القائمة الرئيسية

الصفحات

الفتنة الكبرى (الجزء الرابع) : منسأة سليمان عليه السلام





سبق أن طرحنا في الأجزاء السابقة أننا نتجه مستسلمين لعالم يساق بالكامل من خلال التكنولوجيا وقلنا لابد أن نعي أولاً طبيعة ما ألقاه الله على سليمان من علم .. فأشباه وصور هذا العلم سبباً أساسياً في فتنة هذا العصر .. فقد حولوه إلى مسخ وسخروه في إطلاق عنان الطاقة السلبية .. .. وكيف أنه كان لدى سليمان هذا الكرسي التي يتحكم من خلاله في طاقة الجن وطبيعة هذا الكرسي ولماذا كان كرسيه جسداً والذي يتناسب مع الواقع المادي وكيف أن هذا العلم كان بمثابة اختبار لسليمان وأنه أناب به لله أما نحن في زماننا وقد تلت علينا الشياطين صور وأشباه من ملك سليمان فوقعنا في فتنة فقليلاً من أناب ..  فكان لسليمان عليه السلام ما يتحكم بطاقة الجن والذي يتحكم فيهم من خلال كرسيه { يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ } (سورة سبأ 13) .. إذن كان هناك صناعات متقدمة التصاميم كعصرنا .. وكان من ضمن الخصوصية الخاصة بسليمان عليه السلام هو قدرته بالتحكم في الشياطين الذين تمردوا على الله وخرجوا عن وضع التسخير العادي { وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ (37) وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (38) } (سورة ص 37 - 38)
وجميعهم من الجن .. ولم يصرح لنا القرءان عن طبيعة هذه التكنولوجيا وشكلها لأنها حالياً نراها حولنا ولكن فيها شطن لها أي إخراجها من أصلها في طاعة الله وإخراج صور منها يتم استعملها في إفساد الناس والسيطرة عليهم وجعلهم تحت طاعة الشيطان
------------
وفي هذا الجزء سوف نتناول كيف كان يتحكم أو أداة التحكم في هذا الكرسي وكيف كانت بمثابة أداة تحكم حتى في عدم وجود سليمان عليه السلام

تلك هي مِنْسَأَتَهُ  ؟!! التي أكلتها دَابَّةُ الْأَرْضِ التي هي ليست دابة تخرج أو تبث عليها أو منها أو فيها .. بل هي دابتها وليست مخلوق له صفة البث أي الظهور والتكاثر معاً ولكنها ما دون ذلك من مكونات هذه الأرض  عندما تتحرك بأي نوع من الحركة بطيئة أو عنيفة بكامل القشرة الأرضية أو جزء منها أو مواد سطح الأرض .. قال تعالى :
{ فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ  } (سورة سبأ 14)
--------
فلابد أن تفرق بين العصا في القرءان الكريم والمنسأة .. فقد أخرج البعض الكلمة عن معناها كما أخرجوا معنى كرسيه جسداً لاعتمادهم على الإسرائيليات والتي منبعها اليهود الذين في مصلحتهم جهلنا بالقرءان الكريم كي يحاولوا أن يبنوا شبيه لملك سليمان ليتحكموا بالعالم من خلال تلك التكنولوجيا التي خرجت علينا في زمن قياسي ويبحثون عن هيكل هذا الكرسي ويصوروا للعالم أن مسيحهم المُخلص جاء لينقذ العالم .. فما هي منسأته من خلال حروف الكلمة وتشكيلها
ـــــــــــــــ
مِنْسَأَتَهُ :
ـــــــــــــــ
كلمة المصدر نسء .. ولم تأتي في القرءان مشتقاتها سوى برسم منسأته والنسيء فقط
مِ : مِنْسَأَتَهُ .. بها تم جمع وضم وتداخل مجموعة أوامر  في قالب تلك المِنسأة لتتصل وتتحكم بالكرسي .. (كسر الميم) .. مما يعني أن هذا الجمع والضم يخرج الأوامر منها لتعمل على تغيير حال الكرسي ليحل محله حالة أو أمر آخر ليكون حالهم والأمر الأخير هو الأكثر والأوضح والأنشط في عالم الإنسان.. فمن المِنسأة يخرج ويتضح الأمر المطلوب في مجال التحكم بكرسيه الذي يعمل هو الآخر بطاقة الجن وتسخيرها ..

نْ .. مِنْسَأَتَهُ ..  ينتج عنها أمر نقي للكرسي ليعمل بطاقة الجن بنسبة من كل طاقة جن موصولة به بلا اختلاط مع هذه الطاقة سواء مع المِنسأة أو الكرسي فيبقى كل منهما على حالته المادية .. فيكون من خلال المِنسأة يتم الإسكان والتحريك ففيه نسبة نقية من كل أمر يمكن أن يصدر من خلال تلك المِنسأة ..

