القائمة الرئيسية

الصفحات

لماذا لا يوجد حرف الألف في لفظ (بسم) في القرآن الكريم ؟!

نتيجة بحث الصور عن بسم الله الرحمن الرحيم.
كامل عشري يكتب : لماذا لا يوجد حرف الألف في لفظ (بسم)  في القرآن الكريم؟!
لقد إحتج الملحدون والمشككون في القرآن وقالوا أن القرآن فيه (بسم الله الرحمن الرحيم) بها خطأ إملائي كون لفظ (بسم) ليس بها حرف الألف .. في حين عندما قال الله تعالى : { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) } (سورة العلق 1)  .. جاءت بالألف .. فقالوا أن هناك خطأ إملائي ونقصان يجب تصحيحه
وكي نجيب علىهم يجب أولاً أن نطرح الأسئلة الصحيحة  وهي :
س1 : لماذا جاءت برسمها (بسم) بدون الألف مع لفظ الجلالة (الله)
س2: لماذا جاءت كاملة بالألف (باسم) مع لفظ (ربك)
وسوف نتناول فهم المعنى والدلالة بعرض النقاط التالية :
  • أولاً : مواضع لفظ (بسم)  في القرآن
  • ثانيا : مواضع لفظ (باسم) في القرآن
  • ثالثاً : خصائص أسماء الله على بوجه عام
  • رابعاً : (الله الرحمن الرحيم)  هو إسم لله واحد
  • خامساً  : أسماء الله بها يتم إدارة الكون 
  • سادساً : حركة الألف وحذفها  بين لفظ ( بسم الله – وباسم ربك)
ويجب أن نتعلم ونعلم  أن الله تعالى هو من علمنا اللغة وأعطانا السمع والبصر والفؤاد .. وما نتعجب منه أن حتى علماء المسلمين عكفوا على فهم خاطيء ألا وهو أن اللغة العربية هي لغة القرآن وقواعدها قواعده .. وهذا لشيء عجيب .. فكيف للتلميذ أن يكون قاعدة لأستاذه وكيف يكون الأدنى مقياساً للأرقى .. فصياغة الله غير خاضعة إلى لغة بل اللغة هي التي يجب أن تخضع إليه بكل قواعدها النحوية والبلاغية وإذا وِجد إختلاف فيكون العلة في القاعدة البشرية  .. فمن خلال فهمهم الخاطيء فتحوا باباً لمن أراد هجاء القرآن بأن يقول أن هناك أخطاء نحوية وإملائية وإنشائية بل يتمادوا بقولهم أنه قول بشر ..  فلم يعوا أن القرآن هو الحاكم والمهيمن على اللغة وكونه عربياً ليس معناه أنه لغة عربية .. فاللغة العربية منسوبة للعربي كونها اللغة السائدة في بيئة من يسمونهم عرب  .. ولكن عندما يصف الله لسان القرآن بالعربي ليس معناه أن مرجع الصفة لأقوام صفتهم العربي كونهم لا يخيئون في أنفسهم مشاعرهم كاشفين عنها فأصبح وصفهم عرب من جانب معين في سلوكهم فتم إنتساب لغتهم لهذه الصفة التي تعبر عن هذه المشاعر والسلوك  ولكن عندما يتكلم الله ويصف اللسان فهو يرده للمعنى المطلق لكلمة العربي .. والعربي هو الكاشف للظاهر والباطن فيه .. أما الاعرابي فهو المختلط بين ظاهر وباطن والذي في قلبه نفاق بالنسبة للإنسان فهو وصف عام للأشياء التي ظاهرها لا يحمل كل ما في  باطنها ومن الناحية البشرية لمن لم يتمكن الإيمان من قلبه فكان ظاهره لا يعكس كل ما في باطنه  .. أما الأعجمي هي كلمة لا تعني كما يتداولوا اللغويين  أنها غير اللغة العربية ولكن تعني المعنى المضاد كلياً لصفة العربي أي  المختلف بين ظاهره وباطنه كلياً فهي لغة الشيطان وأتباعه وليس اللغات الأجنبية كما يدعون حيث قال تعالى :
{ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (103) } (سورة النحل 103)
لذلك الأعجمي هو كل من اشرك وكفر ونافق وأجرم فكان ضد آيات الله تعالى العربية المبينة حيث قال تعالى :
{ أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ (197) وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ (198) فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ (199) كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (200) لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (201) } (سورة الشعراء 197 - 201)
فالقرآن كونه عربياً فلفظه يحمل المعاني المطلقة ليس كما يدعون أنه هناك مبهمات ولكن به ما هو مختزن بيانه لعلم لاحق يفيضه الله علينا على حسب الميقات والمكان لبلوغ الإنسان علم دنيوي يؤهله لفهم ما كان غير قادر على إستيعابه من معاني فهو مفصل لكل زمان ومكان على حسب حاجته منها ولا ينقضي نفعه  كالأعجمي  الشيطاني الذي مرده إلى النار .. فالقرآن لن ينفع إلا من كان يريد هذا النفع ولن يجليه الله إلا لمن أراد ورجى جلاءه له لذلك قال تعالى :
{ وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (44) } (سورة فصلت 44)

