القائمة الرئيسية

الصفحات

الصراع حتمي وعليك أن تنجح في إدارته


عادةً ما نجد أن هناك صراعات بين الأقسام الوظيفية داخل المصالح الحكومية بشكل خاص والإدارات الخاصة بشكل عام، لذلك تهدف الإدارات العليا تحقيق الانسجام بين الأقسام أو الإدارات والقطاعات الفرعية حتى يمكن من خلال هذا الانسجام تحقيق الأهداف، حيث أن توتر العلاقات الوظيفية هو خطر يحوم حول المجتمع الوظيفي بشكل خاص، فالصراع حتمي وعليك أن تنجح في إدارته على المستوى الشخصي والفردي والتنظيمي، ورغم أن الصراع جزء لا يتجزأ من الحياة الإدارية، ولكن كلما كانت الصراعات أقل كلما كان ذلك سبباً مباشراً في زيادة الإنتاجية، فتحاول الإدارات العليا عادةً أن تمنع نمو الصراعات من خلال بعض الإجراءات وسوف نتناول منها بعض الأدوات اللازمة من أجل ذلك.

أدوات الإدارات العليا في منع أو تقليل الصراع بين الإدارات:

1. بأن يتم تعليم الموظفين تجنب الصراع والالتفات إلى تحقيق الهدف العام، حيث تضع الملصقات، وشرائط فيديو، ونشرات وغيرها من هذه الوسائل.

2. يخاطب كلاً حسب تسلسله الوظيفي مرؤوسيه بتجنب الصراعات من أجل تحقيق الهدف العام.

3. عادةً يتم اللجوء لمنح جوائز للقسم الأقل صراعات ومشاكل والأكثر إنتاجية.

4. يقام اجتماعات دورية لرؤساء الأقسام لمنع الصراعات وتنظيم المهام، فيتم إلقاء الضوء على المسئوليات المشتركة، ومواطن الضعف والعقبات والإجراءات، وضعف الموارد، والعوامل والمخاطر الخارجية، وكل هذا يساعد في إيجاد حلول، ويقدم خريطة تدفق للإجراءات لتقليل الصراعات.

ومن جانب آخر لا يجب أن تتوهم الإدارة وجود صراعات، أو تقوم بتسوية صراعات ونتائج التسوية غير مضمونه، ففي تلك الحالتين تصبح الإدارة العليا شريكاً في الصراع بشكل ما، وبالتالي تصبح حبيسة لا تعرف ما يدور من حولها.

هل الصراعات دائماً غير مفيدة:

البعض يرى كلمة "صراع" أي يوجد خطأ ما ويتطلب حلاً، ولكن من وجهة نظر أخرى قد يكون الصراع حالة طبيعية، ويؤدي في ذات الوقت وظيفة مفيدة، فوجود مستوى معين من الصراع يقدم لمديري الصراع طرقاً جديدة أكثر تكيفاً مع البيئة والواقع لإدارة الأمور.

فالصراع ظاهرة أساسية ومستمرة تتطلب إدارة مختصة بها، فإذا كنا في صراع مع الزمن ذاته، فكيف في صراعنا في البحث عن الأفضل، ولكن حين يتم توظيف هذا الصراع بتوزيع الموارد بشكل صحيح، يؤدي إلى النمو والتطور، وذلك حين يتم توجيهه لوضعه تحت مستويات مقبولة، وبما يهدف الأهداف التنظيمية.

فإذا ما تم تنظيم الصراع بين الطبقات الاجتماعية، وتوفير الموارد اللازمة لكل طبقة اجتماعية بما يتناسب مع قدراتها، وتم تسخير الصراع في زيادة إنتاجية الموارد للحصول على الفائدة الأكبر منها لوصول تلك الطبقات للمستوى الأعلى اجتماعياً، فهو بمثابة قفزة للمجتمع للاستفادة القصوى من الموارد، ومن ثم صعود وارتقاء المجتمع ككل ونموه وتطوره، وبالتالي يمكن تطبيق نفس الأسلوب مع المجتمعات الإدارية.

