كامل عشري يكتب : تأويل (حم) .. من القرآن الكريم
(حم) من الحروف المقطعة في أوائل السور .. جاءت في 7 سور .. واحدة منهم فقط مع حروف أخرى سوف نتناولها على حدة إن شاء الله في مقال خاص بها حيث أنه بها شق خاص بمن يوحى إليه .. وسوف نتناول هنا مواضع (حم) في الست مواضع التالية :
قال تعالى :
{ حم (1) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (2) } (سورة غافر 1 - 2)
{ حم (1) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2) كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (3) } (سورة فصلت 1 - 3)
{ حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (3) وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (4) } (سورة الزخرف 1 - 4)
{ حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (3) } (سورة الدخان 1 - 3)
{ حم (1) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (2) } (سورة الجاثية 1 - 2)
{ حم (1) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (2) } (سورة الأَحقاف 1 - 2)
فنجد أن تلك الأسئلة تفرض نفسها علينا
س1 : ما هي الحكمة في تواجد حرفي (حم) في أول السورة؟!!!!!
س2 : لابد وان (حم) حرفين لهما معنى وإلا ما المبرر في وجودهما؟!!!!!
س3 : لماذا لم يستطع أحد منذ بداية الدعوة أى منذ أربعة عشر قرناً من الزمان وحتى الآن تأويل تلك الحروف، بالرغم من أنهم تصدوا لتأويل القرآن كله بجميع حروفه وكلماته وآياته فى مجلدات ضخمة فى جميع العصور، هل عدم تأويلهم عن عمد أو عن عدم معرفة؟!!!
س4 : ما معنى ودلالة حرفي (حم) في هذه السورة ؟!!!!
=======
وفي إطار محاولة التأويل بقدر علمنا الإنساني للمعنى الكائن بالذات الإلهية من خلال القرآن المجيد سوف نستعرض التالي :
س1 : ما هي الحكمة في تواجد حرفي (حم) في أول السورة؟!!!!!
س2 : لابد وان (حم) حرفين لهما معنى وإلا ما المبرر في وجودهما؟!!!!!
س3 : لماذا لم يستطع أحد منذ بداية الدعوة أى منذ أربعة عشر قرناً من الزمان وحتى الآن تأويل تلك الحروف، بالرغم من أنهم تصدوا لتأويل القرآن كله بجميع حروفه وكلماته وآياته فى مجلدات ضخمة فى جميع العصور، هل عدم تأويلهم عن عمد أو عن عدم معرفة؟!!!
س4 : ما معنى ودلالة حرفي (حم) في هذه السورة ؟!!!!
=======
وفي إطار محاولة التأويل بقدر علمنا الإنساني للمعنى الكائن بالذات الإلهية من خلال القرآن المجيد سوف نستعرض التالي :
- أولاً : قول السلف عن الحروف المقطعة في أوائل السور :
- ثانياً : طريقة الفهم الصحيح للحروف المقطعة :
- ثالثاً : فهم حرف (الحاء) من القرآن الكريم :
- مختصر ما قيل في حرف (الحاء)
- خصائص حرف (الحاء) من القرآن الكريم
- ما وعيناه من دلالات حرف (الحاء) من القرآن الكريم
- رابعاً : فهم حرف (الميم) من القرآن الكريم :
- مختصر ما قيل في حرف (الميم)
- خصائص حرف (الميم) من القرآن الكريم
- ما وعيناه من دلالات حرف (الميم) من القرآن الكريم
- خامساً : تَدبُر.. قول الله تعالى في سورة (حم) في الآيات الستة
============================
أولاً : قول السلف عن الحروف المقطعة في أوائل السور :
- منهم من قال هي مما استأثر الله بعلمه فردّوا علمها إلى اللهولم يفسرها
- منهم من قال هي فواتح افتتح الله بها القرآن
- منهم من قال هي إسم من أسماء السور
