ذي القرنين - وأصحاب الكهف والرقيم (مقدمة)
(الجزء الأول) العين الحمئة ها هي .. والشمس التي تغرب فيها
(الجزء الثاني) قوم مطلع الشمس
(الجزء الثالث) السدين والعالم المتقدم من دونهما
(الجزء الرابع) يأجوج ومأجوج بعيدًا عن الخرافة وكيف من كل حدب ينسلون؟!
(الجزء الخامس) زُبُر الحديد المتساوي الصدفين؟!
قال الله عز وجل:
{حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا
تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا
الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا} [سورة
الكهف: 86]
والسؤال الآن:
- ما هو مغرب
الشمس الذي بلغه ذي القرنين؟!
- ذي القرنين
وجدها تغرب؟! فإيجاد الشيء ليس كالرؤيا، فكيف وجدها؟!
- تغرب في عين
حمئة؟! كيف تغرب الشمس في الطين الأسود؟!
- وجدنا عندها
قوماً؟ … كيف نجد قوماً عند غروب الشمس؟!
- ما هي الشمس
الذي تتكلم عنها الآية؟!
- ما يمكن أن
ترشدنا الآية في زمن الفتنة؟!
فلنحاول أن نجيب على هذه الأسئلة معًا:
شتان بين أن تجد الشمس وأن تراها، فالأعمى يجد الشيء ولا
يراه، فكيف يتخذ أصحاب اللغة العربية مرادفات للكلمات في حين أنه لا يوجد تلك
المترادفات أبدًا وما يتم فعله خلط لمعنى ودلالة وحركة الكلمة وسوف نتعرض هنا أولًا
لمعنى ودلالة وحركة لفظ الشمس أولاً حتى ندرك كيف يمكن أن نجدها وكيف نراها.
معنى ودلالة
كلمة شمس من حروف القرءان الكريم
الشمس صورة أخرى من أصل الطاقة ومن أشباهها وتسمح هذه
الصورة أن توجد في مكان ما بعيدًا عن أصل مصدرها لها خاصية التفشي والانتشار
والشهرة وهي ناتجة عن ضم وتداخل مواد متعددة موضوعين معًا لتمام التفشي والانتشار
والشهرة في مقام ومكان وميقات محل الظهور والتفشي، ويكون مصدر الطاقة والقوة لهذا
التفشي والانتشار والشهرة مركز تلك الشمس وعمقها، هذا العمق أو المركز يكون أداة
السيطرة على هذا التفشي والانتشار والشهرة لتنتقل الطاقة ومن موضع إلى موضع.
فما يصلنا شمس أي مجرد صورة أو نسبة من أصل طاقة وليس
ذاتها وذلك في حالة شروقها وانتشارها وتفشيها، والتعريف السابق للشمس يمكن إدراكه
من خلال معاني ودلالات الحروف في القرءان الكريم.
ش: صورة أخرى أو شبيه من أصل الطاقة ومن أشباهها وتسمح هذه
الصورة والشبيه من الطاقة أن توجد في مكان ما بعيدًا عن أصل الطاقة لها خاصية
التفشي والانتشار. م: وهي ناتجة عن ضم وتداخل مواد
متعددة ووضعها في قالب واحد لتمام التفشي والانتشار والشهرة في مقام ومكان وميقات
محل الظهور والتفشي حيث تحملها الخنس الجواري الكُنس
فالصبح من خلالها يتنفس، س: ويكون مصدر الطاقة
والقوة لهذا التفشي والانتشار والشهرة مركز تلك الخنس وعمقها هذا المركز يكون أداة
السيطرة على هذا التفشي والانتشار والشهرة لينتقل هذا الشبيه من الطاقة ومن موضع
إلى موضع حتى إذا اصطدمت في الغلاف الجوي تحولت الخنس لحالة جواري كُنس.
لمزيد من فهم هذه الآلية:
فالشمس المعروفة لنا والتي ننظر لها في السماء والتي من
فرط قوتها وأهميتها للإنسان كانت هي الشمس الأساسية التي يستمد منها الإنسان
الضياء والطاقة وتحمل تلك الخصائص بوضوح تام، إلا أنها ليست الشمس الوحيدة.
