ذي القرنين - وأصحاب الكهف والرقيم (مقدمة)
(الجزء الأول) العين الحمئة ها هي .. والشمس التي تغرب فيها
(الجزء الثاني) قوم مطلع الشمس
(الجزء الثالث) السدين والعالم المتقدم من دونهما
(الجزء الرابع) يأجوج ومأجوج بعيدًا عن الخرافة وكيف من كل حدب ينسلون؟!
(الجزء الخامس) زُبُر الحديد المتساوي الصدفين؟!
(الجزء السادس) إفراغ القطر في زُبُر الحديد في زماننا؟!
قال تعالى:
{ حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا (93) قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (94) قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا } (سورة الكهف 93 - 95)
كما تابعنا في الأجزاء السابقة وتناولنا
الآن نتناول قوم ما بين السدين:
ما هما السدين الذي بلغهما والذي وجد من دونهما قوماً
ذي القرنين أتبع سببًا وهو السيطرة على العالم من خلال السيطرة على قوم يملكون الطاقة الخام الغاربة ثم سيطر على قوم مطلع الطاقة فكان لزاماً أن يبلغ بين السدين حتى يقدر على السيطرة على من دونهما، فما هم السدين.
خصائص السدين حسب المنهج الحرفي القرآني:
حَتَّى إِذَا بَلَغَ: حد وحيز تفعيل وتآلف بخروجه من حيز وحدود فيبدو له حيز وحدود أخرى من علوم الطاقة التزاماً بسياق السبب.
بَيْنَ السَّدَّيْنِ:
بين أي يبدو من كلاهما ويتضح له من خلالهما أنه نقي عنهما غير مختلط بالسدين أما السَّدَّيْنِ: سَّ: صور شبيهة من السنن الإلهية للطاقة وقوانينها والسيطرة عليها سيطرة تامة، دَّ: بدليلها وبرهانها وقوانينها وحقيقتها ومنتهاها وكيفية تغيير اتجاهها من التحريك إلى السكون من الخمول والغروب إلى الطلوع والعكس، أي بلغ كل قوانينها على حافة السدين ما بين أسباب الدنيا وأسباب الآخرة يـ: بكل صورها الأكثر تأثيراً والأكثر وضوحاً والأعجب والأغرب نِ: واستخراج أنقى صورة من صور الطاقة بنزع الطاقة النقية من مصادرها.
وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا
دون أي النية والقصد الموصولة بظاهر وباطن، وهنا الظاهر والباطن السدين فيكونوا قصدهم نسبة موصولة بين الطرفين لكن غير مختلطين بهما بل قصدهم تخطيهما ونسفهما، فهم يريدون أن يتعدوا كلا السدين بالخروج عن سنن الله فيهما.
فالسدان اللذان تم تعريفهما في هذه الآية إذا لم ندركهما من أول وهلة كمتجسد أمامنا فتعريفهما لابد أن يكون جاء بدون الألف واللام في موضع آخر في القرآن وعرفهما لنا الله في قوله تعالى:
{ وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ (9) وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ } (سورة يس 9)
فكونهم لا يفقهون فكان مبلغ مبتغاهم الخروج عن سنن الله الدنيوية والأخروية، فكل فعل دنيوي لم يكون بين السدين سف يظل ذات الفعل بين ذات السدين إلا أن من تغافل عنهم ولم يفقه الالتزام بهما فحُوصروا بينهما.
وهنا السد حائل لما هو أمامهم فلن يبلغوا مرادهم من تحدي الله وإثبات عدم وجوده وإنكاره أو جعل له شريك، باستخراج جسيم الرب الذي يزعمون والسد الآخر حائل فيما خلفهم التوبة والرجوع لله ورجوع الفساد الذي تسببوا فيه للبشرية.
ففي عصرنا ذي القرنين وعصرنا فتحوا يأجوج ومأجوج حتى أصبحت من كل حدب ينسلون فأفسدت في كامل الأرض والمعمورة، فعبثوا بخلق الله وظنوا أنهم سوف يأتوا بما هو أفضل من خلق الله على وضع الاستقرار الذي خلقه الله لنا وهذا ما سوف يأتي تناوله.
من أمثلة من كانوا من دون السدين أيضاً ولم يكونوا بينهما:
مبتكني آذان الأنعام:
قال تعالى:
{ لَعَنَهُ اللهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (118) وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا } (سورة النساء 118 - 119)
من أفسدوا في الأرض بعد كشف الساق
قال تعالى:
(يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ (42) خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ) (سورة القلم 42 – 43)
فمن الآثام الكبيرة التي تجعلنا نقع من دون السدين هو محاولة تغيير خلق الله، وتوهمنا بالضلال والأماني ألا نكون مجرد مستخدمين لأسباب الله وخلقه، بل يجب أن نتناول العلم الدنيوي بقوانين الرحمن التي وضعها بالكون، ولا يجب أن نصنع لأنفسنا قوانين نستقيها من الشيطان ونخرج عن قوانين الرحمن بهدف التحكم في مادة الكون وتغيير قدر الله، لذلك سيكون خسراننا خسرانا مبيناً.
فسوف ينقلب علينا ما فعلنا ويقع الضرر على الجميع ناهيك عن وقوعنا ما بين السدين، فمن يقعوا من دون السدين لا هم قادرين على التحكم في القدر ومادة الخلق وخلقها من عدم ولا هم قادرين على العودة والسجود لله، فقد تحولوا إلى من هو مغشي بصره كونهم لا يفقهون، وهذا مصير من غرته أماني الشيطان وإنصاع لخطة الشيطان ببناء معبده على الأرض.
بل يزعمون في مرحلة من غرورهم أنهم آلهة من دون الله يتحكمون ويخلقون ويزدادون غياً ويظنون أن لديهم العلم اللادوني، وينسوا أن معلمهم الذي يعطونه صفة الإله الأكبر، هو مجرد مخلوق ألا وهو الشيطان.
فمن زعم أن السدين ماديين فمن صنع سداً مادياً ألا يستطيع أن يبني ثالث ورابع.. الخ، إذا كان يأجوج قوماً إذا كانوا يزعمون؟!
لماذا القوم الذين بين السدين يكادون لا يفقهون قولاً؟!
إن الفقه هو فقه كلام الله ووحدانية الله والتي تستلزم طاعة الله وهذا بغرورهم بما وصلوا له من علم دنيوي ظني أصبحوا يعبدون هذا العلم ففقه القول في القرآن كقوله تعالى:
{ قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ } (سورة هود 91)
فعندما أصبحوا من دون السدين وخالفوا وغرهم الشيطان فهم لا يفقهون كلام الله وقوانينه فإذا ألقى عليهم ذو القرنين قولاً لإعادتهم إلى طريق الله فيكادوا لا يفقهون ما هو طريق الله الذي يدعوهم إليه، فقلوبهم امتلأت بالدنيا والعلم الدنيوي المحدود، فلهم قلوب لا يكادوا يفقهون بها وأعين يكادوا لا يبصرون بها وأذان يكادوا لا يسمعون بها فهم بدلوا كلام الله بتحديهم قوانين الله وإفسادهم في الأرض هذا بالإضافة لما أصابهم الأمراض الصحية والعقلية نتيجة تأثير يأجوج ومأجوج الشديد عليهم وأثارهم الإشعاعية عليهم، وهذا هو السبب المباشر الذي جعل جزء منهم يطلب مساعدة ذو القرنين للتخلص من يأجوج ومأجوج.
تعليقات
إرسال تعليق