- منهم من قال هي إسم من أسماء الله تعالى
- منهم من قال هي حروف استفتحتمن حروف هجاء أسماء الله تعالى
- منهم من قال هي مدة أقوام وآجالهم .. فالألف مفتاح الله ، واللام مفتاح اسمه لطيف ، والميم مفتاح اسمه مجيد . فالألف آلاء الله ، واللام لطف الله ، والميم مجد الله ، والألف سنة ، واللام ثلاثون سنة، والميم أربعون سنة
- منهم من قال هي الحروف الأربعة عشر مشتملة على أصناف أجناس الحروف
- منهم من قال هي ابتدئ بها لتفتح لاستماعها المشركين
- منهم من قال هي كررت ليكون ابلغ فى التحدي والتبكيت.. وكرر التحدي بالصريح قال وجاء منها على حرف واحد كقوله) ص ، ن ، ق) وحرفين ( حم) وثلاثة (الم) وأربعة مثل (المر) و (المص) وخمسة مثل )كهيعص، حمعسق( لأن أساليب كلامهم على هذا مـن الكلمات ما هو على حرف وعلى حرفين وعلى ثلاثة أحرف وعلى أربعة أحرف وعلى خمسة أحرف لا أكثر من ذلك (قلت) ولهذا كل سورة افتتحت بالحروف فلا أن يذكر فيها الانتصار للقرآن وبيان إعجازه وعظمته وهذا معلوم بالاستقراء وهو الواقع في تسعة وعشرين سورة
- منهم من قال (كهيعص) التي جاءت في "سورة مريم: " هو اسم تخشاه السماء والأرض
- منهم من قال هي يستبارك بها الناس ويكتبونها على واجهات منازلهم ومحلاتهم التجارية للبركة دون فهم لمعانيها.
- منهم من قال هي قرع لأسماع وقلوب القارئينللقرآن أو المستمعين إليه ، حتى يتهيئوا لتلقى كلام الله
- منهم من قال هي معجزة لرسول الله( ص) من حيث نطقه بأسماء الحروف ، وهو أمي، والأمي ينطق بأصوات الحروف دون معرفة أسمائها
- منهم من قال هي فيها تنبيها عن إعجاز القرآن الكريمالذي صيغ من جنس تلك الحروف الهجائية التي يتكلم بها العرب ، ويعجزون عن الإتيان بشيء من مثله
ثانياً : طريقة الفهم الصحيح للحروف المقطعة :
هنا سوف نعتمد على ما يعلمنا الله من خلال القرآن الذي يحوي كلماته ويحوي المعنى الكائن بالذات الإلهية . وهو القول الذي صاغه بلسان عربي كقالب صاغه الله تعالى أيضاً ليعبر لنا عن دلالات ومعاني كلماته .. فالمُعلم والمبين لنا هنا القرآن الكريم .. وإذا كنا بصدد أن نتعلم من القرآن .. فليس العلم البشري إلا علم ظني يفتقد هذا الإلهي المطلق
ولعل دائماً ما يضطرب التأويل حينما لا يفهم من يقوم بالتأويل مقصد قول الله تعالى أي عدم فهمه المعنى الكائن في ذات الله ، وبالطبع لن يعلم تأويله إلا الله ، ولكن يظل هناك طرفاً من معنى يمكن أن يدركه البشر هو جزء من المعنى الكائن بالذات الإلهية ، يكشفه الله لنا كل مرة عندما يكشف لنا عن ساق (جانب) من القرآن فنكتشف أفاق جديدة بالقرآن تمنحنا فهماً أعمق لمساعدتنا في فهم أحداث جارية
والإنسان غير قادر على اختراع اللغة ، وبالتالي لابد له من معلم يعلمه بغض النظر عن مفهوم الخلائق لبداية الإنسان فالله تعالى هو الذي علم الإنسان اللغة ، فعندما علم الله اللغة للإنسان كان لابد من إطلاق مسميات على الأشياء ، وتكون هذه المسميات صحيحة لأن علم الله مطلق بالأشياء وقدرته على الصياغة أيضا مطلقة وليس مثل البشر ، فعلم الله تعالى اللامحدود بالشيء ومميزاته وخواصه وتغيراته وقدرة الله المطلقة سبحانه على صياغة ما علِمهُ تجعل من تسميته للشيء تسميه مطلقة لا عيب فيها ، بحيث تكون الكلمة التي يطلقها الله تعالى على الشيء تختصر كل خواص هذا الشيء بداخلها بحيث لا يحيط بمعناها الكامل أي مخلوق فكلمات النص القرآني من المستحيل أن تكون من صنع البشر وإلا كان القرآن ناقص وليس مطلق لان كلمات البشر ناقصة وليست مطلقة