وظائف الصراع:

عندما افترضنا أن المنافسة والاختلاف والنزاع هي أشياء غير مرغوب فيها، وأن واجب الجميع القضاء على الصراع، فقدنا قدرة التعامل مع مشاكل مجموعات العمل التي تعمل تحت الضغط وتحت التهديدات عموماً، كون أننا في العادة نرى أن الصراع عاملاً هداماً في المجتمع، وأصبح التركيز على الحفاظ على القوانين الصارمة في مواجهة أي صراع، ومن ثم التحايل على تلك القوانين والعاملين عليها، لامتلاك أدوات القانون التنظيمي من البعض ضد البعض الآخر، فربما تنهار قيم العدالة في هذا المجتمع الإداري بالتبعية والخروج عن كل الحدود في إدارة الصراعات الإدارية، وتصبح في معظمها صراعات شخصية عميقة في التباهي بتأثيرهم الفج في إدارة أدوات القانون التنظيمي لمصالحهم الخاصة.

  لذلك فالصراع كما أنه له آثار سلبية، ولكن في ذات الوقت له قيم إيجابية ومرغوب فيها، حيث يخلق الصراع اتحاد واندماج بين أشخاص كان لا يجمعهم شيء بالأمس، حتى يصنعوا صمام أمان لأنفسهم، ومن ثم يساعد الصراع على استقرار علاقة هذه المجموعة فيربط بين المتعارضين ويوازن بين قواهم المتحدة معاً.

وفي البيئات التي لا ترى من الصراع نفعاً ولا تنظم الصراع فيما بينها، تواجه تمزق للنسيج الاجتماعي، فتشدد أي نظام ضد الصراع يهدد النظام ذاته في النهاية، حيث يراكم العدوانية وشدة الخلاف تحت سطح العلاقات الوهمية والمحتقنة في باطنها، بل أن تشدد الإدارة العليا ضد الصراعات في حد ذاته يخلق صراعاً أعمق.

أسلوب إدارة الصراع:

استجاباتك في تعاملاتك مع الآخرين سوف يقلل من تكرار حدوث ردود فعل غاضبة أو دفاعية أو ساخرة قد تؤدي لنشوء صراع، فلابد من إتاحة فرصة للآخرين لرؤية جميع جوانب الصراع لإدارته، وهناك الصراع البسيط، والصراع الزائف، وصراع الأنا، وهنا سوف نطرح كيفية إدارة الثلاث صراعات كل على حدة:

1. إدارة الصراعات البسيطة

 ينشأ هذا النوع من أنواع الصراعات من خلال معرفة شخص أهداف آخر أو مجموعة صغيرة تعرف هدف شخص أو مجموعة صغيرة أخرى، مع عدم قدرتهم على المحافظة على أهدافهم الشخصية بعيداً عن تحقيق أهداف الشخص أو المجموعة الأخرى، بمعنى أدق الأهداف الشخصية تتعارض مع أهداف الآخر، وإدارة الصراع هنا يكون من خلال الحفاظ عليه صراعاً بسيطاً.

2. إدارة الصراع الزائف:

الصراع الزائف أو الكاذب عادةً ينشأ بسبب التواصل غير الفعال، حيث أنه في الأصل يتفق الأطراف على موضوع معين، لكن غير قادرين على تبادل الموافقة من خلال قنوات اتصال فيما بينهما، ويفترضون أنهم في حالة اختلاف حول الموضوع؛ فينشأ هذا الصراع الكاذب، وهنا إدارة هذا الصراع يكون من خلال فتح قنوات الاتصال فقط.

3. إدارة صراع الأنا:

عندما يتورط الشخص في صراع ليس هو طرف فيه أو صراع غير حقيقي، فيصبح استمرار الشخص في الصراع لحفظ ماء الوجه، في حين كل ما سيكلفه الأمر مواجهة الحقيقة والسماح للآخر بأن يطرح وجهة نظره في هذا الصراع.

