تكلمنا
في الأجزاء السابقة عن كرسي سليمان عليه السلام وما هو وما طبيعته وما هي منسأته
وما هي دابة الأرض التي أكلتها كلها وليس جزءاً منها كما يدعي البعض ويتصور أنها
عصا خشبية يتوكأ عليها .. .
وسوف
نتناول خصائص عرش بلقيس .. وما معنى كلمة عروشها ويعرشون ومعروشات .. تمهيداً
لمعرفة خصائص عرش الله العظيم
وقد قالوا عن عرش بلقيس أنه ما تجلس عليه
لإدارة ملكها وباقي المشتقات يعرشون ومعروشات وعروشها كلها يرونا أشياء مرفوعة عن
الأرض أو أسقف .. فهيا نرى هل هذا المقصود بها أم لا
--------
العرش
--------
قال تعالى :
{ إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ
مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23) } (سورة النمل 23)
.. (ع) .. العرش .. الواصل الكاشف لأعماق خفية غير مُدرَكة فيميز ما
بها .. (ر) ..
العرش .. ويربط
تلك الأعماق الخفية وما بها من أشياء بهذا العرش الكاشف والتحكم في كشفها وأطرافها
حتى لو بدون اتصال مادي وحسي .. (ش) .. العرش .. هذا الكاشف يكشف صورة أخرى من أصل تلك
الأعماق الخفية أو أشباه منها أو شق منها ويسمح هذا الكاشف أن يوجِد هذه الصورة أو
الشبيه أو الشِق من هذا العمق البعيد عنه فيجعله يتفشى وينتشر ويشتهر فهو كاشف صور
أخرى من هذا العمق الخفي أو الغير مُدرَك
والكلمة ومشتقاتها جاءت
بالقرءان الكريم بعدد تكرار على النحو التالي :
الْعَرْشَ (1) الْعَرْشِ (19) بِعَرْشِهَا (1) عَرْشٌ (1) عَرْشَ (1) عَرْشَهَا(1) عَرْشُكِ (1) عَرْشُهُ (1) عُرُوشِهَا (3) مَعْرُوشَاتٍ (2)
يَعْرِشُونَ (1)
وإذا كان العرش
المادي لبلقيس يكشف لها أعماق خفية في أماكن بعيدة عنها ويربط هذا الكشف بهذا
العرش وينشره لديها من أماكن بعيدة بهذا العمق الخفي عنها ليصلها صورة منه لديها وهي في مكانها لإدارة ملكها ..
فهو جزء من علوم التكنولوجيا الحالية نعيشه إلا أن الكشف يكون لصورة أطراف الأجسام
بهذا البعيد الخفي عنا .. فهذا التلفزيون أو التليفون والميكروسكوبات الدقيقة وأدوات الكونفرانس وغيرها من الأجهزة الناقلة لأعماق خفية وهي
تمثل كمُرسلات لهذا الكشف عن طريق العصف للصورة أو الصوت أو الشبيه من أصل الشيء بهذا العمق .. فيكون
هذا الجهاز الذي بين أيدينا بمثابة عرش لنا إذا كنا متحكمين بعملية النقل بالكامل
دون إرادة المتواجدين بهذا العمق الخفي .. كما في كاميرات المراقبة وغيرها وهي
تنقل لنا أطراف الأشياء أي ترسم صورة خارجية للأشياء والأجسام
وإن كان مادياً
كان عرش بلقيس عظيم ففي المقابل كان هناك لدى سليمان عليه السلام كرسيه جسداً والذي
شرحنا إمكانياته أيضاً وكلاهما علوم عالية التقنية فكان محاولته خفض تكبرها بعلمها
التي تملك فيما بين يديها بعلم سليمان الخاضع به لله تعالى فعرض لها كيف أنه
استدعى عرشها الذي هو عنوان تقدم مملكتها وأدخلها الصرح الممرد والذي سوف نتناوله
فيما يلي من أجزاء إن شاء الله
والآن لنتعرف على
بعض مشتقات كلمة العرش بالقرءان الكريم حتى نزيل ما توارثناه من مفاهيم خاطئة عنها
--------
العروش
---------
قال تعالى :
{ أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ
عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِهَا } (سورة
البقرة 259)
والعروش .. تم إضافة حرف واحد لكلمة المصدر عرش ألا وهو الواو .. فهذا الذي يكشف عن العمق الخفي بالشيء وموصول
به في ذات الوقت والذي يربط هذا العمق ويترابط معه موصول به ومتصل ومتواصل وينتشر
ويتشعب بهذا الشيء الذي يوجد به العروش ..
.. (ع)
.. العروش ..
واصلات لأعماق خفية غير مُدرَكة فيميز ما
بها .. (ر) ..
العروش .. ويربط تلك الأعماق الخفية وما بها من أشياء ويتحكم
فيها وبأطرافها .. (و) .. العروش ..
هذه
الواصلات توصل بين بيئتين مختلفتين أو ساحتين أو عضوين أو أكثرفيما بينهم متواصلة
ومتصلة فهي رابط بين ما لا رابط بينهم ..
(ش) .. العروش ..