فالقرآن الكريم يحتوي على :
- الكلام : هو المعنى الكائن بالذات الإلهية .. لذلك لن يعلم تأويله إلا الله
- القول : فهو صياغة الكلمة التي هي كائنة بالذات الإلهية بقالب لغوي عبر لغة (لسان عربي)
فالبيان .. هو من عند الله .. فقد قال تعالى :
{ لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19) } (سورة القيامة 16 - 19){ وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا (33) } (سورة الفرقان 33)
فكيف يأتي أحدهم ليقول لك أن فلان فسر القرآن؟!!!!!!! .. فكيف يكون الكتاب الذي جاء ليفسر لنا يفسره أحد فهل المُستًفسِر من الكتاب مُفَسر له .. أم يتعالون على الله
لذا .. كان لزاماً علينا طلب البيان من الله ومن خلال كتابه .. ولكن نعرض عليكم مختصر ما جاء في قول السلف عن الحروف المقطعة ..
ثالثاً : فهم حرف (الحاء) من القرآن الكريم :
1- مختصر ما قيل في حرف (الحاء) :
قيل فيه نماء متعاظم من داخل الحركة وقيل الحاء فحق حي عظيم وقيل حرف الحاء مهموس رخو، يحدث صوته باندفاع النّفَس بشيء من الشدة مع تضيِّقٍ قليل مرافق في مخرجه الحلْقي، فيحتك النفَس بأنسجة الحلْق الرقيقة، ويحدث صوتُ هو أشبه ما يكون بالحفيف. وقال العلايلي عنه: إنه (للتماسك، وبالأخصِّ في الخفيات، ويدل على المائية).
2- خصائص حرف (الحاء) من القرآن الكريم :
وهنا سوف ندرس مصدر بعض الأفعال التي تبدأ بحرف الحاء بالقرآن الكريم طلب للبيان من الله تعالى لفهم حركة ومعاني ودلائل وخصائص حرف الحاء :
- حق :
{ بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ (18) } (سورة الأنبياء 18)
{ قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (48) قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ (49) } (سورة سبأ 48 - 49)
فبالـ (الحاء) العلم المحيط والذي مصدره هنا الله تعالى .. علم عن الشيء والحال والأمر ويعلم أغواره .. وبالـ (القاف) يخرج هذا العلم من من مصدره (الله تعالى) ويتم قذفه في الحال أو الأمر أو الشيء (ساحة الخلق وما بها من باطل) فيندمجان فينتج عن هذا الإندماج الناتج عن القذف حالة جديدة مغايرة للحالة الأولى فيها يتم دمغ الباطل بحيث تزول آثار الحالة الأولى نهائياً (الباطل) فلا يبقى لها أثر وتنمو من داخل الحالة الأولى حالة جديدة مختلفة كل الاختلاف عن الحالة الأولى (الحق) فلا يمكن أن تعود لحالتها السابقة كما كانت وهذا التحول يعتمد في سرعة وقوة كلمة حرف القاف المصاحبة له (الحق)
خصائص (الحق) من خلال معاني حروفها :
- الحق : بيانه ودليله وبرهانه لابد أن يكون من خلال علم الله الذي بين أيدينا
- الحق : لابد أن يكون من خلال علم محيط بالشيء والأمر والحال ولا يمكن أن يكون ناتج عن علم ظني
- الحق : يدمغ الباطل ويمحو أثره
- الحق : ينتج عنه حالة جديدة ويمحي أي أثر للحالة السابقة من الشك والباطل محواً تاماً
- حكم :
قال تعالى :
{ وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (42) } (سورة المائدة 42)
فما الحكم إلا عن علم .. وليس كل علم بل علم محيط بالشيء أو الحال أو الأمر
الذي يُحكم فيه
