الحروف في القرآن ليست مجرد أدوات لفظية
للتراكيب الصوتية، بل هي شخوص ذات دلالات عميقة، تحمل معاني روحية وفكرية
ونفسية، وتتجسد ككيانات فاعلة تتفاعل مع المعاني والكلمات والأحداث. كل حرف من
الحروف القرآنية يمتلك شخصية ومكانة وعمقًا يُمكن من خلالها فهم النصوص
بمستوى أعمق، إذ يشير إلى خصائص الأشياء والأحوال، ويمثل قوى تفاعلية تتحكم في
مجريات المعنى، سواء في الإنسان أو في الكون أو في اللغة نفسها.
إن دراسة شخوص الحروف تعطي رؤية شاملة
عن الحركة الداخلية للكلمة، وكيفية اشتغال الحرف مع الفعل والمعنى لتوليد
تأثيره الكامل. فكل حرف لا يقف عند الصوت وحده، بل يمتد أثره ليشمل التأثير على
الحالة، على المكان، على الزمان، وعلى الصفات، ومن ثم يمكننا من خلال فهم
الحروف القرآنية إدراك مستويات جديدة من المعاني القرآنية التي لا تراها العين
المجردة ولا تدركها القراءة السطحية.
الحروف القرآنية كما سوف نتناولها، كل
منها يتصف بصفات خاصة: منها ما هو جامع وموصل، ومنها ما هو مفرق ومضاد،
ومنها ما هو ظاهر ومستتر، ومنها ما هو قوي ومهيمن أو لطيف وميسر، وهي بذلك تخلق نظامًا
متكاملاً للمعاني، يُمكِّن القارئ من التفاعل مع النصوص قراءةً وفهمًا
وتأملًا، ويعطي كل حرف دوره الخاص في تشكيل المعنى وإبراز أثره الروحي والمعرفي.
حرف الألف (أ)
هو رمز التأليف المستمر بين الأمور
والأحوال المتفرقة والمختلفة، وبين الفرقاء الذين تجمعهم بعد فرقة، فهو يضبط
التباين ضبطًا تامًا، ويُحدِّد الأطراف ويُبرزهم على غيرهم، حتى يغدو مجموعهم
كأنهم كيان واحد هو الأفضل، الذي يُؤنَس به دون سواه، ويتفاوت أثره في ذلك بحسب
القياس، فيكون في بعض المواضع أدنى درجات الجمع، وفي أخرى أقصاها.
لتوضيح دلالات حرف الألف (أ) وفق المعاني
السابقة:
1. اجتمع – ائتلف – اتحد
دخول الألف في أول
الكلمة يعكس معنى الجمع بعد التفرّق، فهي توحي بالضمّ والتأليف بين عناصر متباعدة.
2. ألفَ – يؤلّف – تأليف
الأصل اللغوي المباشر
الذي يُجسّد فعل الجمع والتقريب بين المختلفات حتى تصير وحدة واحدة منسجمة.
3. إسلام – إيمان – إحسان
الألف هنا مفتتح يدل على
التحوّل من حال التشتّت أو الجفاء إلى حال الانسجام والارتقاء الروحي، فالإسلام
يجمع الإنسان بخالقه وبالناس.
4. أخوة – أُلفة – اتحاد
الألف تربط النفوس
المتفرقة في روابط مودّة وقرب، فتُنشئ وحدة شعورية واجتماعية بعد الاختلاف.
5. أشرقت – أضاء – أزهرت
كلها تبدأ بالألف التي
تجمع الظلمة والنور أو الموت والحياة في لحظة التحوّل إلى ظهور وبروز واتحاد بين
المتضادين.
حرف الباء (ب)
هو رمز الظهور والبروز، فهو يدل
على أن الشيء بان وبرز وظهر على غيره، أو خرج من باطنٍ إلى ظاهرٍ، من داخل
محيطه إلى خارجه، حتى صار متميزًا واضح المعالم.
كما يحمل معنى الانتقال من حالٍ إلى نقيضها، أي
تحوّل الشيء عن وضعه الطبيعي إلى خارج حدوده.
وقد يدل أيضًا على الثبات في الذات مع تغيّر ما
حولها، فيبقى الشيء على حاله بينما يتبدّل غيره، فتكون خصائصه بيّنة،
بائنة، بادية لا يخفى أثرها ولا يلتبس معناها.
لتوضيح دلالات حرف الباء (ب) وفق
المعاني السابقة:
1. في معنى الظهور والبروز:
o
بدا
الصبح: أي ظهر بعد خفائه.
o
برز
القمر: أي خرج إلى الأفق ظاهرًا.
o
بان
الحق: أي تميّز وظهر بعد غموض.
في هذه الأمثلة، يشير الباء إلى الانتقال
من الخفاء إلى الظهور، ومن الباطن إلى العلن.
2. في معنى الخروج من الداخل إلى الخارج:
o
بثق
الماء من العيون: أي انفتح وخرج من جوف الأرض.
o
بزغت
الشمس: أي خرجت من وراء الأفق.
o
بَسَقَ
النبات: أي ارتفع بعد أن كان في باطن التربة.
كلها تعبّر عن فعل الانبثاق والظهور من
داخل كامن إلى سطح ظاهر.
3. في معنى الثبات مع تغيّر ما حوله:
o
بقي
الأثر: أي ظل ثابتًا رغم زوال صاحبه.
o
برق
اللمعان: يظهر بوضوح وسط ظلام متبدّل.
o
بيت
القرار: ثابت لا يتحوّل، على خلاف ما يدور حوله من حركة.
هنا يصبح الباء رمزًا للوضوح المستقرّ
الذي لا يتأثر بتغيّر ما حوله.
حرف التاء (ت)
هو رمز التمام والإكمال، فهي تأتي
لتُتمّ ما قبلها وتُكمّله، إمّا بخيرٍ وإتقانٍ أو بهلاكٍ وتلفٍ، بحسب السياق
والمعنى.
وتدل أيضًا على التكامل والمشاركة
بين عنصرين متساويين في الوظيفة أو متقابلين في الأثر، إذ يحدث بينهما تفاعلٌ
أو تداخلٌ يجعل أحدهما يتمّم الآخر.
فهي حرف يُشير إلى ما يتبع، يُتقن،
ويُكمِل ما سبقه حتى يبلغ الشيء غايته في التمام.
أمثلة لغوية:
1. تمَّ، تتِم، تامّ، تمام: كلّها تدور حول بلوغ
الشيء نهايته مكتملًا.