 سَ :  مِنْسَأَتَهُ .. قالبها المادي  له عمق ومركز يقوم بتأليف وضبط مستمر وسيطرة على مكونات تلك الأوامر الخاصة بتسخير طاقة هذا الجن والكرسي  ويسيطر عليه سيطرة تامة للانتقال به من موضع إلى موضع أو من حالة إلى حالة ومن أمر إلى أمر على حسب إمكانيات المركز المسيطر على الكرسي وطاقة الجن

أَ : مِنْسَأَتَهُ .. فهي تعمل من خلال  تأليف وضبط مزدوج ومتكرر ومستمر ما بين سليمان عليه السلام بإصداره الأمر من خلال مِنْسَأَتَهُ والتأليف والضبط تبعاً لذلك بينها وبين الكرسي من خلال طاقة الجن وأنواع الأوامر التي مكنه الله منها فيصيروا كأنهم جسداً واحداً أو شيئاً واحداً من خلال مجموعة الأوامر التي تشملها عمق ومركز مِنْسَأَتَهُ ..

تَ .. مِنْسَأَتَهُ .. من خلالها يٌتمم الأمر لإنجاز العمل ..  أمر من بعده أمر لحين تمام الأمر والعمل بخير وإتقان شيء أو هلاك وتلف شيء فمِنْسَأَتَهُ متساوية ومتتامة ومتشاركة مع الكرسي في الوظيفة والمشاركة فمن خلالها يتم التفعيل والتفاعل ومتابعة تنفيذ الأمر بتأليف وضبط مستمر لهذه الأوامر ..

ـهُ : مِنْسَأَتَهُ .. يهيمن عليها سليمان عليه السلام مهندساً لمواضع استعمالها بجمع ووصل خواص باطنه للأمر بخواص ظاهرة توصل بين سليمان عليه السلام والكرسي وطاقة الجن (ما سخره الله له) كبيئتين مختلفتين فتتوسط مِنْسَأَتَهُ ما لا رابط بينهما فهي أداة وصل الأمر والهيمنة عليه وهي وسط بين حدود ووسيلة بين غايات
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فدائماً ما يتبادر للذهن كيف تحكم سليمان عليه السلام في هذا الجن وما هي مِنْسَأَتَهُ وما هو كُرْسِيِّهِ جَسَدًا .. ونبدو في حالة استغراب رغم أن في زماننا قد تلى الشياطين علينا جزء منه كما قال تعالى :
{ وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا } (سورة البقرة 102)
فمثلاً يتصور الإنسان في عصرنا الحالي أنه يمكن أن يقوم ببرمجة آلة بحاسوب للقيام وإنجاز أعمال معقدة جداً .. متى توافرت طاقة التشغيل وجسد الآلة ويظن أن البرمجة التي في الآلة هي التي تنجز جميع الأعمال للتنسيق بمعالجة تلك البرمجيات والشفرات للتعريف ما بين الآلة وموضوع البرمجة .. فيبدأ الجهاز بالعمل بدقة متناهية .. هذه العملية الوسيطة للشيء الخفي الغير مُدرَك حتى لصانع الآلة نفسه ما هي إلا طرق تسخير الله تعالى لطاقة هذا الجن ونزعها من عالمها السابح حولنا لتكون أدوات في نقل الصورة والصوت من مكان لمكان وتقنيات الديجيتال والإنترنت وسياحة وسباحة البيانات والملفات في شبكة عنكبوتية واستخدامات حديثة وتقنيات حديثة من الشعاع الأزرق وغيرها من برمجيات لصناعات دقيقة إلا أننا لا نعلم منطقها كما سليمان عليه السلام وإن كان هناك تشابه في كثير من أدوات التسخير وسعيهم للنفاذ لهذا العالم الخفي والسيطرة على العالم فقد قال تعالى
{ وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ (12) يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (13) } (سورة سبأ 12 - 13)
 فإن أساليب الرفاهية التي يعيش فيها الإنسان رغم أنها في ظاهرها رفاهية إلا أنها تعطي الإنسان طاقات سالبة بعكس طاقات الملائكة .. مما يسبب للإنسان الإرهاق رغم أنها سهلت له كثير من الأعمال وميل لاستعمال تلك الأدوات في مفاسد الحياة وهذا ما يسعونه من خلال انتشار تلك الطاقة بكميات تفوق قدرة الإنسان على تحمل مفاسدها ومفاتنها ويشار إليها في الأثر بفتنة الدجال كونها فتنة تحاول الاقتراب إلى أسرار مُلك سليمان عليه السلام  
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فكيف أكلت دابة الأرض مِنْسَأَتَهُ .. وما هي دابة الأرض ؟
إلى اللقاء في الجزء الخامس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

روابط الأجزاء سوف يتم تحديثها بمجرد صدورها
------------------------------------------------
الفتنة الكبرى (الجزء الثالث) : لماذا كرسي سليمان عليه السلام جسداً
الفتنة الكبرى (الجزء الرابع) : منسأة سليمان عليه السلام
الفتنة الكبرى (الجزء الخامس) : ما هي دابة الأرض التي اكلت مِنْسَأَتَهُ
الفتنة الكبرى (الجزء السادس) : عرش بلقيس ..عروشها .. يعرشون .. معروشات
الفتنة الكبرى (الجزء السابع) : الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى .. خصائص العرش الإلهي – وكيفية تنفيذ الأمر اسْتَوَي
الفتنة الكبرى (الجزء الثامن) : كيف تقدس الملائكة لله وما دور العرش في ذلك التقديس

تعليقات