🔹 "مبلسون... حين تتحول الوسيلة إلى غاية"
قال تعالى في سورة الأنعام:
﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُّبْلِسُونَ﴾
(الأنعام: 44)
إنّ البلس فعل دنيويّ يعبّر عن حالة من اليأس والارتباك بعد انقطاع الأمل، وهو من أفعال الشيطان إبليس الذي يغوي الإنسان بتحويل الأشياء المادية من وسائل إلى غايات، فيجعلها مركز الحياة ومقياسها.
وفي زماننا، غلب علينا هذا المعنى، فأصبحت الماديات جوهر الحياة وغايتها، بعدما كانت مجرد أدوات لتيسيرها.
وحين أخذهم الله بغتة، إنما أخذ منهم ما فرحوا به واطمأنوا إليه، فإذا هم مبلسون؛ أي مذهولون حائرون، يسعون جاهدين لاستعادة ما ظنّوه أساس وجودهم، غير عارفين أن ما ضاع لم يكن سوى زيفٍ زيّنه لهم الشيطان.
هؤلاء لا يتوبون، لأنهم ما زالوا أسرى الغاية الباطلة، متمسكين بما أضلهم به إبليس حين قال تعالى قبلها:
﴿فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَٰكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾
(الأنعام: 43)
وهكذا، حين تغدو الوسيلة غاية، يبتعد الإنسان عن مقصود الوجود، فيُؤخذ بغتة، فيبلس قلبه، وتُطفأ بصيرته.
تعليقات
إرسال تعليق