ولعل أحدهم يقول النجوم شموس، ولكنها بالنسبة لنا ليست
شموسًا إنما كما صورها الله لنا مصابيح، فالشمس مصدر للطاقة كما أنها مصدر للضوء.
فالشمس التي نعرفها صورة من صور الطاقة بالنسبة لنا
وطاقتها تنتشر وتتفشى [تُشرق] فإذا أشرقت تمنحنا ضياءها، وهي تتكون من مواد عديدة
منها الهيدروجين ثلاث أرباع مكونات الكتلة الشمسية، أما البقية فهي في معظمها
هيليوم مع وجود نسبة 1.69% [تقريباً تعادل 5,628 من كتلة الأرض] من العناصر الأثقل
متضمنة الأكسجين والكربون والنيون والحديد وعناصر أخرى.
والنار التي نعرفها هي من ضمن نواتج هذه الطاقة فهي
الناتج النقي من الشمس والمتآلف معها والمرتبط بها ارتباطًا وثيقًا فيبدو لنا أن
الشمس كتلة من النيران رغم أن بها العديد من المواد الثقيلة التي هي مصدر الطاقة
الحقيقي.
لذا وبعد هذا العرض لخصائص الشمس وصفتها الظاهرة في حالة
شروقها أنها نار متوهجة، فبالطبع كل من يحمل تلك الخصائص وفي حال شروق تلك الطاقة
يمكن أن يكون هيئتها النار صادرًا منها الضوء فنحن نكون أمام شمسًا أيضًا، ولها
صفة الغروب والشروق أيضًا بالنسبة لنا وهي من الآيات العظيمة التي نراها في السماء
وعلى الأرض ليلًا ونهارًا فهو الله تعالى رب المشارق والمغارب.
والضوء كذلك هو ناتج من نواتج تلك الشمس في حالة شروقها،
ولكن السؤال هل الشمس التي نراها في سمائنا هي الشمس الوحيدة التي تم ذكرها في
القرءان دون غيرها وهل بين أيدينا شموس أخرى يمكن أن نجدها وأعطانا الله القدرة
على إشراقها بأيدينا.. فالله تعالى رب المشارق ورب المغارب؟!
فكما أن الله رب المشرق والمغرب فهو رب المشارق الأخرى
والمغارب الأخرى والتي سوف نتناول حالات من الغروب والشروق في تلك الأجزاء.
وبالبحث فيما حولنا وناتج إدراكنا المحدود، سوف نجد مواد
تم اختزان الطاقة فيها مثل الفحم والمازوت والبترول والغاز الطبيعي. الخ، وهي على
هذا الوضع هي شموس غاربة كالشمس التي في السماء المحجوبة عنا أثناء فترات الليل،
فالشمس هنا تغرب داخل مواد مكونات الفحم والمازوت والبترول والغاز الطبيعي،
وطلوعها باستخراجها وإشعالها لكي يتم طلوعها ومن ثم شروقها.
قال تعالى:
{حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا
تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ} [سورة الكهف 86]
{حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا} [سورة الكهف 90]
وبإعادة تطبيق معنى ودلالة حروف الشمس على هذه المواد
المختزنة بالطاقة، سوف نجد اشتراكهم في ذات الخصائص مع الفارق شهرة الشمس التي
نعرفها هي المصدر الأقوى، بل كان منها مصدر للطاقة الشمسية التي يعاد استعمالها في
أكثر من استعمال وتحويلها إلى طاقة كهربية في مختلف الاستعمالات، وهذا يعد شروق
للشمس التي في السماء على كثير من الاستعمالات.
فمن يجد الشمس ليس كمن يراها وليس كمن ينظر لها وليس كما
يلمحها وليس كمن يشاهدها، وبالطبع ليس كمن بصرها، فهناك من يراهم في اللغة أنهم
مجرد مترادفات ولا يوجد مترادفات في لسان القرءان العربي فلكل كلمة معنى ودلالة
وحركة.
