القائمة الرئيسية

الصفحات

 

منذ آخر مهمة لأبولو في 14 ديسمبر 1972م على سطح القمر، والتي حملت في رحلتها الأخيرة حوالي 243 رطلاً من الصخور القمرية وحاويات العينات والذي أشرف عليها كل من الجيولوجي جاك شميت والقائد يوجين سيرنان، وبعد كل هذه السنوات ها هي عودة ناسا إلى القمر بحلول عام 2025، فدعونا نعرف ما وراء الخبر.

هدف عودة ناسا إلى القمر بمشروع أرتيميس:

بعد مرور حوالي خمسة عقود وضعت ناسا خطة الرجوع إلى القمر، ويهدف المشروع الذي تم تسميته "مشروع أرتيميس"، على اسم في الأساطير اليونانية لأخت أبولو، لزيارة منطقة جديدة على سطح القمر وأخذ عينات جديدة، وتحاول ناسا في هذه الرحلة أن تجعل هناك بعض المعاني الإنسانية المصاحبة لهذه الرحلة، منها أن تكون في معية هذه الرحلة أول امرأة تخطو على سطح القمر، وأول شخص ملون ينزل بقدميه سطح القمر.

ما الفرق بين مشروع أرتيميس ومشروع أبولو:


هناك جدل كبير حول الفرق بين مشروع أرتيميس ومشروع أبولو، ولكن من المؤكد أن هناك اختلاف بين كل من برنامج Artemis وبرنامج Apollo، حيث أنه بالرغم أن المشروع رسمياً عمره حوالي ثلاث سنوات فقط ولكنه كان محل بحث ودراسة في وكالة ناسا بالشراكة مع كثير من الجامعات في أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية، حيث المشروع يتخلله بعض الأغراض المختلفة أو بمعنى أدق الأغراض المتباينة، فرغم أن البعض يراها مجرد عودة ناسا إلى القمر، وأنه الوجهة التي سوف تظل تلوح بالأفق في الوعي الجمعي، فإنه يمثل أيضاً طريق إلى المريخ، ويرى البعض الآخر أنه نوع من إثبات التفوق الأمريكي في الفضاء، حيث فقدت أمريكا كثيراً من سطوتها الفضائية منذ عام 2011، ويرى البعض الآخر أن مشروع أرتيميتس يفتح مرحلة جديدة من الاكتشافات العلمية والاختراعات والابتكارات في نفس الوقت.

عودة ناسا إلى القمر برحلة غير مأهولة:   

هبطت المهمة الأولى لمشروع أرتيميتس، في رحلة تجريبية غير مأهولة تسمىArtemis1، حيث انطلقت إلى الفضاء في منتصف ليلة 16 نوفمبر وقد تم نقل أرتيميتس1 بواسطة أقوى صاروخ تم إطلاقه على الإطلاق لمثل هذه الرحلات، وهو يسمى نظام الإطلاق الفضائي (SLS). وقد بلغ ارتفاع الصاروخ أعلى من تمثال الحرية بـ 15 قدمًا، ويتكون نظام SLS من خزان رئيسي لونه برتقالي ومحاط بمعززات بيضاء مما يجعله أشبه بمكوك فضاء في كل من أسلوب الدفع والبرنامج، وقد تم تأجيل الإطلاق عديد من المرات مما وجه انتقادات من الكونجرس الأمريكي، ومن جانب العديد من مسؤولي البيت الأبيض ومسؤولو وكالة ناسا وعشاق الاستكشاف للفضاء الخارجي والعلماء يطوقون إلى عودة ناسا إلى القمر.

مخاوف من فشل عودة ناسا إلى القمر:


إن طموح ناسا ومن ورائهم عاشقي الفضاء أن يتم تسيير رحلات بشرية إلى القمر كهدف أساسي من الرحلات الفضائية، إلا أن التجارب التي أجريت توضح إمكانية حدوث أخطاء في توجيه الصاروخ، وقد تتغير وجهة الصاروخ، ويعتبر نظام SLS مكلفًا للغاية ويعتبر أيضاً أنه غير مستدام، ولذلك هناك احتمالات أن يفشل برنامج القمر بأكمله أو لا يحقق أغراضه، فالعودة غير مؤكدة وإذا نجحت فإنها سوف تكون عودة قصيرة جداً للبشر، والغريب أن يكون عدم التفاؤل هذا بعد خمس عقود من رحلة أبولو للقمر.