2. تفاعل، تعاون، تشابك: التاء هنا تدل على
المشاركة المتبادلة بين طرفين.
3. تَطهّر، تَعلّم، تَغيّر: تفيد حصول الفعل على
وجهٍ تدريجيّ يكمّل ما قبله حتى يتحقق الأثر.
4. تَبَسَّم، تَجلّى، تَقدَّم: تجمع بين معنى الإتمام
والانتقال إلى حالٍ أسمى أو أوضح.
حرف الثاء (ث)
هو رمز الثبات والتكثير والتوثيق،
يدل على أن شيئًا ما يثبت على غيره فيقوّيه، ويُنمّيه، ويزيده فضلًا وغنى.
فحيثما وُجدت «الثاء» دلّت على دوامٍ مع زيادة، فهي تثبّت الأصل وتُكثّره
وتُغنيه بما يُضاف إليه.
وتحمل معنى الجزاء والثناء أيضًا، لأن الثناء
والثواب كلاهما زيادة على أصل العمل، وتأكيدٌ لما صدر من خير أو فعل.
فهي إذًا حرف الدوام والزيادة والتوثّق،
تجمع بين الثبات على الأصل والإثراء الناتج عن هذا الثبات.
أمثلة لغوية:
1. ثبت – يثبت – تثبيت: تدل على الرسوخ
والديمومة وعدم الزوال.
2. أثْرَى – ثراء – ثري: تشير إلى الكثرة والنماء
الناتج عن إضافة على موجود سابق.
3. ثواب – مثوبة – استيثاق: الثواب زيادة جزائية على
عمل، والاستيثاق توكيد وتثبيت للعهد.
4. ثناء – مثنًى – ثنّى: كلها تدل على التكرار
والزيادة والتأكيد على ما هو موجود.
5. ثَمَن – أثمان – مثمّن: تفيد المعاوضة التي
يتضاعف فيها المقابل أو يفوق الأصل.
حرف الجيم (ج)
هو رمز الجمع والاكتمال، يدل على
اجتماع المكوّنات المتفرّقة في كيانٍ واحد متماسك، كالجسم الذي تتحد أجزاؤه لتكوّن
وحدةً ظاهرة مكتملة.
فهو يشير إلى جلال الشيء وكماله وتمامه
في أعلى درجات ظهوره، حيث يتجلّى المعنى في صورة جامعة مانعة، محدّدة الأبعاد
والكينونة، لا تختلط بغيرها ولا تذوب في سواها.
يمثّل حرف الجيم إذًا الاجتماع
والتمركز، سواء في الصورة المادية كالجسم، أو في المعنى كالإجمال، فهو يوحّد
ما تفرّق، ويجمع ما تناثر، ليظهر في أتمّ صور التماسك.
كما يدل على الانفصال عن غيره مع بقاء
الوحدة في ذاته، أي أن الكيان يجتمع داخليًا لكنه لا يختلط بما يحيط به، فيكون
مستقلًا ومتماسكًا في حيزه الخاص.
أمثلة لغوية:
1. جمع – يجمع – اجتماع: توحيد الأجزاء في كلّ
واحد.
2. جسم – جسد – جمجمة: تدل على التماسك المادي
والوحدة البنيوية.
3. جلال – جمال – جود: تشير إلى كمال الهيئة أو
المعنى في تمامه وظهوره.
4. جزء – جذر – جانب: تفيد اجتماع الخصائص في
حيز واحد من الأصل أو الكل.
5. مجمل – جامع – جابر: كلّها تدور حول ضمّ
المفترق وسدّ النقص حتى يكتمل الكيان.
حرف الحاء (ح)
هو رمز الاحتواء والإحاطة، يدل على
ما يحوي الشيء أو يحصره أو يحتفظ به داخل حدوده في حيزٍ معلوم ومحدّد.
فهو يشير إلى القدرة على التحليق حول
المعنى أو الشيء دون أن يذوب فيه، وإلى ما يحافظ على ذاته في موضعٍ واحد أو
حالٍ دائم، فيكون له ثبات مع إحاطة.
كما يدل على العلم المحيط بالشيء،
علمٌ يلتفّ عليه ويكشف أغواره دون أن يخرج عن حدوده.
ويمثّل حرف الحاء القول أو الفعل الذي يضمّ
المعنى كلَّه ويحويه في تمامه دون نقصان أو تشتّت.
وهو أيضًا الانفصال الواعي عن
الاختلاط، فكل ما انقطع عن الامتزاج بغيره ليحافظ على نقائه وصفائه، فهو من
خصائص هذا الحرف.
أمثلة لغوية:
1. حوى – يحتوي – محتوًى: دلالة مباشرة على الجمع
داخل حدود واضحة.
2. حصر – محصور – حيز: تشير إلى الإحاطة بمقدار
محدّد دون تجاوز.
3. حافظ – حماية – حوزة: تدل على صون الشيء في
مكانه ومنع اختلاطه.
4. حقيقة – حِكمة – حُكم: تدل على إحاطة معرفية
تضبط الفهم أو القرار.
5. حيّ – حياة – حُبور: تُظهر احتواء الكائن
لذاته في استمرارٍ متّزنٍ نابض.
حرف الخاء (خ)
هو رمز الاختلاف والخروج، يدل على
ما يتميّز عن نظائره ويخرج عن أشباه جنسه، فهو خارج المألوف، مخلوق
لذاته، قائم بخصوصيته لا يشبه غيره.
ويرمز أيضًا إلى ما خلا أو خوى، أي
ما فقد جزءًا من تمامه أو سلامته، فصار ناقصًا أو مائلًا عن الأصل.
وهو كذلك دالٌّ على الخفاء والاختفاء،
فكلّ ما دخل عمقًا خفيًّا أو توارى عن العيان يعبّر عنه هذا الحرف.
يمثّل الخاء إذًا الفراغ المقصود أو البعد العميق،
حيث الانفصال عن الظاهر والانتقال إلى مستوى أعمق من الوجود أو الفهم.
أمثلة لغوية:
1. خالف – اختلاف – مَخالف: تدل على التباين
والانفصال عن المألوف.
2. خلا – خوى – خالٍ: تشير إلى الفراغ من
الامتلاء أو النقص من الأصل.
3. خفي – خفاء – مختبئ: تعبر عن التواري والعمق
غير الظاهر.
4. خلق – مخلوق – خِلقة: أصل الوجود المتميز، يدل
على الإبداع الخارج من العدم.
5. خسف – خُسوف – خضوع: تمثل الدخول إلى العمق
أو الغور الخفي داخل المكان أو الذات.