ففي الآيات في سورة الكهف ذي القرنين وجدها، ولكن الشمس
التي نعرفها لا نجدها، ولكننا نراها ولو طبقنا التعريف نشعر بها ضوءًا وحرارة حين
تشرق فقط.
فال تعالى:
{فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي
هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا
تُشْرِكُونَ} [سورة الأَنعام 78]
{وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ
كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ
وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ} [سورة الكهف 17]
ولكن ما هو الفارق بين وجد الشمس ورأى الشمس.
وجد الشمس:
جمع ووصل وضم وتداخل مع خواص الشمس الداخلية والخارجية
ظاهرة وباطنه، فيجمع مكونات الشمس المتفرقة لتصير جسمًا واحدًا ليظهرها جالية في
حيز وأبعاد وكينونة دون اختلاط بها. وهذا يتم في الحركة الدنيوية بقصد قوانين
وأسباب دنيوية.
فمثلاً إذا قلنا وجد الشمس، بالتطبيق يكون ترجمة المعنى:
الآن يمكن فهم قوله تعالى:
{حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا
تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا
الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا} [سورة
الكهف 86]
ضم وجمع علم خواص الشمس الغاربة باطنها وظاهرها وأيقن
أنه مادة طاقة [من بئر مثل البترول أو الغاز الطبيعي كما سوف يتبين] وذلك من خلال
وصل بين ضدين باطن وظاهر [سطح الأرض وباطنها] واستخدم وسائل لإيجاده من أجل غايات
دنيوية [استخراج]، فجمع مكونات [مادة الطاقة] المتفرقة لتصير جالية لها حيز
وكينونة وأبعاد في [براميل أو خزانات أو أنابيب.. الخ]، وهذا يتم من خلال قصد قوانين
وأسباب دنيوية.
فكلمة وجد هي لشيء مادي ملموس يمكن الإمساك به والتعامل
معه بل يحتاج مجهود وإخراج الشيء من بيئته لإمكانية التعامل معه فإذا طبقنا هذا
المعنى ووعيناه ونظرنا إلى قوله تعالى:
{حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا
تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا
الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا} [سورة
الكهف 86]
فسوف نعلم أن إيجاد أشياء هي مادية ملموسة لهم وكونها
تغرب في عين حمئة أي بئر به مادة لزجة سوداء ذو رائحة عفنة، وطالما أنه وجدها هناك
فهي يتم استخراجها من هذا البئر لإمكانية التعامل معها، بل وعندها قومًا مثل أقوام
العالم الثالث في زماننا الذين يملكون الطاقة الخام.
رأى الشمس:
ربط بين الشمس وأحوالها وأمورها المختلفة والمتفرقة،
فيعلم بطبيعة الشمس من خلال التغيرات التي تتضح منها.
إذن رؤية الشيء هي كل طريقة تجعل هناك إمكانية للربط بين
خصائصه وصفاته فيعلم الشخص ماهية الشيء الذي يراه من خلال هذا الربط بدون أن يلمسه.
قال تعالى:
{فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي
هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا
تُشْرِكُونَ} [سورة الأَنعام 78]
وهكذا يتبين الفرق بين أن تجد الشمس ورؤيتها في القرءان
الكريم فهو الدليل والبرهان.
ولكن ما هي العين الحمئة التي تغرب فيها هذه الشمس
المعنى الموروث: عَيْنٍ حَمِئَةٍ: عين حارة ذات طين
أسود، وقيل عين حامية، بمعنى حارة، وقيل ذات حمأ من حمئت البئر، وقيل مدرة سوداء،
وقيل الطين الأسود اللزج، وقيل اختلط ماؤها بطين، وقيل عين ذات طين أسود.
......... أي يمكن القول أن صفة المادة هنا التي تغرب
فيها الشمس، شديدة السواد لزجة رائحتها نتنة تختلط بالطين، فما هو ذلك الأسود
اللزج؟!