ذكريات مكوك الفضاء كولومبيا تلوح في الأفق:

في 1 فبراير 2003م ومضت سماء ولاية تكساس وظن الجميع أنه نيازك في منتصف النهار، وكانت الأجسام الملتهبة تتساقط وهي في الحقيقة كانت قطع من مكوك الفضاء كولومبيا الذي تحطم أثناء عودته الـ 28 وهو يعبر الغلاف الجوي للأرض، وتوفى على أثرها طاقم المكوك السبعة، لتكون ليلة حزينة على الأمة الأمريكية، ومنذ ولاية الرئيس جورج دبليو بوش والأمة الأمريكية تعمل على عودة ناسا إلى التفوق الفضائي.

خطة عودة ناسا للتفوق الفضائي:

أرتميس يعتبر مشروع له جذوره منذ يناير 2004، أي بعد أقل من عام على كارثة مكوك كولومبيا، حيث أعلن بوش عن رؤية لاستكشاف الفضاء ووضع إعادة تصور لبرنامج الفضاء الأمريكي وقد تم عمل تقاعد لمشروع مكوك كولومبيا في 2011 واستبدالها بمركبة جديدة تسمى كوكبة في عام 2016 لتتكون كوكبة من صاروخ جديد قابل لإعادة التكوين وقادر على الانطلاق إلى القمر أو حتى إلى المريخ.

أما عن باراك أوباما منذ أن تولى رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية في عام 2009، كان البرنامج قد تأخر سنوات عن موعده، فعقد أوباما لجنة بقيادة نورمان أوغسطين الرئيس التنفيذي السابق لشركة لوكهيد مارتن. واعتبرت لجنة أوغسطين أن المشروع تكلفته كبيرة للغاية والمشروع يعاني من نقص التمويل وأن نقص التمويل سوف يعرض مهام ناسا الأخرى للخطر. فأوقفت إدارة أوباما التمويل للمشروع، مما أدى بشكل أساسي إلى إحباط المسار نحو عودة ناسا إلى القمر مرة أخرى.

وبعد فترة قصيرة حصل البرنامج على التمويل، حيث قد أصر أعضاء الكونجرس المتحمسين على تمويل الصاروخ بأي طريقة، وذلك على الرغم من أن التمويل لم يكن جزءًا من طلب ميزانية البيت الأبيض، ولكن الكونجرس هو من يمسك بزمام أموال الدولة وهو يملك القدرة على تسليم العقود إلى الشركات القديمة مثل لوكهيد وبوينغ.

وبفضل برنامج آخر كان يدعمه الرئيس أوباما جزئيًا، طورت شركة SpaceX التابعة لشركة Elon Musk صاروخ Falcon9 القابل لإعادة الاستخدام مرة أخرى (وفيما بعد صاروخها الكبير Falcon Heavy)، حيث تم إطلاق أقمارًا صناعية عسكرية ومدنية للحكومة. في عام 2020، وبدأت الشركة في نقل رواد فضاء، وذلك لإعادة القدرة على إرسال بشر إلى الفضاء من الأراضي الأمريكية.

وقد بدأت شركات خاصة أخرى، مثل Blue Origin، في إطلاق المدنيين، وخاصة من المشاهير والسياح إلى الفضاء. وقد واصل مهندسو ناسا العمل في تكنولوجيا مكوك الفضاء. واستمر شركات مثل Boeing في تلقي مكافآت كبيرة مقابل العمل في SLS، ولكن على الرغم من التأخير والتكاليف المتزايدة مما أدى ذلك إلى انتقادات من الرقابة المالية بالكونجرس ومراجعي وكالة ناسا.

ثم تولي دونالد ترامب منصبه في عام 2017، فتم إلغاء برنامج الكويكبات السيئ للغاية. وحاول فريق العمل الرئاسي إلغاء الصاروخ أيضًا، ولكن تم منع ذلك من قبل أعضاء مجلس الشيوخ المسيطرين، وخاصة ريتشارد شيلبي من ولاية ألاباما، وهو الذي ترأس لجنة المخصصات في مجلس الشيوخ وكان المدافع الكبير عن نظام SLS الرئيسي (مما دفع البعض إلى تسميته "نظام إطلاق مجلس الشيوخ"). لذلك بقي الصاروخ بدون تحديد وجهة حتى عام 2019، وعندما أعلن مدير وكالة ناسا، جيمس بريدنشتاين أخيراً عن أرتميس، وسلسلة من المهام للدوران حول القمر، وأيضاً الهبوط على سطحه، والبدء في بناء مستوطنة دائمة على القمر، ومن المقرر بناء على ذلك أن تدور أول مهمة مأهولة حول القمر في عام 2024، ومن المقرر حاليًا أن تتم أول عملية هبوط لأرتميس في عام 2025.