أولاً : مواضع لفظ (بسم)  في القرآن:

جاء لفظ (بسم) أوائل السور جميعها ما عدا سورة التوبة) على النحو التالي :
( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)
إلا أنها جاءت بذات الصورة في موضعين آخرين في القرآن الكريم بدون الألف أيضاً في قوله تعالى :
{ وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (41) } (سورة هود 41){ إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30) } (سورة النمل 30)
أي أن لفظ (بسم) جاء بالقرآن الكريم على هذا الرسم بدون الألف (115) مرة

ثانيا : مواضع لفظ (باسم) في القرآن :

جاء لفظ (باسم) بالألف في أربع مواضع بالقرآن الكريم في قوله تعالى :
{ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (74) } (سورة الواقعة 74)
{ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (96) } (سورة الواقعة 96)
{ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (52) } (سورة الحاقة 52)
{ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) } (سورة العلق 1)
وسوف تلاحظ أن لفظ (بسم) جاء مع لفظ الجلاله (الله) في حين أن لفظ (باسم) جاء مع كلمة ربك وسوف نعرف جانب من الحكم في حذف الألف في الحالة الأولى والإبقاء عليه في الحالة الثانية بل أنهما على الوجه الصحيح كمعنى ودلاله في كلا الموضعين فما كان ليضاف الألف في الحالة الأولى ولا أن يحذف في الحالة الثانية
ولكن أولاً سوف نستعرض ما معني إسم الله ودلالته على وجه العموم

ثالثاً : خصائص أسماء الله على بوجه عام :

أسماء الله تعالى هي أنظمة أنعم الله تعالى علينا بها كي ندعوه بها حيث قال تعالى :
{ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (180) } (سورة الأَعراف 180)
والدعوة هنا المقصود بها من حيث مناجاة الله بها وإثباتها لله تعالى من خلال العمل بها ويكون سلوك المؤمن متوائماً معها ويتصف بصفاتها وإثبات هذا الفضل للهت عالى وتأمل عملها في الدنيا وكيفية حركتها كقوانين وأنظمة مسخرة لإستمرار الحياة على الأرض .. فهي ليست مجرد أسماء نرددها  
وجميع اسماء الله تعالى جميعها يمكن أن يتصف سلوك الإنسان بها وتكون سلوكه على الأرض متماشياً مع دلالاتها وخواصها  ما عدا لفظ الجلالة (الله والرحمن) حيث وصف يوسف لنفسه بأنه حفيظ عليم في قوله تعالى :
{ قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (55) } (سورة يوسف 55)

رابعاً : (الله الرحمن الرحيم) هو إسم لله واحد :

فهناك عدد كبير جداً من أسماء الله الحسنى بخلاف المذكورة مفردة .. فعلى سبيل المثال :
لو قلنا .. الله والرحمن والرحيم .. هنا ذكرنا ثلاث أسماء كل واحد بهيئته المفرده له نظام ومجال عمل في الدنيا أما لو قلنا نفس الأسماء بدون واو العطف فإننا هنا نكون في مجال عمل ونظام جديد لإسم جديد هو (الله الرحمن الرحيم) .. وبذلك يكون الله تعالى أعطانا بين أيدينا علماً مترامياً الأطراف يحتاج لمعرفة مجال عمل كل إسم من أسماء الله ومعانيه ودلالاته .. وأعطانا عدد كبير جداً لا يمكن إحصاءه حيث يمكن ضم العديد من الأسماء في مجال عمل واحد

خامساً  : أسماء الله بها يتم إدارة الكون :

فكل صفة من صفات أسماء الله كانت قانوناً يعمل في مخلوقاته فسمعك وبصرك  كان نتيجة لهذه القوانين التي وضعها الله تعالى لتعمل في الدنيا .. فحتى الموبايل الذي بيدك ما كان يمكن للإنسان أن يعطيه القدرة على تصنيعه من مادة الكون إلا من خلال القوانين التي وضعها الله وهي أسماءه وأنظمة إدارة الكون الأخرى مثل نظام الحمد فلو تأملنا الموبايل التي تصفه بالذكاء الإصطناعي كونه متطوراً فمجال عمله جاء نتيجة لهذه الأسماء فهو نتاج قوانين مثل :
  • السميع .. فكانت هذه الألة بها صفة السمع وناقلة لك صوت المصدر
  • البصير .. فكانت هذه الألة بها صفة البصر
  • المصور .. فكانت هذه الألة بها صفة التصوير
  • الحسيب .. فكانت هذه الألة بها صفة الحساب
وغيرها من صفات الأسماء فكما سخر لنا الله تلك الألة ووضع فيها قوانينه لنا أن ندعوه بهذه الأسماء ونعمل بها في حياتنا كي يسخرها الله لنا في عملنا وحركة حياتنا
قانون الله الأعظم  :
فإن  فوق كل الأنظمة التي وضعها الله والتي من ضمنها أسماء الله تعالى قانون الله الأعظم (لا إله إلا الله) فما دونه خلق من كل شيء زوجين كلاهما يكملن بعضهما البعض في حركة الحياة وما كان أحداً ليتفرد بذاته ويتأله على الآخر .. وإذا حدث وحاول أحدهم تأليه صفة على زوجها حدث إخلال بالتوازن وفساد وانقلبت الأحول .. فحتى لو حاول الرجل الاستغناء عن المرأة في حياته أو العكس حدث خللاً وظل الإنسان ناقصاً زوجه وأداة توازنه .. وهكذا في كل أنواع الأزواج التي خلقها الله تعالى