وعندما يقول الله تعالى وجدها تغرب، فهو وجدها ولم يراها،
فالأعمى يجد الشيء ولا يراه، فاللفظ القرآني هنا محدد، ولا يمكن تأويله كما حاول
البعض.
فالله تعالى هو من يتكلم، ويصيغ القول وليس شرطًا أن
يكون هو ذاته قول من قاله، بل يكون معنى ودلالة كلية للحدث، فالله تعالى قال
وجدها، إذن هو وجدها ويمكن أن يلمسها بيده وليس مجرد رؤيا أو بمجرد النظر، وحتى لو
تجاوزنا هذه النقطة، فإذا كان المقصود الخداع البصري كما زعم البعض لكان وضحه الله
لنا، فالقرآن ليس علم ظني، وإنما علم مبين، فلن يتركنا لتخميناتنا الخاصة، فالقرآن
العلم المبين فهو علم الله بين أيدينا ويجب أن نتعلم منه قدر استطاعتنا؟!
فقد اعتمد البعض في التعامل مع اللفظ القرآني من خلال
عين الرائي المحدود ومن خلال عين الإنسان المحدودة، ونسوا أن الله هو الذي يتكلم، وكأن
الله تعامل في حدود علم الإنسان حين تنزيل القرآن، وبالتالي حين انكشف بعض العلم
للإنسان من أن الشمس التي في السماء لا تغرب عن الكرة الأرضية ولكن تغرب عن مكان
معين في وقت معين، أي أنها تغرب عن المكان ولا تغرب بالمكان، واجه حقيقة ضعف
التفسير، بل الآيات لم تتكلم عن الأرض من الأساس ولكن تكلمت عن الشمس فقط.
فما هي تلك الشمس التي
تتكلم عنها الآيات؟!
ورغم كل ذلك لم يتراجعوا عن محاولة إخضاع الآية للعين
البشرية المجردة، وحصروها في ما يتوهم الإنسان حين غروب الشمس، فأسقطوها في البحر
ونسوا أن المتكلم هو الله، ولم يضع أي لفظ يفيد هذه المجازية التي حاولوا أن
يسقطوها على الآية وراحوا يستعينوا بالآيات التي تتكلم عن المشارق والمغارب
والمشرق والمغرب والمشرقين والمغربين فكانوا بدلاً من الوصول للبيان أرجحوه في
محاولات مستميته لإخضاع الآية لهواهم، ونسوا أن الله تعالى هو الذي يتكلم.
فحين يتكلم الله عن شيء غير حقيقي فسوف تكون الآية واضح
فيها هذا الشيء غير الحقيقي وبشكل جلي وحينها سوف تشير الآية أن ذي القرنين رأى
بعينه غير الحقيقة، وبالتالي لن يجدها، ولكن سيراها فقط بل يتوهم أنه يراها تغرب
في العين الحمئة.
فعندما يتكلم الله تعالى عن شيء بعين الإنسان المحدودة،
أو إدراكه المحدود، فبيان ذلك يكون واضحاً بالآيات، كما في هذه الآية:
"قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ
وَعِصِيُّهُمْ [يُخَيَّلُ إِلَيْهِ] مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى [66]
فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى [67] سورة طه
وهنا كان اللفظ القرآني واضح لا لبث فيه أنه يخيل للناس
وموسى أن العصي تسعى من فرط إتقان الصنع واستخدام الزينة التي سخرها الله لهم
فاحتكروا العلم واحتفظوا به لأنفسهم وتعاونوا
بها مع الشيطان لضلال الناس والدجل عليهم فكانوا سحرة وليس علماء يقيدون الناس
بعلمهم، فكان اللفظ القرآني دقيقًا في وصف المشهد ووصف أن الصورة التي رآها الناس
وموسى غير حقيقية، وبالتالي عندما يقول الله تعالى [وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ
حَمِئَةٍ] فهي تغرب في عين حمئة لا جدال في ذلك.
فلا يمكن أن يقيد النص هنا بشخص ذي القرنين وأنه يتوهم
رؤية الشمس تغرب في العين الحمئة كما حاول البعض وإلا كان نوه في الآية عن هذا
التقييد كما تكلم عن موسى ووصف خوفه نتيجة لهذا التخيل، فليس إيجاد الشيء كرؤيته،
فالأعمى يجد الشيء ولا يبصره.