ما المردود العلمي من المشروع:

ربما يكون المردود العلمي والثقافي للعودة إلى القمر كبيراً، حيث لدى العلماء العديد من الأسئلة العالقة حول تكوين القمر، والتاريخ الأول للأرض، والتي ربما تكون قابلة للإجابة عن طريق عينات مأخوذة جديدة من الجانب البعيد من القمر، ويقوم الباحثون حالياً بإعداد أسطول من الأدوات والتجارب من الروبوتات للطيران على مركبات هبوط خاصة مجاورة لأرتميس، بتمويل خاص من برنامج خدمات الحمولة التجارية القمرية، والذي قد يمهد الطريق مستقبلاً للعودة إلى القمر حيث تم توزيع المخاطر والخسائر والأرباح بين وكالة ناسا والقطاع الخاص الأمريكي.

ناسا والمضي قُدماً إلى القمر:

تصف ناسا أرتميس كمشروع أنه مشروع "المضي قدمًا" إلى القمر، وليس العودة. فيقول مسؤولو الوكالة إن العودة إلى القمر سوف تعلمنا كيف نعيش ونعمل في عالم آخر غير الأرض، مما يمهد لنا الطريق لاستكشافنا في نهاية المطاف للكوكب الأحمر.

ومن بين أولئك الذين يستعدون لعودة ناسا إلى القمر "كريس دراير"، أستاذ الهندسة الميكانيكية في مدرسة كولورادو للمناجم. ويقود دراير مشروعًا ممولًا من وكالة ناسا لدراسة البنية الأساسية على سطح القمر. ويقوم فريقه بتصميم جرافة القمر المستقلة، وهي من شأنها أن تجرف الثرى وتسويته لإعداد موقع بناء لمنصة هبوط. وسوف تكون مركبات الهبوط Artemis، التي ستبنيها شركة SpaceX، أثقل وأطول من وحدات أبولو القمرية الشائكة، وهذا هو السبب في الاحتياج إلى منصة هبوط؛ وأيضاً فإن قوة العادم ستعيد تشكيل السطح تحتهم فسوف تجعل الثرى يهب مثل سكر البودرة، ولكن سوف تضمن منصة الهبوط عد انقلاب مركبات الهبوط عند هبوطها، فإن كل هبوط كان في رحلات أبولو بمثابة مغامرة في محاولات تجنب الحقول الصخرية.

عودة ناسا إلى القمر بين الأمل والنقد:

ومن المقرر حسب المشروع إطلاق الصاروخ مرة كل عام ونصف. والبعض يرى أن الزخم والشغف مع كثرة التجارب وفترات الانتظار الطويلة أن يتلاشى مع تأخر عمليات الإطلاق. حيث بدأ الأمريكيون في الجدل بشأن الإنفاق على البرامج المحلية بدلاً من ذلك. حي يوجد أيضاً منتقدو نظام الإطلاق الفضائي بأن الصاروخ غير مستدام من حيث التصميم، حيث يعتمد على طريقة قديمة وربما مكلفة للغاية للوصول إلى الفضاء. حيث استخدمت أول رحلة لأرتميس محركات مكوكية قديمة؛ سوف تستخدم عمليات الإطلاق المخطط لها التالية برامج أخرى. ولكن بعد ذلك، سوف تكون هناك حاجة لمحركات جديدة.

يقول كلايف نيل عالم جيولوجيا القمر في نوتردام وأكثر الناقدين لخطط القمر الخاصة بوكالة ناسا، "الشيء الوحيد الذي عاد هو أوريون" "أشعر بالإحباط بشكل لا يصدق."

ومن جانب أخر تبرر ناسا بأنها تستخدم أكثر محركات الصواريخ اختبارًا في التاريخ، وأن إعادة تدويرها للقمر يوفر المال. وقال محللون إن كل عملية إطلاق ستكلف ما بين 876 مليون دولار وملياري دولار.

تعليقات