فبالـ (الحاء) يحاط بعلم عن الأمر والحالة و والشيء محل الحكم ويعلم أغوار الأمر فيه ملتف بجميع أحوال القضية وخباياها .. وبالـ (الكاف) فيكون الحكم الناتج عن تآلف هذا العلم عبارة عن قالب وصياغة لهذا العلم في محتوى واطار وقالب (حيثيات الحكم) .. وبالـ (الميم) يتم جمع وضم كل محتويات القضية من تحقيقات وما نتج عنها ن علم وبيان وحيثيات للحكم فيتم وضعهم في قالب واحد ومقام واحد وعنوان للحقيقة واحد يتم على أساسه الحكم النهائي
خصائص (الحكم) من خلال معاني حروفها :
- الحكم : لا يكون إلا بعد علم وإحاطة بالأمر أو الشيء أو الحال محل الحكم وأغواره وخباياه
- الحكم : ناتج عن التأليف بين الأمور الشتى بموضوع الحكم
- الحكم : صياغة لهذا العلم والإحاطة في قالب
- الحكم : ضم جميع محتويات القضية أو الأمر أو الحالة محل الحكم في قالب واحد ومقام واحد وعنوان للحقيقة واحد يتم على أساسه الحكم النهائي
والحكم يحتاج إلى الحكمة .. والحكمة هي القدرة على الإحاطة بالعلم عن الموضوع محل الحكم والقدرة على تأليف الأمور والأحوال وضبطها وصياغتها بما يمكن به إستخلاص الحقيقة وعنوانها من خلال حسن البيان لهذا العلم
- حقق :
- حفظ :
{ يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ (65) } (سورة يوسف 65)
فبالـ (الحاء) يتم الإحاطة بالعلم عن الشيء موضوع الحفظ فهو علم ملتف ومحيط بالشيء ويعلم أغواره ليتمكن صاحبه من الحفاظ على الشيء أو الأمر أو الحالة .. وبالـ (الفاء) القدرة على فرق الأمور والأحوال والأشياء والمراحل وتمحيص الأشياء الخطرة على موضوع الحفظ وزيادة وتطوير ونمو موضوع الحفظ .. وبالـ (الظاء) ملازمة موضوع الحفظ بعلوه في الإهتمام عن اي آخر حامياً له ويحول دونه
-----------------------------------
ونكتفي بهذا القدر .. من دراسة الحركة والخصائص .. والتي إستقينا منها :
3- ما وعيناه من دلالات حرف (الحاء) بالقرآن الكريم :
من خلال دراسة الكلمات السابقة التي وردت بالقرآن الكريم بحرف القاف نستنتج أن حرف (الحاء) خصائصه :
الإحاطة بالعلم عن الشيء فهو علم ملتف ومحيط بالشيء ويعلم أغواره
رابعاً : فهم حرف (الميم) من القرآن الكريم :
1- مختصر ما قيل في حرف (الميم) :
قالوا فيه هو حرف إتمام النواقص لإتمام العمل والحركة وقالوا الميم فمالك الملك ومن أهم الحروف عند الروحانيين، فهذا الحرف عندهم رمز للنبي الأكرم محمد (صلعم) وحرف الميم له علاقة بصفات واسماء من مثل: ملكوت وملك.. ولما كان حرف الميم في حساب الجمل اي الابجدية هو (40) فقد قالوا: ان بين الانسان وبين الله سبحانه اربعين درجة على العارف ان يسلكها نحو الحق. اما الشعراء في الادب الاسلامي فقد كانت (الميم) عندهم رمزا لفم المحبوب الضيق.. وقالوا مجهور،متوسط الشدة أو الرخاوة. شكله في السريانية يشبه المطر وهو عند العلايلي (للانجماع)، وهذا واحد من معانيه .. يحصل صوت هذا الحرف بانطباق الشفتين على بعضهما بعضا في ضمة متأنية وانفتاحهما عند خروج النفس. ولذلك فإن صوته يوحي بذات الاحاسيس اللمسية التي تعانيها الشفتان لدى انطباقهما على بعضهما بعضا، من الليونة والمرونة والتماسك مع شيء من الحرارة.. وهكذا فإن خصائص صوت هذا الحرف موزعة بين اللمسي الإيحائي والبصري الإيمائي، مع ملاحظة وجود التناقض بين الانغلاق والانفتاح في خصائصه الإيمائية.