ونتيجة لتمسك البعض بأن يحاصر اللفظ القرآني في حدود
معينة حتى يخضعه لإدراكه المحدود، وتجاوزوا حد الاجتهاد، وجعلوا تصوراتهم التي
تخالف النص القرآني قانونًا، فصال وجال الملحدين في آيات الله تكذيبًا ولرسوله،
عندما قدمنا التفسير الإنساني المحدود على النص القرآني وأخضعنا النص القرآني لهذه
التفاسير حتى لم نضعها في حدود اجتهاد في محاولة التأويل لكن صارت التفاسير قرآنًا
جديداً يفرضوه على الناس، فكان من الممكن تصويرها على أنها اجتهادات، ربما أصحابها
لم يتعمدوا ما تعمده المحدثين عندما قدسوها وأغلقوا باب الاجتهاد فيها، وأصروا على
ما فعلوا إصرارًا من تشويه للنص القرآني وعدم إتباع المنهج الصحيح في التفسير.
بل أن الملحدين صالوا هم الآخرين وجالوا.. وقالوا.. بسبب
هؤلاء الذين قدموا التفسير على النص القرآني ما يلي:
[عين
حمئة تلك التي غرق فيها الإسلام بنبيه وقرأنه وكافة علمائه، إنها القشة التي قصمت
ظهر البعير، تلك الفضيحة العلمية المذكورة في الآية رقم 86 من سورة الكهف، التي
حاول علماء الإسلام الخروج منها بكافة الوسائل، ولكن كافة قمصان النجاة التي
ارتدوها وخصوصا تلك المصنوعة من المجاز أو من البحر المحيط لم تنقذهم من الغرق،
كما أن طوق النجاة الذي ألقوه لنبيهم لإنقاذه من هذه الفضيحة العلمية، لم يفلح في
إنقاذه ولن يفلح أبداً.. كثيرون تركوا هذا الدين وغادروه وتحرروا من خرافاته
المحمدية الساذجة بسبب هذه الآية]
فهل أدركتم مدى ما تم ارتكابه في حق الله ورسوله وكتاب
الله من تشويه بسبب محاولة تبديل قول الله.
هل أدركتم أن التمسك بهذه التفاسير التي حُرِفت معنى
ودلالات كلمات الله، كانت حجة علينا وليس لنا؟!
وعليه فيجب أن نسأل أسئلة مشروعة ونبحث عن إجابتها من
النص القرآني الذي بين يدينا، ونوجه له الأسئلة التي نريدها، فنحن لا نقدم التفسير
على النص الإلهي، كما يدعي الملحدين، وأن القرآن تبياناً لكل شيء، وليس من الضرورة
أن الآية يتم تفسيرها في زمان تنزيلها، وسيظل هناك أسرار وأسرار فلا يعلم تأويله
إلا الله.
وقد حان الآن لمحاولة الإجابة عن الأسئلة والتي سبق أن طرحناها
فهل تجيب الآية بفضل الله، ويجود الله علينا بأسرارها؟!
س 1: ما هو مغرب الشمس الذي بلغه ذي القرنين؟!
ج 1: بالطبع لن يبلغ ذي القرنين الشمس التي نعرفها فتلك الشمس
بالطبع لا تغرب في عين حمئة.. فبالتالي لن نبحث عن مغربها في السماء أو عند عطارد
كما يدعي البعض وذهبوا بخيالهم للخرافات، ولكن ذي القرنين بالطبع بلغ شيء يأخذ صفة
الشمس وبالتالي هذه المادة الشمسية تغرب في العين الحمئة وتغوص فيها، وهذا لا شك
فيه فهذا قول الله تعالى والمشكلة في إدراكنا للمعنى الكائن بالذات الإلهية وكلام
الله والذي يكشف لنا بعض جوانبه قول الله تعالى في القرآن الكريم وأيضاً كتابه
المنشور أمامنا.