حرف الدال (د)
هو رمز الدلالة والحركة المقصودة،
يشير إلى القصد والاتجاه نحو غاية معلومة، وإلى ما يقوم على برهانٍ أو
دليلٍ يقود من حالٍ إلى حال، أو من موضعٍ إلى آخر.
يدل على التغيير والتحوّل الناتج
عن دخول عنصرٍ جديد أو تفاعل بين أمرين، فينشأ من ذلك أثر أو نتيجة مغايرة لما كان.
كما يعبّر عن الفعل المؤثر في النفس،
إذ تتصل به الصفات التي تكشف المشاعر والأحاسيس، فيكون الدالّ هو ما يُظهر أثر
الشيء أو معناه في الخارج.
أمثلة لغوية:
1. دلّ – دليل – دلالة: تشير إلى الإرشاد
والبيان نحو مقصد محدد.
2. دخل – دنا – دعا: كلها تفيد القصد والحركة
الموجّهة نحو غاية.
3. دوّر – دار – دوران: تعبر عن التحول في
الاتجاه أو الموقع.
4. دفع – دمدم – دقّ: أفعال تدل على انتقال أو
تأثير محسوس في الواقع.
5. دافئ – دمث – دائم: صفات تحمل أثر الإحساس
أو الطبع المستقر في الذات.
حرف الذال (ذ)
هو رمز الطرف الحاد والحدّ الفاصل،
يدل على نهاية الشيء أو بدايته الدقيقة، فهو طرفه النافذ أو الذابل أو
الذيل الذي يُعرِّف به الأصل ويُظهر خصائصه.
يمثل الذال الحدة والاختراق والنفاذ،
إذ ينفذ المعنى أو الصوت أو الأثر من الشيء إلى ما بعده، فيكون كالشعاع الخارج من
منبعه.
وهو أيضًا أدنى صور الشيء أو أثره
البعيد، كالذبذبة أو الذكرى التي تبقى بعد زوال الأصل، وتحمل صفاته وإن خفَّت
شدتها.
ويرتبط هذا الحرف كذلك بـ الإشارة إلى
الذوات وتمييزها، فهو في الأسماء الموصولة وأسماء الإشارة (ذا، ذلك، هذا، هذه،
الذين، الذي...) يدل على تحديدٍ دقيقٍ لشخصٍ أو ذاتٍ مميزة دون غيرها.
أمثلة لغوية:
1. ذيل – ذروة – ذباب: تدل على الطرف أو
النهاية أو الحدّ المتصل بالأصل.
2. ذهب – ذاب – ذكا: تفيد الحركة الحادة أو
الذهاب إلى أقصى مدى.
3. ذكر – ذبذب – ذريعة: تشير إلى الامتداد
المعنوي للأثر بعد الأصل.
4. ذا – ذلك – الذي – الذين: أدوات تعريف وربط توصل
إلى الذات المعنية دون التباس.
5. ذكي – ذكاء – إذعان: تعبر عن حدة الإدراك
وسرعة النفاذ في الفهم أو الطاعة.
حرف الراء (ر)
هو رمز الربط والسيطرة والاتصال الخفي،
يدل على القوة التي تربط بين الأحوال والأشياء وتحافظ على توازنها
وترابطها، سواء أكان الاتصال محسوسًا أم كان إدراكًا بالبصيرة.
الراء هي رابط بين الأطراف يمنع
الانفصال أو الانكسار، فهي ترقّق الشدّة دون أن تضعفها، وتجعل القاسي لينًا
متماسكًا لا يفقد ارتباطه.
تمثّل هذا الحرف طاقة تحفظ تماسك
الكيانات الصلبة عند تعرضها للمؤثرات، فتجعلها تتكيّف دون أن تنهار، فيبقى
بينها أدنى خيط من اتصال يضمن استمرارها في صورتها الواحدة.
فهي إذًا أداة وصل وتحكّم، تصل بين
ما انفصل، وتعيد ما تفكّك إلى أصله، وتربط بين الموجودات بحسٍّ دقيق وبصيرة نافذة.
أمثلة لغوية:
1. ربط – ارتباط – علاقة: تدل على الوصل بين أجزاء
أو أحوال متفرقة.
2. رحمة – رأفة – رقة: تعبر عن الربط الوجداني
الذي يلين القسوة ويحافظ على التوازن.
3. روح – ريح – رواج: تشير إلى الحركة الرابطة
غير المرئية التي تصل بين الأشياء.
4. قرار – استقرار – توازن: توحي بثبات العلاقة
واستمرارها رغم التغيّر.
5. رجع – راد – راقب: تفيد السيطرة والتحكّم
في اتجاه الحركة أو المعنى.
حرف الزاي (ز)
هو رمز الازدواج والاقتران والزيادة،
يدل على انضمام شيء إلى آخر اقترابًا أو تشابهًا أو موازاة، بحيث ينشأ من
اتحادهما أثر جديد أو زيادة لا تنقص من الأصل شيئًا.
يمثل الزاي العلاقة الثنائية التي
لا يكتمل أحد طرفيها إلا بالآخر، سواء بالتضاد أو بالتكامل، فهو قرين الشيء
وملازمه، يظهر معه ويُعرَف به.
ومن معانيه أيضًا الخروج أو الانفصال
بعد الاقتران، مع بقاء الأثر المتبادل بين الزوجين، كالرائحة التي تبقى بعد
زوال مصدرها أو كالصوت الخارج من مقابلة بين جسمين.
ويحمل الزاي كذلك معنى الزينة والزيف،
أي ما يشبه الأصل أو يقترن به في الظاهر دون أن يكونه، فيتولد من التشابه مظهر
جديد يشير إلى الأصل ولا يطابقه.
أمثلة لغوية:
1. زوج – ازدواج – زواج: اتحاد بين متقابلين ينتج
توازناً أو زيادة.
2. زائد – زيادة – امتزاج: تدل على أثر التفاعل بين
أصلين دون نقص.
3. زامل – زائر – زميل: تعبر عن المقاربة أو
المرافقة بين متشابهين في حال أو موضع.
4. زينة – زي – زهو: تشير إلى الاقتران
بالمظهر الذي يضيف على الأصل دون تغييره.
5. زاح – زال – زحف: تمثل الانفصال أو التحرك
بعد اقتران سابق.
حرف السين (س)
هو رمز السكون المنتظم والحركة المستمرة
في آنٍ واحد، يدل على الاستمرار والثبات على نسق واحد، سواء في الفعل أو
الحال أو النظام، فهو مبدأ السنن التي تسير عليها الموجودات وفق قانون إلهي
ثابت لا يختل.