2- خصائص حرف (الميم) من القرآن الكريم :
وهنا سوف ندرس مصدر بعض الأفعال التي تبدأ بحرف الميم بالقرآن طلب للبيان من الله تعالى لفهم حركة ومعاني ودلائل وخصائص حرف الميم :
- متع :
قال تعالى :
{ بَلْ مَتَّعْتُ هَؤُلَاءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى جَاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ (29) } (سورة الزخرف 29)
فبالـ (الميم) تم جمع وضم وتداخل أشياء وأحوال وأمور ووضعها في قالب واحد وهي هنا مدى العلم الدنيوي وأمورها وأحوالها .. وبالـ (التاء) تم إتمام هذه الأشياء والأمور والأحوال المتشاركين في الوظيفة للحياة الدنيوية وبالـ (العين) تم كشفها لهم فوصلوا بها إلى أعماق علم كان خفياً من قبل ولم يكن يراه أحد من قبلهم مدركاً عمقاً لم يكن بالغيه من قبل .. وبناء على كشف ما هو خفي سوف يتغير حالة المكتشف بطبيعة الحال حيال ما إكتشفه من علم فإما يكون ناظراً وإما يكون مبصراً فكانوا ناظرين ليس مبصرين حتى جائهم الحق وما كانوا غير مبصرين
- محق :
قال تعالى :
{ يَمْحَقُ اللهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276) } (سورة البقرة 276)
فبالـ (الميم) جمع وضم جميع ممارسات وأحوال وأمور الربا في قالب واحد .. وبالـ (الحاء) يحيط به إحاطة تامه بعلم بكل معاملة فيه ونتائجه .. وبالـ (القاف) يخرج هذا العلم الإلهي مندمجاً في حركة هذا المال المرابى فيه فيبطله ويمحي أثره .. بحيث تزول آثار الحالة الأولى ظاهرة الربح والزيادة في المال نهائياً فلا يبقى لها أثر .. وتنمو من داخل الحالة الأولى حالة جديدة مختلفة كل الاختلاف عن الحالة الأولى فلا يمكن أن تعود لحالتها السابقة كما كانت فيصبح المال مصدر إزعاج لصاحبه وبالاً عليه وعلى المجتمع الذي فيه فينقلب حالهم من ظاهر الكسب للخسارة وزيادة فقر المجتمع وزيادة البطالة وإنكماش السوق وتضخم الأسعار وانخفاض الإنتاج فيصبح المال الذي تم جمعه من الربا بقيمة منخفضة عما كان فيزول أثار الربح الذي كان يظن أنه ربحها بإنخفاض قيمة ماله المستمرة داخل المجتمع
بل أن الربا في جميع الأحوال سوف يمحى أثره .. فلابد أن يأتي يوم لا يمكن الإستمرار بالربا فلابد من سقوط حضارات وتمحى أنظمة ولا تبقى إلا أمم كانت الصدقة فيها هي الرائجة .. فالحضارة الحالية التي أساسها في النظام العالمي الإئتماني سعر الفائدة .. إن لم يمحي الإنسان تلك النسبة وتعود للسالب بالنسبة التي وضعها الله للزكاه بمعدل 2.5% .. من المال المدخر .. فسيواجه العالم حروباً تمحوا هذه الحضارة الشيطانية الزائفة
خصائص (محق) من خلال معاني حروفها :
- المحق : هو جمع وضم ما سوف يتم إزالة أثره
- المحق : هو الإحاطة التامة بما سوف يتم إزالة أثره
- المحق : هو العلم التام بطبيعة وحركة ما سوف يتم إزالة أثره
- المحق : هو قوة شديدة وسلطان لإزالة أثر الشيء
