والليل إذا يغشى والنهار
إذا تجلى وما خلق الذكر والأنثى
قال تعالى
وَاللَّيْلِ إِذَا
يَغْشَىٰ ﴿١﴾ وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّىٰ ﴿٢﴾ وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ
وَالْأُنثَىٰ ﴿٣﴾
الواو .. في أول تلك الكلمات تعني أن الليل يغشى
النهار ويحجبه في عملية مستمرة موصولة بتجلي النهار على الليل وموصوله بخلق الذكر
والأنثى وحجب الذكر للأنثى وتجلي الأنثى على الذكر.. فصفة الذكورة حاجبة لصفة
الأنثى وتغشاها في الذكر وصفة الأنثى تجلو وتتضح وكذلك أعمالنا السيئة تغشى
أعمالنا الصالحة وتحجبها والأعمال الصالحة تجلو وتمحي ليل الأعمال السيئة فالفطرة
تفريق وتطويع وتحكم وسيطرة في هذا التطويع للمفترقان ليكتمل بهم إتقان حركة الحياة
واكتمالها فهذا العالم مبني على هذه الازدواجية التي تجعله في حالة حركة مستمرة
قال تعالى :
{وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَىٰ} ﴿١﴾ سورة الليل
كلمة المصدر .. غشو
تلك لمرحلة الأكثر تأثيراً في احتجاب النهار حيث
يخرج الليل ويحتجب النهار حتى يصبح النهار محجوب غير مُدرك ومحجوب في محيط ما ويصبح مستور
عن العين أو البصيرة من خلال ظهور أشباه أو شِق من الحجب في صور أكثر احتجابا حتى
يتفشى الحجب وينتشر في ضبط مستمر لهذا الحجب حتى يصبح تاماً ليعطي الصورة الأخرى
ألا وهو الليل والواو تفيد أنها عملية
متصلة من التغشي لشق من النهار ليحل محله الليل في هذا المحيط أو الشِق المحجوب عنه النهار
وهكذا في عملية مستمرة
قال تعالى :
{وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّىٰ} ﴿٢﴾ سورة
الليل
كلمة المصدر جلو
تَجَلَّى
عملية إتمام مستمرة
لتفاعل وتتاخم للظهور على الليل المُحتجب
للنهار بجمع مكونات النهار المتاخم لاحتجاب الليل في المحيط حتى يصير كجسم واحد في
جلال ظهوره وتمامه في أشد حالاته إجمالاً في كامل اجتماعه جالياً بنهار في الحيز
والأبعاد دون اختلاط بالليل فيملأ هذا المحيط
من خلال تلاحم وتواصل بنسيج حركة احتجاب الليل فيتلاصق ويتلاحم بشق منه
مكان شق من فيحجبه فيلبس النهار بشق من الليل ويلتقي بأطرافه بضبط مستمر لهذا
التواصل والتلاحم حتى يصبح النهار مكتملاً تاماً
فيصير النهار حاجباً
لهذا الليل عىي هذا الشكل من الاحتجاب من الليل والتجلي المقابل للنهار على ما تم
حجبه .. فيجتمع النقيضين في مكان واحد فيحجب أحدهما الآخر بتمام ظهور الصفة
الغالبة المتجلية على الصفة المحجوبة
وبذات الكيفية يتم احتجاب
الواقع غير الواضح وظهور صفة في خلق الذكر والأنثى في قوله تعالى :
{وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنثَىٰ} ﴿٣﴾ سورة الليل
فصفة الذكورة تحتجب
صفة الأنوثة .. وصفة الأنوثة تتجلى على
صفة الذكورة بذات التدرج في الاحتجاب
والتجلي للظاهرة الكونية ما بين الليل والنهار ..
{إِنَّ سَعْيَكُمْ
لَشَتَّىٰ} ﴿٤﴾ سورة الليل
وكانت الصورتين
السابقتين لليل والنهار والذكر والأنثى معياراً لأعمالنا الدنيوية في سعينا ما بين
حق وباطل ما بين ليل ونهار ما بين سالب ينتقص وموجب يزداد فإما يزداد تفشي الظلم
والباطل فيغشي الحق والعدل وتتحول الدنيا إلى ليل أو يزاد تجلي الحق والعدل فتتحول
الدنيا إلى نهار سواء على المستوى الفردي أو الجماعي
ولكن مع ذلك
فَأَمَّا مَنْ
أَعْطَىٰ وَاتَّقَىٰ ﴿٥﴾ وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَىٰ ﴿٦﴾ فَسَنُيَسِّرُهُ
لِلْيُسْرَىٰ ﴿٧﴾
قال تعالى :
{وَاللَّيْلِ إِذَا
يَغْشَىٰ ﴿١﴾ وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّىٰ ﴿٢﴾ وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ
وَالْأُنثَىٰ ﴿٣﴾ إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّىٰ ﴿٤﴾ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ
وَاتَّقَىٰ ﴿٥﴾ وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَىٰ ﴿٦﴾ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ ﴿٧﴾
وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَىٰ ﴿٨﴾ وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَىٰ ﴿٩﴾
فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَىٰ ﴿١٠﴾ وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّىٰ
﴿١١﴾ إِنَّ عَلَيْنَا لَلْـهُدَىٰ ﴿١٢﴾ وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَىٰ
﴿١٣﴾ فَأَنذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّىٰ ﴿١٤﴾ لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى
﴿١٥﴾ الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ ﴿١٦﴾ وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى ﴿١٧﴾ الَّذِي
يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّىٰ ﴿١٨﴾ وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَىٰ
﴿١٩﴾ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَىٰ ﴿٢٠﴾ وَلَسَوْفَ يَرْضَىٰ
﴿٢١﴾} سورة الليل
تعليقات
إرسال تعليق