يمثل السين المحور أو المركز الذي تنطلق منه
الحركات وتعود إليه، فيدل على التوازن الداخلي والقدرة على الانتقال المنظم من حال
إلى حال دون اضطراب.
ومن دلالاته أيضًا العمق والسيطرة،
إذ يعبّر عن النفوذ إلى جوهر الشيء والتمكن من إدراكه أو إحكامه، سواء كان ماديًّا
أو معنويًّا.
ويحمل السين معنى السبق والمقياس،
فهو ما يُستند إليه في التقدير والمقارنة، إذ يسبق غيره في النظام أو الترتيب أو
الاستقامة، كأنه الأساس الذي تُقاس عليه الحركات والأفعال.
كما يرمز إلى الاستسلام للقانون الإلهي
والالتزام بالسنن الكونية التي لا تحيد، مما يمنح الأشياء استقرارها وحركتها في
الوقت نفسه.
أمثلة لغوية:
1. سكن – سكون – سكينة: تدل على الثبات الهادئ
في موضع أو حال.
2. سار – سعى – سبح: تشير إلى الحركة
المنتظمة وفق نسق أو غاية محددة.
3. سنّ – سنة – سنن: تعبّر عن القوانين
الإلهية أو العادات الثابتة في الكون والمجتمع.
4. سيطر – ساد – ساس: تدل على التحكم أو
الإحاطة المنظمة بشيء أو أمر.
5. سبق – سبيل – سلم: ترمز إلى المقياس أو
الطريق المستقيم الذي يسير عليه الفعل.
حرف الشين (ش)
هو رمز الانتشار والتشعب، يدل على
تفرّع الشيء عن أصله وامتداده في صور متعددة تشبهه في المظهر أو الجوهر.
يمثل الصورة الثانية من الأصل أو
ما يتولد عنه في اتجاهات مختلفة، كأنه شعاع يخرج من مركز واحد فيتوزع على محيطه
دون أن ينفصل تمامًا عن منبعه.
يحمل معنى الانتشار والاشتهار،
فالشيء "شائع" إذا فشا خبره أو أثره، و"انتشر" إذا تفرّق في
مواضع كثيرة مع بقاء الصلة بمصدره.
كما يدل على التشبيه والمشاكلة، أي
ما يشبه الأصل في الهيئة أو الصفة دون أن يكونه تمامًا، فيكون الحرف أداة تمييز
بين الأصل وما تفرّع عنه أو مثّل صورته.
ويتضمن أيضًا معنى الانشقاق أو الفراغ
الجزئي داخل الكيان، أي ما يسمح بظهور جديد دون إلغاء الأصل، فيُنشئ منه فرعًا
أو ظلاً أو شقًّا يحمل خصائصه.
أمثلة لغوية:
1.
شبه
– شبيه – مشابهة: تدل على صورة من الأصل
تشبهه دون التطابق.
2.
شعاع
– شمس – شُعَب: تعبّر عن الامتداد والانتشار في
اتجاهات متعددة من مصدر واحد.
3.
شائع
– شُهرة – إشاعة: تمثل فشوّ الشيء وذيوعه
في كل مكان.
4.
شقّ
– شرخ – شطر: تشير إلى انقسام الأصل مع بقاء الصلة
بين الأجزاء.
5.
شكل
– شمل – شجرة: تدل على التكوين المتشعّب أو التفرّع
المنظم من أصل واحد.
حرف الصاد (ص)
هو رمز الصلابة والصفاء والصدق في
العودة إلى الأصل، يدل على الثبات في المركز والتمسك بالجوهر دون ميل أو
انحراف.
يمثل التحول العميق في لبّ الشيء أو
جوهره نتيجة اتصال بالعلة الأولى أو بالأصل الذي يُستمدّ منه الوجود، كأنّ
الصاد تجسيد لحركة رجوعٍ إلى الجذر بغرض الاستقامة والتصحيح.
يحمل الصاد معنى القوة المستمدة من العمق، فهي
ليست شدة سطحية، بل صلابة داخلية ناتجة عن صفاء الفكر أو نقاء الأصل، ولذلك يعبّر
عن الثبات في الحق والطمأنينة الناتجة عن الاتصال بالمصدر الأعلى.
ومن دلالاته أيضًا الاستقامة والصدق
والصفاء، إذ يجمع بين العقل والإرادة في مسار واحد مستقيم لا ميل فيه، فيُعيد
الأشياء إلى صورتها الصحيحة كما وُجدت أول مرة.
فهو حرف يضبط الاتجاه ويقيس الانحراف عن الأصل، ويجعل
الفروع تُردّ إلى أصولها، فيستقيم الميزان وتتحقق الطمأنينة الفكرية والوجدانية.
أمثلة لغوية:
1.
صدق
– صادق – صُدق: تدل على صفاء القول وعودته إلى
الحقيقة الأصلية دون زيادة أو نقصان.
2.
صمد
– صلْب – صابِر: تعبّر عن الثبات أمام المؤثرات
والاعتماد على مركز القوة الداخلية.
3.
صفا
– صافٍ – صفاء: تشير إلى نقاء الجوهر ووضوح الصورة
بلا شوائب.
4.
صراط
– صواب – صلاح: تمثل المسار المستقيم الذي لا ميل
فيه.
5.
صرخة
– صدى – صوت: تدل على خروج الأثر من الأصل ثم
رجوعه إليه في صدًى يعيد التوازن.
حرف الضاد (ض)
هو حرف التضاد والضغط والضمور، يدل
على التنافر بين شيئين متماثلين في الدرجة ومختلفين في المعنى والغرض.
يمثل قوة الانحراف عن التماثل، إذ
لا يُعرف أحد المتقابلين إلا بوجود الآخر، فهما ضدّان متلازمان يكشف كلٌّ منهما
حقيقة الآخر.
تحمل الضاد معنى الممانعة والمقاومة،
فهي تصف الحالة التي ينكمش فيها الشيء أو ينضغط نتيجة تضييق أو اقتراب من نقيضه،
فيفقد شيئًا من سعته أو طاقته الأصلية.
كما تدل على الضمّ بعد التباعد، أي التقاء
الأجسام أو المعاني بعد تفلت، مما يؤدي إلى تداخلها أو تضاؤل أحدها في الآخر،
فتكون العلاقة بينهما علاقة شدّ وانضغاط.
وتشير أيضًا إلى الضرر أو الانحصار، لأنها تحيط
الشيء بما يضيّق عليه حركته أو مجاله، فيضمر أو يضعف، ولذلك كانت الضاد حرف
الانقباض بعد الانبساط، والضيق بعد السعة.