- المحق : هو إزالة أثر الشيء فلا يمكن أن يعود كما في حالته الأولى
- محص :
قال تعالى :
{ وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141) } (سورة آل عمران 141)
فبالـ (الميم) يتم جمع والمراد إختبارهم وأحوالهم وأمورهم في قالب واحد في مواقيت وأماكن مختلفة (المؤمنين) وبالـ (الحاء) بالإحاطة بعلم عن هذا المؤمن من خلال اختباره فيعرفوا ويعلموا ما خفي عن أنفسهم وهو علم ملتف ومحيط بالمؤمن ويعلم أغواره من خلال ابتلاءات واختبارات تصل إلى .. بالـ (الصاد) مركزية المركزية وعمق العمق للمؤمن فيكشف عن توجهه لله ورجاءه .. فمن ذات الصاد يعطيه الله المعونة الأمرية نتيجة هذا الرجاء للقدرة على إجتياز الإختبار محل التمحيص بأن يعود المؤمن للأصل وهو الله تعالى الذي يُرَد له كل شيء
وفي المقابل (يمحق) من خلال (الميم) فيتم جمعهم وضمهم في قالب واحد (الكافرين) بعد أن يقوم حرف (الحاء) بالإحاطة بعلم عن هذا الكافر من خلال اختباره فيعرفوا ويعلموا ما خفي عن أنفسهم وهنا (القاف) خروج هذا العلم الإلهي مندمجاً في المجتمع فيبطله ويمحي أثر الكافرين بعد لجوء المؤمنين الذين تم تمحيصهم له برجاء فيعطي المعونة الإلهية والأمر بمحق هؤلاء الكافربن
خصائص (محص) من خلال معاني حروفها :
- محص : هو جمع وضم ما سوف يتم إختباره
- محص : هو الإحاطة التامة بما سوف يتم إختباره
- محص : هو العلم التام بطبيعة وحركة ما سوف يتم إختباره
- محص : هو قوة شديدة وسلطان تمارس على من يتم إختباره
- محص : هو إصابة لمركز وعمق من يتم إختباره
- محص : من يتم إختباره يحتاج من أجلها معونة إلهية لإجتياز الإختبار تأتي برجاء الله تعالى
- مع :
قال تعالى :
{ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) } (سورة الشرح 5)
فبالـ (الميم) بها يتم جمع وضم يسراً للعسر فيكونوا في قالب واحد في الميقات والمكان ويحل يسر محل العسر .. فبالـ(العين) يكشف عن خفي وهو يسر بالوصول إلى أعماق علم كان خفياً من قبل ولم يكن يراه أحد من قبل مدركاً عمقاً لم يكن بالغه .. وبناء على كشف ما هو خفي سوف يتغير حالة المكتشف حيال ما إكتشفه من علم فإما يكون ناظراً وإما يكون مبصراً ..لمقادير الله من تلك المعية فبالإبصار يجد (يسراً كثيراً في معية ما يظنه ظاهراً العسر)
-----------------------------------
ونكتفي بهذا القدر .. من دراسة الحركة والخصائص .. والتي إستقينا منها :
3- ما وعيناه من دلالات حرف (الميم) بالقرآن الكريم :
من خلال دراسة الكلمات السابقة التي وردت بالقرآن الكريم بحرف (الميم) نستنتج أن حرف (الميم) خصائصه :
جمع وضم وتداخل أشياء ووضعها في قالب واحد .. ويعني المقام والمكان والميقات ومحل الأمر
خامساً : تَدبر.. قول الله تعالى في سورة (حم) في الآيات الستة :