سادساً : حركة الألف وحذفها  بين لفظ (بسم الله – وباسم ربك):

 دلالات وخصائص لفظ (إسم ) :
(الألف)
تأليف  بين شخص أو شيء أو حال أو أمر وبين صفات متفرقة ومشتتة فيتم ضبطهم ضبطاً وتحديدهم وإظهارهم في قالب واحد أو شيء واحد وهو الإسم للشخص أو الشيء أو الأمر أو الحال بحيث يؤنس بهذا الإسم الذي يحوي الصفات مجتمعة للشيء محل القياس والتسمية لأقصى درجة من الدقة وأدنى عدد من الحروف
(السين)
بالألف كان الهدف هو السين ببلوغ المركزية أو العمق لصفة  الأمر أو الشيء أو الحالة والتي من خلال ذلك الوصول يمكن السيطرة على الصفة محل التسمية سيطرة تامة من حيث دقة بلوغ عمق الصفة للتمكن من الانتقال من شيء إلى شيء ومن موضع إلى موضع ومن حالة إلى حالة ومن أمر إلى أمر آخر (حركة صفة الإسم)
(الميم)
 جمع وضم وتداخل كل ما سبق ووضعهم في قالب واحد هو حروف الإسم الذي يشير لملخص الصفات جاعلاً لهام مقام وميقات ومجال عمل باستدعاء هذا الإسم للعمل في مجاله
من خصائص ودلالات (الإسم) :
الإسم : هو ضبط للصفات والخواص المشتتة والمتفرقة بالشيء  أو الأمر أو الحال محل التسمية 
الإسم : هو قالب واحد يضم ويضبط جميع الصفات والخواص في باطن وظاهر الشيء أو الأمر أو الحال محل التسمية
الإسم : يعبر عن حركة الشيء أو الأمر أو الحال في الساحة التي ينشط فيها
الإسم : هو ملخص الصفات والخواص التي يحملها الشيء أو الأمر أو الحالة محل التسمية
الإسم : أكثر تعبيراً عن مركز الصفةات والخواص للشيء أو الأمر أو الحالة محل التسمية
الإسم : االإنسان يؤنس ويأتلف مع الأسماء التي تعبر عن مركز صفات وخواص الشيء أو الأمر أو الحالة محل التسمية
إذن عندما يقول الله تعالى لعبده :
{ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) } (سورة العلق 1)
فهذا العبد يحتاج لحرف الألف هذا كونه يحتاج أولاً قبل أن يقرأ القرآن أن يتألف معه بأن يتآلف أولاً بين أموره المشتتة والمتفرقة داخل نفسه ومشاغله في الدنيا واستحضار نفسه لكي يمكنه الله من تسبيحه أو قراءة قرآنه أو أي مجال يتوجه فيه لله ليكون عمله في مركز تركيزه.. وهنا الله تعالى هو مصدر العطاء بعد طلب ورجاء
أما عندما يتكلم الله تعالى في كتابه  ويعطينا هبات وعطايا أسمه (الله الرحمن الرحيم) كي يكون القرآن في مركز تركيز قارءه وعمق نفسه مسيطراً عليه ليتمكن به بلوغ نطاقات من المعرفة متعددة من خلال القالب الذي بين يديه (الكتاب وما به من قول بلسان عربي) ليبلغ من خلال عطايا الله له معنى كائن بذات الله فيبلغ من خلاله مقام إيماني وعلمي أعلى ومعرفة بالله  ..  فالله تعالى لا يحتاج لتأليف بين أمور وأحوال لذاته لكي يهب لنا عطايا إسمه (الله الرحمن الرحيم) فهو الواحد الأحد الفرد الصمد فكان لزاماً أن لا يكون لفظ (بسم) هنا به حرف الألف التي يحتاجها المخلوق دون الخالق
فالله تعالى يعطي لنا فضل إسمه في القرآن فجاءت في صورة (بسم الله الرحمن الرحيم)  أما نحن الطلاب لهبته وعطاياه فنحتاج الألف لتأليف أنفسنا وإستجماع شتاتها كي نستحق مناجاته وتلقي عطاياه فنحن من نحتاج إليه

حق النشر والكتابة الكاتب : كامل محمد السيد عشري

تعليقات