أمثلة لغوية:
1.
ضدّ
– مضاد – تضاد: تدل على التناقض الذي لا يثبت أحد
الطرفين إلا بوجود الآخر.
2.
ضغط
– ضيق – ضبط: تعبّر عن الانكماش والتحكم وتقييد
الحركة أو المجال.
3.
ضمّ
– تضامن – انضباط: تشير إلى اجتماع الأجزاء
أو العناصر في موضع واحد بعد تفرّق.
4.
ضرّ
– مضرة – تضاؤل: تمثل الأثر السلبي الناتج عن التضييق
أو التزاحم.
5.
ضمر
– انضب – انضغط: تدل على ضعف الشيء أو تقلّصه نتيجة
الضغط أو الجهد.
حرف الطاء (ط)
هو حرف السيطرة والتطويع والتمدد،
يدل على القدرة على ضبط الشيء أو الحالة وتحويلها من نطاق إلى آخر، استعدادًا
لنطاقات أكثر تفصيلًا.
يمثل العلو والظهور والتمدد،
فالطاء يظهر حين يطال شيئًا أو يطغى عليه أو يغطّيه، فيبرز من محيطه دون أن
يُلغيه، ويكون واضحًا في تأثيره.
يحمل معنى التطويع والتحوير، أي
القدرة على تطويل الشيء أو تغييره أو تشكيله، بحيث يمكن تعديله أو تطويره في أشكال
مختلفة، مع بقاء جوهره ثابتًا.
كما يشير إلى الانتقال المدروس من
وضعية إلى أخرى، فيُعيد تنظيم المادة أو الحالة أو المعنى بما يضمن التوازن
والاستفادة من كل خصائصها.
أمثلة لغوية:
1.
طوع
– مطيع – تطويع: يدل على السيطرة والقدرة على التشكيل.
2.
طلع
– طالع – مطلع: يشير إلى الظهور والعلو بعد خفاء.
3.
طاف
– طوق – طمر: يدل على الإحاطة أو التغطية والهيمنة
على شيء آخر.
4.
طوّر
– تطوّر – تطوير: يمثل التحوير المنظم من
حالة إلى أخرى.
5.
طاب
– طهر – طُهر: يرمز إلى الصفاء والسمو الناتج عن
التطويع والتعديل.
حرف الظاء (ظ)
هو حرف الظهور والملازمة والحماية،
يدل على الشيء الذي يظهر على آخر ويلازمه بحيث يحميه أو يحول دون تعرضه للخطر.
يمثل السيطرة المصحوبة بالوفاء أو
الالتصاق، فالظاهر على الأصل يبقى ملازمًا له، كظرف يغلف محتواه أو ظفر يلتصق
بإصبع الحيوان أو الإنسان.
يحمل معنى الحراسة والرفقة الدائمة،
إذ يضمن بقاء الأصل في حاله ويحميه من التغيّر أو الاختلاط مع ما حوله.
كما يشير إلى التعلق والتفوق الظاهري،
فالشيء الذي "علا" أو "ظفر" بالآخر يظهر قوته وسيطرته لكنه لا
يلغيه، بل يبقيه موجودًا تحت حمايته وإشرافه.
ومن ثم، فالظاء هو الاستعلاء المرتبط
بالوفاء والملازمة، أي ما ظهر على شيء آخر ليظل محافظًا عليه وملازمًا له.
أمثلة لغوية:
1.
ظهر
– ظهَر – ظهور: يدل على بروز الشيء وعلوه على غيره.
2.
ظفر
– مظفّر – ظفيرة: يشير إلى الالتصاق
والملازمة المتينة.
3.
ظرف
– ظروف – تظافر: تعبّر عن الحماية والمحيط الذي يحتفظ
بالمحتوى.
4.
ظلل
– ظلّ – تظليل: يدل على ما يغطي ويحمي من التعرض أو
الضرر.
5.
علا
– ظَهَر – اعتلى: يرمز إلى السيطرة
الظاهرة مع المحافظة على الأصل.
حرف العين (ع)
هو حرف العمق والانكشاف والإدراك
الباطني، يدل على الوصول
إلى ما وراء السطح، إلى جوهر الشيء وحقيقته الخفية. هو رمز البصيرة لا البصر،
لأن من أدرك بـ«العين» فقد علم ووعى ما كان مستورًا.
يعبّر عن تحول في الوعي ناتج عن
اكتشاف ما لم يكن مدركًا، فيحدث للعارف تغيير في حاله تبعًا لما انكشف له. فهو حرف
العلم والعَيان والعَجب والعَظمة والعُمق، كلها تتحد في أصلها على معنى
الانفتاح على المجهول واستيعابه.
ومن دلالاته أيضًا أنه يربط بين الأعلى
والأدنى، فيدرك القاع كما يدرك القمة، فيجمع بين النقيضين بالمعرفة والإحاطة.
لذا فالعين هي الحرف الذي يعبّر عن الإدراك الكامل، الذي يرى بالعين
الظاهرة أو بالبصيرة الباطنة.
أمثلة لغوية:
1.
علم
– عليم – عارف: إدراك الحقيقة بعد خفاء.
2.
عين
– عيان – معين: ما يُرى أو يُدرك مباشرة.
3.
عجب
– عظيم – عميق: انكشاف أمر مدهش خارج عن المألوف.
4.
عراك
– عزم – علوّ: حركة واعية نحو عمق أو قمة.
حرف الغين (غ)
هو حرف الغموض والستر والغياب، يدل
على الشيء المستور عن الإدراك أو الرؤية، المحجوب عن البصيرة، والبعيد عن المألوف
والمحيط الطبيعي.
يمثل الغياب عن الحضور والمعرفة،
فهو غالب وغريب عن محيطه، لا يُدرك بسهولة، ويحتاج إلى جهد أو كشف للوصول إلى
جوهره.
يحمل معنى الانعزال والغربة، أي
الشيء الذي يقع خارج حدود المتوقع أو المعتاد، مما يجعله حاجبًا أو مخفيًا عن
الآخرين.
ومن دلالاته أيضًا الخصوصية والتميز
البعيد عن الشبهات، فالغين يشير إلى كل غريب عن مكانه، ما يبرز تفرّده
واختلافه عن ما حوله.
أمثلة لغوية:
1.
غائب
– غامض – غائب: يدل على ما هو مستور عن الإدراك
المباشر.
2.
غريب
– غربة – اغتراب: يشير إلى الانفصال عن
المألوف والمحيط.