في الآيات الست .. السياق والخط البياني للآيات جميعها تتكلم عن القرآن الكريم وفيهم (حم) ثابتة في كل آية ونعيد ترتيبهم حسب ما سوف نتناوله من إيضاح للمعاني والدلالة
(1)
{ حم (1) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (2) } (سورة غافر 1 - 2)
{ حم (1) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (2) } (سورة الجاثية 1 - 2)
{ حم (1) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (2) } (سورة الأَحقاف 1 - 2)
(2)
{ حم (1) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2) كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (3) } (سورة فصلت 1 - 3)
(3)
{ حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (3) وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (4) } (سورة الزخرف 1 - 4)
(4)
{ حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (3) } (سورة الدخان 1 - 3)
وإذا إستعرضنا ما وعيناه عن حرف (الحاء والميم) نجد أن معناهم كالتالي :
- (الحاء) : الإحاطة بالعلم عن الشيء والحال والأمر والمجال فهو علم ملتف ومحيط بالشيء ويعلم أغواره
- (الميم) : جمع وضم وتداخل أشياء ووضعها في قالب واحد .. ويعني المقام والمكان والميقات ومحل الأمر
فالله تعالى هذا كلامه ويحمل المعنى الكائن بذاته في قول على شكل قالب لسان عربي هو كتاب الله فيصف لنا من خلال الحاء والميم هذا الكتاب بقوله :
- حم : العلم الذي به المعنى الكائن بذات الله وفيض من علمه المحيط والذي به أغوار هذا العلم كونه من عند الله فلا يضاهيه علم ظني من علوم الدنيا وضعه الله تعالى وضمه في قالب (لسان عربي) وفي كتاب هو (القرآن الكريم) بحركته في فؤاد وقللوب المؤمنين فيكون صالحاً لهم وهادياً لهم في كل ميقات وفي كل مكان فهو على هذه المعنى والدلالة :
فبهذا العلم الذي به المعنى الكائن بذات الله وفيض من علمه المحيط والذي به أغوار هذا العلم كونه من عند الله فلا يضاهيه علم ظني من علوم الدنيا وضعه الله تعالى وضمه في قالب (لسان عربي) وفي كتاب هو (القرآن الكريم) فعلى هذا النحو :
- تم تنزيل الكتاب من عند الله العزيز العليم – العزيز الحكيم
- تم تنزيل الكتاب من عند الله الرحمن الرحيم .. كتاب فصلت آياته قرآناً عربياً لقوم يعلمون
- تم تنزيل الكتاب من عند الله وهو أيضاً الكتاب المبين وجعله الله قرآناً عربياً لعلكم تعقلون وأنه في اللوح المحفوظ (أم الكتاب) لعلي حكيم
- تم نزول الكتاب من عند الله وهو أيضاً الكتاب المبين .. للسماء الدنيا في ليلة مباركة ..
وهكذا يمكن أن يستقيم السياق والخط البياني للآيات .. وإن كان يستلزم التوسع في فهم الدلالات والمعاني لباقي الآيات .. اللاحقة للحرفين (حم) إلا أنه نكتفي بموضوع المقال لحين تناول مزيد من الدلالات والمعاني فبل يعلم مبلغ علمه إلا الله تعالى وإلى اللقاء مع حروف مقطعة أخرى
حق النشر والكتابة للكاتب: كامل عشرى
تعليقات
إرسال تعليق