القائمة الرئيسية

الصفحات

كيف يراك الآخر وكيف تريده أن يراك؟

 


عادةً لا تعرف كيف يراك الآخر، فنحن في غالبيتنا ننحاز لأنفسنا ولا نعرف على وجه الدقة مشاعر الآخرين تجاهنا، بل ننسى أن نسأل أنفسنا هذا السؤال، فننغمس في علاقاتنا مع الآخر، ثم نتفاجأ بعد ذلك أنه لا يحمل إلينا ذات التعاطف الذي كنا نتوقعه.

ولعل في مجتمعنا المصري قد نُسرف في علاقاتنا مع الآخر ونأخذ في البوح عن كل كبيرة وصغيرة ثم نفاجأ بانقلاب العلاقة رأساً على عقب، بل تتحول بعض العلاقات إلى عداوة عميقة بين الطرفين، بل وفي البعض الآخر تشكل هذه العلاقة خطورة على أحد الطرفين أو كليهما.

ولعلنا في تلك السطور القادمة سوف نستعرض كيفية معرفة ما إذا كان هذا الآخر يتعاطف معنا أم يحمل بين طياته عداوة ضدنا أو غير مكترث بنا، أو حائر في تحديد مشاعره نحونا، وبهذا الصدد سوف نستعرض الطرق التالية:

1. طريقة الملاحظة:

وهذه الطريقة نستعملها أثناء الحديث مواجهةً أي بشكل مباشر مع الآخر، حيث يمكننا ملاحظة أهم تعبيراته وسلوكياته ومراقبة إشاراته غير اللفظية، وتعبيرات الغضب أو الحيرة، أو التفهم، وإيماءات الوجه والجسد التي تُظهِر نفاذ الصبر أو الاختلاف معك، وغيرها من التوجهات الذهنية التي تظهر في سلوكياته وغير قادر على التعبير اللفظي بها، فحركة حاجب العين تخبرنا أكثر من الألفاظ عن مشاعر الآخر.

ولعل طريقة الملاحظة تبدو أكثر نفعاً مع المدراء حين يلاحظون سلوك مرؤوسيهم، فكثير من المرؤوسين لا يملكون قدرة معارضة أوامر وتعليمات رؤسائهم، ولكن في ذات الوقت يعبرون عن مشاعرهم تجاه هذه الأوامر والتعليمات بأشكال مختلفة، وأيضاً من خلال سلوك المدراء يمكن أن يمتص المدير جميع المشاعر السلبية من المرؤوسين، من خلال المناقشة غير الرسمية وتغيير نبرة صوته بما يتناسب مع سلوكه البدني لتحفيز مرؤوسيه، وكذلك الأم والأب نحو أبنائهم يجب أن يسلكوا ذات السلوك.

فمن الجيد تحويل المشاعر السلبية التي تظهر على الجسد إلى مشاعر إيجابية مشتركة ومتبادلة، بحيث تتحول لغة الجسد إلى لغة مساعدة في تنفيذ العمل المشترك، وهذا يكون له دور إيجابي بالطبع في مجال فرق العمل المشتركة مثل: داخل غرف العمليات حيث أن لغة الجسد تكون أكبر مساهم في نجاح العمل حينما يكون هناك تعاون مشترك، وكذلك الفرق الموسيقية وغيرها من مجتمعات العمل الصغيرة.

2. طريقة الإنصات بأذُن إضافية "أذن ثالثة":

ربما لا نجد من ينصت لنا سوى الطبيب النفسي في زماننا، ولكن يجب أن نتعلم كيف نصنع "أذن إضافية" فالأذن الثالثة يمكن أن تجيب لنا عن أسئلة كثيرة إذا ما طرحنا تلك الأسئلة على أنفسنا، فماذا لو أنك مدير عمل، وعبر أحد مرؤوسيك عن سأمه من أمر إداري أصدرته له، هنا يأتي دور الأذن الثالثة حين توجه لنفسك مثل هذه الأسئلة:

-       هل السبب المهمة التي كلفته بها؟

-       أم هناك ضغوط أسرية تعطله عن أداء مهمته؟

-       أم أنا المشكلة؟

-       لماذا لم يتكلم حين سألته عن السبب؟

حيث يوجد دائماً ما هو مستتر وخفي وراء كل حوار، ولابد من تخطي المعنى اللفظي للكلمات ونبحث ما هو محجوب وراءها، حتى يمكن أن نبني علاقات أكثر تواصلاً مع الآخر.