الخلاصة:

يجب أن ندرك أن هناك إدارة للصراع ويجب أن تسمح بوجود الصراع، ويجب في بعض الصراعات القضاء عليها أو تقليلها، والأهم معالجة هذا الصراع، ولا يمكن معالجته دون فهم الصراع، والأهم استجابة من يدير الصراع لأساليب المتصارع الدفاعية لبناء علاقة وليس هدم العلاقة، فبعض الاستجابة في الصراعات البسيطة تنسف وجود الصراع، وتعيد العلاقة من جديد، وعادةً كمثال تنشأ الصراعات البسيطة بين الزوجين، وهناك من ينجح في تحييدها وهناك من يتوقف عندها طويلاً ولا ينجح في إدارة الصراع، ويصبح صراعاً كاذباً، بل ويأتي صراع الأنا مزاحماً لما سبق، وحين يتم إدارة صراع الأنا بحكمة بين الزوجين تتلاشى كل الصراعات التي نشأت.

فمن خلال تعاملك مع الآخر بطريقة حسنة والتحدث بوضوح وصراحة، وعدم السماح لتصوراتك السابقة عن الآخر أن تكون حائلاً بينك وبينه، وعندما معاملة الشخص وفكره، أنه مساوياً لك، ويمكن القيام بذلك بطلب التوضيح من الآخر وتفهمك لمتطلباته وأفكاره، هذا في الصراعات البسيطة، أما صراعات الأنا فضف إلى ذلك عدم السماح لغرورك بتوجيه ألفاظ سلبية تجاه الآخر.

خطوات إدارة الصراع:

1. فهم الافتراضات الثلاثة لصراع العلاقات:

فهذه الافتراضات سوف تقودك إلى الاستخدام الأفضل منها في إدارة الصراع.

أ. الصراع أمر محتوم:

فلا يمكن أن يجتمع الناس دون المرور بمواقف الصراع، فمن الطبيعي أن يحدث صراع، وهذا فرضية لابد من وضعها في ذهنك مسبقاً.

ب. الصراع ليس شيئاً سيئاً:

فالصراع ليس علامة على سوء أفراد مجتمع الصراع، وعلى الجانب آخر يمكن أن يكون الصراع مفيداً ومهماً من أجل العلاقات التنظيمية.

ج. ينشأ الصراع لأسباب كثيرة ويتخذ أنماط متعددة:

والمفتاح هنا في إدراك الاختلافات بين أنماط الصراع وتعديل إدارة الصراع حسب هذا الاختلاف.

2. أن تكون على دراية تامة بنتائج إدارة الصراع المحتملة:

فتوجد العديد من النتائج المحتملة للصراع وكل منها يحتاج لإدارة فعالة وتفاعلية في ذات الوقت، فلابد أن تكون على علم بالنتائج الممكنة بالتالي حتى يمكنك إدارة الصراع، فإذا كنت ترغب في إدارة فعالة للصراع فعليك أن تعي تلك النتائج الممكنة:

1-2 انقطاع العلاقة:

وذلك نتيجة ممكنة إذا تصاعد الصراع لدرجة تجعل هناك نزعة للأطراف لقطع العلاقة.

2-2 المعاناة الشديدة خلال العلاقة:

حيث هناك أطراف غير قادرين على قطع العلاقة، ولكنهم في ذات الوقت يأملون بتحسن العلاقة مع الآخر.

3-2 إخماد الصراع:

وهذا نوع يقلل فيه ألم الصراع عن طريق تجنبه مؤقتاً، ولكن ما زال موجوداً وخاملاً.

4-2 تسوية الصراع:

فعادةً في الصراعات البسيطة يكون الناس قادرين على تسوية هذا الصراع، فقط بالتواصل الصحيح والفعال.

