القائمة الرئيسية

الصفحات

النفس التي تغشاها ثم أثقلت فآتاها صالحاً فأشركت




 كامل عشري يكتب : النفس التي تغشاها ثم أثقلت فآتاها صالحاً فأشركت
قال تعالى :

{ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (189) فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (190) أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (191) وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (192) وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ (193) إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (194) } (سورة الأَعراف 189 - 194)

========================

فقيل في التفاسير : هو الذي خلقكم -أيها الناس- من نفس واحدة، وهي آدم عليه السلام وخَلَق منها زوجها، وهي حواء; ليأنس بها ويطمئن، فلما جامعها -والمراد جنس الزوجين من ذرية آدم- حملت ماءً خفيفًا، فقامت به وقعدت وأتمت الحمل، فلما قَرُبت ولادتها وأثقلت دعا الزوجان ربهما: لئن أعطيتنا بشرًا سويًا صالحًا لنكونن ممن يشكرك على ما وهبت لنا من الولد الصالح .. فلما رزق الله الزوجين ولدًا صالحًا، جعلا لله شركاء في ذلك الولد الذي انفرد الله بخلقه فعبَّداه لغير الله، فتعالى الله وتنزه عن كل شرك. أيشرك هؤلاء المشركون في عبادة الله مخلوقاته، وهي لا تقدر على خَلْق شيء، بل هي مخلوقة؟ ولا تستطيع أن تنصر عابديها أو تدفع عن نفسها سوءًا، فإذا كانت لا تخلق شيئًا، بل هي مخلوقة، ولا تستطيع أن تدفع المكروه عمن يعبدها، ولا عن نفسها، فكيف تُتَّخذ مع الله آلهة؟ إنْ هذا إلا أظلم الظلم وأسفه السَّفَه. وإن ندعوا -أيها المشركون- هذه الأصنام التي عبدتموها من دون الله إلى الهدى، لا تسمع دعاءكم ولا تتبعكم; يستوي دعاؤكم لها وسكوتكم عنها; لأنها لا تسمع ولا تبصر ولا تَهدِي ولا تُهدى.
====================
س1 : هل معنى تغشاها .. هو الجماع كما قال المفسرين؟!!!
س2 : تغشاها .. معناها تغطية .. كيف تم تغطية هذه النفس ؟!!!
س3 : هذه النفس بعد تغطيتها (حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا) فإذا كان الحمل هنا الجنين كيف يكون الحمل هنا ناقص ؟!!!
س4 : النفس حملت حملاً ناقص ما هذا الحمل الناقص ؟!!
س5 : أين كانت هذه النفس أثناء الحمل الناقص ؟!
س6 : كيف مرت بهذا الحمل الناقص ؟!
س7 : لماذا لم يدعوان ربهم أثناء الحمل الخفيف .. وكانت الدعوة  لما أُثقلت ؟!!!
س8 : كيف أُثقلت ؟!!!
س9 : طلبوا من الله أن يأتيهما صالحاً .. فهل الصالح الأبناء والذرية ؟!!
س10: إذا كان الأبناء هي دعوتهما .. فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا .. فهل كل أبنائهم صالحين؟!!
س11 : هل آدم وحواء أشركا بالله بعد آتاهم صالحاً ؟!! البعض قالا أنه شرك أصغر ونسوا أن الآيات أنها تشير للشرك الأكبر (جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ) ؟!! 
س12 : ما هو الصالح الذي طلباه من الله؟!!!
س 13 : ما معاني ودلالات الآيات ؟!!!!