3.
غنى
– غني – أغنى: يدل على اكتفاء الشيء بذاته دون
الاعتماد على المحيط.
4.
غطى
– غلاف – غشاء: يعبر عن الحجب والستر على محتوى ما.
5.
غلب
– غالب – غلبة: يشير إلى السيطرة أو الطغيان على
الشيء حتى يغدو محجوبًا عن الآخرين.
حرف الفاء (ف)
هو حرف الفرق والتفريق والفصل، يدل
على القدرة على التمييز بين الأمور والأحوال والشخوص والمراحل المختلفة، وإحداث المفارقة
عن الطريقة المعتادة.
يمثل الانفصال والانفراد، فالشيء
أو الشخص الذي «يفارق» أصله أو غيره يظهر بمفرده، ويكون قادرًا على تمييز ذاته أو
الفصل بين العناصر المترابطة.
يحمل معنى التمحيص والتجريب، أي
القدرة على كشف الفروق الدقيقة وتمييز التفاصيل، كما يظهر في محنة الناس في الفتن،
أو في الكشف عن ما هو مخفي في المادة.
كما يشير إلى تفتيت الشيء الواحد أو
تحرير المربوط، فتفرق كل ما كان متصلًا، أو تفرغ ما هو مليء من محتواه، فتفك
القيود وتحدث الفراغ.
ومن دلالاته أيضًا الفضل والفصل والفوت،
أي المسافة أو الانفصال بين الأشياء، سواء فيزيائيًا أو معنويًا.
أمثلة لغوية:
1.
فرق
– مفارقة – تفريق: يدل على التمييز والفصل
بين الأشياء المترابطة.
2.
فصل
– فراق – فوت: يشير إلى الانفصال والمسافة أو
الفراغ الناتج.
3.
فلق
– تفلّق – تفتيت: يعبر عن تفكيك الشيء
الواحد إلى أجزاء.
4.
أفرغ
– تفريغ – إفلات: يدل على تحرير المحتوى
أو إزالة القيود.
5.
فيفرق
– يفرّق – مفروق: يمثل القدرة على التمييز
أو التباين بين العناصر.
حرف القاف (ق)
هو حرف التحول والانصهار والتغير
الجوهري، يدل على خروج شيء من أصله واندماجه مع آخر، بحيث ينتج عن هذا
الاندماج حالة جديدة تختلف كليًا عن الحالة الأصلية.
يمثل التحول النهائي، فالشيء بعد
الاندماج لا يمكنه العودة إلى حالته السابقة، وتزول آثار الحالة الأصلية تمامًا،
ويولد من داخلها شيء جديد ومختلف.
يحمل معنى التغيير العميق والتجديد،
إذ يعتمد نجاح التحول على سرعة وقوة الفعل أو الكلمة المصاحبة له، أي على العامل
المؤثر الذي يحدث التغيير الجوهري.
ومن دلالاته أيضًا الخلق الجديد من
داخل القديم، فالاندماج يؤدي إلى حالة مبتكرة لا تعرف الرجوع إلى الأصل،
مظهرًا قوة التأثير والتحكم في الجوهر.
أمثلة لغوية:
1.
قلب
– يقلب – تقليب: يدل على التغيير الجوهري للحالة.
2.
قاس
– يقيس – تقاييس: يشير إلى التحديد
والتحول حسب معيار جديد.
3.
قوّى
– تقوية – مقوّى: يمثل تعزيز شيء وتحويله
إلى حالة أقوى.
4.
اقتاد
– يقود – قيادة: يدل على الانتقال من حالة إلى أخرى
تحت تأثير قوي.
5.
قارن
– مقارنة – مُقارن: يعبر عن التغيير الناتج
عن التفاعل بين عنصرين.
حرف الكاف (ك)
هو حرف الإطار والثبات والقدرة على
السيطرة، يدل على الشيء الكامل في ذاته والمقدار الكافي لمحتواه، أي ما يكتسب
قوته من تكتل وتوافق داخلي.
يمثل الإطار الذي يحفظ المحتوى،
فالكاف يمسك الشيء أو الحالة ضمن قالب محدد، يسمح باسترجاعها أو إعادة بنائها دون
فقدان جوهرها.
يحمل معنى التقدير والكتلة الثابتة،
فالكم أو الكيف يتم تحديده وحفظه ضمن حدود واضحة، ويمنع أي تغيير أو ضغط قد يخلّ
بتوازنها.
ومن دلالاته أيضًا الاستقرار والتحصين،
أي المحافظة على الشيء في حالته الأصلية بعد إزالة الشوائب، بما يضمن بقاؤه
مستقراً ومرتباً ضمن إطاره الطبيعي.
أمثلة لغوية:
1.
كفّ
– كافٍ – كفيّة: يدل على الاكتفاء والتمام في المقدار.
2.
كتلة
– كامل – كيان: يشير إلى الثبات والتكتل والتكامل
الداخلي.
3.
كيل
– كمّ – تقدير: يعبر عن القياس والتحكم في الحجم
والمقدار.
4.
ركوع
– صدود – كبت: يدل على ضبط الشيء ضمن حدود واستقرار.
5.
كوّن
– تكوين – مكتمل: يمثل القدرة على الإطار
والتنظيم الداخلي للمحتوى.
حرف اللام (ل)
هو حرف التلاحم والاتصال والربط،
يدل على اللاصق واللاحم بين المتفرقات والمختلفات، سواء كانت أمورًا،
أحوالًا، شخوصًا أو أشياء.
يمثل نقل الحالة من موضع إلى آخر،
وربط عالم الأمر بعالم الخلق، فهو يلف ويلبس الشيء بآخر، ويأخذه إلى مكان جديد،
جامعًا بين ما كان متفرقًا.
يحمل معنى الالتقاء والالتحام، أي
التماس بين الأحاسيس والمشاعر والأذواق، بحيث يتولد تواصل وانسجام بين العناصر
المختلفة.
ومن دلالاته أيضًا التوجيه والتقريب
بين المتباعدين، فاللام يعمل كحلقة وصل تسمح بالانتقال والتحرك بسلاسة بين
المكونات المختلفة.
أمثلة لغوية:
1.
لصق
– لام – لاصق: يدل على الالتصاق والتلاحم بين الشيء
وآخر.
2.
لقاء
– لامس – ملاصق: يشير إلى الاتصال والالتقاء المباشر.
3.
لفّ
– لَبِس – لَمّ: يعبر عن الجمع والاحتواء والتحريك
بين العناصر.
4.
