القائمة الرئيسية

الصفحات

غربة دين الفرد داخل دين المجتمع

 


إشكالية الفرد مع الدين تكمن في اختلاف السلوك المرجو من خلاله، وهذا مرهون بقناعات المجتمع ككل، فهناك فرق كبير بين دين الفرد ودين المجتمع.

فالمجتمع يعمل دائماً على إزاحة دين الفرد نحو ما أراد من خلال النسبة الغالبة من المجتمع الذين برون الدين من وجهة نظرهم المتشددة أو المتطرفة أو المتصوفة أو المفرطة... إلخ.

والنسبة الغالبة التي تسيطر على الدين لابد أن تصاحبها قوة حكم ومُلك أو قوة تقديس.

فكان الحاكم أو القديس (الشيخ – القسيس – الراهب – الحاخام... الخ) أو كلاهما يشكلان الدين من وجهة نظرهما بما يمكنهما من التسييس للناس في حالة المُلك أو التمكين من نيل القداسة في حالة القديس.

وكان الدين من خلال هذا الصراع للتسييس ونيل القداسة عبارة عن محاكاة الهوى في بعض النقاط والتشدد في البعض الآخر بما يضمن امتلاك زمام الأمور.

وبالطبع إذا كان هناك من يتبع الحق كأفراد فسوف تذروهم الرياح فلا يملكون القوة أو القداسة اللازمة لاستقرار دينهم الذي صنعوه كنسخة من مفهومهم الذي يريدوه واقتعوا به.

فاستقر عبر الزمن نسخ متعددة كترجمة لمراحل مُلك وقداسة وعندما اصطدم هذا كله في العصر الحديث بعد أن أصبح كل حدب وصوب موجود بين أيدي العامة، فارتكن أصحاب المُلك والقداسة إلى وصف هذا الاختلاف الفج بأنه حكمة التيسير بالأخذ ما بين الآراء التي هي في الأصل نابعة في الكثير منها عن هوى أصحاب المُلك والقداسة.

ومن هنا كان طريق الأفراد الملحدين للإلحاد أسهل في مواجهة هذا الحصار من المجتمع، ومن هنا جاءت حدود الردة، فالفرد لم يعد مع هذا المُلك والقداسة على مر الزمن مسئولاً عن عقله ودينه.

بل بحثت المجتمعات عن وثن يجمع بين المُلك والقداسة مثل المُخلص والمهدي وشيفا وماثيريا وبراهما وغيرهم من الشخصيات التي أعطوهم سلطة عليا في مخيلة الناس، فناطحت الإله في تصورها.

وأصبح الفقه الذي تجمع روافده يختلف اختلافاً واضحاً مع أصل الكتاب الإلهي، وأصبح هناك أصناماً تتخذ لله زلفى بديلاً عن الكتاب أهمهم أصحاب المُلك والقداسة.

بل الأدهى أن أصحاب المُلك والقداسة فوضوا أنفسهم في الدنيا أن يتكلموا بدلاً من الإله.

ففي الأصل كل حجيج نفسه، ولكن يظن الكثير أن أصحاب القداسة والمُلك سوف ينفعوهم يوم أن يتم حسابه وأنه سوف يتعلق برقابهم يوم يتبرؤون منهم جميعاً.

تعليقات