ما هو
الجِبت والطاغوت؟!!!
الأهم في هذا المقال هو تأمل كيف يتم
استخراج المعنى من خلال الخصائص للحرف الذي هو محور بناء القول القرآني، والبحث عن
الخصائص في تلك الحروف التي هي مجال تطبيق الكلمة القرآنية في مجال حياته الدنيوية
والأخروية في كل مرة يجد ما هو أعمق، ولكن لا يجب أن يجد ما هو مختلف، فالغريب أن
يتعامل المسلمون مع معاني متنافرة لذات السياق فيقول منهم من قال كذا ومنهم من قال
كذا، وكأن القرءان جاء ليتباين المعنى فيه وليس أن يكون مبين، فالحروف هي أساس
بناء قول يحوي كلمة، والقول قالب الكلمة، والكلمة هي دلالة القول وخصائصه في داخل
سياق، فكثيرًا ما يضل الإنسان طريقه لأنه يتصور أن القرآن يمكن أن يعتمد في فهمه
على قاعدة بشرية مطلقة غير مستخرجة من ذات الكتاب القرآن الكريم، فيقول مثلاً أنه
لغة عربية وينسوا أن الله أنطقهم بها ولكنهم هم من حاولوا وضع قواعد النحو
والمعاني فيها بقدر علمهم الدنيوي المحدود فلا يجدون أنفسهم إلا مجموعة من
الغرقى في اختلافات نحوية وإملائية وإنشائية في القرآن الكريم على حسب قواعدهم
الزائفة، فيجدوا مثلاً كلمة (الظالمون) نحوياً كانت يجب بمقدار علمهم أن تكون
(الظالمين) في موضع ما فلا يفرقوا بين معنى الوصل بالواو بين من ظلموا لتنفيذ ظلم
جامع هم فيه جميعًا مجتمعين وبين الياء التي تصف أن ظلم كل منهم على حدة غير
مجتمعين لبناء حالة ظلم واحدة معاً وإنما كل منهم في مجال ظلمهم، أو أنواع مختلفة
من الظلم، بل يجدون فيه كلمات أجنبية فينبطحون، فيمزجون باطلهم الذي تلحفوا به
ويريدون إلصاقه للقرآن الكريم فينهرون السائل عن هذه الاختلافات ويزيفون الحقيقة
للبسطاء، ولعل خصائص الحروف المُستخرجة من القرن دائمًا تكشف لنا ما جهلنا، فقد
خاض العالم معتركًا صاخبًا من التطور المعرفي يحمل القرآن كل شيء عنه، في المقابل
عكف من يسمونهم رجال الدين في مواصلة حربهم لتأليه الأثر ومحاربة أي معرفة وعلم
يتم استخراجه من القرآن ويحبطوا أي محاولة للبحث عن قواعد من القرآن ذاته لفهم ما
خفي عنا، فدفعوا الناس دفعاً للإلحاد، بل هناك من يعتقد أن القرءان جاء لزمان
تنزيله فقط، بل هناك في طيات قلوب كثير من الناس أن القرآن أقل علمًا من علومنا
الدنيوية في زماننا وأنه لم يخبر عنها ولا يذكرها، فكانت سيطرة الشيطان وأتباعه
على النظام العالمي الجديد بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ، فاعتنقهما كثيراً من
المسلمين ظنًا منهم أنهما أفضل من القرآن الكريم فمنهم من كان ولاءه للْجِبْتِ حتى
يصل لمرحلة الطَّاغُوتِ.
وفيما يلي خصائصهما وأمثلة عنهما في حياتنا
لتعرفوا كيف سيطروا على عالمنا ونحن هاجرين للقرآن الكريم، الذي فيه الدليل
والبرهان على مدى صحة الفكر والتطبيق.
