القائمة الرئيسية

الصفحات

البرميل المشتعل: كيف تدفع أمريكا العالم نحو حرب نفطية لعرقلة الصين؟ الجزء الأول

 


"البرميل المشتعل: كيف تدفع أمريكا العالم نحو حرب نفطية لعرقلة الصين؟"


في ظل برودة الشتاء القادمة، لا يبدو أن دفء الأرض وحده سيتلاشى، بل الاستقرار العالمي بأسره. فبين التوترات العسكرية المحتدمة في الشرق الأوسط، والتحركات الاقتصادية غير المعلنة في دهاليز السياسة الأمريكية، يلوح في الأفق سيناريو يربك الأسواق ويقلب موازين القوى: حرب نفطية كبرى تقودها الولايات المتحدة، تُشعلها صواريخ إسرائيل، ويغلق بوابتها مضيق هرمز بيد إيران.

عودة النار تحت الرماد: إيران وإسرائيل على موعد جديد مع الحرب

بعد شهور من الترقب وإعادة التموضع العسكري، تشير المعطيات على الأرض أن إسرائيل تعيد تسليح نفسها، وتعوض مخزونها الاستراتيجي من الذخائر والدفاعات الجوية، ليس فقط استعدادًا لهجوم وقائي جديد، بل لتصفية أي خطر محتمل من حدودها الشمالية والشرقية، تحديدًا سوريا ولبنان والعراق. الهدف؟ تأمين جبهتها بالكامل قبل التفرغ للمعركة الكبرى: ضرب العمق الإيراني.

وهنا تبدأ الخيوط بالتشابك. فإيران، التي تدرك تمامًا أنها الهدف، لن تنتظر دورها في طابور التصعيد، بل سترفع سقف المواجهة بإجراء طالما كان خطًا أحمر: إغلاق مضيق هرمز، شريان الطاقة العالمي الذي يمر عبره نحو 20% من نفط العالم.

لعبة البرميل: كيف يتحول النفط إلى سلاح أمريكي؟

من السهل أن نُخدع ونظن أن هذه الحرب ستكون محصورة في حدود إسرائيل وإيران. لكن الخطة الحقيقية أوسع وأذكى وأكثر دهاءً. فمع إغلاق المضيق، وتعطيل خطوط الشحن البحري القادمة من الخليج، ستنقطع إمدادات النفط عن الصين وأوروبا، أو ترتفع تكلفتها بشكل خيالي، في وقت لا تزال فيه الاقتصادات العالمية تتعافى من أزمات التضخم والركود السابقة.

أمريكا، التي أصبحت مكتفية ذاتيًا من النفط بفضل طفرة الغاز الصخري، ستكون الأقل تضررًا من الأزمة. بل ستستفيد اقتصاديًا، إذ سيدفع ارتفاع أسعار النفط إلى تعزيز صادراتها، ورفع قيمة الدولار، وزيادة عائدات شركاتها النفطية العملاقة.

أما أوروبا، فستواجه شتاءً مظلمًا مكلفًا، وستُجبر على تقليص استهلاك الطاقة، ما ينعكس على الإنتاج والنمو. لكن الضربة الأكبر ستكون موجهة نحو الصين.

الهدف الحقيقي: إضعاف التنين الأصفر

الصين، التي تعتمد على واردات الطاقة الخليجية لتغذية مصانعها وصناعاتها الثقيلة، ستتلقى ضربة موجعة. ومع تعطل الإمدادات أو تضاعف أسعارها، سيقف الاقتصاد الصيني أمام جدار صلب من التكاليف والتباطؤ. هذه ليست مجرد خسارة تجارية، بل محاولة استراتيجية لتقليص القوة التكنولوجية والتصنيعية للصين، وكبح طموحها في منافسة أمريكا على قيادة النظام العالمي.

إلى أين يقودنا هذا السيناريو؟

في ظل هذه الحسابات، قد يصل سعر برميل النفط إلى ٢٨٠ دولار أو أكثر، وهو رقم كارثي كفيل بإشعال ثورات داخلية في الدول المستوردة، وتضخيم أسعار الغذاء والنقل والدواء، في سلسلة ارتدادية تضرب شعوب العالم كافة.

ما تخطط له أمريكا، أو ما تسمح بحدوثه، ليس مجرد رد فعل على خطر نووي أو صاروخي في طهران. إنه لعبة إعادة تشكيل للنظام الاقتصادي العالمي، عبر إشعال شرارة الحرب في أكثر بقاع الأرض قابلية للاشتعال، وترك بقية العالم يواجه الحرائق وحده.


الخلاصة:

ما بين برودة الشتاء ولهيب الأسعار، لن تكون الحرب القادمة مجرد مواجهة عسكرية، بل زلزالًا اقتصاديًا عالميًا يعيد توزيع النفوذ، ويفرض واقعًا جديدًا على من تبقى من اللاعبين. وفي خضم كل هذا، ستبقى الشعوب تكتوي بسعر البرميل، وتنتظر من يطفئ النار.

تعليقات