لَمّ
– لمّ شمل – لَمّ الأمور: يدل على التوحيد وجمع
المتفرق.
5.
لطف
– لطيف – لمسة: يمثل التأثير الرقيق والانسجام بين
الأحاسيس والأشياء.
حرف الميم (م)
هو حرف الجمع والضم والتداخل، يدل
على وضع الأشياء ضمن قالب واحد أو مكان محدد، سواء في المقام، المكان،
الميقات، أو محل الأمر.
يمثل تحديد موقع الفعل أو الحدث،
بحيث يصبح لكل شيء مكان يخصه ويميزه، فيعرف من يفاعل به بـ«مفاعل» وما يُفعل به
بـ«مفعول».
يحمل معنى التخصيص والاحتواء، أي
جعل كل شيء مكانًا لصفته أو فعله، بحيث يحل محل ما كان سابقًا ويكتسب وظيفته ضمن
الإطار الجديد.
ومن دلالاته أيضًا التنظيم والتوزيع
المكاني، فهو يعين كل عنصر في موقعه الصحيح لتكتمل العملية أو الحدث بسلاسة.
أمثلة لغوية:
1.
مقام
– مكان – ميقات: يدل على تحديد الموقع والزمن للحدث.
2.
مفاعل
– مفعول – معمل: يشير إلى دور الشيء في الفعل أو
التفاعل.
3.
مجموع
– مدمج – متداخل: يعبر عن الجمع والتداخل
ضمن إطار واحد.
4.
محل
– موقف – منزلة: يدل على تحديد المكان المناسب للشيء
أو الشخص.
5.
محيط
– ملمّ – مختصّ: يمثل احتواء الشيء ضمن حدود وموقع
واضح.
حرف النون (ن)
هو حرف النقاء والتميز والانفراد،
يدل على ما نقي ونقي من أصله، أي ما ينتج عن شيء كنسخة متصلة به ولكنه
متفرد ومستقل.
يمثل الانفصال عن المجموع أو الأصل دون
اختلاط، فهو ينأى وينفر، وينتقل من شيء أو مكان مع الحفاظ على نقائه، متنافراً
مع ما حوله ولا يختلط به، بل يحافظ على صفاته الخاصة.
يحمل معنى الإنتاج والنسخ والتكاثر،
فهو قادر على إعطاء نسلاً أو نواتج، أي نقل شيء من أصله وإنتاج نسخة منه مع
المحافظة على صفاته الأساسية.
ومن دلالاته أيضًا التحريك والإسكان
والنزول، أي القدرة على الانتقال والتحكم في الموقع والحركة، مع الحفاظ على
الجوهر والنقاء.
أمثلة لغوية:
1.
نقي
– نُسخة – نسل: يدل على الانفراد والنقاء والإنتاج.
2.
نأى
– نفر – نازع: يشير إلى الانفصال عن الأصل أو
المجموعة.
3.
نقل
– نزول – نحو: يعبر عن الحركة والانتقال من مكان
إلى آخر.
4.
نزه
– نُزهة – نزيه: يدل على الطهارة والانفصال عن
الملوثات.
5.
نهي
– نافذ – نسف: يمثل القدرة على إنهاء أو إزالة ما
يختلط بالأصل.
حرف الهاء (هـ)
هو حرف الهيمنة والغلبة والسيطرة،
يدل على ما يهيمن على غيره ويحل محله، فلا يجتمعان في نفس الوقت، فإما أن يكون هو
الغالب أو يكون الضد ضعيفًا أو هزيلًا.
يمثل الهدم والإحلال، فهو يهدم أو
يهلك أي شيء يواجهه ليحل محله أو يبقى وحده، مظهراً القوة والسيطرة على الجوهر
والمكانة.
يحمل معنى تحديد الهوية والهيئة
الغالبة، أي القدرة على إبراز الغالب والهيمنة على الخصائص أو الظروف، فتتضح
معالم القوة والظهور والهيمنة.
ومن دلالاته أيضًا الهندسة والتنظيم
الهيكلي، فهو يهيكل الأمور ويوجهها وفق سلطته، كما يظهر في الألفاظ لتحديد
المعنى والسلطة، مثل كلمة «هضم» التي تمثل الهيمنة والسيطرة على المحتوى.
أمثلة لغوية:
1.
هيمنة
– غلبة – هضم: يدل على السيطرة والفعل الغالب على
الآخر.
2.
هال
– هالك – هادم: يشير إلى الهدم والإحلال.
3.
هامة
– هَيكل – هندسة: يعبر عن الهيكل والتنظيم
والتحكم في الشكل والمكانة.
4.
هوي
– هاجر – هبط: يدل على تأثير القوة والهيمنة على
الحركة أو المكانة.
5.
هال
– هان – هزل: يمثل ضعف الضد أمام قوة الهاء
وسيطرتها عليه.
حرف الواو (و)
هو حرف الجمع والوصل والربط، يدل
على ضم الأصول الداخلية والخارجية، الظاهرة والباطنة، وجعلها متصلة ببعضها
البعض.
يمثل الوسيط والمواصل بين الأطراف
المتباعدة، فقد يوقي أحدها الآخر، ويوصل الشخص بما يكره، ويقارن بين بيئتين
مختلفتين، موحدًا بين نقائض ومتفرقات ليصبحا كشيء واحد.
يحمل معنى الوصل والتوحيد والربط بين
الغايات والوسائل، أي القدرة على تقريب المتباعد، وتوسيط الأطراف، وجعلها تعمل
في انسجام واحد.
ومن دلالاته أيضًا الوطن والمكان
المشترك، فهو يخلق رابطًا ومستقرًا يمكن للأشياء أن تلتقي فيه وتتعامل مع
بعضها البعض ضمن إطار متناسق.
أمثلة لغوية:
1.
وصل
– موصول – واصِل: يدل على الربط بين
الأشياء والأشخاص.
2.
وطن
– وُسط – واحد: يشير إلى خلق إطار مشترك أو مكان
للالتقاء.
3.
وحدة
– توحيد – واتصال: يعبر عن التوحيد بين
المتفرق والمتناقض.
4.
وزن
– وزننة – وُسيلة: يدل على التوسط بين
الأطراف وتحقيق التوازن.
5.
وضع
– وصول – وَسِيط: يمثل القدرة على الجمع
والربط بين عناصر مختلفة.
حرف الياء (ي)
هو حرف المرحلة والتميّز والنشاط،
يدل على العضو أو الشيء الأشد تأثيرًا والأكثر نشاطًا بين نظرائه، وما يخرج
من مصدره دون عودة.