س2: ذي القرنين وجدها تغرب؟ فإيجاد الشيء ليس
كالرؤيا.. فكيف وجدها؟!
ج2: نعم وجدها.. بمعنى وجودها وليس مجرد رؤيتها.. بل يمكن
أن يلمسها ويمسكها بيده، فالأعمى يجد الشيء ولا يبصره، إذن هذه المادة الشمسية
التي تغرب في بئر يمكن إيجادها والحصول عليها، فقد وجدها فعليًا يلا شك، فهذا قول
الله تعالى فلا جدال في ذلك.
س3: تغرب في عين حمئة؟ كيف تغرب الشمس في
الطين الأسود؟!
ج3: نعم تغرب في عين حمئة وليس هناك شك في ذلك، فهل يمكن أن
تكون هذه المادة الشمسية تغرب بين الطين الأسود وفي بئر، هل تغرب في شيء أسود لزج
شديد السواد ورائحتها عفنة، هل تغوص فيها وتكمن في مادتها.. ولكن ما هذه المادة؟!
س 4: وجدنا عندها قوماً؟ كيف نجد قوماً عند
غروب الشمس؟!
ج4: بالطبع لا يمكن أن يكون هناك قوماً عند الشمس التي
نعرفها في الفضاء الخارجي كما صور البعض، ولكن بالطبع هناك قوم عند الشمس الذي
ذكرها الله تعالى في الآية، ولكنهم يمكن أن يكونوا عند هذه المادة الشمسية، بل أن
ذكرهم ووجودهم في هذا المكان موقوف على هذه المادة الشمسية التي تجمعهم عندها
ونجعلهم حولها، ومن الواضح أنهم وأعمالهم الدنيوية مرتبطة بهذه الشمس إلى حد ما
كبير، فما هي هذه الشمس؟!
س5: ما هي الشمس الذي تتكلم عنها الآية؟!
ج5: هنا ما يهمنا أن نبحث عن الشيء الذي وصفه الله تعالى
بالشمس، وليس مجرد شمس فإنها هي شمس تغرب، وليس فقط شمس تغرب، بل هي شمس تغرب في
عين حمئة وفي بئر، بل هي تغرب في مادة بها صفة أنها شديدة السواد واللزوجة بل هي
تغرب في مادة ذات رائحة نتنة.
فلو أننا نتكلم عن مادة بها صفة الشمس، فالمواد التي
فيها صفة الشمس كثيرة.. على سبيل المثال [أوراق الشجر والحطب، والفحم، والمازوت،
والبترول.. الخ] وفيها الشمس [الطاقة] تغرب خاملة إلا إذا تم إعطاؤها العامل
المحفز لكي تستخرج شمسها وطاقتها ويمكن استغلالها حينها وتتحول لطلوع الشمس [الطاقة..
الحرارية - الحركية - الضوئية.. الخ]
وهذا معناه أن هؤلاء القوم يكتفون بالشمس التي تغرب في
حدود غروبها في الوضع الخامل.
فهناك مواد في البيئة بإشعالها تتحول لشموس مضيئة، نكتسب
منها الطاقة بجميع أنواعها، ولكن ما هي المادة التي تكمن فيها الشمس والطاقة وتغرب
فيها التي تتكلم عنها الآية.. فقد تم وصفها أنها تغرب في عين حمئة سوداء لزجة، في
بئر، رائحتها نتنة.
فبحدود علمنا الإنساني الذي وصلنا إليه، أن هذه الصفات
تنطبق، على مادة البترول السوداء اللزجة، التي تغرب في مادتها الشمس التي بإشعالها
تتحول إلى مصدر للشمس والطاقة، ويكتفي معظم من يعيشون عندها باستخراجها وبيعها على
وضعها الخامل بصفة غروبها.
