تركيبها وحركتها
كيف يبدو تركيبها وحركتها؟ وكيف بتكوينها وحركتها تُخيف الجسم الذي تنخره؟
الفارق بالطبع كبير بين هذا الحجر المحدود الذي نصنعه والحجر المذكور في الآيات، كما سوف يتضح لنا من خصائص الحروف.
فعلاوة على الفارق، فالحجر الإلهي ليس متصلاً بآلة لتحركه، بل هو حجر مستقل بذاته غير متصل بأي أداة من خارجه لتصنع الحركة.
ولكن جئنا بالمثل الدنيوي لكي نقرب المعنى للقارئ.
قال تعالى:
{ فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنضُودٍ (82) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (83) }
(سورة هود: 82–83)
تحليل كلمة (سِجِّيلٍ)
سِ:
في كلمة سِجِّيلٍ، تلك الحجارة بها مركز وعمق يوضع فيه الأمر ويسيطر عليها سيطرة تامة، للتمكن من الانتقال من الطير الأبابيل إلى الشخص الذي سوف تُرمى به.
فتكون تلك الحجارة أكثر تأثيراً وأنشط وأغرب وأعجب وأكثر تحديداً، فهي الأصغر والأنشط والأخطر.
جِّ:
هذا المركز والعمق جامع لمكونات الحجر المختلفة ليصيروا جسماً واحداً في أشد حالاته إجمالاً في كامل اجتماعها في حيز وأبعاد وكينونة دون اختلاط بغيرها من مكونات الحجر.
أي أن القطع الملتصقة بهذا المركز غير ملتصقة ببعضها البعض، فهي حرة عن بعضها، في أجود درجات الجمع بمركزها.
فيُسمح من خلال هذا المركز والعمق أن تتفشى وتنتشر حركة مكونات الحجر في حركة حرة، حيث تنتشر حركتها حول هذا المركز.
ي:
فهو المركز الأشد والأكثر تأثيراً في الحجارة، والأنشط والأغرب، الذي يُخرج مكونات الحجر ويجعلها الأنشط والأكثر تحديداً في إصابة الهدف.
وحركة مكوناته فيه هي العمق النشط العجيب الشاذ عن تكوين الحجارة.
لٍ:
هذا المركز تنتقل حوله أجزاء الحجر في دورة مستمرة بحيث كل جزء مستقل في حركته.
الصورة الحركية للحجر
من خصائص حروف الكلمة، أن كل حجر له مركز يدور في داخله، يعطيه قوة الدفع وقوة الحركة النشطة حول هذا المركز.
تلتصق مكونات حادة مدببة متلاحمة مع هذا المركز، تتحرك كل منها حول المركز حركة حرة تماماً لا تحتك مع باقي المكونات.
وبالتالي تكون بمثابة فُحار داخل حيزه ينخر في جسد الشخص محل العذاب.
ودورانه حول المركز بشكل نشط يجعله يسلك في جسده بسرعة شديدة.
فهل تؤيد كلمة (مَنضُودٍ) هذا الوصف وتضيف إليه أم لا؟
هذا ما سنشاهده من خلال خصائص حروف كلمة مَنضود.
تحليل كلمة (مَنضُودٍ)
مَ:
جُمِع بهذا المركز وضُم وتداخلت مكوناته، فأصبحت قالباً واحداً.
كل مكون منها المركز مكاناً له يفاعله ويجعله مفعولاً به بتأليف وضبط بين كل مكون وجزء مجموع بهذا المركز وبين باقي الأجزاء المتفرقة.
فيضبط هذا المركز حركتهم ليصبحوا من خلال هذا الضبط التام كأنهم قالب واحد وجسد واحد.
ن:
يكون فيه كل جزء ناتج من هذا المركز نسبة موصولة بهذا المركز نازعة لنقائه بلا اختلاط مع باقي المكونات.
فيبقى وحيداً متفرداً عنهم، فيقضي على كل ما يختلط به.
فيقوم بواجباته دون حاجة لغيره، فهو بتنقله ونحوه يعطي نسخة من إنتاج باقي مكونات الحجر، حيث يكون جميعهم نواتج نقية ونُسخ متشابهة.
ضُ:
فيها من الأجزاء المماثلة في حالة حركتها تخالف حالها السابق، فتضمر وتنضب وتنضغط مع مخالفة ما بجوارها من أجزاء.
تكون عملية تبادلية بينهم، فإذا نضب أحدهم وضمر وانضغط، انفلت جزء آخر مجاور، وهكذا.
و:
يجمع مركز الحجر خواص داخلية وخارجية بينه وبين كل جزء متحرر من الحجر عن الأجزاء الأخرى المماثلة.
فيربط بين حالة الانضمام والانضباط والانضغاط لأحدهم والانفلات للآخر، فيكون وسطاً بين نقائض حركة الأجسام، ويجعلهم كشيء واحد رغم اختلاف حركتهم.
دٍ:
هذه الحركة المتراكبة والمتغيرة ما بين حركة الدوران وحركة الانضباط والانفلات تتم بقصد ودليل وبرهان.
ومع هذا الانضباط والانفلات يتداخل معه قيادة كل جزء من محل إلى آخر، فيحدث تغيير للاتجاه حول مركز الحجر، فتكون حركة كل جسيم ناتج حركته نقية عن باقي الجسيمات.
خلاصة الصورة الدقيقة
بعد هذه الدقة في استخراج خصائص الحجر، يمكن أن نستوعب أنه ليس حجراً عادياً.
الصورة التي نستخلصها هي كالتالي:
-
مركز للحجر مرتبط عليه أجسام مدببة قوية جداً وصلبة جداً.
-
هذا المركز تتحرك عليه الجسيمات بحركتين مختلفتين.
-
الحركة الأولى: دوران حول المركز دون تصادم، فتكون كل حركة نقية ومستقلة.
-
الحركة الثانية: أثناء الدوران، ينصب كل جسيم للداخل ثم ينفلت في دورة مستمرة.
تخيل حجم التهتك الذي يصيب الأجسام التي تدور فيها تلك الجسيمات، وكيف تكون نتائج هذه الحركة المتنافرة الدقيقة النشطة.
حقاً فهي:
مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ.
تحليل كلمة (مُسَوَّمَةً)
مُ:
تم ضمها وتجميع جسيماتها الظاهرة بمركزها الباطن، فأصبح هناك وصل بين الخواص الظاهرة والباطنة في قالب حجر واحد.
سَ:
لها مركز وعمق يوضع فيه أمر السيطرة عليها والتحكم بها، لتتمكن من الانتقال من مكان إلى آخر بضبط تام بين المركز والمكونات المختلفة، فيصير الجميع كأنهم شيئاً واحداً.
وَّ:
يجمع مركزها وعمقها صوراً وأجزاء متآلفة متصلة به، ويوصلها ببعضها البعض في انسجام تام.
مَ:
جميع هذه الصور والأشباه تُضم في قالب واحد متآلف ومنضبط.
ـةً:
مركز السيطرة وعمقها والأجزاء الملحقة به يتمم كل منهم عمل الآخر، فيكمل بعضهم بعضاً على حال نقي متنافر عن أنداده من الأحجار.
كل جزء فيه نقي عن غيره، متآلف مضبوط ضبطاً تاماً من خلال المركز والعمق.
تعليقات
إرسال تعليق