فلك أن تعي كمدير وأب وأم، أنه عندما يتم مخالفة أوامرك، فبالتأكيد هناك ما يخفى عنك في علاقتك مع متلقي الأمر، فلابد حينها أن تستمع لما هو خفي عنك، كي تعرف سبب عدم إطاعة أوامرك، وكيف تتجنب هذا الشعور لدى الآخر الذي يعيق تحقيق أوامرك.

3. طريقة التكيف مع نمط الحديث:

حيث يختلف شخص عن الآخر في طريقة حديثه ونمطه، فهناك من يتوقف بين الحين والحين لاستجماع أفكاره، ولو قاطعته سوف تدمر تسلسل أفكاره ولن تكتشفها بالتبعية، وربما أيضاً تسبب له الغضب في حالة مقاطعتك له.

وأيضاً ربما ينصرف انتباه الآخر في حال تحدثك لفترة طويلة دون السماح للآخر بالرد، ويتسبب الفشل في التكيف بين نمطي الحديث فيما بين كلا الطرفين ضياع كثير من الأفكار، والتي ضاعت وسط المقاطعات أو فترات الصمت الطويلة.

4. طريقة تحقيق التواصل بالعين:

يقال أنه ليس من الأدب أن تحملق أو تنظر في عين الآخر في مواقف معينة، ولكن هناك مواضع مهمة للتواصل بالعين يكون لها دوراً هاماً في تحقيق التواصل، على سبيل المثال:

-       عندما نريد أن نشجع أحدهم على التفاعل، فالمدرس على سبيل المثال يحاول التحديق لطالب في آخر الصف لجذب انتباهه، وجذبه للتفاعل مع الشرح، وفي بعض الأحيان تسأل نظرة العين عن رأي الآخر فيما يقال، وفي المقابل تحاشي النظر قد يعطي دلالات كثيرة منها عدم الاكتراث برأي الآخر، أو إهماله في بعض الأحيان.

-       اتصال العين يكون بين الأصدقاء أكثر، ونظرة الأصدقاء هو تعبير إيجابي فيما بينهما، والعكس تجنب النظر عادةً يحمل خوف من قراءة مشاعر الكراهية.

-       عادةً نعتبر من هم ينظروا بأعين الآخرين أثناء حديثهم أنهم أكثر صدقاً وجدية، بل ويرون من يتجنب النظر إليهم أثناء حديثه أنه بالتبعية يكذب عليهم، أو يكره بقية المجموعة إذا قام بالتصنيف في نظراته فينظر للبعض دون الآخرين، وكذلك قد يكون بسبب افتقاده للثقة بالنفس خوفاً من عدم تلقي الموافقة على حديثه، أو أنه لا يؤمن بصحة موقفه، لذلك من الصعب أن نحكم بسهولة على من يفتقد الاتصال البصري مع الآخرين.

-       في حالة استبدال النظرات الطويلة أثناء المحادثة إلى نظرات قصيرة متقطعة هذا يعني أنه تم الانتقال لمقولات أقل أهمية.

 

فالمدة المثالية في التواصل بالعين حوالي 10 ثواني في معظم الأحوال، وفي بعض الأحيان ينقل الشخص نظراته بعيداً حتى لا يشتت أفكاره، ثم ينظر نظرة سريعة للمستمع ليرى رأيه ثم يعود إلى الالتفات بعيداً وفي نهاية الحديث سيبادل مع من يتحدث معهم نظرة طويلة، وهكذا لالتماس التغذية الراجعة من المستمعين، وربما نجدها بشكل واضح في المحاضرين في العلوم الإنسانية.

وتختلف مدة النظرات عادة بين طبائع الشعوب، فهذا بالطبع تحكمه ثقافات واختلافات شخصية بين الشعوب.

أهم المصادر:

1.    Argyle, M. (1967) The Psychology of Interpersonal Behavior. Baltimore: Penguin.

2.    Barker, Larry L. et. al (1979) Groups in Process: An Introduction to Small Group Communication. Englewood Cliffs, New Jersey: Prentice-Hall, Inc.

3.    Efran, J. and Broughton, A. (1966) "Effect of Expectancies for Social Approval on Visual Behavior", Journal of Personality and Social Psychology, Vol. 4.

4.    Exline, R. and Winters, L. (1965) "Affective Relations and Mutual Glances in Dyads", in Tomkins, S. and Izard C. (eds.) Affect, Cognition and Personality. New York: Springer.

5.    Strauss, George and Sayles, Leonard R. (1967) Personnel: The Human Problems of Management, 2nd ed. London: Prentice-Hall International, Inc.

تعليقات