فهل الآية تتكلم عن قوم يعيشون في مكان فيه بترول؟! هل
للطاقة البترولية هذه تأثير على أفعالهم الدنيوية؟! هل أفسد البترول بعض أحوالهم
ومارسوا الظلم فيما بينهم كما في زماننا وأحوال دولنا النفطية؟! فقد تم ربط المكان
بالشمس بالقوم الذين عند الشمس وعقاب ذي القرنين للظالم فيهم حيث قال الله تعالى:
{قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ
يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا} [87]
فهل ترتبط هذه الشمس بأحداث خاصة بالدجال في زماننا؟! هل
عصر ذي القرنين كان فيه تقدم علمي؟!
قبل أن تجيب لا تنسى أن الله أعطى ذي القرنين من كل شيء
سببا يعالج فساد سوء استعمال أسباب.
ويجب أن ندرك أن القرآن الكريم تكلم عن شخصيات كثيرة،
منها من اكتفى الله تعالى بإعطائها صفة غالبة فيهم، مثل فرعون وذي القرنين، وهناك
من جاء ذكرهم باسمهم الحقيقي وخصوصاً مريم بنت عمران، وهذا له حكمة لفهم ما يلي:
1- إذا جاء ذكر أحدهم بصفته مثل فرعون وذي القرنين..
فهذا معناه أن هذه القصة وصفة هذا الشخص يمكن أن تتكرر في أزمان مختلفة بذات
المضمون مع اختلاف تفاصيل الأحداث.
2- إذا جاء ذكر أحدهم باسمه مثل مريم بنت عمران، فالقصة
غير متكررة والشخص لا يتكرر فما لأنثى أن تدعي أنها أنجبت طفلاً بدون رجل.
فذي القرنين صفته أنه يرى بكلتا العينين فيرى بعين
الدنيا والآخرة، وهو كل شخص كان ضد من يرى بعين واحدة [عين الدنيا فقط]، فبأخذ
بأسباب الدنيا وقد أعطاه الله من كل شيء سببا، ولكنه عمل بهذه الأسباب ليبلغ مرضاة
الله وإفادة البشرية، ووقف إفساد القوم بين السدين والردم على يأجوج ومأجوج من
خلال تركيبة علمية علمه الله إياها من ضمن مواد خلق الله وأعطاه الأسباب لحبس ضرر
يأجوج ومأجوج، فلا يمكن لها خروج انبعاثاتها وضررها.
وكذلك فرعون المتجبر الذي فتنه قومه وفتنهم بأن أنكروا
وجود الله وظلموا في الأرض فكان هو طاغية وقومه قوم جبارين، وهي طبيعة بشرية
متكررة وأمام أعيننا في كل حقبة لا تخلوا عن فرعون أو فراعين متعددة.
ولعلك تدرك الآن لماذا تتحرك دول مطلع الشمس وجيوش ما بين
السدين حينما يشعروا أن دولة من دول مغرب الشمس لديها مشروع عن حجب شمسها الغاربة
أو جعلها في خدمة شعوبهم، فهم يعلمون تمام العلم أن بالسيطرة على تلك الشمس
الغاربة فلا طلعت لهم شمس ولا تمادوا في غيهم وبقوا بين السدين، فاملكوا شمسكم
الغاربة تخضع لكم دول مطلع الشمس ودول بين السدين، فحكوماتنا الحالية خاضعة لهم
وحتى من أوهموا أنفسهم أنهم مجاهدين يبيعون الشمس الغاربة بالبخس، وظنوا أنهم
يجاهدونهم وقادوهم كالقطيع ليقطعوا دابر كل ذي القرنين في زماننا. فحركة ذي القرنين لم تكن عشوائية،
بل بدأ السيطرة على مغرب الشمس فهي البداية.
العين الحمئة بمنهج الحروف القرآنية:
عَ: عَيْنٍ حَمِئَةٍ.. من خلال هذه العين نصل لعمق خفي غير مُدرك لنكتشف ما هو
خفي فهي الأعمق قاعاً والأعظم حال والأعجب أمراً والأعقد تركيباً، وذلك بتأليف
وضبط مستمر بين تلك العين والشمس التي تغرب فيها لنميزها عن غيرها من الأجسام
بالعين الحمئة. (فهي عمق الأرض خفية في جسم مادي أهم ميزة
فيها أنها تحمل صفة الشمس).
