يعتبر البرق من أخطر الظواهر الطبيعية، ويبحث العلماء دائماً على حل لتقليل الأضرار الناتجة عن الصواعق التي تضرب الأرض، ويعتقد العلماء الأوروبيون أنهم قد نجحوا في تحويل الصواعق في سويسرا على أحد الجبال باستخدام أشعة الليزر، فهل يتحقق حلم العلماء بترويض البرق؟!
وقد قّدرت الدراسات عام 2014 أن البرق يقتل ما يصل إلى 24 ألف شخص سنوياً
في جميع أنحاء العالم،
وإن كان حلم ترويض البرق حلم قديم، وكان محل أبحاث بالمعامل، وتلك الأبحاث
فيما مضى لم تجد إمكانية لهذا الترويض، إلا أن الليزر أصبح أكثر قوة
وفعالية ويسمح بإجراء تجارب من هذا القبيل، فربما قبل بضعة عقود كان أقصى إمكانية لأقوى
أنواع الليزر إصدار حزم الضوء 10 مرات في الثانية، أما جهاز الليزر الذي تم استخدمه
في سويسرا عام 2021 يمكن أن يطلق حزم ضوئية 1000 مرة في الثانية. وثمن هذه التقنية
باهظ حتى الآن، إذ يبلغ حوالي 2 مليار دولار.
ولكن نظراً للدراسات التي تنبأت بأن تغير المناخ قد يؤدي إلى
المزيد من الصواعق حول العالم، فإن هناك حاجة ضرورية لترويض الصواعق، فيجب أن نكون
مستعدين للتعامل مع مثل هذه الظواهر المدمرة.
قصة أعتى العواصف النارية في العالم:
ولعل من أخطر العواصف التي تتكون نتيجة حرائق الغابات عندما تصل إلى
مستويات هائلة، فعلى سبيل المثال في شهر يونيو 2017 في بيدروجاو غراندي بوسط
البرتغال، ظهر عمود دخان ورغم سرعة وصول رجال الإطفاء إلا أن انتشرت النيران بفعل
الرياح وتحول عمود النيران لقرابة كيلو متر، وبمرور الساعات كانت الرياح تتزايد
بإيقاع متسارع تكونت سحابة رعدية داكنة على ارتفاع من الغلاف الجو بحيث تكون نوع
غريب من السحب الرعدية.
حينها توالت الأنباء وسرعان ما تجاوب مع الخبر بعض العلماء وخصوصاً
"مايك فورم" خبير الأرصاد الجوية والذي يعمل حينها بمختبر أبحاث تابع
للبحرية ألأمريكية، ويتعاون مع وكالة "ناسا".
واستعان أيضاً بالأقمار الصناعية لأخذ بيانات وصور منها، حيث وجد أن السحب
التي تشكلت في البرتغال ربما تنتمي لفئة السحب الركامية الرعدية، وهي سحب تتكون
بفعل المصادر الحرارية مثل حرائق الغابات أو ثوران البراكين، ويصاحبها رياح وبرق،
بل وتيارات هوائية منخفضة تؤدي بطبيعة الحال لاتساع رقعة النيران على نحو مميت.
وكانت تلك هي بمثابة المرة الأولى التي يتم رصد مثل هذا النوع فوق غرب
أوروبا، منذ بدء تسجيل مثل هذه الظواهر الجوية، ولكن تطلب شهوراً من البحث
والدراسة، حيث أن تلك السحب التي تتكون بهذه الطريقة يصعب توقع نشاطها ومساراتها.
وبالرجوع للحادثة كانت اللحظة الأكثر خطورة في الثامنة مساءً حيث انهارت
السحابة القاتمة التي تولدت بفعل الحرائق، والتي وصلت إلى 13 كيلو متر، وانطلقت
إلى أسفل في اتجاه الحريق وزودته بالأكسجين، وكأنها قنبلة مفاجئة من النار نشرت
ألسنة اللهب والشرر في كل الاتجاهات، مما تسبب في سقوط 64 ضحية، بعدما حاصرتهم
النيران.
