القائمة الرئيسية

الصفحات

أكثر التجارب العلمية جنونًا (الحلقة الأولى)

هناك العديد من التجارب العلمية الجنونية التي قام بها العلماء على مر العصور، ومن الممكن أن يتفاوت الرأي حول مدى جنونها. وفيما يلي بعض التجارب العلمية على مدار مقالات أكثر التجارب العلمية جنوناً، وفي هذا المقال سوف نستعرض تجربة ميلغرام التي صعقت بنتائجها العالم.

تجربة ميلغرام (Milgram Experiment):

حيث قام العالم الاجتماعي ستانلي ميلغرام في عام 1961 بتجربة لدراسة طاعة الأفراد وقدرتهم على إلحاق الأذى بالآخرين بناءً على أوامر السلطة. وتضمنت التجربة أن يقوم المشتركين فيها بعمل صدمات كهربائية بأشخاص آخرين، حتى وإن كانوا يعانون من آلام شديدة. وتبدو هذه التجربة تجربة جنونية بالنظر إلى الإجهاد النفسي الذي تسببت فيه على المشتركين.

طريقة إجراء الاختبار:

- تم جمع المشاركين من خلال إعلان بجريدة تطلب أفراد لإجراء تجربة بجامعة ييل مدفوعة الأجر، وكان المشاركون جميعهم من الرجال تتراوح أعمارهم من سن 20 إلى 50 عاماً ومن مستويات ثقافية وكذلك اجتماعية مختلفة ابتداءً من مشاركين لم يكملوا الثانوية العامة وصولاً إلى الحاصلين على الدكتوراه.

- وكان المعلن أن التجربة لقياس أثر العقاب في التّعلم، ولكن التجربة في واقع الأمر كانت تهدف لقياس مدى انصياع المشارك بالتجربة لأوامر المشرف عليه، حيث تم إخفاء حقيقة الهدف من التجربة لضمان نجاحها.

- حيث يقوم المشرف بقرعة وهمية بين المشاركين كانت تؤدي إلى نتيجة واحدة وهو أن يكون المشارك بالتجربة مُعلماً والممثل يكون هو المُتعلم وكل مرة يظن المشارك أن القرعة جاءت به مُعلماً بمحض الصدفة.

- ويتم وضعهما في غرفتين متجاورتين ويقوما بالتواصل بالكلام فقط دون أن يرى أحدهما الأخر ويصرح الممثل بأنه يعاني من مشاكل قلبية، ولكنها ليست خطيرة.

- ثم يتم تعريض المشارك لصعقة كهربية قدرها 45 فولت كتجربة لذات الصعقة الكهربية التي سوف يصعقها للمتعلم عندما يخطئ في شيء ويتم التنبيه أن الاختبار يتم إيقافه عندما يبلغ الصعق 450 فولت.

- ثم يجلس المشارك على كرسي بالغرفة وعلى المكتب الذي أمامه جهاز صعق كهربي وبه مفاتيح تشير إلى درجات شدة الكهرباء وتتراوح ما بين 30 حتى 450 فولت.

- ثم يقدم المشرف للمشارك ورقة بها مجموعة من كلمات يجب أن يتعلمها المُتعلم ويحفظها، على أن يقوم المُعلم بقراءة الكلمات المتقابلة ثم يعود لقراءة أول كلمة ويطرح أربع اختيارات على المتعلم، والمتعلم أي الممثل سوف يضغط على رقم مفتاح الاختيار الصحيح فإذا أخطأ على المشارك أي المعلم أن يقول له أنه أخطأ ويخبره بأن المرة القادمة سوف يتعرض لشدة صعقة معينة إذا أخطأ ثم يضغط على زر الصعقة المناسبة من وجهة نظره، أما إذا كانت الإجابة صحيحة فينتقل للسؤال التالي وهكذا حتى تنتهي كلمات القائمة.

- إلا أن المشاركون يظنون أنهم يصعقون المتعلمون لكن في واقع الأمر لم يكن هناك صعقات كهربية من الأساس، بل كانت هناك أصوات تنطلق بمجرد الضغط على زر الصعقة فتظهر متناغمة معاً لأصوات صراخ مسجلة مسبقاً.