يمثل التغيير والتحول، فهو يغير ما
سبقه أو يحل محله، أو يوقفه، حاملاً صفات الوضوح، النشاط، والتميز بين
المكونات أو المراحل.
يحمل معنى الاستثنائية والغرابة،
أي العضو أو المرحلة الأكثر نشاطًا وتأثيرًا مقارنة بصفائها، ما يجعلها الأخطر
أو الأغرب أو الأشد في وظيفتها أو نسبتها.
ومن دلالاته أيضًا الاستقلالية والتحكم
بالنتائج، فهو يبرز كمرحلة واضحة يمكن تحديدها وقياس تأثيرها ضمن سياق العملية
أو الحدث.
أمثلة لغوية:
1.
يَمين
– يافع – يَسير: يدل على النشاط والقدرة والوضوح في
العمل أو المكانة.
2.
يَعضو
– يبرز – يخرج: يشير إلى التميز والظهور والانفصال
عن الأصل.
3.
يَسعى
– يختص – يطغى: يعبر عن التفوق والتحكم والتأثير على
الآخرين.
4.
يُحدد
– يُميز – يُفعّل: يدل على القدرة على
التحديد والتمييز بين العناصر.
5.
يَشذّ
– يَنفرد – يُبرز: يمثل الغرابة
والاستقلالية والانفراد بين المكونات.
تأثير التشكيل على شخوص الحروف القرآنية
يمكننا صياغة شرح تشكيل الحروف وتأثيره
على العمق والمعنى بهذه الطريقة:
تأثير التشكيل على حرف الباء (مثال)
- بَ
: يعطي عمق شخوص الألف في الحرف.
- بُ
: يعطي عمق شخوص الواو في الحرف.
- بِ
: يعطي عمق شخوص الياء في الحرف.
- بً
: يعطي عمق شخوص الألف والنون معًا.
- بٌ
: يعطي عمق شخوص الواو والنون معًا.
- بٍ
: يعطي عمق شخوص الياء والنون معًا.
- بّ:
يعطي عمق شخوص الشين في الحرف.
- بَّ:
يعطي عمق شخوص الألف والشين معًا.
- بُّ:
يعطي عمق شخوص الواو والشين معًا.
- بِّ
: يعطي عمق شخوص الياء والشين معًا.
- بًّ:
يعطي عمق شخوص الألف والنون والشين معًا.
- بٌّ:
يعطي عمق شخوص الواو والنون والشين معًا.
- بٍّ:
يعطي عمق معنى الياء والتنوين والشين معًا.
- بْ: ساكن، لا يوجد عمق للحرف.
- ى: حرف يعطي عمق الألف والياء معاً.
المد
يمثل طول تأثير الحرف وحركته في مجال
الفعل أو الصفة، أي أنه يوسع دائرة تأثير الحرف ويمنح المعنى امتدادًا أو قوة
أكبر.
ــــــــــــــــــ
ملخص دلالات الحروف الرئيسة:
- أ
(الألف):
التأليف والضبط بين الأمور المختلفة
والفرقاء، تظهر الأشياء على غيرها، وتخلق التماسك بين المتباين.
- ب
(الباء):
البروز والظهور، الانتقال من الداخل
إلى الخارج، إظهار خصائص الشيء.
- ت
(التاء):
الإتمام، التمام والاتقان، التفاعل
والتتابع بين الأشياء.
- ث
(الثاء):
الثبات، التوثيق، الزيادة والتكثير،
الربط بين الموجود وزيادته.
- ج
(الجيم):
الجمع، التماسك، كمال الشيء،
الاجتماع في جسم واحد دون اختلاط.
- ح
(الحاء):
الاحتواء، الحفظ، الإحاطة، إحكام
السيطرة على الشيء في حيزه.
- خ
(الخاء):
الاختلاف والفرادة، الخروج عن الأصل
أو الصحة، الدخول في العمق الخفي.
- د
(الدال):
الدلالة، الحركة، التغيير، التوجيه
نحو نتيجة أو حالة جديدة.
- ذ
(الذال):
الطرف أو الحد، أقل درجات الشيء، صفة
محددة تُعرف بها الأشياء.
- ر
(الراء):
الربط، السيطرة، المحافظة على
الترابط بين الأمور والحالات.
- ز
(الزاي):
الاقتران، التزاوج، الزيادة، العلاقة
الثنائية والاعتماد المتبادل.
- س
(السين):
المقياس والأساس، المركزية، السيطرة
على الحركة والعمق.
- ش
(الشين):
الصورة الأخرى للشيء، الفراغ أو
الشق، انتشار الشيء أو تشعبه.
- ص
(الصاد):
الصمود، الأصل الصحيح، ضبط الأشياء
على حالتها الأساسية.
- ض
(الضاد):
الضد والضغط، مخالفة حال الأصل،
التباين والمفارقة.
- ط
(الطاء):
التطويع، السيطرة، نقل الحالة إلى
نطاق آخر، التشكيل والتحوير.
- ظ
(الظاء):
الظهور والملازمة، الحماية والتحصين،
الشيء الظاهر على آخر.
- ع
(العين):
الوصول إلى أعماق الشيء أو العلم،
التمييز والبصيرة.
- غ
(الغين):
الغموض، المحجوب، غير المدرَك،
الغريب عن المحيط والمألوف.
- ف
(الفاء):
المفارقة والتفريق، التباعد بين
الأمور، إنشاء الفراغ والتميز.
- ق
(القاف):
التحول، الانصهار مع آخر، تغير
الحالة بشكل نهائي.
- ك
(الكاف):
الإطار والثبات، السلطة والسيطرة،
الحفاظ على المحتوى بعد إزالة الشوائب.
- ل
(اللام):
التلاحم والاتصال، الربط بين
المتفرقات ونقل الأحوال من حالة لأخرى.
- م
(الميم):
الجمع والضم، تحديد المكان أو المقام
الذي يحدث فيه الفعل، تحوّل الشيء لمكانه الخاص.
- ن
(النون):
النقاء والنسخ، الانتقال والانفراد،
نقل النسبة أو المخرجات من الأصل.
- هـ
(الهاء):
الهيمنة والغلبة، الإحلال محل الآخر،
التحكم بالهوية والهيئة الغالبة.
- و
(الواو):
الوصل والربط، الجمع بين الأطراف
والوسط، التوسط بين المتناقضات والمواضيع.
- ي (الياء): النشاط، القوة، العضو الأكثر تأثيرًا، المرحلة الأشد وضوحًا وتحديدًا.
تعليقات
إرسال تعليق