وعندما نتدبر الآيات سوف تجد أن هذه الآيات تحكي ملخص الخلق منذ بدايته لنهايته إجمالاً فغالبية البشرية مشركين  .. فقد قال تعالى :

{ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ (42) } (سورة الروم 42)
{ أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60) وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61) وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (62) هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (63) اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (64) } (سورة يس 60 - 64)

وهنا الله تعالى حدد فئة هي الأكثرية ومن المضمون استثنى أخرى هي أقلية تم فهمها من مضمون الآية ومعانيها ودلالاتها ،   وقوله تعالى :
{ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72) لِيُعَذِّبَ اللهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا (73) } (سورة الأحزاب 72 - 73)
وهنا أعقبها الله تعالى بشيء من التفصيل لبيان من هذا الظلوم الجهول ، وقد إستثنى بطبيعة الحال المؤمنين والمؤمنات ،  وبذات القاعدة سوف نجد الآيات التي نحن بصدد تدبرها تضع هذا الإستثناء لهذه الغالبية المشركة

فالقصة تبدأ من حيث بدأ عرض الأمانة بل أن القصة تدور حول هذه الأمانة:  

والأمانة  هنا - أمانة الإختيار -  ما بين عبادة الله وطاعته والسجود لقوانين الرحمن والمعصية لله  فلا يكون مجلوباً على الطاعة كبقية المخلوقات التي عرضت عليهم الأمانة
  • فالخلق أساسه نفس واحدة وجعل من كل نفس زوجها وهنا الكلام على النفس بأكثر شمولية وليس كآدم وحواء .. فما خلقنا وما بعثنا إلا كنفس واحدة
.. { مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (28) } (سورة لقمان 28) ..
فإننا ضمن ساق وجانب الدنيا  وفي وضعنا البشري جعل الله الإنسان مكوناته ألأساسية لأداء وظيفته في الدنيا :
  1. النفس قائداً وسائقاً في الدنيا  وتجزى على فعلها وعملها وصنعها.
  2. الجسد أرضا للنفس وسيارة العبور كبلد أمين يجب أن تقوده النفس في الطريق المستقيم لتصل النفس إلا مبتغاها عند نهاية الطريق ويرى فعلها وكيف قاومت شهوات الجسد فإن أحسن فعلها جزاها الله بأحسن عملها .. بل لو صنعت شيئاً صالحاً جعله الله لفائدة البشر وثواب لها .. وما أسوء النفس التي تسيء إستعمال أرضها وبلدها.
  3. الروح : وهي مصدر الطاقة الإلهية لتشغيل الجسد وجعله تحت إمرة النفس.
  4. الأمر : وينقسم إلى:
أ- الأمر الثابت للجسد : نظام التشغيل اللاإرادي.. فلكل جزء في الجسد أوامر يعمل بها ويقوم بوظيفة بل كل جين وخلية لها من الأوامر التي تعمل به .. وبها أوامر إنتاج الخلايا وإستعاضتها بل وبها الأمر عن نهاية حياة الجسد 
ب- الأمر المتغير على حسب حاجة  (النفس) سائق الجسد : وهو أيضاً نظام تشغيل لأجزاء كثيرة من الجسد على حسب إرادة النفس تتيح للنفس تسخير هذا الجسد حسب إحتياجاتها وتسخير إمكانياته .. بأن وضع الله سبحانه وتعالى أوامر  ببعض أجزاء الجسد تساعد النفس على قيادة الجسد .. وتظل أفعال النفس بالجسد بذاكرة أجزاء الجسد وتكون شاهدة علينا يوم العرض والحساب عما إقترفه الإنسان من أخطاء في قيادة الجسد فهو الأمر المتاح إستعماله للنفس لتملك إرادة إستعمال الجسد والتحكم فيه .. وهو ما يحاسب الإنسان على حسن إستعمال أو سوء إستعمال الأمر :
{ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10) } (سورة الشمس 7 – 10)
ففي لحظة الموت  يأتي الأمر بانتهاء حياة هذا الإنسان ، فترحل الروح عن الجسد  وتتحرر النفس عن أرضها وسيارتها (الجسد) وفي هذه اللحظة يتم إعداد النفس لرحلتها ما بين الدنيا والآخرة فتلتف الساق بالساق ويلتف جانب الدنيا بجانب الآخرة.
فطبيعة خلق النفس .. ليس هي طبيعة خلق الجسد .. والروح هي من أمر ربي لا ولاية للنفس أو الجسد عليها
  • فالله تعالى خلق النفس الأولى :  
وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ (98) } (سورة الأَنعام 98)
  • ثم خلق منها زوجها (بطريقة الإنقسام) :
فالأصل موجود وانقسم منه نفس أخرى ،  وهكذا  كل نفس تنقسم لزوج لتحمل كل واحدة منها الخلق الموازي له في من طلب حمل الأمانة انتظارا لدورها لتنزل على أرضها الجسد لتبتلى بالحياة الدنيا :
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1) } (سورة النساء 1)
  • أما خلق الجسد في الحياة الدنيا فهو له أيضاً مرحلتين :
  • فالله خلق الجسد الأول (آدم) من مادة الأرض التي سوف يعيش فيها
فكان التناسل الأول أشبه بطريقة الانقسام لتكون حواء ثم توالت بعد ذلك خلق الأجساد (بطريقة التكاثر) والتي هي أرض النفوس التي سبق خلقها
فالنفوس في إنقسامها إخوة ، والأجساد بهيئتها الدنيوية ذرية ولكن هذه الطبيعة الدنيوية احتاجت أن تتشكل الأجساد  لطبيعة التكاثر في الدنيا أن يكونوا في هيئهم الجسدية المكتملة رجالاً ونساءً
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1) } (سورة النساء 1)
وهذا يجعلنا نسأل أنفسنا .. هل طبيعتنا في البعث والجنة والنار والتي ليس فيها تكاثر أو إنقسام .. هل سوف نحتاج جسد دنيوي بذات السوءات .. أو بذات مواصفات  الجوارح .. وموصفات الحواس .. الخ ؟!!!!
وهذا يجعلنا نسأل أنفسنا ، هل طبيعتنا في البعث والجنة والنار والتي ليس فيها تكاثر أو انقسام ، هل سوف نحتاج لتمايز بين النساء والرجال من حيث المواصفات الجسدية الظاهرية وكذلك الأحاسيس والمشاعر وشهوة الجنس .. الخ  ؟!!!!

