عالم
كلمة عالم بالنسبة لمخلوق لم يكن شيئًا مذكورًا هو إدراك
هذا المخلوق ما كان خفيًا عنه واكتشفه وتآلف معه وتواصل معه من خلال جسد ما يتلاءم
مع هذا العالم.
إذن كل عالم هو بمثابة شيء خفي لا طالما لم ندركه بجسد
ما ولكن يمكن أن ندرك خبره من كتاب الله.
ولكل لفظ عالم صفة غالبة عليه وجميع العوالم تتقاطع معاً
في عالم واحد
فلو تصورنا طبقات تحوي بعضها بعضاً يصعب الفصل بينهم ففي
حركتهم يشكلون نسيج واحد، ولكن كل طبقة تحوي في تفاصيلها صفة غالبة مميزة له
فحين ننظر
لعالم الخلق
فهو عالم مخلوقاته خرجت من خلال تلاحم وتواصل واندماج مخلوقات
بمخلوقات أخرى، فكان الإنسان مثلاً نتيجة نفس وجسد من طين أو ماء مهين بالإضافة
لمواد لا نهائية سواء بتداخلها في طوره الأول أو أطواره المتعاقبة حتى موته.
فتكون صفته الغالبة المادة الناتجة عن عناصر تكوين لا
نهائية نتجت في ظاهرها من كتلة هذه المادة في هذا العالم الدنيوي.
وحين ننظر إلى
عالم الأمر
فهو عالم يضبط عالم الدنيا ويتحكم فيه ويسيطر عليه من
خلال أوامر مطلقة إلهية، أي أن عالمنا الدنيوي مترتبًا على وجود عالم الأمر
وقوانينه التي تتحكم فيما نُدرك من عالمنا وما لا نُدرك.
هنا سوف نعي أن عالم الأمر يحوي عالم الدنيا وكل هذه
الاحتمالات التي أنتجت المادة وجسدتها هي ناتجة عن عالم الأمر، ففي الأصل هو الأمر
الذي قرن هذه المادة وأنتج لها كتلة وحوى كل قواعد وجودها وحركتها ومدى حركتها
وتغيراتها حتى تفنى ظاهرياً لتحل عناصرها في بيئات أخرى ومغادرة النفس التي حلت
على عالم المادة وترتحل إلى عالم الأمر.
وحين ننظر من
جهة أخرى على عالم الغيب والشهادة
فنجدهما عالمين متداخلين، بل نعيشهما معًا فأنت حين تشهد
شيء ما وتتفاعل مع صور وأحداث منه وتهيمن على الشيء محل الشهادة بقوانين وضعها
الله لك لتدركها، فأنت في حالة مشاهدة من خلال مدى إدراكك ومن خلال أدوات إدراكك
سواء كانت أفئدة أو حتى أجهزة وسيطة ودقيقة مثل الميكروسكوب والسونار.. الخ، ولكن
يبقى داخل هذه المشاهدة غيب عنك لا تُدركه أي شيء غائر عميق سوف لا ترى منه إلا ما
بدى منه لك حتى مع أعتى الأجهزة، فهي تدرك لك في حدود قوانين وضِعت حتى لتلك
الأجهزة وما كنت تصل إلى هذه الأجهزة بدون القوانين التي وضِعت لتجدها وتستطيع
استخدامها في نطاق تلك القوانين.
فنحن في يوم ما كنا نرى المادة الصلبة بظاهرها ولا نُدرك
مكوناتها وخلال هذه الرحلة وصلنا لما هو أعمق وسيظل هناك ما هو غيب لا ندركه فيصير
كل ما ندركه عالم الشهادة وكل ما زلنا لا ندركه عالم الغيب.
ويصير عالم الغيب يحوي عالم مشاهداتنا كجزء يحمل الحق
المطلق ونحن نحمل عالم الظن الجزئي، ويصير عالم الأمر يحوي العالمين وعالم الغيب
والشهادة يحوي عالم الخلق.
وهكذا...............................
تعليقات
إرسال تعليق