنا أن نتعامل مع هذه
الزينة في مجال ضبطها وتوافقها مع تقوى الله فيها وبه نتوافق مع الحياة الدنيا
ومتطلباتها.
التفاخر
هي حالة تفعيل مفارقة ما هو معتاد أو الوضع
العادي لاستعمال مادة الأرض والدخول في عمق الشيء الخفي والتحكم والسيطرة عليه أو
به أو من خلاله فيكون تفاخر.
فمن قام بتفعيل شطر وفتح الذرة ومفارقتها لحالاتها
الاعتيادية من استقرار ذري إلى حالة عدم الاستقرار والدخول لعمق منها خفي والتحكم
والسيطرة على هذا الجزء المشطور واستخدامه في أسلحة الدمار فهو تفاخر.
وكذلك كل أدوات التحكم والسيطرة الدنيوية التي أخرجناها
من حالة الاستعمال العادية إلى مستوى التحكم والسيطرة فهي أنواع من التفاخر.
وأخيرًا الفعل الواحد يمكن أن يحتوي على اللهو واللعب
والزينة والتفاخر.
تعليقات
إرسال تعليق