بِالْجِبْتِ:
(بِ): تفيد الباء التبعيض أو الكل
فبعض الْجِبْتِ يتم الأخذ به أو محاولة إتمامه ببعض آخر فهي
محاولات متتامة متتالية فيما بينها لها مصدر واحد هو الفكر الإنساني الدنيوي أو
النظرية أو الفرضية البعيدة عن أي كتاب سماوي، فتخرج منها الجزء أو البعض منها
لإتمام ما أفسده البعض أو ما أفسده الجزء الأصل ليحل محل ما سبقه (جِ): فالْجِبْتِ جامع
لعلوم ظنية مكوناتها من روافد متفرقة لإظهاره علمًا واحدًا في محاولة إظهار كماله
وإظهاره في أشد حالاته في كيان وكينونة فكرية دون اختلاط بكتاب سماوي أو دون
اختلاط بفكر أو نظرية أخرى مضادةً له، ويتم إخراج مكونات الْجِبْتِ من مصدر الفكرة
أو النظرية أو الفرضية في مراحل متعددة لتغيير ما سبق من علوم دنيوية إنسانية
وإحلال التغيير محل ما سبق ليكون أكثر وضوحًا وأنشط وأكثر تأثيرًا وتفعيلًا عما
سبقه، فقد عاصرنا صور متعددة من الْجِبْتِ، منها النظرية الشيوعية والنظرية
الرأسمالية وأيضًا العلمانية وغيرها من النظريات في مرحلة ولادتها كنظريات تعتمد
على روافد لعلوم دنيوية متعددة فلسفية وسياسية واجتماعية واقتصادية في محاولة
لإظهارها نظريات كاملة وأنها الأصلح لإدارة العالم، وفي كل مرحلة لظهور تلك
النظريات كان إظهارها لمحاولة إحلالها محل ما سبق، فهي في صراع فيما بينها (بْ): فالْجِبْتِ يُظهِر
مُكون من مكونات العلوم الظنية المشتَرِكة في بناءه عليه ومن داخله ليخرج على غيره
من المكونات الأخرى ليظهر عليهم لتتمكن النظرية أن تخرج من حالتها النظرية أو
الفرضية للتطبيق أي من حالة الْجِبْتِ إلى الطَّاغُوتِ، فالنظرية
الشيوعية تظهر عليها وتبرز عليها النظرية الاقتصادية الاشتراكية التي تكون ظاهرة
وبادية للملأ عن النظرية الفلسفية والاجتماعية والسياسية، وكذلك النظرية الاقتصادية
تبدو وتبرز على النظرية الفلسفية الفردية المطلقة والربا والبطالة كمكونات لذات
نظام الجِبْت، فيكون النظام الاقتصادي قاطرة لتمرير باقي المكونات التي تهدم
المجتمعات فتخفي تأثيرها تحت هذا الجزء البادي والظاهر منها (تِ): فالْجِبْتِ المُكوَّن
من العلوم الظنية المشتركة في بناءه يتمم كل منهم الآخر وفي حاجة دائمة للتغيير بمكونات
تصحيحية وبمكونات جديدة في كل مرحلة تغيير ما سبق أو ما يحل محله من نظريات في
محاولة لإبقاء النظرية العامة في مقابل حالة التلف التي تسببها في مراحل التطبيق
أي مرحلة الطاغوت، فالنظرية الرأسمالية والفردية المطلقة لكي تبقى في مرحلة
التطبيق أُدخلت عليها كثير من النظريات التي تقوم بتعديل ما أحدثه التطبيق للنظرية
من إفساد وتلف.
(فهناك في الفكر الإنساني الحديث كانت
الرأسمالية والشيوعية والعلمانية والداروينية وغيرها من النظريات البعيدة كل البعد
عن أي كتاب سماوي، فالنظرية الاقتصادية مثلًا تحتاج لنظرية فلسفية وأخرى اجتماعية
تساندها وتبرر وجودها وكل نظرية منهم تحتاج لتطوير مصدرها في محاولة علاج ما
أفسدته النظرية في مرحلة التطبيق والواقع)
وَالطَّاغُوتِ:
(وَ): الواو المفتوحة تفيد الوصل
والجمع والضم بين خواص كل من الْجِبْتِ والطَّاغُوتِ، فالأول هو باطن
الفكر أو النظرية أو الفرضية والثاني ظاهرها التطبيقي، فيتم الوصل بين الساحتين
ساحة الفكر والتطبيق والتأليف والتوفيق بينهما من خلال الإضافات الدائمة في مرحلة
التطبيق للْجِبْتِ ثم إعادة الوصل والجمع والضم في مرحلة التطبيق الطَّاغُوتِ
(طَّ): فالطَّاغُوتِ هو مرحلة تطويع الْجِبْتِ والسيطرة عليه
وضبط حركته وتطويعه وتطبيقه من خلال نقله من نطاق تطويع وتطبيق إلى نطاق آخر من
التطبيقات الدنيوية استعدادًا لنقله لنطاقات أكثر تفصيلًا، فيصبح في مرحلة التطويع