بعد هذا العرض السابق يسهل علينا تدبر الآيات :

  •  لقد خلق الله النفس  وخلق منها زوجها ، ومنهما كان خلق الأنفس لتنزل إلى الدنيا بترتيب نزولها لتلقي إبتلاء الأمانة .
  • إلا أنها في البداية كانت على هيئة آدم وحواء والذين خلقوا من طين إلا أنهما تم تغطيتهما (تغشاها)  بلباس الجنة ، فلم تعرف النفس جنسها الذي سوف يكون في الدنيا ولم تتطلع على سوءاتها ، فهو الذي تغشاها ولم يظهر لها حقيقتها فجعلهما زوجين بلباس يواري سوءاتهما

{ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا } (سورة الأَعراف 189)

  • بل كانت أول نفس حملتها جسد هي نفس آدم وكانت هي رمز البشرية كلها حين أمر الله الملائكة خدمة آدم  
 : { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34) } (سورة البقرة 34)
  • وكان في تلك الجنة بداية حمل الأمانة ، ولكنها كانت حمل خفيف وليست مثقلة بتلك الابتلاءات المتعددة والخطايا كما بعد الهبوط من مستوى رعاية إلى مستوى أدنى  فكان الأمر الأول والأمانة الأولى والحمل الأول يكمن فقط  في عدم القرب من الشجرة.
{ وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (35) } (سورة البقرة 35){ وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (19) } (سورة الأَعراف 19)
  • فمرت به .. وتم كشف جنسيهما بهذا الاختبار الأول { فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ } (سورة الأَعراف 20)  .. فما كانت وسوسة الشيطان إلا ليبدي لهما سوءاتهما فكانت قصة الإختبار الأول الذي مرت به النفس قبل نزولها لمعترك الدنيا كما قال تعالى :

{ فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (20) وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ (21) فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ (22) قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23) قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (24) قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ (25) } (سورة الأَعراف 20 - 25)

  • فلما أثقلت النفس بإختبار الدنيا وهبوطها من مستوى رعاية أعلى إلى مستوى رعاية أدنى بالدنيا لتواجه إختبار الأمانة بالكامل وظهرت سوءات البشر وتمايزا لذكر وأنثى نساءً ورجالاً  وهبطوا لمستوى أدنى من الرعاية الإلهية في الدنيا وبدأت حياة الذرية

{ قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (38) } (سورة البقرة 38) { فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36) } (سورة البقرة 36)

  • (دَعَوَا اللهَ رَبَّهُمَا) وهنا بالجمع فلماذا لم يقل (دعا الله) ؟!!!!  ومع ذلك أعقب طلبهم الجمعي بكلمة ربهما  كنوعين مختلفين من تمكينهما من العمل الصالح كلاً في مجاله وطبيعته البشرية كذكر أو أنثى  ليكونا بهذا العمل الصالح من خلال حرية الاختيار سوف يكونا من الشاكرين 
{ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97) } (سورة النحل 97) ..
وهذا الطلب يشمل آدم وحواء عند هبوطهما ويسري على الذرية  بطلبها من الله نفس الطلب ، وأقصى ما نطلب من الذرية هي طلب إصلاحها من الله

{ حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15) } (سورة الأَحقاف 15)

  •  إلا أن النوعين المتمايزان اللذان بثهما الله تعالى في الدنيا رجالاً ونساءً وبعد أن مكنهما من العمل الصالح في الأرض كان منهما من جعلا لله شركاء..  لذلك قال تعالى  (فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) فلماذا .. لم يقل (عما يشركان) ولماذا آتت بالجمع (عَمَّا يُشْرِكُونَ )؟!!!!!! بالطبع لأن الكلام على جمع من كلا النوعين وليس لشخصين فقط .. فليس الكلام هنا على آدم وحواء خاصة دون باقي البشر فالله مكننا كلنا جميعاً  وآتنا العمل الصالح ولنا أن نتسابق من أجل هذا العمل الصالح
{ وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ } (سورة فاطر 37) { وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (124) } (سورة البقرة 124)
  • وقد يقول قائل .. أن الجمع عائد إلى تعدد عدد الشركاء .. فنقول لهم  أنه استمر الإشارة إلى الجمع فيما تلاها من آيات (أيشركون – يخلقون – لهم – أنفسهم – ينصرون – تدعوهم – لا يتبعوكم – تدعون – فادعوهم – لكم – إن كنتم صادقين)
{ أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (191) وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (192) وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ (193) إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (194) } (سورة الأَعراف 191 - 194)
  • وقد يقول أحدهم إذا كان الكلام  يحكي قصة البشرية .. فهل كل البشر مشركين ؟!!!
    فكما بينا من قبل أن الكلام على عموم سلوك البشر إلا أن الله تعالى يبين الاستثناء  .. فلا يوجد عموم للشرك ولكن غالبية كبيرة تشرك بالله وتتخذ من دون الله شركاء  وهناك من أصلح  بدليل أن الله يخاطب فئة أخرى على ذات العهد بل يتبعون الهدى في ذات سياق الآيات ..  فيقول تعالى :
(وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ (193){ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ (18) } (سورة فاطر 18)

وما كان ليشرك آدم أو حواء .. بل أن الله تعالى تاب عليهما وهدى   :

{ قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23) } (سورة الأَعراف 23){ فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36) فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37) } (سورة البقرة 36 - 37)
{ ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (122) } (سورة طه 122)


حق النشر والكتابة للكاتب: كامل عشرى

تعليقات