3. استخدام طريقة لإدارة الصراع تكون مناسبة ولا تتسبب بتصعيد الصراع:

أ. فأساليب إدارة الصراع البسيط يكون من خلال ثلاث خطوات:

1-أ: حافظ على بقاء الصراع بسيطاً:

لا تسمح أن يتحول الصراع من صراع بسيط لصراع كاذباً أو إلى صراع الأنا، فامنع سوء الفهم ولا تهاجم كبرياء الشخص الآخر، ووضح سوء الفهم بأبسط الوسائل، وحاول ألا تستخدم لغة عاطفية تحدد مسبقاً أنك على الصواب وألا تهاجم الآخر، فحافظ على بقاء الصراع بسيطاً عن طريق استخدام لغة ليس فيها تهديد، واعرض المشكلة بكل وضوح.

2-أ: انتظر برهة:

إذا بدأ التوتر يزيد فعليك تأجيل اتخاذ القرار، وأعد تحليل وجهة نظرك، ربما يأتي لك وجهة نظر أفضل لحل الصراع.

3-أ: واجهوا المشكلة معاً:

فلا تتنافسوا، ولكن حاولوا أن تتعاملوا كفريق، وكونوا اتفاقاً مشتركاً أن النتائج سوف تؤثر فيكم جميعاً، فلا يعيق حل المشكلة في العادة سوى ديكتاتورية الحل، والتي يتبعها أحد طرفي الصراع أو كلاهما.

ب. وتتكون إدارة الصراع الكاذب في خطوتين:

1- ب: التحقق من وجود الصراع الكاذب:

فمشكلة معالجة الصراع الكاذب هو عدم معرفتك بوجوده، فقط من تصورات الشخص الآخر وراجع عقلك إذا كان هناك شيء خاطئ، هل فعلت شيئاً يغضب الآخر، وهذا يقود بطبيعة الحال للخطوة الثانية.

2- ب: أطلب توضيحاً من الآخر:

وهي خطوة بسيطة ومهمة، وبذلك يتحدث الآخر ويشرح ماهية الصراع الكاذب، وهذا يسمح بالتبعية من تكوين مفهوم مشترك بين الطرفين، وتصحيح تصوراتهم عن موضوع الصراع الكاذب.

ج. وتتكون إدارة صراع الأنا من خطوتين:

1-ج: لا تفوت فرصة لغلق فمك:

فيجب أن تزيل حواجز صنعتها والتواصل مع الآخر، والسماح له بالتعبير عن مخاوفه المرتبطة بالموضوع، ومع ذلك كن حذراً بأن لا تسمح بهذا التعبير أن يسبب تصعيد للمشاكل لاحقاً، فمن المهم أن تسمح للآخر بالحديث، ولكن امنعه من قول ما هو أكثر من الضروري.

2-ج: لا تشرح الصراع واكتفي بوصفه:

فابتعد عن شرح ما حدث من وجهة نظركما، بل تشرحان ببساطة ما حدث، فلا تسمح بالمنافسة بينكما تدخل في وصف الصراع، فالبداية وصف الصراع ثم شرح ما هو مصادر الصراع، وهنا يمكن إدارة صراع الأنا.

في النهاية الصراع حتمي الحدوث، ولا توجد هناك علاقة لا يوجد بها صراع، وأن القضاء على الصراع بشكل نهائي هي فرضية مستحيلة، ولكن إذا ما أردنا الحفاظ على العلاقات، فيجب أن نتعلم إدارة الصراع بنجاح، فالصراع ضروري لكي نتعلم، وليس من الضروري أن يكون الصراع هداماً طالما نتعامل باحترام ونحاول التحكم في تلك الصراعات بنية خالصة.

أهم المصادر

- Simmel, Georg (1955), (1964) الانتماءات New York: Free Press.

- Weick, Karl (1969) علم النفس الاجتماعي للتنظيم والقراءة

- Faules, Don F. and Alexander, Dennis C. (1978) التواصل والسلوك الاجتماعي: منظور التفاعل الرمزي

- Keltner, John W. (1970) التواصل الكلامي بين الأشخاص ؛ العناصر والهياكل

- Coser, Lewis A. (1956) وظائف الصراع الاجتماعي

- Miller, Gerald G. and Steinberg, Mark (1975) "الصراع العلائقي". في بين الناس: تحليل جديد للتواصل بين الأشخاص

تعليقات