هذه الواصلات كاشفات
لتلك الأعماق منتشرة ومتشعبة تنقل من وإلى
الساحات المتعددة أشباه وصور أو شق من أصل مواد وأشياء فَيُسمح من خلالها أن يوجد تلك الصور والأشباه في تلك العروش
لتنتشر وتتشعب فتوصله بعيداً عن مكانه
الأصلي فتجعله يتفشى وينتشر
فكل ما حولنا في كل كائن حي به عروش يصل ويتصل بكل عمق خفي فيه وتربط هذه العروش بين كل عمق خفي وتنقل صورة وشبيه وشق من هذه العروش بالعمق الخفي لتستمر حياته وحواسه وأفئدته في العمل وتحافظ على حياته فهي عروق ورق الشجر وشعيرات سوق الشجر وشعيرات جذوره وهي العروق والأعصاب في الإنسان وشرايينه وكذلك في كل شيء حي صغيره وكبيره .. فإذا خلت القرية أو الأرض من عروشها ماتت الحياة فيها تماماً وانعدم إمكانية بزوغها بدون هذه العروش لذلك أستبعد عودة القرية للحياة من جديد لخلوها من عروشها تلك التي يمكن أن تعيد تدفق الغذاء في أطراف النبات فيها
---------
يعرشون
---------
قال تعالى :
{ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ
وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ (137) } (سورة الأَعراف 137)
{ وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي
مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68) } (سورة
النحل 68)
فما يعرشون .. هي كل ما يصنع الإنسان من (ع)
أعماق يخفي أشياء بها أياً كانت لغرض ما ويجعله غير مُدرَك داخلها (رِ) رابطاً
بين أطراف هذه الأعماق المتعددة الخفية ويتحكم بها حيث يمكن إخراجها من هذا العمق
الخفي الغير مدرك (ش) حيث يحوي هذا العمق أشباه
متعددة من الأعماق الخفية من هذا العمق (و)
موصولين ببعضهم البعض من خلال هذا العمق الذي يحوي هذه الأعماق المتعددة (ن) كل
عمق منهم نقي عن الأخر مستقل وإن كانوا موصولين بجسم واحد
ولعل خلية النحل المصنوعة من الخشب بما تحويه من خلايا نحل هي شكل من أشكال
مما يعرشون لما أمر الله تعالى النحل أن تسكنها .. فهي تشمل نفس الخصائص
والأدراج
المتعددة وغيرها من تلك الأشكال التي تحوي أعماق متعددة .. هي تطبيقات لها سواء
كانت يدوية أو آلية ..
فالأمر للنحل شمل الأنواع الحالية من خلايا النحل التي يصنعها لها الإنسان
وليس الأسقف التي تمحورت حولها التفاسير
--------
مَعْرُوشَاتٍ
---------
قال تعالى :
{ وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ
وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ } (سورة الأَنعام 141)
وقالوا عن المعروشات المرفوعة على الأشجار وغير المعروشات غير المرفوعة من
الحشائش
ولك طبقاً لخصائص حروف الكلمة فإن الجنات المعروشات .. هي التي أعماقها
الخفية التي تربط بينها وبين بعضها في صور متشعبة
موصولة ببعضها البعض مجموعة في قالب واحد .. فالمواد والغذاء والماء وغيرها
المشتركة في نموها واستمرار أطوارها تحتاج روافد دائمة لوصولها من المواد في مادة
الكون إلى كل جزء بالحديقة .. فالحدائق
المعروشات تمثل تلك التي تتكامل بيئتها في استمرارها من روافد للماء والأملاح
المعدنية وأرض وشجر وبذور متجددة وكافة
احتياجاتها فهي تنمو وتستمر وتدب فيها
الحياة بدون تدخل الإنسان لبقائها متصلة بالرعاية الإلهية الكاملة فتخرج رزقها من تلقاء نفسها نقياً
أما الجنات غير المعروشات .. غير متصلة بأسباب حياتها وبقائها غير متكاملة مكوناتها تحتاج لمن يحقق هذا
التواصل لتستمر وتبقى على حالتها فتحتاج تدخل الإنسان لاستمرارها واستخراج خيرها وعليه كخليفة أن
يرعاها
--------------------
وبعد أن تكلمنا عن العرش ومشتقاته الدنيوية .. جاء الوقت لنتعرف على خصائص العرش الإلهي العظيم .. فلكل محدود يقابله مطلق
وبعد أن تكلمنا عن العرش ومشتقاته الدنيوية .. جاء الوقت لنتعرف على خصائص العرش الإلهي العظيم .. فلكل محدود يقابله مطلق
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فما هو خصائص العرش العظيم
إلى اللقاء في الجزء السابع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
روابط الأجزاء سوف يتم تحديثها بمجرد صدورها
------------------------------------------------
الفتنة الكبرى (الجزء الأول) : فتنة سليمان عليه السلام
الفتنة الكبرى (الجزء الثاني) : كرسي سليمان عليه السلام
الفتنة الكبرى (الجزء الثاني) : كرسي سليمان عليه السلام
الفتنة الكبرى (الجزء السادس) : عرش بلقيس ..عروشها .. يعرشون .. معروشات
الفتنة الكبرى (الجزء السابع) : الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى .. خصائص العرش الإلهي – وكيفية تنفيذ الأمر اسْتَوَي
الفتنة الكبرى (الجزء الثامن) : كيف تقدس الملائكة لله وما دور العرش في ذلك التقديس
الفتنة الكبرى (الجزء التاسع) : ما هي الروح وخصائصها وعلاقتها بتقديس الملائكة لله
الفتنة الكبرى (الجزء السابع) : الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى .. خصائص العرش الإلهي – وكيفية تنفيذ الأمر اسْتَوَي
الفتنة الكبرى (الجزء الثامن) : كيف تقدس الملائكة لله وما دور العرش في ذلك التقديس
الفتنة الكبرى (الجزء التاسع) : ما هي الروح وخصائصها وعلاقتها بتقديس الملائكة لله
تعليقات
إرسال تعليق