والتطبيق صورة أخرى من أصل أو أشباه من أصل الْجِبْتِ، ويُسمح من
خلال الطَّاغُوتِ أن يوجد صور من الْجِبْتِ في مرحلة
التطبيق بعيدًا عن مكان نشأته فهي مرحلة تفشي الْجِبْتِ وانتشاره
وشهرته، فالنظرية الفردية والرأسمالية والشيوعية وغيرها في مرحلة الفكرة تحتاج
لتطويع لإمكانية التطبيق، بالإضافة انه لم يتم تطبيق أي منها بأصل النظرية ولكن
كان يتم تطبيقها بصور مختلفة ويمكن تطبيقها بعيداً عن مكان أصل نشأتها لتحقيق شهرة
وانتشار للنظرية الدنيوية المخالفة للكتب السماوية (ا): فالطَّاغُوتِ يكون
من خلال تأليف وضبط مستمر بين الْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ لمكوناتهما
المتفرقة والمختلفة والتغييرات المطلوبة للحد من هلاك وفساد مُكون من مكونات الْجِبْتِ بمكونات
أخرى فيصيرا الْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ بمكوناتهما كأنهما شيئًا
واحدًا في مقياس معتنقيها هما الأفضل الذي يؤنسون به لأقصى مدى، (غُ): فالطَّاغُوتِ من
خلال هذا التطويع الدائم للْجِبْتِ لا يتم كشف فساد الْجِبْتِ وهلاك
وتلف الطَّاغُوتِ (فساد الفكر وهلاك وتلف التطبيق) فيكون فساده وهلاكه
غير مُدرَك محجوب عن المتبعين والمعتنقين لهما، فيصبح غالب رغم أنه غريب
غير مألوف مع الفطرة فيظل غريباً في محيط تطبيقه (و): فبالطَّاغُوتِ يتم
إخفاء فساد الفكر وهلاك وتلف التطبيق من خلال الوصل والجمع والضم بين خواص كل
من الْجِبْتِ والطَّاغُوتِ بإضافات للفكر وتطويع الناتج من تلك
الإضافات فيتم الوصل بين الفكرة والتطبيق بشكل متواصل (تِ): في محاولة
دائمة ليتمم ويتقن التطبيق الجديد بخروج الفكر من مصدره الْجِبْتِ إلى
مرحلة الطَّاغُوتِ في كل مرحلة تغيير مما سبق وثبت فساده وهلاكه فتحل
محله إضافة أخرى يظنوا تمام الأمر بخير وإتقان فيجدوا أن ناتجه هلاك وتلف
مراراً وتكراراً، فمكونات الفكر والتطبيق في كل مرة يظنون أنها متتامة
ومتقنة ولكن سرعان ما يثبت العكس.
فعلى سبيل المثال لا الحصر نشأت النظرية
الشيوعية في ألمانيا وتم تطبيقها في روسيا ومنها إلى كثير من دول العالم، وقد
واجهت كثير من الصعوبات التي كانت في المقابل يتم تبريرها بنظريات اجتماعية
وفلسفية لفرضيات مستقبلية ثم إجراء تعديلات على تلك النظرية وإعادة تطبيقها في
أشكال مختلفة تنبع من المصدر الفلسفي الأساسي للنظرية الشيوعية، وحتى الآن لها
معتنقيها في مختلف الأديان، وكذلك الرأسمالية وخضوع جميع الدول والأفراد لتبرير
الربا ونسب البطالة الناتجة عن هذا الربا، وأصبحت الدول الإسلامية هي أكثر الدول
إتباعًا للرأسمالية وتقوم على الربا في جميع تعاملاتها، فقام الاستعمار والحروب لنشر هذه الأفكار كقوة
دفع لتطبيق النظام العالمي الجديد من خلال التنافسية بين باطل الشيوعية
والرأسمالية لإخفاء الحقيقة أنها صناعة آلهة بشرية غير قادرة على بلوغ العلم
المطلق !!!!!!!!!!!
قال تعالى:
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا
نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ
لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا) (سورة
النساء 51)
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ
الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ) (سورة البقرة 257)
(يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى
الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ) (سورة النساء 60)
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي
سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ
الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا) (سورة النساء 76)
تعليقات
إرسال تعليق