يْ: عَيْنٍ حَمِئَةٍ.. هذه العين الأكثر تأثيرًا من غيرها والأنشط والأعجب
والأغرب في قدرتها على إخراج الشمس الغاربة من مصدرها دون عودة ليحل مكان ما خرج
منها شمساً أخرى حيث تظل هناك تدفق لنسبة أكثر وضوحاً منها فتكون النسبة الخارجة
منها هي النسبة النشطة والأضيق والأصغر. (هذه العين هي
النقطة تحت الأرض النشطة دون غيرها في تدفق هذه الشمس من باطن الأرض ويحل محل ما
تدفق فوق سطح الأرض نسبة أخرى حيث تكون ينبوعاً تسري إليها المادة الشمسية
الغاربة)
نٍ: عَيْنٍ حَمِئَةٍ.. فيكون ناتج الخروج من العين نوع نقي من الشمس نسبة من
كل موصول بالشمس التي بهذا البئر قد نأت عن مصدرها تحت الأرض ونفرت وانتقلت من
خلال العين (البئر) نازعة لنقائها مما شابها من مواد أرضية بلا اختلاط مع الأجسام
المخالفة لها متنافرة معها فتكون العين هي التي تعطي نواتج من هذه الشمس ففيها
وبها يتم النقل لهذه الشمس من عمق الأرض لسطح الأرض. (ناتج
البئر مادة نقية عن شوائب الأرض بنسب موصولة بأصل المادة التي توجد بالعمق تحت
الأرض).
حَ: عَيْنٍ حَمِئَةٍ.. تلك العين صفتها أنها حَمِئَةٍ.. أي تحوي وتحصر وتحجز
وتحيط بتلك الشمس في حيز معلوم تصل من خلالها لأغوار هذا العمق بغرض اقتطاع جزء بقدر ثابت من هذا الاقتطاع من هذه الشمس نقية غير مختلطة بغيرها بضبط مستمر ما
بين الاحتواء والاقتطاع ضبطًا تامًا ومستمرًا حتى تصير العين الحمئة والشمس
المقتطعة من مصدرها كأنهما قالبًا واحدًا. (أي لابد أن
يكون الضغط من خلال البئر لحصر وحجز المادة الشمسية بالعين الحمة متواصلة مع
الاقتطاع حتى يصير البئر محتويًا بشكل دائم بهذه المادة ولا تنقطع).
مِ: عَيْنٍ حَمِئَةٍ.. فتلك العين تجمع وتضم وتتداخل فيها تلك الشمس الغاربة
ويتم وضعها في قالبها واحد في مقام ومكان وميقات العين وهي محل اقتطاع جزء منها
فتفاعل وتتقن خروج الشمس الغاربة لتكون بخروجها من مصدرها من خلال العين الحمئة
أكثر نشاطًا في الخروج والتدفق وتحمل العين صفة خروج الشمس الغاربة.
ئَ: عَيْنٍ حَمِئَةٍ.. فيكون هناك ضبط
مستمر ما بين الإحاطة وبلوغ أغوار القاع والضم والاقتطاع وخروج الشمس الغاربة
كأحوال تبدو مختلفة ولكن بينهم ضبط دقيق ومستمر لتتكامل حركة الشمس من مصدرها
لخارج العين الحمئة.
ةٍ: عَيْنٍ حَمِئَةٍ.. فكل فعل في تلك العملية بدءًا من الكشف والإحاطة وبلوغ
أغوارها والجمع والضم والاقتطاع والاستخراج كل منهم يتمم عمل الآخر بإتقان فجميعهم
متساوي في الوظيفة والمشاركة فبهم يتم التفاعل والتتاخم لاستخراج الشمس من مصدرها
نقية عن أي مادة أخرى في حال استخراج ووضوح للشمس الغاربة على حال خروج نشط.
وهكذا تتضح أن الطاقة الشمسية المشار إليها هي الطاقات
التي تتدفق من العين الحمئة أي من الأبيار النشطة بالمادة الخام للطاقة تحديداً
دون غيرها من أنواع الطاقات الخاملة.
تعليقات
إرسال تعليق