- وبعد عدة صعقات يبدأ الممثل أي المُتعلم بالطرق على الجدار الفاصل بينه وبين المشارك ويشتكي له من وضعه الصحي المتردي وتأثير الصعقات على قلبه.

- عند هذه اللحظة عدد من المشاركين أرادوا التوقف عن الاختبار لتفقُد وضع المتعلم الصحي، فكثيراً منهم توقفوا عندما وصلوا إلى 135 فولت مشككين في مغزى الاختبار، وآخرون استمروا بعد أن تلقوا تطمينات تقيهم من أي مسئولية عما قد يحدث للمُتعلم، وبعضهم أصابتهم موجة من الضحك بانفعال شديد فور سماعهم صرخات الألم.

نتائج التجربة:

قام ميلغرام قبل بدء الاختبار بعمل استبيان من خلال علماء النفس حول توقعاتهم لنتيجة الاختبار، وكانت نتيجة الاستبيان أنهم وضعوا احتمالات 1 في الألف تقريباً سوف تصل للصعقة القصوى وهي 450 فولت، في حين أنها وصلت في التجربة إلى 65% من المشاركين أي 27 من أصل 40 مشارك رغم اختلاف تعبيراتهم عن استيائهم من التجربة وتباين انفعالاتهم تجاهها، ولكن الملحوظ أنه لم يعلن أي مشارك رغبة حاسمة وقوية في توقيف الاختبار إلا عند صعقات تبلغ 300 فولت.

وقد تم عمل تجارب مشابهة في مختلف بقاع العالم وقد أدت إلى نتائج متشابهة وكانت النتائج تتراوح ما بين 61% و 66% لبلوغ الصعقة القاتلة.

وهناك ملاحظات أخرى إضافية أهمها أن لا أحد من المشاركين الذين رفضوا الاستمرار في الاختبار لم يبادر إلى طلب إلغاء الاختبار ووقفه نهائياً، ولم يغادر أحدهم الغرفة للاطمئنان على المتعلم دون أن يطلب الإذن بذلك.

مدى غريزة القطيع بالتجربة

في إحدى الاختبارات تم تطبيق أن يقوم الممثلون جميعاً بالانسحاب فتلاحظ انسحاب 90% من المشاركين وتحديهم للمشرفين، والعكس حين انصاع الممثلون كان رد فعل المشاركون أكثر انصياعاً.

إلا أنهم وجدوا أن تقسيم العمل الذي يتخلله أمور مثل الصعق وغيره من الأفعال ينجح بشكل كبير في تخفيف الشعور بالمسئولية عن الأفراد المتعرضين لمثل هذه الممارسات، ويضمن مزيد من تعاون المنفذين لهذا العمل.

النتائج من وجهة نظر دكتور ميلغرام:

النتائج من وجهة نظره كانت مقلقة، حيث أنها ترجح أن طبيعة البشر غير جديرة بالاعتماد عليها لإبعاده عن القسوة وعن المعاملات غير الإنسانية، عندما يتلقى أوامر من خلال سلطة فاسدة وظالمة، حيث أن نسبة لا تقل عن 60% لديها استعداد لتنفيذ ما يؤمرون به دون الأخذ في الاعتبار طبيعة الأمر الذي سوف ينفذونه ما دامت الأوامر صادرة عن سلطة تبدو لهم سلطة شرعية.

فإذا قد تمكن مشرف مجهول في التحكم في مشارك بأن يأمره يصعق شخص خمسيني مريض بالقلب، لا يسعنا إلا أن نتساءل عما يمكن أن تفعله حكومات فاسدة بما لها من سلطات غير محدودة من خلال أوامر صادرة لمن يقوم بتنفيذها.

 

وإلى اللقاء في تجربة علمية أكثر جنوناً

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مصادر

- تجربة ميلجرام. هل نتبع التوجيهات السلطوية حتى عندما تتعارض بشكل مباشر مع ضميرنا؟ ليسكار، آدم. - ميونيخ: GRIN Verlag ، 2019، الطبعة الأولى، النسخة الرقمية الأصلية.

- السلطة والاستعداد لطاعة الأفراد والجماهير في الاشتراكية الوطنية ميونيخ: GRIN Verlag ، 2016 ، الطبعة الأولى.

 

تعليقات