ولم تكن تلك السحابة الركامية الرعدية الوحيدة التي تواجهها البرتغال فقد
تكررت ثلاث ظواهر مشابهة في ذات الشهر، وفي أكتوبر من العام ذاته، حيث وصلت
الضحايا 120 ضحية.
وفي إطار التحقيقات في مسعى للوصول لأدلة ومؤشرات سببية وراء تلك الحرائق،
حيث وجدوا أن صفوف الأشجار سقطت كلها صوب الاتجاه نفسه، كما وجدوا الأشجار بلا
علامات، مما يدل أن النيران بلغت قممها، وهذا يحدث في حالة الحرائق المستعرة، وهذا
مؤشر أن الحرائق بدأت قريبة من مستوى الأرض ثم وجدت نظاماً لدوران الهواء للأعلى
ولد رياحاً قوية تكفي لإسقاط الشجر.
لقد أدركوا أن هذا سلوكاً غير مألوفا لحرائق الغابات، وأن الطاقة التي أحدثت
هذا لابد وأن تكون قد أتت من مصدر هواء بارد للحريق. ولا يمكن أن يحدث هذا إلا من
خلال جلب هواء بشكل رأسي، أي عبر اجتذاب الحريق للهواء من مناطق بالغلاف الجوي، بما
يؤدي إلى انتشار ألسنة اللهب على الأرض، مما يجعل هذه النيران قادرة على إحراق
مساحات أكبر، وتوليد طاقة كبيرة تساعد على دفع أعمدة الدخان إلى ارتفاعات تلامس
الهواء البارد.
انطلاق برنامج
فضائي جديد لرصد أضواء البرق الغامضة في الفضاء
وقد انطلق برنامج لرصد التفاعلات الجوية الفضائية (ASIM) وذلك بالمحطة الفضائية
الدولية، التابع إلى وكالة الفضاء الأوروبية، وسوف يراقب الظواهر الكهربائية
الغريبة التي تنشأ فوق العواصف الرعدية، وذلك من خلال وضع كاميرات مراقبة وكذلك كاشفات
أشعة إكس وغاما في المحطة الدولية.
وتدور المحطة الفضائية بمدار حول الأرض يبعد بمسافة 400 كيلو متر، ويعطي
معلومات كاملة عن الطقس المضطرب على الأرض.
البرق في الاتجاه
الهابط وخطورته:
فعندما يضرب البرق في الاتجاه الهابط، عادةً يحدث فوق قمم السحب، ما يعرف
باسم الأحداث المضيئة، وهي عبارة عن أعمدة نور غريبة الألوان بشكل عابر وسرعان ما
تزول، وتم رصدها بالصدفة عام 1989.
وهي تمثل نبضات المجال الكهربي المتحرك، والتي كانت تسمى ظاهرة العفاريت،
وتحدث عندما يكون الجو رقيقاً فيمكن حينها تفريغ للشحنات الكهربية في المجال
الكهربائي، وتحدث ظاهرة العفاريت تلك بعد ضربة قوية من البرق إلى الأرض.
أما الظواهر التي يطلق عليها اسم
الجان فتحدث بسبب النبض الكهرومغناطيسي الناتج عن ضربة البرق، وهو في الحقيقة ضوء
رقيق مائل للاحمرار أو الاخضرار في السماء، يشبه إلى حد كبير توسع هالة الضوء في
الأيونوسفير، وهي ظاهرة تحدث بسرعة كبيرة ويمكن رصدها بواسطة العين البشرية
العادية وتستمر أقل من جزء من الثانية.
أما ظاهرة النفاثات الزرقاء الأقل شهرة، فهي نوع من أنواع برق الغلاف الجوي
العلوي أو هي تفريغات الغلاف الجوي العلوي.
لذلك يهدف برنامج رصد التفاعلات الجوية - الفضاء دراسة فيزياء الأحداث
المضيئة العابرة، وكذلك صفات العواصف الرعدية التي تنتجها، ورصد دقيق لموقع نشوء لكل
من ظواهر الجان والعفاريت والنفاثات داخل السحابة.
تعليقات
إرسال تعليق