ما معنى القنوت والسجود والركوع والتسبيح؟!!!
القنوت:
إخراج النفس عن
الهوى وشهوات الدنيا ودمجها بطاعة الله تعالى لتزول شهوات النفس فلا يبقى لها
أثر، وتنمو حالة جديدة مختلفة تنأى وتنفر عن الهوى وتنهي وتنسف وتقضي على ما يختلط
بالنفس من هوى وشهوا، فيجمع الإنسان في ظاهره وباطنة على تلك الحالة من الطاعة
ويصلي بها في طاعة الله ويواصل، تفعيل تكامل النفس وإتقان دمج النفس مع طاعة الله
وإتمام تنقية النفس.
السجود:
هو الخضوع لسنن
الله من خلال الشيء أو المادة أو الشخص أو أياً كان هذا المكلف بالسجود، وفي نطاق
خضوعه لقوانين الله فيه يكون مسجده.
أو بمعنى حرفي
دقيق، الوصول لمركز وعمق السنن والقوانين وجمع الشيء أو الشخص بكل مكوناته وأجزاءه
وأحواله على هذا القانون في ظاهره وباطنه وتكون حركته كلها بدليل وبرهان هذا
القانون أو الكتاب الإلهي المنزل في حالة الشخوص.
فجميع المخلوقات
في السماوات والأرض وما تحت الثرى خاضعين لمجال قصد وحركة بدليل وبرهان أو قوانين
أو أوامر محددة لا يخرجوا عنها.
فالشجرة لا تغادر
قوانين سجودها وطريقة نموها وزرعها والشمس لا تغادر نطاق فلكها وطاقتها والملائكة
ساجدة لخدمة الإنسان وكانت هذه طبيعة سجودهم لآدم سجود التسخير.
ونحن ساجدون
لقوانين الله التي فطرها فنضطر أن ننام ونأكل وكذلك مفروض علينا الموت الخ... ولا
نخرج عن هذا السجود فلنا نطاق حركة ونطاق اختيار وهو قليل وهو نطاق فتنتنا
واختبارنا.
{فَسَبِّحْ
بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ} ﴿٩٨﴾ سورة الحجر
فالسجود في الأصل
ليس سجودنا الحركي الظاهر ولكن هذا السجود الحركي الظاهر هو من ضمن سجود الاختيار.
لذلك عندما يقول
لجميع الناس كافرهم ومؤمنهم بأن يأخذوا زينتهم عند كل مسجد، فالمقصود أن يأخذوا
الأدوات المناسبة عند كل مسجد.
{يَا بَنِي آدَمَ
خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ
إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} ﴿٣١﴾ سورة الأعراف
فالمسجد هنا
عناصر البيئة وتحوي ساجدين، فالأرض مسجد تحوي نباتات ساجدة تحتاج لأدوات معينة،
والعالم في علم الأجنة يدخل المسجد الذي يحوي الأجنة ويجب عليه أن يحافظ على تلك
البيئة الساجدة ويتخذ من الأدوات المناسبة التي تحافظ على سجودها.
ولكن ما كان
للمشركين أن يعمروا مساجد الله، وهنا المقصد أيضاً ليس كما يظن البعض فالمشركين لا
يبنون المساجد ذات الأحجار ليصلوا صلاة الحركة ليعمروها أو يخربوها من الأساس،
وإنما كونهم مشركين إشراك العلم فهم يرون مساجد الله تحتاج لتغيير مثل أن يجعلوا
صفة ما أنشط من صفة لتغيير مواصفات الثمرة أو الإنتاج الحيواني..
{مَا كَانَ
لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّـهِ شَاهِدِينَ عَلَىٰ أَنفُسِهِم
بِالْكُفْرِ ۚ أُولَـٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ
خَالِدُونَ} ﴿١٧﴾ سورة التوبة
وحسمت الآية ذلك
وأكدت أنهم لن يعمروا مساجد الله، لأنهم لو شهدوا لله في مخلوقاته فسوف يكونوا
شهداء على أنفسهم، لأنهم سوف يغيرون في خلق الله ببتك آذان الأنعام
{وَلَأُضِلَّنَّهُمْ
وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ
وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّـهِ ۚ وَمَن يَتَّخِذِ
الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّـهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا}
﴿١١٩﴾ سورة النساء
الركوع:
حالة
إيمانية أقوى من السجود مرتبطة بحمل الأمانة، فجميع المخلوقات ساجدة لله فلا تخالف
سنة الله فيها وليس لها أي نطاق للاختيار، أما الإنسان فهو ساجد طوعاً أو كرهاً
لكثير من السنن اليومية مثل الأكل والشرب والنوم.. إلا أنه يمكن أن يعقد النية في
هذا السجود طاعة لقوانين الله فيكون سجوده طوعاً، وفي مرحلة إيمانية يكون ساجداً
لله في عدم ارتكاب الإثم فيما له من إمكانية اختيار، وهي مرحلة عدم الفعل للمعصية تنفيذاً
لأمر الله
أما الركوع: فهي
الحالة الأقوى إيمانياً فهي تتعدى طاعة التنفيذ وإنما تصل في مراحل لاكتشاف الحكمة
من وراء السجود للأمر الإلهي فيصير ركوعاً، فما هو الركوع؟!!
الركوع: هي
حالة الارتباط والسيطرة والتحكم والخضوع بالنفس على حالة السجود في إطار متوافق
ومستمر لكل حالات السجود للقوانين الإلهية والأمر الإلهي بكتابه المرسل، باكتشاف
عما لم يكن يدركه من قبل من حكمة من وراء هذا التنفيذ أي الحكمة من وراء السجود.
إذاً حالة الركوع
هي قناعة إيمانية كاملة بالحكمة من وراء السجود والارتباط والخضوع الناتج عن إيمان
كامل بحكمة الأمر الإلهي.
لذلك كان السجود
سابق عن الركوع حين وصى الله تعالى مريم لتدرج مراحل الإيمان
{يَا مَرْيَمُ
اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} ﴿٤٣﴾ سورة آل عمران
أما في الصلاة
الحركية فالركوع سابق لإثبات الخضوع لما يليه من سجود
فالسجود. للأمر
الإلهي يحتاج لركوع حتى يصبح السجود، حالة محببة للإنسان مقبل عليها فحينها لن
يشعر بعبأ الأمر والتكليف بل سوف يجد، في التنفيذ الراحة لوعيه أن الفعل لإصلاح
حياته وليس مجرد تكليف لمجرد التكليف.
التسبيح:
تفعيل وإكمال
وإتقان ومتابعة وتأمل سنن الله في مخلوقاته، أي مقاييس عالم المادة وأساسياتها
وقوانينها التي تبدو وتظهر وتبرز من خلال تلك السنن الإلهية واضحة مبينة كقوانين
تحكم تلك المخلوقات، والتي تخرج في حيز محيط المخلوق، فيسبح لله ما في السماوات
والأرض بذات الكيفية المطلقة.
فلكل مخلوق سبحاً
يسبح الله بالتزامه بتلك السنن الإلهية فالشمس تسبيحها التزامها بفلكها وقوانين
بروزها في عالمنا وكذلك القمر والسموات والأرض، وتسبيحنا نحن البشر بإتقان سنن الله
فينا وتأمل تسبيح المخلوقات، ومدى تسخير تسبيحها في صلاح حياتنا.
فتسبيح الإنسان
هو في إدراك سنن الله فيه فيتقن الالتزام بتلك السنن بكتاب الله وفي سنن المخلوقات
المسخرة إليه فيتقن استعماله لها.
تعليقات
إرسال تعليق